الثلاثاء ٢ آب (أغسطس) ٢٠١٦
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

الإذاعي محمد عروق

الإذاعي محمد محمود يوسف عروق من مواليد الرابع لشهر يناير عام 1931 في منزل بسيط يطل على كورنيش السويس القديم مدينة السويس الباسلة ووالده الريس محمود يوسف عروق كان يمتلك أحد مراكب صيد الأسماك ورضع حب الوطن والاعتزاز بالنفس .

عندما بلغ محمد الخامسة من عمره ألحقه والده بالكتاب الموجود في حي الغريب وفي عام 1946 كان عمره ( 15 ) سنة فبدأ يكتب خواطره ويلقيها على الأسرة والأصدقاء بأسلوب متميز جمع بين الحماسة والإتقان فأسترعى اهتمامهم وترأس تحرير الصحيفة المدرسية ( السويس الثانوية ) أثناء دراسته الثانوية.

التحق محمد عروق بكلية الآداب قسم الفلسفة جامعة الإسكندرية وفي أعقاب هزيمة 1948 تعرف محمد عروق على جمال عبد الناصر وإصدار مع الليثي عبد الناصر وأحمد نافع شقيق الصحفي إبراهيم نافع صحيفة (الفكر) وكان يكتب المقالات الجريئة ذات الملامح الثورية والنزعة الأدبية البليغة الواعية وفجأة وجدوا خلفهم شابا طويلا حاد القسمات لعينيه بريق خاطف وراح يحدثهم بصوت عميق: (إنتوا فاكرين إنكم هتخرجوا الإنجليز من مصر بمجلات الحائط) ثم تركهم وانصرف وهنا اعتذر الليثي وقال: شقيقي جمال عائد من معركة الفلوجة ومتأثرا بما جرى من هزيمة للجيش المصري في فلسطين فلا تؤاخذوه .

ذهب محمد عروق إلى البيت ولم ينم ليلتها فقد ظل صوت جمال شقيق الليثي عبد الناصر يرن في أذنه ومرت الأيام وقامت الثورة يوم 23 يوليو عام 1952 وعندما تصفح محمد عروق الجريدة وجدت الضباط الأحرار الذين قاموا بالثورة ومن بينهم صورة جمال عبد الناصر ومن هنا أيقن عروق أن عبد الناصر هو العقل المدبر للثورة وسيكون له شأن كبير .
في عام 1953حصل محمد عروق علي ليسانس الآداب والتحق بالعمل في مجال التدريس في مدرسة الورديان الثانوية ثم انتقل إلى مدرسة القنطرة شرق الثانوية بنات التابعة لمنطقة بورسعيد التعليمية وبعدها انتقل إلى مدرسة السويس الثانوية للبنات بالسويس .

في 4 يوليو عام 1953 تم إنشاء إذاعة صوت العرب وفي أواخر عام 1954 انتدب محمد عروق للعمل كمقدم برامج في إذاعة صوت العرب وكان معه أحمد سعيد وسعد غزال ومحمد أبو الفتوح ومحمد علوان والسيد الغضبان وحصل محمد عروق على عدد من الدورات التدريبية الإذاعية فى ألمانيا ومنذ ذلك الوقت ظل صوته الرخيم الهادئ الواثق ينادى أمة العرب.
في فترة الكفاح الوطني الذي قاده الزعيم جمال عبد الناصر اشترك محمد عروق في رعاية طلاب الخليج العربي قبل الاستقلال وكان من بينهم المكلف برعايتهم الشيخ محمد سلطان القاسمي وعرف عنه التعلق الشديد بمصر والعلم والبحث العلمي وتشجيع العلماء.

بعد هزيمة يونيو عام 1967 تولى محمد عروق إدارة الإذاعة وظل رئيسا لإذاعة صوت العرب من عام 1968 حتى منتصف عام 1971 ومن أشهر البرامج التي قدمها خلال تلك الفترة برنامج (الشعب في سيناء) وهو البرنامج الذي قدمه من أجل مد جسور التواصل بين أهالي سيناء المحتلة والوطن الأم مصر وبرنامج (ملتقى الأحبة) الذي كان يذاع مساء كل يوم أربعاء وبرنامج (من حلو الكلام) الذي كان يذاع مساء كل يوم أحد من كل أسبوع وبرنامج (30 أغنية) وهو أول برنامج إذاعي لفرقة أولاد الأرض بقيادة الكابتن غزالي وكان ذلك البرنامج جزءا من العمل السياسي الذي كان يؤديه محمد عروق في تلك الفترة .

في 15 مايو عام 1971 اتهم محمد عروق في قضيه مراكز القوى الشهيرة وتم سجنه مع محمد فائق وزير الإعلام وسامي شرف وشعراوي جمعة وزير الداخلية بتهمة تغيير برامج السهرة يوم 14 مايو ووضعوا في زنزانة واحدة.
في عام 1978خرج الإذاعي محمد عروق من السجن واستدعاه الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة وصديقه القديم من أجل الاستعانة بخبرته الفريدة وتجاربه الإذاعية الكبيرة في إنشاء أول قناة تليفزيونية بدولة الإمارات العربية المتحدة وهى قناة الشارقة.

عانى الإذاعي محمد عروق من المرض لفترة طويلة وتوفى يوم 25 مايو عام 1995 بأحد مستشفيات العاصمة البريطانية لندن وبعد عصر يوم 27 مايو شيعت جنازته من مسجد الغريب في موكب مهيب وتوارى جثمانه بين مقابر الأسرة بمدينة السويس الباسلة التي ولد على أرضها وتربى في أحضنها وعشقها طوال حياته .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى