الأربعاء ٢٢ تموز (يوليو) ٢٠١٥
بقلم زينب هداجي

لدي كلية

أحاول تقليص حجم الرقعة في سرواله لكنها تزداد اتساعا. لقد سئمت من ترقيع الثياب ومن محاولاته الفاشلة لإيجاد عمل . غدا صباحا أنا التي سأخرج للبحث عن عمل. "خادمة؟" لم أعد أبالي. سأهان، سأذل، سيصرخون في وجهي، سيستغلني صاحب البيت. فليكن ذلك. لابد أن أعمل وإلا من سيطعم هذا الطفل الذي في أحشائي عندما يقبل إلى الدنيا ؟ لا بد أن أخرج الآن و لما الإنتظار ليوم غد.

" حياة! يا حياة افتحي الباب بسرعة!"

إنه السّيد زوجي قد أقبل عليّ بخيبة أخرى...

دخل وليد وهو يحمل دواحة للأطفال وملاب للرّضع وكيس فاكهة ولحم. يضعها على الأرض، يضمني إليه بحرارة ويقبلني بنهم. لم يفعل ذلك منذ الأسبوع الأول لزواجنا. لم أعرف ما الذي يفرحه. على حد علمي لا وجود لشيء مفرح هذه الأيام. أسحب نفسي منه بصعوبة وأنا أقول له:

" ما بك يا وليد؟ ما الذي يسعدك هكذا؟ ثم من أين لك ثمن هذه الأغراض؟"
ضحك مني و قال:

" اسمعي يا حياة اليوم حصلت على النقود، مبلغ جيّد يكفي لتغطية مصاريف الولادة و تأمين غذاء الطفل و صحته. سأشتري لك خاتم زواج آخر بدل الذي بعته... لو رأيتني كيف أساوم لأرفع السّعر. كنت كرجل أعمال متمرس. لقد دفعوا لي ربع المبلغ الباقي سأحصل عليه بعد إجراء العملية."

فصرخت:

" أية عملية؟؟؟"

تنهد طويلا، رفع رأسه إلى السماء ثم أمسك يدي و قال:

" لقد سئمت من نعتك لي بالفاشل وعديم المسؤولية . لذلك لن أبخل عليك أنت و طفلي بقطعة من جسدي. بعد أسبوع أجري العملية سأبيع كليتي يا حياة..."

حاولت أن أمنعه و لكنه كان مصمما. مرّ الأسبوع كطيف الجواد الجامح. ذهب أحمد في الصباح إلى المصحة ليبيع حياته و يمنحني الحياة أنا و طفلنا. و لكنهم طردوه بعد أخذوا كليته و لم يمنحوه بقية المبلغ. كنت أنتظره عند الباب عندما رموا به على عتبة المصحة. كان منهارا تماما، خجلت كلماتي لعجزها أمام هذه اللحظة المؤلمة. نظرت في عينيه الشاحبتين و قلت له:

" لا تبكي يا حبيبي ما زال لديّ كلية أخرى..."


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى