الجمعة ١١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٦

قراءة نقدية لقصيدة «هل انتهى العزف؟»

كمال أبو سلمى

هيام مصطفى قبلان (هل انتهى العزف)..؟

القديرة الوارفة هيام البيان والسحر والكلمات......

من خلال العنوان الذي استوفى معاني سيكولوجيا المبتغى ،وماركة الترتيب الأفقي لفحوى الماهية ،التي ترغبين توصيلها من خلال يافطته الكبيرة (هل انتهى العزف ..؟)،،تساؤل كبير له معانيه ومناخاته ودلائل الحيرة المتفصدة من آلامه

إن ما يؤلمنا أحيانا أننا لا نتساءل عن مقاصد المبتغى ،ولكن خلوق وحري بنا أن نرحل إلى خلجات الفهم عبر مطيات التساؤل ،الذي تدرك به كل الم استعصي ،،ولأن الفلسفة من معرفها كما يقول كارل ياسبرس إن الأهم في الفلسفة هو السؤال ،،)،،جاء العنوان مستوفيا أثلام التألم ومكتفيا بطرح المحرج من غصة داخلية

"هل انتهى العزف ،،؟"،قد تكون شاعرتنا عارفة بأسرار العزف ،ومتمرسة على العزف على إحدى الطبوع الفنية ،التي ترتكز على البيانو أو العود ،،وقد يتشابها في المعنى فيعشى التناص رديفا بين عزف وعزف

ماذا ... والحبّ يزحف منتحبا
يلامس أطراف شهقته العابثة
يفرغ الجسد من " عبوته النازفة"
يتكوّع ،، يتراخى ظلّ ،،،
يتمطّى على سرير الرّغبة
تحوصلت رعشة فراشة ،، تكوّرت
لم تحترق بضوء .....
ولم تدمع عيناها

تساؤل مطرد يتعثر في شهقة الإنتحاب ،ويتجاسر على الذات الداخلة، التي يخرم أوصالها معوقات الألم والرهبة من المحيط، قد يكون المجتمع بليلاته المتعثرة،كأخطبوط مشين،يسرق من الجراح وتدا مطوقا على لثغة الآلام،،والعيون النازفة دليل على ضبابية في الرؤيا الدائرة على مخترق كل مسامات الأثرة التي يتعملق من خلالها غور من الجراح النازفة البدء بالتساؤل (ماذا..) دليل يجبرنا على أن هناك هوة عميقة، بين الذات الشاعرة وبين الذات التي لا تبطن لغو الكلمات هناك تحد كبير بين اعتراض على شيء،وبين تساؤل عن شيء إنها انشطارات تخلق من الربكة والارتباك صوتا داخليا نازفا، دليلا آخر على أن هناك غصة، وبخاصة وأن شاعرتنا استعملت الفعل المضارع المتشبث بالفعل المرسوم على الشيء ما يدل على حدَثٍ يجري مستمرّاً،كون الفعل المضارع يضارع اسم الفاعل أي يماثله فهو يماثل اسم الفاعل في الحركات والسكنات والوظيفة الإعرابية، ويعني لغة "المشابه". لذا تشابهت الأنات والغصات من خلال توافر هذا الفعل نحو (يزحف / يلامس/ يفرغ / يتكوّع ، يتراخى يتمطّى /تحوصل / تكوّرت / يتمرّغ )
التاء هنا دليل على أن هناك غبرة وقترة ترهق الكاهل ،من عصيات مجتمع يلد فيه امتهان الآخر وإضعافه عنوة ،،

اختمر فتات الحزن وغفا لون الأرجوان
والحب الذي طوّق جيد الليل
يتمرّغ على شفة الرحيل
... بشهد امرأة ....
حملت على كفّها القدر
أدمنت الأرق ،، وتكسّرت المرايا
تثاقلت الرّيح واحترق البرق

تبدع شاعرتنا بإضفاء خلب من جماليات الوصف ،بلغتها وجملها الساحرة ،وتخلق لنا وفرة حركية في العين المتذوقة ،التي تبهج لكل حركي خاطف ،والقلب الذي يخطف منه نسائم الفرح نحو كتل وقادة من عسل اللغة ،،فكم هو راق تصوير الليل والحب فيه بجيد يطوقه ،ما يدل على تمازج وتلاقي جيد المرأة بربقة الليل وكلكله ،،كما أن الرحيل أضحى بشفة يتمرغ عليها ،وهناك معنى أغزر لمكنون المرأة التي تعسلت بالشهد ،وهي التي أضناها ليلها بالأرق ،فتكحلت برمش السهد ،في هجيع الوتر الأخير من ليلة كالحة السواد لا ريح فيها ولا قر

وفي هذا المقطع الشعري الراقي ،جنوح نحو الهدوء ومعايشة الذات الداخلة ،وما يستمي في صحبتها من لحن للعزلة ،وروح ترغب في نبرات العيش الهادئ

ماذا ... وعلى طبق الفرح
سكب العشق لعابه
وتجرّع السّم حتى الثمالة
مارس مهنة القنص ،، هناك
وأنت يا العشق اليهتزّ لرماد الجسد
ماذا ... وعنق الليل يصهل
يتربّع على ناصية الحرف
مخضّب بأنّات الجرح ،، يتلولب الغمام
يبهت لون الصّدى ،، والمدى ...
برقصة السراب الأخيرة
يختنق ملح البحر ،،،
ويتقزّم ميلاد فجر ،، يختلس الانتظار
من نورس سقط سهوا

في هذه اللافتة الكبيرة نلج عالما آخر من التوليفات المتأتية من التأمل الباطن،صيرورة الوهج الحرى تقف هاهنا تستأصل كل شرنقة تفور على حين غرة،هنا وجل البوح يختزل مرايا القلب،يقف شاهدا على أنس الليل والصدى والمدى والسراب،،يعب من سترة الجرح نزفه الغص،يقفز إلى دائرة تحتمي باختلاس الانتظار وبتقزيم لميلاد فجر جديد الهوة تكبر ولكنها تضعف رويدا رويدا،لأن الذات الشاعرة تأبى الانكسار ،ترغب في عيش يبدو لطيفا،يسعد القريحة، ويتأثر بالمحيط ،يجلد كل خطب وماكرة ،إنه قوة أخرى لدحض كل الأنفاس الشريرة، كل التقاسيم التي تثلم الرغبة في الانطلاق،،الرغبة في التحرر،الرغبة في الإرتقاء يبهت لون الصدى،،والمدى ...

إي شاعرتنا الساحرة ،،هي دوزنات الخطب،هي موائد العثرة في جنوح الآخر إلى توريطنا في صوان العمر ،،إنها جرحنا الكسير ال يمتد حيال ماء الحياة التعيسة، هي سفينة النجاة من غور وغسق الطوية التي تعتلج بامتداد يرهق القامة ،،لن تخترق أصواتهم العاثة ملوحة البحر،لأن سرمدية ملوحته تعشى ركبا عصيا عليهم، دونهم الليل والسراب والرجفة الشتوية الباعثة على الإحتماء والسهر حيث الكوانين، وطاقيات الإختفاء
سيرفرف النورس ،وستختفي كل مثالم السهو ،وكل مراجف الليل ،وكل أعناق تطاولها زجاجات الرهبة

ماذا ... ويا أنت ،، أيّها العشق المذبوح
تلوّى .. تلوّى على وتر،،
انتهى العزف ........!

خلاصة التأريخ لعشق يبدو مذبوحا ،يلاوح كل الأماكن ،يحتمي من جرح الفجيعة ،ويرتق بلا مضض ما تعثر في بداية الرحلة،الليل يسكن كل جراحاتنا وكل آلامنا وبض مواجعنا،
سيتلوى العشق ،وسيلوي الوتر الذي عرفته الأصابع ،وعزفته المواجع ،ولكنه حتما لن ينكسر
لن ينكسر

انتهى العزف ........!

ولكنه لن ينتهي النزف ،ولن تطاول الريح ما امتد من لعاب الحكايات،لأن الماكر من الوقت سيردف كل غث ويطير محلقا نحو ضفاف هبلى،نحو وهاد مديدة، ونحو عمق كالح كسيح
ستعبث الأيام بكل خطاف لمتعة الآخرين، وترمي به حيث اللارجعة

قصيدة سامقة يتفصد الألم من نواصيها ،وترافق أوتارا تهلل للفرح،علّ الألم المضمر يندس كنعامة في رمل الصحراء ،،يحمل التساؤل في جوانبها منحنى الحيرة والعزف والغوص حيال الذات ،دون فقد الموضوعية جانبها ،مما يشي أن الشاعرة تعيش لحظات من الشرود رتبها الوقت وتسطبت في وكيزة المنافي أوجاعا تترى على ساقية الحياة،،ولكن ولكون أن الحياة بها فسحة فهذا كفيل بأن النفس الشاعرة ترنو دوما إلى القفز على كل الموانع والمنغصات وآلام الرهبة والوجع،لتصل حيث تجد كفلا من الراحة والسعادة

هنيئا للشعر بك
هنيئا بال أنت ،نحن،

كمال أبو سلمى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى