الثلاثاء ١٢ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٦
بقلم عادل عامر

فساد العدالة يؤدي إلى هدم الدولة

ان تطوير الدولة بإصلاح المؤسسات الحكومية والأهلية الخاصة، وإصلاح لوائحها الإدارية الفنية التشريعية. ولا يمكن للمؤسسات والوزارات والشركات ان تعالج مشاكل لوائحها الإدارية الفنية التشريعية بنفسها، ولكن تحتاج الى جهة خارجية منبثقة من أكبر سلطة إدارية في الدولة، وهي مجلس الوزراء لتعالج مشاكلها وتصحح مسارها. وتلاحظ تنامى معدلات جرائم مخالفات الإهمال فى المحافظة على المال العام خاصة المتعلقة بسرقة العديد من المدارس الحكومية حتى أصبحت ظاهرة تلقى بظلال من الشك على المختصين بالحراسة، وقد يرجع ذلك إلى الظروف الأمنية للبلاد فى بعض الفترات فى الآونة الأخيرة. إن الفساد الإداري هو استغلال السلطة العامة لتحقيق المصالح الشخصية، وذلك كأن تستغل المصلحة العامة في تحقيق المصالح الشخصية، لا للعمل بها على الوجه المطلوب.

ان اللافت أن هناك العديد من المؤشرات على استمرار ارتفاع معدلات الفساد في مصر بعد الثورة، ومن أهم هذه المؤشرات ترتيب مصر في تقارير المؤسسات المعنية بمتابعة قضية الفساد على مستوى العالم، مثل تقرير منظمة الشفافية الدولية الذي يحدد ترتيب الدول في سلّم الفساد داخل القطاع العام، معتمدًا على آراء خبراء ومتخصّصين من رجال أعمال وسياسيّين واقتصاديّين. وتلفت متابعة موقع مصر في هذا التقرير خلال السنوات الماضية إلى أنها حصدت المركز 98 من بين 178 دولة شملها تقريرُ المنظّمة عام 2010 بعدد نقاط 31 من المجموع الكلّي وهو 100 نقطة، في حين تراجع مركزها ليصل إلى 112 بعدد نقاط 29 عام 2011، ليرتفع عدد النقاط، ثمّ يصل في عامي 2012 و2013 إلى 32 نقطة، وقد وصل أخيرًا إلى 37 نقطة عام 2014، ورغم تحسن الأداء يبقى الأمر الثابت أنّ ما تحصده مصر من نقاط هو أقلّ من الـ50، أي أنّ معدلات الفساد عالية.

أما تقارير منظمة النزاهة العالمية، فتشير إلى أن مصر احتلت المرتبة 22 عالميًّا لحجم التدفقات المالية غير المشروعة، وهو ما يُمثل تقريبًا 5,2% من إجمالي التدفقات المالية غير المشروعة في منطقة الشرق الأوسط والتي بلغ متوسطها السنوي 72,736 مليار دولار. كما تُشير تقاريرها إلى أن 36% من المصريين دفعوا رشاوى خلال الـ12 شهرًا الماضية، وفقًا لآخر الإحصاءات. وأشارت إلى أن 65% من المصريين يؤمنون بأنهم يستطيعون إحداث تغيير لمواجهة الفساد.

وتتسق تلك التقارير مع المؤشرات المحلية للفساد، ومنها عدد قضايا الفساد التي تم التحقّق فيها، والتي وصلت في عام 2013 -بحسب المتحدّث الرسميّ باسم هيئة النيابة الإداريّة المستشار عبد الناصر خطاب- إلى 151 ألف قضيّة، بزيادة قدرها 80 ألف قضيّة عن عام 2012، وبزيادة تفوق الضعف عن عام 2011.

ويمكن أيضًا أن يُعبَّر عنه بأن يقال: هو عدم أداء الأعمال الوظيفية على الوجه المطلوب شَرْعًا ونظامًا، فإذا لم يُؤَدَّ العمل على وجهه، فإن هذا صورة من صور الفساد الإداري.

بالنسبة للمحليات، نقل تبعية الإدارات الهندسية فنيًا وإداريًا إلى مديريات الإسكان التابعة لوزارة الإسكان بدلاً من المحليات التى تفتقد الكفاءة الهندسية والتخطيطية، وإعادة هيكلة جهاز التفتيش على أعمال البناء، وذلك بإنشاء فروع له في جميع المحافظات، ومنحه مزيدًا من الصلاحيات للرقابة على أعمال الإدارات الهندسية، والتعاقد مع عدد كبير من المهندسين حديثي التخرج بكل محافظة، بموجب عقود تدريب لمدة ثلاث سنوات، تضمن عدم أحقيته فى التعيين بعد انقضاء هذه المدة إلا فى ضوء تقرير صلاحية، يتضمن أعماله وإنجازاته ودوره فى الحد من انتشار مخالفات البناء بدون ترخيص، وهو ما يسهم فى رفع كفاءة العمل وجديته بالإدارة الهندسية، ويكون من شأنه التغلب على قلة عدد المهندسين في الأحياء، والتخلص من آفة الفنيين،

وهو ما يؤدى فى المستقبل إلى إحلال جيل من المهندسين الجادين بدلاً من الحاليين الذين لا تجدى معهم أى منظومة إصلاح. وإنشاء لجنة مختصة بالإزالة في كل حي، يكون لها مدير، وتضم مهندسًا ومقاولين وعمالًا، وتتولى التنسيق مع الشرطة، وتختص بإزالة المخالفات في مهدها، كما تختص بتنفيذ المصادرة للآلات والمعدات ومواد البناء، الأمر الذي تقضى معه على المخالفات قبل أن تصبح بناء يصعب إزالته.

وتشكيل مجموعة عمل للمتابعة الميدانية تتبع رئيس الحي مباشرة، يتم توفير وسائل التنقل لها، وتختص بالمتابعة الميدانية لمناطق الحي يوميًا، خاصة أيام الجمعة والإجازات الرسمية، وتضع تقريرًا يوميًا بالمناطق التي قامت بمسحها، وفى حالة اكتشافها المخالف- ليس فى مهدها- تتم إحالة المهندس وفنى التنظيم المختص بالمنطقة للتحقيق بموجب هذا التقرير، وبذلك يكون لها دور رقابي، بالإضافة إلى دورها فى اكتشاف المخالفات.

إنشاء إدارة بالشؤون القانونية بالحي، تكون مهمتها تسجيل محاضر المخالفات، والتأكد من البيانات الواردة بها، من خلال متابعة المحاضر بقسم الشرطة والنيابة العامة، ومتابعة الدعوى الجنائية أمام المحكمة المختصة، وموافاة هيئة قضايا الدولة بالمستندات اللازمة فى هذا الشأن. الحلول العملية تطبق اللامركزية بمنح سلطة إصدار قرار بالإزالة إلى رئيس مجلس المدينة المختص، وفصل طلب الخدمة عن تلقيها، والتصوير الفوتوغرافى والفيديو للمعاينات وتنفيذ الإزالات، ومنع التصالح فى مخالفات البناء على أراض زراعية، وعدم إدخال المرافق لها، وعدم السماح بتركيب عداد كهرباء الممارسة لها، وربط أجهزة الدولة المعنية بتكنولوجيا المعلومات والمسح الجوى، وإصدار تعليمات بأن أحكام البراءة لا تعطى أحقية فى التصالح أو إدخال المرافق، وحرمان من يقومون بالبناء على أراض زراعية من الحصول على أى مزايا من الدولة، كالحصول على أسمدة أو قروض، أو على أراض زراعية أخرى، أو غيرها من المزايا التى تقررها الدولة للفلاحين.

مظاهر الفساد: من أبرز مظاهر الفساد المنتشرة في العالم العربي - وهي متشابهة ومتداخلة[7] -:

• الرشوة: أي الحصول على أموال أو أية منافع أخرى من أجل تنفيذ عمل مخالف لأصول المهنة، وهي منتشرة في كثير من الدول الغربية والدول النامية.
• المحسوبية: أي تنفيذ أعمال لصالح فرد أو جهة ينتمي لها الشخص؛ مثل: حزب أو عائلة أو منطقة، دون أن يكونوا مستحقين لها، وهي منتشرة في الدول العربية بشكل عام.
• المحاباة: أي تفضيل جهة على أخرى في الخدمة، بغير حق للحصول على مصالح معيَّنة.
• الواسطة: أي التدخل لصالح فرد ما أو جماعة دون الالتزام بأصول العمل والكفاءة اللازمة؛ مثل: تعيين شخص في منصب معين لأسباب تتعلق بالقرابة أو الانتماء رغم كونه غير كفء، وهي منتشرة كثيرًا في العالم العربي.
• نهب المال العام: أي الحصول على أموال الدولة والتصرف بها من غير وجه حق بشكل سري تحت مسميات مختلفة.
• الابتزاز: أي الحصول على أموال من طرف معين في المجتمع مقابل تنفيذ مصالح مرتبطة بوظيفة الشخص المتصف بالفساد.
• غسيل الأموال: هي عملية إخفاء المصدر غير القانوني لهذه الأموال وتحويلها أو دمجها في الاقتصاد المشروع.
وقد أظهر التقرير الأخير الذي نشرته منظمة الشفافية العالمية التي تتخذ من العاصمة الألمانية برلين مقرًّا لها - أن جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية والبالغ عددها 21 دولة، لا تزال تحافظ على ترتيبها في سلم الفساد العالمي.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى