الأربعاء ٢٥ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٥

ماري عجمي، المناضلة الدمشقية الراحلة

ريهام الصواف

تعتبر ماري عجمي الدمشقية أحد أشهر حاملات لقب "عانس" على مر التاريخ، بعد أن مات حبيبها.

وماري ابنة دمشق، ولدت في الرابع عشر من مايو عام 1888، والدها عبده يوسف العجمي.

أصل هذه العائلة من سكان مدينة حماة، انتقل جدها الأعلى ( إليان الحموي ) إلى دمشق، ورحل جدها يوسف من دمشق في تجارات بالحلي إلى بلاد العجم، فقيل له العجمي. والدها عبده كان أحد أعضاء المجلس الملَي الأرثوذوكسي ووكيل الكنيسة الكاتدرائية " المريمية " بدمشق.

رغم أن والدها لم يكن متعلَمًا لكنه كان محبًا للعلم والأدب فعلًم جميع أولاده الإناث والذكور، وكان يمارس مهنة الحياكة وتجارة الحرير.

والدتها زاهية ابنة جرجي يورجاكي، جدَها يوناني وأمها من أسرة مصابني الدمشقية العريقة.

دراستها وتعليمها
لم تدرس ماري في وطنها فقط، بل تلقت العلم ومارست مهنة التعليم في أكثر من بلد عربي، وهذا ما أكسبها خبرات وثقافات وتجارب أغنى شخصيتها وإبداعها الفطري، هذا إلى جانب انتماءات عائلتها المتنوعة الثقافات، مما أضفى على رصيدها وفكرها المنفتح المتجدد والثائر.

درست ماري عجمي الابتدائية في المدرسة الأيرلندية، ثم في المدرسة الروسية ( دمشق )، ثم درست التمريض في الجامعة الأمريكية في بيروت 1906.
مارست التعليم في مدينة زحلة في لبنان، وفي بور سعيد في مصر 1908 – وفي الإسكندرية 1909.

وكانت قد مارست التعليم في المدرسة الروسية بدمشق، وعلَمت الأدب العربي في معهد الفرنسيسكان أيضًا دمشق، كما أنها علمت في فلسطين وفي العراق كذلك، وبهذا تكون قد درسّت في الوطن العربي كله تقريبا.

ونتيجة لهذا الإرث الذي حملته قامت بترجمته إلى عمل إبداعي ثقافي توّج في مشروع إنشاء مجلتها " العروس " سنة 1910 - فكانت بحق أول مجلة نسائية تقدمية في سورية.

لم تكتف ماري الكتابة في مجلتها العروس فقط، بل كتبت في العديد من الصحف والمجلات ونظمت الشعر ومارست الترجمة عن الإنجليزية، مارست العمل الاجتماعي، والنضالي، وقد كانت أيضا خطيبة جريئة اعتلت المنابر في سوريا ولبنان في مرحلة ظلامية رهيبة تحت كابوس الاحتلال التركي.

عاشت ماري عجمي في فترة عصيبة من تاريخ الأمة العربية، عهد الاحتلال العثماني البغيض وما خلفه من ظلم وطغيان، ثم تلاه عصر الاستعمار الغربي على منطقتنا والانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان، يوم كانت الأمة العربية تواجه دعوات التتريك والاستعمار والتجزئة.

فكانت ماري رائدة بارزة ومميزة من النساء الرائدات في النصف الأول من القرن العشرين.

كذلك عملت في المجال الاجتماعي، وأسَست النوادي والجمعيات النسائية كالنادي الأدبي النسائي سنة 1920 في دمشق، وجمعية " نور الفيحاء وناديها "، ومدرسة لبنات الشهداء في السنة ذاتها.

أما مسيرتها النضالية والكفاحية فقد ارتبطت بالحب من حبيبها المناضل الشهيد (باترو بأولو)، وتواعدا على الزواج بما كانا يجمعهما من أفكار واحدة لمحاربة الظلم والاستبداد التركي، ولكن لم يكن الحظ بجانب قلبها لأن خطيبها قبض عليه الأتراك، وسجن ظلمًا ثم أعدم مع قافلة الشهداء في سوريا ولبنان في 6 مايو 1915 على يد الجزار جمال باشا السفاح.

لقد كانت هذه الشاعرة البطلة الثائرة تتحدَى الجنود الأتراك وتذهب إلى زيارة خطيبها في سجن دمشق وتنقل إليه الرسائل وتشجَعه وتشد من عزيمته.

كما كان بأولو وكيل مجلتها "العروس" في بيروت، وقد سبَب موته لها حزنا وصدمة عاطفية كبرى زادتها ثورية ونقمة على الأتراك فراحت تعبر عن ذلك بقلمها الدامي، وإخلاصا لحبها له لم تتزوَج بعده.

ريهام الصواف

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى