العدد «124» من مجلة دبي الثقافية
تفتتح أجراس المدير العام رئيس التحرير الشاعر سيف المري العدد (124) من مجلة دبي الثقافية، متسائلة: ما الذي يحدث من حولنا؟ أية بربرية هذه التي تحاصرنا؟ أين هي أمتنا؟ أين هم عقلاؤنا؟ وأي مستقبل ينتظرنا وننتظره؟ وما الذي أعددناه من أمل للأجيال القادمة والأمة ممزقة الأوصال، تصول فيها قوى الظلام وتجول، ولم يبق من أمل إلا هذه الرقعة الممتدة بين مائين وقد فات الفوت وغاض الصوت وحم الموت وحمي الوطيس؟ وتتابع الكلمة الكشف عن الواقع وكيف علينا أن نتمكن من التوازن على المدى البعيد، وتوخي الحذر الشديد عند التعامل مع الغير وعد الثقة في الوعود غير المكتوبة، وأن نعيد تعليم الأجيال العربية الناشئة حتى لا يتكرر ما تمت تسميته بالربيع العربي الذي تكشفت الحقائق عن كونه خريفاً دامياً تنازعته حركات مؤدلجة لا هم لها إلا استخدام أقصى درجات العنف دون وجود مبرر لكل ما يحدث، ولا تنتهي الكلمات إلا عند نقطة محورية تُلفت بتحذيرية إلى شوكة الإرهاب وتمددها من الشرق إلى الغرب، وعندها سيدرك الغرب خطورة ما تم سكوتهم عنه، ولن ينفع الندم بعد أن تزل القدم.
وجاءت عناوين الغلاف: زايد نشيد المحبة وثقافة السلام، وينسلو هومر عشق الألوان المائية والبحر وإحدى لوحاته كانت غلاف ها العدد، فلسفة التنوير بين العقلانية والإتباعية، إليف شفق ترسم ملامح اسطنبول ومصائر سلاطينها، الرحالة ابن بطوطة يظهر من جديد في عُمان، تولستوي استهوته الحرب الشيشانية وألهمته، كما نطلع على مواضيع هامة أخرى، مثل: يحيى حقي أنشودة البساطة وعمق الرؤى، الكتاب خير جليس في الزمان عند المبدعين، باريس تودع عمر الشريف فنان السينما العالمية، والتر ساليس والبحث عن الهوية البرازيلية، ونسافر مع (بانوراما) إلى جبيل اللبنانية عروس المتوسط وشقيقة الزمن، ونطلع عل آراء ومفاهيم كل من: سلوى الأمين: السياسة تفرقنا والأدب يجمعنا، نهاد الموسى مرحلة الطفولة هي الحاضنة للغة الأم، بينما الشعراء ينددون بالحروب وأهوالها في لندن، ونقرأ: اتحاد العرب قوة وانتصار على قوى الظلام، فولتير انتقد المسيحية تحت غطاء الإسلام، وفي تشكيل: أميرات الصحراء سر إلهام وإبداع دينييه، أحمد جاريد يبحث عن جوهر الفكرة وتضادها، وفي باب موسيقا: سيد درويش مؤسس المدرسة الموسيقية المعاصرة، جامعة برمنغهام تكشف النقاب عن أقدم مخطوطة للقرآن الكريم، روني بيغز الذي سرق القطار الملكي، أحمد جاريد يؤسس لمساحة نقية في التشكيل العربي، نصوص غير منشورة تعكس إبداع ساراماغو، أرون داتي روي ابنة المخيمات التي تواجه ثقافة العولمة، المكتبات الفرنسية توزع كتاب فولتير (التعصب) علناً، وليد سليمان: نحتاج إلى مشروع ترجمة نهضوي، الشاعر عبد القادر وساط: نحرض القراء على ممارسة الذكاء.
إضافة إلى مقالات الكتّاب العرب، ومنهم: أدونيس، النور أحمد، سالم الزمر، لطفية الدليمي، محمد عبد المطلب، مصطفى عبد الله، مفيد ديوب، والأبواب الأخرى: أجنحة الخيال، الثقافة في شهر، دنيا الكتب، نادي الأقلام.
بينما جاءت رفة جناح مدير التحرير الكاتب نواف يونس بعنوان: (الإعلامي الأول)، وفيها يتحدث عن عضوية العلاقة بين الإعلام والشعر، وكيف عرفت البشرية ملامحها وتاريخها ومسيرتها نحو النور من خلال أمثلة عديدة منها: الإلياذة والأوديسة، والمعلقات وما كتبه سوفوكليس، وشكسبير، والمعري، والمتنبي، وشوقي، وبدوي الجبل، وجماعة أبوللو، وأدونيس، ومحمود درويش، مؤكداً: لا توجد تلك العلاقة الحيوية المتداخلة بين الإعلام وأية مجالات أخرى، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، بقدر ما هي عليه بين الإعلام والشعر تحديداً، إذ بدأت نقطة الانطلاق الأولى لوجود الإعلام، من خلال الشاعر الذي نقل الأحداث والأخبار، وصور العلاقات الاجتماعية والوجدانية والإنسانية في محيطه، ومن خلال تنقله وأسفاره وذيوع أشعاره العابرة للحدود والزمكان.
وتهديكم المجلة ضمن سلسلتها المجانية كتابين: الأول (غامض مثل الحياة وواضح كالموت/ حسن إبراهيم الحسن) وهي المجموعة الفائزة بالمركز الأول في الشعر، جائزة دبي الثقافية/ الدورة الثامن (2012/2013). ومن العناوين، نذكر: (ميلاد، سفوح الأربعين، نبوءة الأعمى، لم أكتمل).
والثاني (ذلك الشيء الصغير وسيد التبديات/ تأليف تشارلز سيميك/ ترجمة أحمد م. أحمد)، ومما تضمنته المقدمة: تتحدى بعض أعمال سيميك الشهيرة الخط الفاصل بين المألوف واللا مألوف، إنه يبث الجوهر وربما الحياة لكي يؤنسن الأشياء، واعياً الغرابة في الأجسام المنزلية الجامدة المغرقة في عاديتها مثل السكين أو الملعقة. ومن (العمة دينا أبحرت إلى الصين) نقرأ: ماذا حلّ بكم أيها الأسلاف الملتحون؟ هل هبتم وخبأتم أنفسكم، في ما يشبه مقصورة في الغابات، لكي تصغوا إلى شعيرات سوالفكم، تنمو باطمئنان؟.