الثلاثاء ٢٢ آذار (مارس) ٢٠١٦
بقلم عبد الله بن أحمد الفيفي

متلازمة انفصام!

أَلا لَيْتَ القُلُوْبَ تُـبَـاعُ ، أَشْـرِي
لَـكِ قَـلْـبًا ، لَعـلَّـكِ أَنْ تُحِــسِّـي!
فَما كُلُّ القُلُـوْبِ- فَدَتْـكِ- قَلْـبِي
ولا كُـلُّ الرُّؤُوْسِ كمِـثْـلِ رَأْسِـي!
قَرَأْتـُـكِ آيَـتَـيْنِ ، وفِـيْكِ يَشْقَـى
على شَفَتَـيْـهِـما بُـرْكَـانُ هَجْـسِي!
* * *
أَمَا كُـنْتِ «صَبَاحَ الوَرْدِ» يَنْـدَى؟
فكَيْفَ صَبَاحُكِ الزَّقُّوْمَ يُمْسِـي؟!
أَمَا كُـنْتِ الحَمامَـةَ فَوْقَ غُصْنِـيْ؟
فكَـيْفَ غَـدَوْتِ ذُبْـيَانًا لِعَـبْـسِ؟!
أَمَا كُنْتِ نَمِـيْرَ الـنُّـوْرِ يَـسْـرِيْ؟
فكَيْفَ سَمَلْتِ في عَيْنَيـْكِ شَمْسِي؟!
أَغَدْرًا؟ آهِ ، مـا أَوْفـَـاكِ غَــدْرًا!
وأَوْفَـى غَـدْرَ نَفْسِـكِ قَبْلَ نَفْسِـي؟!
* * *
سَـلِيْ كَفَّيْكِ ، يُنْبِئْكِ الـ«جِمِيْ شُوْ»(1):
بِـأَنـِّي كُـنْـتُ عِطْـرَهُما بِمَـسِّــي!
سَـلِـيْ أُذْنـَـيْكِ ، تَبْـكِي مُقْلَتاهـا
انْهِمَـالَ الشِّعْرِ مِنْ شِـرْيَانِ كَأْسِـي!
سَـلِـيْ عَيْـنَيْكِ ، عَنْ عَيْنَيْ حَبِيْبٍ
تَـزُفَّــانِ الهَـوَى أَفْــلاكَ عُــرْسِ!
وأُقْسِمُ إِنَّـنِـيْ أَبـْـكِـيْ ، ولكِـنْ
عَلَيْكِ- لا عَلَـيَّ- يَسِـيْلُ حِـسِّـي!
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقَدْ بَـرِحَ الخَفَـاءُ، تَقُوْلُ (أَرْوَى)،
ولاحَـتْ بَـيْـنَـنَا آيَـاتُ حَـدْسِ:
ـ أَنَا عَـيْنُ العُرُوْبَـةِ ؛ لَسْتُ أَرْثِـيْ
لِـخَـنْـسَـاءٍ ولا أَبـْـكِـيْ لِـقَـيْسِ
ـ تُـمَزِّقُـنِـيْ العُرُوْبَـةُ، كُلُّ حَرْفٍ
بِـهِ قَـلْـبٌ تَـنَـزَّى ، وَهْـوَ تُـرْسـِي
ـ أَلَسْتَ تَـرَى القَـبَائِـلَ كَيْفَ أَضْحَتْ
شَـمارِيْخَ الإِبـَـاءِ على ابْـنِ جِـنْسِي؟
فَإِنَّ، كَـقَـلْـبِهـا، قَـلْـبِيْ، كَـفُـوْرٌ
بِـتَـارِيْـخِ الـمَـحَـبَّـةِ والـتَّـأَسِّـي!
* * *
أَنَـا سَـيْفُ العُـرُوْبَـةِ ليسَ يَـنْشَـى
سِوَى بِـدَمِ العُـرُوْبَـةِ حَيْثُ يُـمْسِي
يَـنـَامُ قَـرِيْـرَ عَـيْنٍ، والـيَـتَـامَـى
مِنَ العَرَبِ : السَّـرِيْـرُ مِنَ الدِّمَـقْسِ
ويَـأْرَقُ حِـيْنَ تَخْـدِشُ نـاعِـسَـيْـهِ
دُمَـى الأَطْفَـالِ في الرِّيْـفِ الفِرَنْـسِـي!
عَـرِيْقٌ في الفصَامِ ضَمِـيْرُ قَـوْمِـيْ
ودَرْسٌ فـي الـتَّـشَـظـِّـيْ أَيُّ دَرْسِ!
* * *
أَلَسْتَ تَـرَى (العِراقَ) وسَاكنِـيْـهِ
وأَهْـلَ (الـشَّـامِ) نِـيرانـًا (لِـفُـرْسِ)؟
أَلَسْتَ تَـرَى فَمَ (اليَمَنِ) الـمُدَمَّى
«يُخَـزِّنُ» لَـحْـمَـهُ، تَـعْـسًا بِـتَـعْـسِ؟
أَلَسْتَ تَرَى بـ(تُوْنُسَ) أو بـ(مِصْرٍ)
حُطَـامَ الحُلْـمِ مِنْ دِيْـوَانِ (قُـدْسِـي)؟
(فِلَسْطِيْـنٌ) رَوَيْـناهـا فـأَجْــنَتْ
فِلَـسْـطِـيْـنَـاتُـنَـا خَمْـسًـا بِخَـمْـسِ!
* * *
ـ أَرَاكَ غَدًا.. ولكنْ لَيْسَ صُبْحِـيْ
صَبُوْحَكَ؛ إِنَّ أَمْسِيْ خَـمْرُ زِفْسِـي(2)
فقُلْتُ: إِلَيْكِ عَـنِّي! صِرْتُ نَفْسِيْ
صَبَـأْتُ بِطَقْسِـهـا عَنْ كُلِّ طَقْـسِ
سَأَبـْـذُرُ حَاضِـرِيْ مِـنِّيْ ، ومِـنِّيْ
سَأَغْرِسُ في السُّهَا شَتْلاتِ غَرْسِي!
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَـنِـيْنُ، أَكُـنْتُ، إِذْ أُهْدِيْكِ قَلْبِـي
لِـيَرْمِـيَـهُ (كِيُـوْبِـيْدِيْ) بِـقَـوْسِـِي..
أَخُـطُّ إِلَـيْـكِ أَيـَّـامِـيْ خُـيُـوْلًا،
ورِمْـشُ خَـيَالِكِ يَـخْتَطُّ رِمْـسِـي؟
تَعَـالَـيْ نَـنْـفُضِ الـماضِـيْ بِـآتٍ
فَـلَا لِـيْ كُـنْتِ.. لا يَوْمِيْ لِأَمْسِـي!

(1) جِمي شو: نوع من العطور.
(2) زفس: سيِّد آلهة الأولمب عند الإغريق.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى