السبت ٣٠ نيسان (أبريل) ٢٠١٦
بقلم عبد الرحيم شراك

حلمي

مضى وقت طويل على عدم خروجي من المنزل.فحالتي النفسية ظلَت سيئة للغاية، لأنني ضيَعت فرصة عمل مهمة. لكنَ الجو الجميل في هذا اليوم شجعني على الخروج. فنهضت و لبست ثيابي و هيّأت نفسي جيدا، ثم أخذت ما بقي معي من النقود.

بدا الشارع مختلفا و طويلا جدا، فالناس يأتون من كل اتجاه و كأنهم في سباق مع الزمن. أمّا الطيور التي تحلّق في السماء، فهي تطير وحدها بعيدة عنهم ولا تأبه لهم أبدا. أخذت أمشي دون وجهة محدّدة رغبة في الترفيه عن نفسي. لكنّ المفاجأة التي وجدتها في طريقي أسعدتني بشكل كبير ! لقد التقيت بعض زملاء الدّراسة في السابق. إلّا أنّ هناك شعورا غريبا قد انتابني، لا أعرف مصدره بالضبط!

كانت أخبار زملائي رائعة جدا، فتحقيق معاذ لحلمه بدراسة الطب أمر عظيم بلا شك. أمّا عُمر فقد بدا سعيدا لأنّه التحق بمدرسة المهندسين، و كم فرحت عندما علمت أنّ مصعب قد اجتاز امتحان ولوج كلية الإعلام بنجاح. لقد كان يحبّ هذا الميدان منذ كنّا في المدرسة الابتدائية.

كنت الفاشل الوحيد بينهم، الوحيد الذي لم يعثر على أيّ فرصة أو حظ. فتمنيت أن تنشقّ الأرض و تبتلعني حين سألوني عن انجازاتي بعد التخرّج. لكنّ مظهري و وجهي الكئيب كانا كفيلين بالإجابة على هذا السؤال.

تابعنا المشي معاً في ذلك الشارع الطويل. بينما ظللت أقرأ بخجل جميع الإعلانات المعلّقة على أبواب المحلّات و المقاهي، علّني أجد عملًا ما أكسب منه قوت يومي. فلا يزال هناك بصيص أمل في داخلي. استمرَ الطريق هكذا، إلى أن وقع نظري على واجهة محلٍ تجاري ضخم. ولم أصدّق ما رأته عيناي في تلك اللحظة... فقد رأيت حلمي أخيرا!
رفض زملائي في البداية دخول المحلّ التجاري ؛ بحجّة أنه مضيعة للوقت. بينما أصررت بقوة على ذلك. ورغم استغرابهم للسبّب وفشلي في إقناعهم، فقد صمّمت في النهاية على تحقيق رغبتي. وهكذا قمت بتوديعهم و لم أكمل الطريق معهم من أجل حلمي، فقد انتظرت هذه الفرصة لسنوات عديدة.

اتّجهت مباشرة لصاحب المحلّ و سألته بلهفة : كم ثمن تلك اللعبة المعروضة في واجهة المحل؟ فضحك قائلا : هي لعبة قديمة ونادرة جدا، و لم تبق منها إلّا عيّنة واحدة ولا يمكننا بيعها! كان جوابه قاسيا و مؤلما في نفس الوقت. لكنني حاولت معه بشدة حتى أقنعته، ثم أعطيته كلّ ما أملك من مال في جيبي. فحصلت عليها و خرجت سعيدا جدا من المحلّ .
كانت تلك اللعبة تثير انتباهي منذ صغري، و لم أستطع شراءها في ذلك الوقت. لكنَني وفي هذه اللحظة بالذات فخور بنفسي فقد حققت حلمي أخيرا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى