الأربعاء ٩ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٦
بقلم مهند النابلسي

البعثات الدراسية ومراحل بناء الاستقلال الحقيقي

في العام 1860 تم إيفاد بعثة دراسية يابانية إلى الولايات المتحدة مؤلفة من 77 عضوا، وقد وضع أعضاء هذه البعثة تقارير عن مشاهدتهم للحضارة الأمريكية، لنقارن هنا هذا التوجه مع مصير البعثات العربية الكثيرة لأمريكا والغرب ولأصقاع العالم المختلفة ولنقيم مردود هذه البعثات المتواضع حتى أن بعضهم لا يتكرم بكتابة تقرير متواضع لعكس انطباعاته ومشاهداته الميدانية ...وفي العام 1860 انشئت وزارة الأشغال العامة اليابانية وكان من أهدافها القيام بأبحاث هندسية وتشجيع التصنيع وتأميم المناجم وإدارتها، وصنع السفن وتجهيزها وإصلاحها وكذلك بناء وتشغيل السكك الحديدية والشبكات التلغرافية، وكان الغرب طبعا هو المثال المحتذى في جميع هذه المحاولات، وما زلنا عاجزين بالرغم من أموال النفط الضخمة عن بناء أو حتى إحياء سكة حديد واحدة تربط بعض الدول العربية، ومعظم المشاريع العربية الإستراتيجية الضخمة ما زالت تراوح مكانها لافتقاد النوايا الحسنة والجدية في العمل العربي المشترك..

وعت اليابان بأن العمال العصريين يأخذون فترات طويلة من الزمن ليظهروا متمتعين بالمهارات العملية اللازمة... فالعامل الذي يعمل في قطع الأشجار اليوم لا يمكن أن يتحول إلى صانع للسفن غدا، وكذلك المزارع لا يمكن أن يصبح خراطا بين ليلة وضحاها!

كذلك وعت اليابان ومنذ البداية إلى أن الاستقلال التكنولوجي يمر بخمس مراحل: اكتساب التقنيات العملياتية، تجميع المهارات الميكانيكية ومهارات الصيانة، بناء تقنيات التصليح والتحسينات، القدرة على الإنتاج الكمي وإدارة الأنظمة الجديدة والتصميم، وبلا هذه المراحل المنطقية المضنية لا يمكن توقع الانجاز والاستقلال وبناء الحضارة والمستقبل...هكذا فبدون المرور بهذه المراحل المتتالية لا يمكن توقع المعجزات التكنولوجية ولا الاقتصادية، لذا فقد تفوقت كوريا الجنوبية خلال عقود من العمل المنهجي الجاد وبقيت مصر بل تخلفت نسبيا وتراجع حالها كدولة واعدة بسكانها ومواردها وامكاناتها (كمثال عربي طليعي)!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى