الاثنين ٢٢ آب (أغسطس) ٢٠١٦
بقلم حسين الحربي

قراءة في رواية «طوق الياسمين» لواسيني الأعرج

ستحاول هذه الدراسة الإحاطة ببعض المفاصل في رواية "طوق الياسمين"؛ مثل: قراءة عتبات النص، وما تحمله من دلالات تساعد على فهم الرواية.

تعريف بالرواية:

الرواية تحكي قصتيّ حُبّ:

قصة الراوي مع مريم التي أحبها وعشقته لدرجة الهَوَس، ولكن لم يردْ الالتزام معها بعقد زواج، فتركته لتتزوج من شخص آخر يعرفه حبيبها وكان يسكن معه في نفس الفيلا أسمه صالح، لم تستطع مريم نسيان حبيبها والابتعاد عنه على الرغم من أنه لم يفكر بالارتباط بها رسمياً بعقد زواج، ويَسوُق لذلك العديد من الحجج والتبريرات غير المقنعة للقارئ. ثم تبدأ مريم بزيارة حبيبها السابق في مكان إقامته في حي سوق "ساروجا" الدمشقي حيث تدور أحداث الرواية، وتستأنف معه علاقتها الجنسية المحرّمة، وتحمل منه سفاحاً، بطفلة طالما حَلِمتْ بها، أسمتها سارة قبل أن تلدها.

أما قصة الحُبّ الثانية فهي قصة عيد عشاب؛ الشاب المسلم الذي قدم من الجزائر لإكمال دراسته العُليا في دمشق، كحال الراوي نفسه، ومريم أيضاً وغيرهم من الطلبة الجزائريين. عيد أحبَّ سيلفيا المسيحية، وأحبته وتقدم لطلب يدها، لكن والدها رفض تزويجها له بسبب اختلاف الدين.

تدور أحداث الرواية في دمشق. والرواية عبارة عن رسائل أو مذكرات تصف الأحداث التي وقعت للشخوص بطريقة مُشوقة، وأحياناً مبهمة يستعصي على القاريء تتبع خيوطها، فتنقطع انسيابيّة الأحداث، ويشعر بالتشوش أحياناً. اعتمدَ واسيني الأعرج في الرواية تقنية الخطف خلفاً أو ما يسمى (flash- back technique)؛ إذْ تبدأ أحداث الرواية من النقطة الأخيرة، ثم تتسلسل الأحداث إلى أن تنتهي بموت البطلة مريم أثناء ولادتها لطفلتها الأولى سارة، وقبلها موت عيد عشاب، وحزن حبيبته سيلفيا لفقده وتفكيرها الدائم به.

الرواية تمتاز بجمالية في الوصف واللغة، أسلوبها جَذّاب بدون تكلف. لكن أحياناً يكتنفها تكرارٌ مملّ بالنسبة للقارئ، يكاد يكون تكراراً حرفيّاً للمفردات والصور.

لـ"طوق الياسمين" رمزيّة روحيّة صوفيّة في هذه الرواية، إذْ يصف الكاتب نهر بردى وطوق الياسمين بلغة صوفية مُستمدة من عَالَم الحلم الروحي الخالص، ربما ليثير عدداً من الأسئلة حول عالم مختفٍ منسي، يتحسس زهرات طوق الياسمين باحثاً عن أجوبة لأسئلة طالما شغلتْ الإنسان منذ الأزل مقتفياً أثر الحقيقة علّه يمسك بها، مجتازاً بوابات العبور، ممتطياً الريح أو البحر إلى حيث يستطيع المرء أن يموت بدون خوف. كما فعل عيد عشاب مقتفياً أثر سيده محي الدين ابن عربي.

تتكون رواية "طوق الياسمين" من أربعة فصول معنونة كالتالي:

سحر الحكاية.
الطفلة والمدينة.
بداية التحول.
مسالك النور.

في السابق كنتُ أقرأ روايات واسيني الأعرج قراءة سريعة من أجل المتعة، أتماهى مع دروبها، لا أقف عند منعطف، ولا أتأمل صخرة، أو أستظل بشجرة. لكنني قررتُ أن لا أمرّ مروراً سريعاً من "طوق الياسمين"، على الرغم من الوهج الذي يبهر العيون بمجرد ولوج تلك البوابة، لكن من أراد مرافقة "الصوفيين" فليتحلَّ بشيء من الصبر والأناة.

في المقال القادم سنتناول: قراءة عتبات النص، وما تحمله من دلالات تساعد على فهم الرواية، أولها عنوان الرواية وغلافها وما يتصل بذلك.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى