الاثنين ٢٩ آب (أغسطس) ٢٠١٦
ملاحظة نقدية:
بقلم فاروق مواسي

حبذا التروّي قبل الحكم

نشر أحد الأصدقاء الغيورين على اللغة مقالة في (الاتحاد- 26/8/2016ـ الملحق ص 6) يذكر أن قراءة الآية: "إنما يخشى اللهُ من عباده العلماءَ"- برفع لفظ الجلالة (اللهُ) وبنصب (العلماءَ) هو "كفر بواح"، ويقول متعوّذًا من هذه القراءة: "والعياذ بالله"، و "حاشا لله"!

صحيح أن الآية واردة في سورة فاطر 28:
"إنما يخشى اللهَ من عبادهِ العلماءُ"- كما ذكر الصديق،
وهذا هو المألوف حقًا في قراءتنا وفي فهمنا.

ولكن!
ثمة قراءة أخرى لا يحق لنا أن نتعوّذ منها، وأن ننكرها حتى لو جعل بعضهم سندها ضعيفًا، وذلك لأن المعنى مختلف فيها.

أورد لنا القرطبي في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن)- ج 14، ص 220 (دار الكتب العلمية):
"خرّجه الترمذي مرفوعًا كما في حديث أبي الدرداء، وقد كتبناه في مقدمة الكتاب.
قال الزمخشري – فإن قلت ما وجه قراءة من قرأ (الله) بالرفع و (العلماءَ) بالنصب وهو عمر بن عبد العزيز، وتحكى عن أبي حنيفة قلت:

الخَشية في هذه القراءة استعارة، والمعنى إنما يجلّهم ويعظّمهم كما يجلّ المهيب المخشي من الرجال بين الناس من بين جميع عباده".

أوردت ذلك أيضًا تفاسير كل من- الشوكاني، والنسفي، والبيضاوي.

أما الآلوسي فيقول:

" ذكرها الزمخشري وذكرها عن أبـي حيوة أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة في كتابه «الكامل»، وخرجت على أن الخشية مجاز عن التعظيم بعلاقة اللزوم فإن المعظم يكون مهيباً، وقيل (الخشية) ترد بمعنى الاختيار كقوله: "خشيت بني عمي فلم أر مثلهم".

هناك أكثر من مصدر من مصادر السلف من رأى غير ما ألفنا.

إذن فالقراءة تتعلق بالمعنى، وما أجدرنا أن نتروّى في الحكم، وألا نبتّ بجزم حاسم.
وليبق شعارنا: "وقل ربِّ زدني عِلما"!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى