الاثنين ٢٣ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٥
مثقفون عرب بالإسكندرية

واستحقاقات الثقافة العربية

قال مثقفون عرب: إن حالة الثقافة العربية باتت «مقلقة»، وخاصة حالة الأديب العربي عندما يقف منبهرًا بالثقافة والحضارة الغربية، وهو ابن ثقافة وحضارة، وابن أدب مليء بالانجازات فيما قال آخرون: إن الحديث عن الثقافة والمثقف هو حديث مرتبط بالأمل، فلا أحد يستطيع أن ينكر أن الثقافة هي المجال الوحيد للخروج من المحن التي نعيش فيها، وان الكثير من مشاكلنا إذا لم تُحل ثقافيًا لن تجد السبيل إلى ذلك.

جاء ذلك في مؤتمر “الثقافة العربية .. استحقاقات مستقبل حائر”، الذي نظمته مكتبة الإسكندرية بمقرها على مدار يومين 16 و17 نونبر 2015، وشارك فيه عدد كبير من المثقفين العرب، عبر عشر جلسات ناقشت العديد من القضايا الحيوية المطروحة على الساحة الثقافية في الوطن العربي، مثل الدراسات الإنسانية وإشكاليات مستقبلها في الوطن العربي، والفضاء الرقمي والثقافة العربية، والأدب في الوطن العربي .. الواقع ورؤى المستقبل، والصحافة والإعلام والثقافة العربية المعاصرة، وإشكالية الثقافة والدين .. السؤال القديم الجديد.

وقد شهدت جلسة “الأدب في الوطن العربي .. الواقع ورؤى المستقبل”، التي شارك فيها كل من الأديب الجزائري واسيني الأعرج، والمفكر السوري محيي الدين اللاذقاني والدكتور شعيب حليفي والدكتور محمد أبو الشوارب، والزميل خلفان الزيدي.

وقد لفت اللاذقاني إلى أن التحدي الحقيقي للأديب العربي في هذا العصر الرقمي هو التحدي التقني، حيث إنه مازال الأدباء العرب لا يستخدمون التكنولوجيا، وأن المشكلة الأخرى هي وجود مجتمع لا يقرأ، حيث إن أرقام القراء في الربع قرن الأخير لم تتغير.

بدوره أشار الدكتور شعيب حليفي،الروائي والأستاذ بجامعة الدار البيضاء بالمغرب، أن دور الأدب ودور المثقف في المجتمع العربي أساسي جدًا لأننا مازلنا حتى اليوم نعتقد بأن التخلف والتراجع الذي نحن فيه، والأزمات التي نعيشها هي أزمات ثقافية مرتبطة بمجال الوعي وبمجال التعليم وبمجال التحديث وبمجال الارتباط بالحداثة وعيًا وفكرًا وممارسة. إن الحديث عن الثقافة والمثقف يرتبط بالأمل وليس باليأس والتيئيس، لأن الثقافة هي السبيل للخروج من المحن التي نعيش فيها، فالكثير من مشاكلنا حلها ثقافي بشكل أو بآخر.

وقال الدكتور محمد أبو الشوارب رئيس قسم اللغة العربية بجامعة الإسكندرية: إننا نهمل فكرة التواصل مع المتلقي، وإهمال هذه الفكرة ربما يؤثر تأثيرًا كبيرًا في انحصار الرقعة التي نتعامل معها، وأنه لابد أن نفكر في حل العزلة الكبيرة التي يعيش فيها المثقف العربي داخل مدينته وربما داخل منزله قبل أن نفكر في الأيدولوجيات والانتصارات، وأنه يجب علينا أيضًا أن نفكر في كيفية استعادة مستهلك الثقافة العربية.

أما الزميل خلفان الزيدي، فقد أشار إلى أن الكاتب والمثقف العربي مطالب أن يحل كل مشاكل المجتمع التراكمية من حوله، من ضعف التعليم إلى تدني مستويات القراءة، ووجود بدائل عن القراءة، وأن يكون لهذا المثقف دور في كل مناحي الحياة، ويحمل ما لا يحتمل، من الفكرة التي يجب أن تتوافق مع رؤى الجميع من حوله، من القراء إلى دور النشر، التي باتت تشترط على الكاتب ما يحصل للنشر وما لا يصلح، بناء على حسابات الربح والخسارة.

وفي جلسة أخرى، تناولت “الصحافة والإعلام والثقافة المعاصرة” تحدث الدكتور سعيد السيابي عن الصورة الدرامية والتغيرات الاجتماعية واستشراف المستقبل، وتناول نماذج من الأعمال التي قدمت في الإذاعات والتلفزيونات العربية، وأوضح من خلالها كيف ساهمت الدراما في التغير الاجتماعي الإيجابي وكيف عالجت قضايا المجتمع الملحة، مشيرا أنه إذا كان بعض الكتاب يشتكي من الرقابة، فإن حدود المسموح به واسع، وهناك الكثير من المواضيع لم يتم تناولها، وعلى سبيل المثال صورة المكفوفين وذوي الإعاقة، التي تشكل نسبة كبيرة، وساهمت في رقي المجتمع بصورة بارزة.
وأكد الدكتور سعيد السيابي الحاجة إلى وجود تخطيط واستراتيجية للدراما العربية، تجعلها تقترب من القضايا الملحة، وتركز عليها بدلا من استيراد والتركيز على الدراما المكسيكية والتركية، التي قد تطرح مواضيع وقضايا بعيدة عن المجتمع العربي.

فيما قال الإعلامي المصري جمال الشاعر: إن المشاهد هو الضحية لأن رأس المال أقوى من السلطة السياسية، والوكالات الإعلانية متحكمة في المحتوي، وأنه لابد من الإصلاح السياسي والتشريعي لضمان حرية التعبير، ومحاربة الكيانات الاحتكارية، وتحكم المعلنين في المحتوى، وولاء الإعلاميين للوكالات الإعلانية.

وبدورها أشارت الأديبة الجزائرية ندى مهري إلى أن وسائل الإعلام باتت تساهم وبقوة في تشكيل المواقف وآراء المجتمع تجاه القضايا المختلفة التي تواجه الأمة في ترسيخ قيم النظام الاجتماعي ولها دورها الاستراتيجي في تعميق الخلاف أو في تقريب وجهات النظر ومد الجسور بين الشعوب والتعريف بها وبتاريخها بما يعزز التفاهم بين الثقافات على نحو أفضل.
وكان مؤتمر “الثقافة العربية .. استحقاقات مستقبل حائر”، قد استهل أعماله بجلسة افتتاحية، تحدث فيها الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، دعا عبرها إلى أهمية تضافر جهود المثقفين العرب، وقال: “كلنا في حالة تهديد وتهلهل، حالة يرثى لها، ويجب على كل من يهتم بالثقافة أن تتضافر جهودهم ضد القوى الظلامية التي تهاجم في كل مكان وتشكل إساءة كاملة لكل المفاهيم والقيم التنويرية التي نؤمن ونطالب بها”.

وكشف الدكتور سراج الدين أن المكتبة سوف تقوم بإطلاق ثلاث مبادرات خلال عام 2016، الأولى ذاكرة الوطن، والثانية ديوانية الشعر العربي، والثالثة الدخول في شراكة مع المؤسسات الثقافية العربية في مختلف البلدان.

فيما رأى الروائي الجزائري واسيني الأعرج في الكلمة الافتتاحية التي قدمها باسم المشاركين: أن الوضع الذي تعيشه المجتمعات العربية “بائس وصعب جدًا”، حيث أصبحت الثقافة جزئية ثانوية بالقياس مع ما هو سياسي، كذلك فإن طرح القضية الثقافية الآن، في ظل تفكك عنيف لما يمكن أن نسميه الدولة العربية، لا يتيح فرصة لبناء منظومة ثقافية جديدة.
وقال إن واحدة من القضايا المهمة في اعتقادي هي أنه في هذا السياق يجب تأمل مسألة “الانفصال”، أي أن هذا المشروع الثقافي العربي عمره على الأقل قرن، وفي الفترة الحديثة عانى أزمات كثيرة، وعانى أيضا من ممارسات غير صحيحة، فالممارسات الثقافية السابقة والقديمة تحتاج إلى وقفة تأمل، وتحتاج الدخول في عمقها وكسر ما يمكن كسره، وإلا سنعيد إنتاج ما كان سابقا من معوقات.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى