الجمعة ١٧ تموز (يوليو) ٢٠١٥
بقلم عادل عامر

دور المرأة في تفعيل الممارسة الديمقراطية الحديثة

تعد قضايا المشاركة السياسية للنساء من أكثر القضايا التي تثار حولها جدل شديد خاصة في دول مثل مصر التي شهدت حراكا سياسيا منذ عقود من الزمن ومشاركة فعالة من نساءها في هذا الحراك. وفي تجدد هذا الحراك الذي تبلور في موجة جديدة من موجات الثورة المصرية في 30 يونيو 2013 والتي أسفرت عن عزل الرئيس محمد مرسي ونقل مسئولية إدارة البلاد إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا، تم إعادة طرح أسئلة حول وضع النساء المصريات في خارطة الطريق القادمة والتي تتضمن أسئلة وأطروحات حول مشاركة النساء في المجال العام من خلال مشاركة سياسية فعالة والتي تحكمها هياكل اجتماعية واقتصادية معقدة.

كما تظهر إشكالية المشاركة السياسية للنساء في ارتباطها الوثيق بكل من المجالين الخاص والعام اللائي تعمل فيهن للنساء لتشارك بفاعلية، في بعض الأوقات يتم التركيز على شكل المشاركة السياسية للنساء كناخبات في انتخابات محددة وتجاهل تواجدهن ككوادر وفاعلات في اطر سياسية واجتماعية مختلفة أو العكس. وتظهر هذه الإشكالية ضرورة التركيز على كل من الأطر المجتمعية الحاكمة لتلك المشاركة واختلاف البيئة الحضرية والريفية في معدل وشكل تلك المشاركة، بالإضافة إلى السياسات والقوانين والأطر الحاكمة من قبل الدولة لتلك المشاركة دون قصر ذلك على قوانين الانتخابات فقط. ومن ثم تهدف هذه الورقة إلى إلقاء الضوء على السياسات والقوانين التي تقرها وتتبناها مؤسسات الدولة المختلفة والتركيز على مدى تأثير تلك السياسات على قدرة النساء على المشاركة في المجالات العامة خاصة وأن مظاهرات 30 يونيو شهدت مشاركة نسائية شعبية ضخمة تطرح تساؤلات حول إمكانية انعكاس تلك المشاركة في المستويات السياسية المختلفة دفعت النساء ثمنها مضاعفا نتيجة ما تعرضت له النساء من اعتداءات جنسية واغتصاب جماعية. كما تعرض الورقة الإطار المحيط بتلك المشاركة والمتمثل في مستويات العنف وتوفير الأمن والأمان بالمجالات العامة وما يترتب علي ذلك من تفاوت في قدرة المواطنات على ممارسة حقوق المواطنة الأساسية لديهن والتي تعتبر المشاركة السياسية جزء أصيل لا يتجزأ منه. كما يتناول الإطار التحليلي البيئة التي تمارس داخلها سياسات وقوانين النظام، بالإضافة إلى الخطاب السياسي الذي يمثل تلك السياسات، وطرق تأثيره على حرية حركة ومشاركة النساء في المجال العام بأشكاله المختلفة.

وفي هذا الإطار يجب إلقاء الضوء على إحدى الجوانب التي عادة ما تناقش بمعزل عن إشكاليات تواجد النساء في المجال العام؛ ألا وهو وضع النساء في المجال الخاص والذي يعد قانون الأحوال الشخصية الإطار القانوني الحاكم له. وقد ثار حول القانون جدالا مطولا ولكن لطالما كانت النقاشات التي تدور حوله نقاشات حذرة، لما يتناوله من جوانب دينية في تنظيم العلاقات الأسرية والزوجية والتي تعتبره السلطة المصرية، كما هو مشار في دستور مصر بعد ثورة الخامس والعشرين والذي تم تعطيله الآن، النواة الأساسية في تنظيم وهيكلة المجتمع وانطلاقا من ذلك الموقف، تناقش الورقة وضع النساء في كل من المجالين العام والخاص لكي تظهر بوضوح آليات عمل المنظومة التشريعية بأكملها من دستور وقوانين منظمة والتي تتخللها أحكام سياسية وثقافية متوطنة. وفي قراءة متمعنة لتفاعل المجالين نجد أن النتيجة هي حالة عامة من التضييق على النساء تظهر أثارها بوضوح حين تحاول النساء الانخراط في المجالات السياسية بالتساوي مع الرجال. وإذ بنا نجد أن قانون الأحوال الشخصية والذي تم تناوله على مر سنوات بأسلوب يتجاهل في كثير من جوانبه السياقات الاجتماعية والاقتصادية المتغيرة، قد أثر بشكل مباشر على المساحات المتاحة للنساء لخوض تجارب يتعدى نطاقها المجتمع الأسرى، ويشتبك مع الواقع الاجتماعي والسياسي الذي تعيشه. وبناء على ذلك نجد أن الحدود تتلاشى بين الخاص والعام ويصبح الاثنين جزء من منظومة سياسية وثقافية واحدة لا يمكن فهمها إلا من خلال قراءة المجالين في علاقتهم ببعض وتأثيرهما على النساء.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى