الاثنين ١٠ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٦
بقلم نوري الوائلي

سبيلُ الأحرار

أَقُولُ وصفْحكَ عمّا أقولُ
فَقْولي لنعْتكَ جُهْدٌ كليلْ
فهَا أنتَ للتائِهيْن المَنارُ
وأنتَ إلى الطامِحيْن السَبيلْ
تُرابُ ثُراكَ ، وأيُّ تُرابٍ
يُشافي السّقامَ إذا تسْتحيلْ
سَقته دِماؤُك حيْثُ استَبانَ
جنانَ الخُلودِ وظلّ الظليلْ
قِبابُكُ نورٌ ومنْها النجوْمُ
تشعُّ الضياءَ فتحْيا العقولْ
وُهبْتَ الحَياةَ برغْم الحِمَامِ
ونلتَ القلوْبَ برغمِ الغليلْ
فَيا قِبلة الزاهِديْن الدُعاةِ
ويا شُعلةَ الثائريْن الفحولْ
وَيَا صرْخة المُوْجَعين الأُباةِ
وَيَا قلعةَ المسْتجيرِ الدخيلْ
ويا أشْجَع الناسِ بعْد الأمينِ
فؤاداً ، وأرْأف قلباً بذولْ
وَيَا واهبَ الناسَ عزْمَ الفُتُوحِ
إذا العزْمُ أدمتْ يداه الكبولْ
تباركْت فجْراً تُنيرُ القلوبَ
وغيْثاً هَطوْلاً بأرضِ المحولْ
إليكَ الوفودُ حُفاةً تسيرُ
وتبكي ثُراكَ بشوْقِ الخَليلْ
تَجليّت منْ مُفزعٍ للطغاةِ
ومنْ مُرْوعٍ للحَقوْدِ الجهولْ
ومنْ مُلهمٍ للعزوْمِ الضِخامِ
إذا عزَّ للعالياتِ الوصولْ
عَرفتَ الدماءَ طريقَ الكرامِ
فلمْ تسْتكنْ ، إذ نَهاكَ العذولْ
وَحيْداً ، وعزْمُكَ عزْمُ النبيِّ
وَسيْفُ عليّ ، وَصبْرُ البتولْ
عَزيزٌ، شَديْدٌ ، لبأسك ناختْ
أصمُّ الجبالِ رمالاً نزولْ
وَعبّاسُ حوْلكَ أعْلى اللواءَ
كَفيلُ الفواطمِ شبْلٌ حمولْ
لوقعِ المَنايا فمَا دارَ ظهْراً
وَما كانَ عنْد النزالِ النكولْ
حزامٌ لظهْرك عنْد الصِعابِ
وجيْشٌ يَسدُّ عُبابَ السهولْ
إذا قامَ للحرْبِ زهوّاً يقومُ
وأنْ كرّ لم يبقَ فيها الجذولْ
نَهضْتَ بتسْعيْن ليثاً وكانتْ
لطوْعكَ بيْضُ المَنايا ذلولْ
بنوْكَ وولدُ أبيْكَ الدروعُ
وصَحبُك سوْرٌ لآل الرسولْ
فَدوْكَ كأنّ المنايا مُناهمْ
فساروا أليها بعَزمِ الشبولْ
ظفرْتَ بها غيْرَ أنّ المَنونَ
كتابٌ يُخطُ بأمْرِ الوكيلْ
فكنُتَ السّخيّ بفدْي السّماءِ
شَباباً وشيباً ، وَخيرَ الكهولْ
وفوْقَ العَطاء رضيْعاً وَهبتَ
بسهْمٍ أُصيْبَ فُحزّ النصيلْ
بكيْتَ على قاتِليْك اللئامَ
فرحْمةُ جَدّكَ فيْك الدليلْ
فأيّ صَبور أقاتَ المنونَ
خَيَاراً بنيه وخيْرَ القبيلْ
وأيّ شُجاع تَحدّى الألوْفَ
وحيْداً عَطوْشاً نَكيْباً مُعيلْ
وقعْتَ فصَالتْ عليْكَ السيوْفُ
وجسْمكَ باتَ رهيْن النصولْ
كأنّ من الكوْنِ نجْمٌ تهاوى
فدُكّتْ به الأرْضُ دكّاً وبيلْ
جروْحُك تنْزفُ والبيْضُ فيْها
وشَقّ فؤادَكَ سهْمٌ قَتولْ
خُذيني سِيوْف المَنايا فقتْلي
يُعيدُ الصلاحَ لدينِ الجليلْ
صَريعٌ ،سَليبٌ ، وثغْرٌ يُصلي
وصدْرٌ يُدكُّ بسيْلِ الخيولْ
مُنعتَ الفراتَ برغْمِ الغليلِ
وسيْفُ الشقيّ ، يجزُّ التليلْ
يُقبّلُ فاكَ رَسْولُ الأنامِ
وسوْطُ اللعينِ عليه يَطولْ
عليْك القلوبُ أيا كربلاء
تجلّت بُحزنٍ وخطبٍ جليلْ
فهذي الخيامُ لهيْباً تَشبُّ
وتلكَ العِيالُ بنارٍ تَجولْ
وعبّاسُ جَذّتْ يديه السيوفُ
وبالقرْبةِ النصلُ راقَ الزليلْ
وشجّوا الجبينَ بضرْبِ العمودِ
وعيْنهُ غابتْ بسهْمِ الحميلْ
وفوْقَ الرمَالِ قرابينُ طه
عليْها الدِماءُ كمَاءٍ غَسولْ
كأنّ الرمَالَ سَوادُ الليالي
وهمْ كالنجُومِ عليْها مثولْ
خُشوعٌ لِحالكَ يوْم الطفوْفِ
وَدمْعٌ بفيْضِ الغَمامِ الثقيلْ
سموٌّ لرأسِكَ فوْقَ الرماحِ
وعزٌّ لجسْمكَ تحْتَ المهيلْ
بُكاءٌ عليْكَ وأيُّ بُكاءٍ
بثقْلِ المُصابِ وقلبِ الهبولْ
إلى كرْبلاء خُذوني لأشفى
بحبِّ الحسينِ فقلبي عليلْ
أسيرُ إليه وحبْلُ الهلاكِ
مُحيطٌ بدربي وشمْسي أفولْ
رأيتُ الضَريحَ فهُدّت قوايَ
وَفاضتْ عُيوني بدمْعٍ هَمولْ
شممْتُ التُرابَ فَفاحَ العبيْرُ
عبيرُ الرسولْ عَبيرُ الأثيلْ
وفارَ الترابُ فُراتاً بكفّي
فَهامتْ عروْقي بذاكَ الرّسِيلْ
وبُستُ الضّريحَ فذاقتْ شِفاهي
ينيْعَ الشفاءِ ، وشهداً زليلْ
طلبْتُ اليَقينَ فكانَ الدليلَ
وعُزْتُ الأباءَ فكانَ الكفيلْ
سَفينُ النّجاةِ الحُسينُ فطوبى
لمنْ باتَ في الركبِ حُرّاً نزيلْ
عَرفْتُ الحُسينَ عَرفْتُ الإباءَ
وأنَّ الخنوْعَ سَبيْلُ الذليلْ
عَرفتُكَ دفئاً ودهْري شِتاء
فكنتَ ربيعاً لكلِّ الفصولْ
ظمئتَ ويشْربُ منْكَ العُطاشى
ومتّ ومنْك تَعيشُ الأصولْ
ولدْتَ منَ الرحْمِ حيّاً لتفنى
وبالموْتِ نلتَ الخُلودَ الطويلْ
وتبْقى الحَياةُ طُفوْفاً تَدوْرُ
وفيْها البقَاءُ وفيْها الرَحيلْ
فهذا الحُسينُ فأينَ الطغاةُ
وأينَ الولاةُ وأينَ الصهيلْ
فما النّصرُ يوماً صَنيعُ الجبانِ
ولا العِزُّ قطّ لباسُ الذليلْ
كَتبتُ وَعفْوكَ عَمّا كتبْتُ
فمجْدُك فوْقَ المَديْحِ يَطولْ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى