الثلاثاء ٨ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٥
النبتة الانسانية
بقلم محمد غاني

من مكونات جنتي الارض والسماء.

سألت الزهرة - أ- أختها الزهرة- ب- بعد استغراق في التأمل كبير : ما أصل الزهور يا ترى؟ و من خلق الزهور هل هو الله أم هي نظرية التطور؟ بمعنى هل تطورت الزهور من غيرها من النباتات كالبقول أم أن أصلها هو خلق الله سبحانه و تعالى لها؟ أجابت الزهرة – ب- ببداهة الفطرة التى لم تساورها بعد أية شكوك : لا بد و أن لكل صنعة صانع، و لكل سبب مسبب فالله سبحانه و تعالى هو يد القدرة التي كتبت بمداد القداسة كتاب الخلق فعدد سبحانه المخلوقات كيف يشاء بحكمته و بديع صنعه.

تساءلت الزهرة –أ- مرة ثانية بصوت مسموع : و هل يقتصر اسم النبات علينا فقط نحن الزهور و الأعشاب و غيرها من الأشجار الخضراء أم أنه يشمل كل ما يحيى على هاته الأرض من دواب و أنعام و انسان يرعاها جميعا؟ أجابت الزهرة الثانية الزهرة الأولى مذكرة إياها بآية قرآنية من كتاب الله عز وجل تذكرتها فقط في هاته اللحظة فانتابها شعور و كأنها لم تقرأها من قبل و أنها لم تعرفها الا للتو، كما أحست بالاعتزاز لانها وجدت في الآية جوابا شافيا لسؤال أختها فاستظهرت قول عز من قائل "و الله أنبتكم من الأرض نباتا ثم يعيدكم فيها و يخرجكم إخراجا" نوح 17-18.

فتساءل الاثنين معا: فهل يعرف الانسان يا ترى أن شجرة الانسانية ابتدأت كبذرة من بذور ثمار الجنة سميت ب "آدم "و خلق الله منها زوجها و سماها "حواء" و ما سميت الجنة جنة الا لأن مكوناتها هي مكونات الحدائق فإذا رجعنا الى لفظ الجنة في القاموس العربي وجدنا أنها الحديقة ذات النخل و الشجر يقول تعالى " أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَاب " البقرة 266، لكنها عرفت في الاصطلاح بدار الخلود للمؤمنين ، و كانت جهنم دار الخلود للكفار بنعم الله و العياذ بالله، و أن الفرق بين النبات الانساني هذا و غيره من النباتات هو فقط في كونه نباتا متحركا واعيا مختبرا في هذا الوجود من طرف الله سبحانه في حين أن غيره فيه المتحرك و الثابت لكن درجة الوعي أقل و مسألة الاختبار الالهي منعدمة .
ينظر الاسلام غير ما مرة لنظرية النبتة الانسانية و يوضح حاجياتها لتحيي حياة طيبة بدون شقاء أو تعب، حيث يعلن ذلك مثلا في تأكيد كبير " وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا ، الجن 16، حيث أن الله سبحانه و تعالى ضمن توسعة الرزق مع الاستقامة ضمانا:

 رزق المادة مع استقامة الظاهر

 و رزق الباطن مع استقامة الباطن

و ما ينعم به الغرب اليوم من رزق ظاهري الا لاستقامة معاملاتهم فيما بينهم "يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون" الروم 7، وما ينعم به المسلمون دوما من راحة باطنية الا لاستقامة عقيدتهم و ان اختل رزقهم الظاهري لاختلال معاملاتهم فيما بينهم، و لن يجتمع رزقهم الظاهري بالباطني الا اذا تساوى ظاهرهم مع باطنهم.
ينادي مؤذن الاسلام "حي على الفلاح" ليؤكد حقيقة النبتة الانسانة و أنها لن تحيى حياة ناجحة و لن يفلح نباتها و يثمر الا ان هي عرضت قلبها لسقيا ماء التوحيد بواحة المسجد وسط صحراء الغفلة على الأقل خمس مرات في اليوم، كما أشار الاسلام الى هاته المسألة بتسمية القرآن الكريم و غيره من الأذكار المأثورة وردا و ليس في ذلك تشبيه بما ترده الابل من ماء بل هو حقيقة ساطعة بأن القلب و الروح ترد ماء التوحيد كما ترد الابل الماء.

إن في الامر الالهي "اقرأ" تأكيد ساطع لآخر لمسألة النبتة الانسانية حيث شبه القرآن الكريم تضمينه هذا الكون لعدد هائل لا يحصى من الخلق بمداد الكتب منبها لأهمية قراءة الكتب دون اغفال لقراءة الكتاب الكوني :

 "يوم نطوي السماء كطي السجل للكتاب، كما بدأنا أول خلق نعيده إنا كنا فاعلين" الانباء 104.
 "قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي و لو جئنا بمثله مددا" الكهف 109.
و هكذا تتضح سمات نظرية النبتة الانسانية في القرآن الكريم و الوحي النبوي و أن حاجياتها من أجل تحقيق الفلاح و الإثمار و الإزهار اجتماع ثلاث أنواع من السقيا:

سقيا ماء الشرب H2O الذي به تستقيم حياة جسد النبتة الانسانية.

سقيا ماء التوحيد الذي فيه قوت القلوب و الأرواح و تغذيتها.

سقيا ماء الفكر الذي به تنمو العقول و الألباب وتسعد.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى