الخميس ١١ أيار (مايو) ٢٠٠٦
بقلم مصطفى لغتيري

بلقيس وقصص أخرى

بلـقــيـــس

في قصر سليمان، حينما كشفت بلقيس عن ساقيها المرمرتين، كانت هناك في مكان ما، عين تختلس النظر، وترتشف بالتذاذ تفاصيل القوام البهي.

من مكانه، في إحدى شرفات القصر، رأى الهدهد ما حدث، فاعتصر قلبه الندم.

منذ ذلك الحين، أقسم الهدهد بأن لا ينقل مطلقا الأخبار بين البشر، وأن يلزم الصمت إلى أبد الآبدين.

متـــــاهــــــة

استوقفتني يوما، عبارة لم أستوعبها جيدا.. من أجل فهمها كان لزاما علي إعادة قراءة الكتاب بأكمله. حين أنهيته، لم يتحقق مرادي... فقط أحالني الكتاب إلى كتب أخرى، قد تسعفني في فهم تلك العبارة.

لردح من الزمن عكفت على مجموعة من الكتب.. تباعا أقرأها وبلا ملل، بيد أن تلك العبارة ظلت مستعصية على الفهم، لا تلين عريكتها.

إلى يومنا هذا، لازالت أطاردها، كلما وقع بصري على كتاب، عزيت نفسي قائلا: ربما سأتمكن أخيرا من قهر تلك العبارة ... لكن عبثا أحاول و أحاول.. فكل كتاب يحيلني على كتاب آخر، و كأن في الأمر خدعة، أحكمت علي قبضتها، لتقذف بي في متاهة، يستحيل الخروج منها.

تـــــأهــــــب

على بعد خطوات من القفص، كان القط في حالة تأهب قصوى. لم يبال العصفور بتحفزه، بلامبالاة طفق يتنقل برشاقة داخل القضبان. بين لحظة و أخرى، تتوقف حركته، يدخل منقاره الرفيع في علبة، وبانتشاء يشرع في التقاط الحب، ثم لا يلبث أن ينخرط في وصوصة مسترسلة...

بعد فترة وجيزة، تسترخي عضلات القط، وترتسم على ملامحه مسحة من الوداعة، وكأنه اقتنع أخيرا، ألا جدوى من استنفاره.

من مكانه ظل القط يرقب العصفور، وقد دب في أعماقه شيء من اليأس، لكن ما إن يسري داخل القفص بعض النشاط، حتى يتحفز القط من جديد، متأهبا للانقضاض.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى