الجمعة ١٧ حزيران (يونيو) ٢٠١٦
خاطرة أدبية (7)
بقلم فاروق مواسي

رضا الناس غاية لا تُدرك

هذا المثل قاله أكثم بن صَيفي حكيم العرب الذي عاش في عصر الجاهلية،
وأورده الميداني في مجمع أمثاله (المثل 1584)، وقد ورد في كتب الأدب المختلفة بروايتين أخريين، هما:
رضا الناس شيء لا يُنال- (الجاحظ في البيان والتبيين، ج1، 116)،

رضا الناس غاية لا تُبلغ- (ديوان المعاني لأبي هلال العسكري- باب محاسن كلام العرب والأعراب والخطباء والكتّاب).

قرأت في ديوان لبيد بن ربيعة هذا البيت:

يتأكّلون مذمّة وخيانة
ويعاب قائلهم وإن لم يَشغَبِ

يصف لبيد الناس الذين من حوله أنهم يأكلون أي يتهمون بعضهم بعضًا بالذم والخيانة، حتى أن القائل الذي لا يجور عن القصد يجدون فيه وفي قوله عيبًا، فرضا الناس عنه غاية لا تدرك.

في هذا السياق قرأت حوارًا جرى بين أحمد بن حنبل وحاتم الأصمّ.

سأل الإمام أحمد -وإليه يُنسب المذهب الحنبليّ- حاتمًا الزاهد:
أخبرني يا شيخ، كيف التخلص إلى السلامة من الناس؟
 بثلاثة أشياء.
 وما هي؟
 لا تعطهم مالك، ولا تأخذ منهم مالهم،
تقضي حاجتهم، ولا تطالبهم بقضاء حقوقك،
تصبر على أذاهم، ولا تؤذيهم .
 إنها لصعبة يا شيخ.
 وليتك تسلم!

ومن الأدب الغربي قرأت كذلك:

إذا أشعلت أصابعك العشر شمعًا، وانطفأت واحدة منها، سينسى الناس التسع ، ويحاسبونك على الواحدة.

أقول:
نعم، سيتوقفون على الثغرة، وينسون كل جميل لك، فجرِّب أن تكتب نصًا فيه العِبر، وفيه الطلاوة، أو جرِّب أن تقوم بعمل فيه خدمة وتطوع، بعدها ربما يظن بعضهم أن هناك خطأ يسيرًا في مقالتك أو في خدمتك أو موقفك، وغالبًا ما تجد أنهم نسوا كل إيجاب، وصاروا يتعللون بما حسبوه الخطأ، وأخذوا يترنّمون به!

هل صدق أكثم بن صيفي في حكمته: رضا الناس غاية لا تُدرك؟
من لم يصدّق فليقرأ قصة جحا وابنه والحمار!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى