الجمعة ٢ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٦
أنا هنا...أنا الأرض...
جمال سلسع
كلُّ الفصولِ تبوحُ،في هذا المكانِ،بإرثها...فعلى حكاياتِ الهضابِ،تباهتِ الكلماتُ في اسمي أنالمَّا حروفُ الشمسِ،لمَّتْ في عبائتهاملامحَ بلدتي...كبدايةِ الأيامِ،فيها ابتدى التاريخِ،سلَّمني تفاصيلَ العواطِفِ،فانتشى الإحساسُ ينشُرُنيعلى ألقِ الفصول،يمُدُّني شرفَ الوسامْوحكايتي الأولىتنفَّسَ في بدايتِها حضورُ الفجرِ،تحتَ ظِلالِهِ نادتني أميفي يَديّْها وصيةًضمَّتْ جناحيها الطيورُ،هو مذاقُ الأرضِ،شعلةَ يقظةٍنَسَجتْ دميفاشتاقتِ الأنهارُ،في قلبي المقامْوعلى جدائلِ شعرِهاحطَّتْ طيورُ مدائني...لغتي...تنفَّستُ الثرى وطناً...على رئةِ انتمائيفاستلمتُ وثيقتيالأرضُ لي...البحرُ لي...فتعلَّمتْ ذاتي معايرَ الحقيقةِ،ما أتتْ لدموعِها!فٍمذاقُ أرضي في دميكسَرَ الهزِيمةَ،علَّمَ الأجيالَ خطواتِ العِظامْلملمتُ تاريخيعلى قارورة الرؤياكدفءِ مواقفُ،حفِظتْ ندى جِلديعلى ذاتي....فابقتْ في شراييني المذاقَ،فكلُّ جزءٍ في دميرَضِعَ الثرىما زالَ لا يُنهي الفِطامْ!فالوقتُ يمشي في ارتباطِ عواطفي،بالأرضِ،هذا حنِينُهُ عرقي ...تمرَّى في تفاصيلِ المدىجِيتارَ نبعٍ...كم سقى عطشَ التُرابِ،وألغى من وعيِّ المشاعِرِ،ما تردَدَ في جوابِ خُرافةٍتاهتْ على ظلِّ القَتَامْ!ما...ما تنازلَ عن ثرى التاريخِ،إسمي....كالجبالِ أتتْ إليهِ عيونُ نسرٍيستظلُّ على جذورِ المجدِ،في عيْنيهِ...صحوةُ صُبحِنانقشَتْ على غاباتِ أسئلةٍمواعيدَ اليمامْوعلى رصيفِ الإغترابِ،سؤالي خزَّانٌ...يدقُّ همومَهُ،ويحي أنا...!وجعُ السحابِ على دمي...يمشي جواباً...فالطيورُ إلى حنينِ العُشِ،أوجعها انتظارٌ...لا يُردِّدُهُ السلامْهو وحدهُ من يحفظُ التاريخَ،في لغتي...جبالاً...ترتوي من شمسِ أجيالٍتعيدُ من المنافي...سيفَ وقتٍلمَّا فوقَ النايِ،ناحَ الطيرُ،وانكسرَ الحُسامْأمشي على وجعِ الطريقِ،ونجمتي كالدمعِ واقفةٌفي انتظار مشيئتيتمشي معي...مطري يئنُّ...أنينُهُ بينَ السحابِ،فكيفَ لا تتفجَّرُ اللحظاتُ،في لغةِ الظروفِ،كنخلِ فجرٍ...في أصابِعِهِ الغمامْ؟وأنا أرى جديعلى لوحِ الحياةِ ندىًوفي كفَّيهِ تاريخَ السنينِ،جداولاً...تسقي فصولَ حضورِها،فأتى حنينُ الإرتباطِ،بإسمييخلعُ عنْ ثيابِ الأرضِ،صوتَ خُرافةٍ...نعفتْ على حدقاتِ أياميالزؤامْ!ما عادَ في لغتي الضياعُ،على المكانِ دمُ أبي!وعلى الدروبِ دموعُ أمي!في مذاقِ حليبِها،تتجلَّى فوقَ رهافةِ الميراثِ،لونُ هويَّتي...والثديُّ في روحيكزنبقةِ الرخامْمهما تغيَّرت الملامحُ،في تضاريسي...فرائحةُ التُرابِ تقودنيأمشي ... معي عرقي...يُرتِّبُ في نصوصِ الأبجديَّةِ،غيمةً... تهمي...وتفتحُ... للمكانِ،رؤى الحمامْكسَرَتْ أحاسيسياغترابَ هويَّتيبقيتْ تُسميِّ ملامحي...وتقودني وطناًوتُرجِعني إلى ذاتيهنا...كحقيقةِ الشمسِ، ارتوتْ بملامحيداستْ أكاذيبَ الظلامْلمَّا تفهمَّت المعانيحِبرَهَا...واختارتِ الأوراقَ،من حضنِ السماقلمي أنا ...وحدي..هناكَ كتبتُ أوَّلَ أحرفيودمي يُسجِّلُ في يد التاريخِ،رائِحةَ الثرى...سكنتْ دمي...جبَلتْ مذاقَ جُذورِهابحنِينِها... لغتي...يبوحُ بسرِّها...مَهدُ الكتابْما عدتُ أعرفُ ذاتيمن أرضي... أنا...!بدمي نقشتُ تُراثَ جديفارتويتُ منَ المذاقِ،مذاقُهُ ثَمُلتْ بعشقِ حضورِهِ،شَفةُ الهضابْ!لمَّا التُرابُ أتىليستافَ الكلامَ منَ الحدائقِ،ما تذوَّقَ غيرَ وردٍفي شذا لغتييبوحُ..أنا ..هناوهُنا...كبوحِ الماءِ في صدرِ السحابْفلماذا يرشقُ خارجونَ،عن السماليلَ الخُرافةِ...في المدى؟لمْ...لمْ...أنمْ فوق الغبارِ،وما عشقتُ سرابَ صحراءٍ...تودِّعُ من ندى روحيالشهابْما زالَ يعبثُ خارجونَ،عن السمابضحى قرنفلتيبلونِ جذورِها!هل فتَّشوا دَمًها؟يا ليتهم...فأنا ...هنا...دمُها المُراقُ،على سواحِلِ خيمتي!نسجَ الوجودَ منَ الترابِ،قصيدةً...تمشي على صدرِ الجَلدْوأنا نصوصُ الأبجديَّةِ،ما تبدَّلتِ القوافيما تركتُ قصيدتي دمعاًعلى لوحِ البكافمكاني يأخذني إلى بيتي العتيقِ،فاستظلُّ بظلِّهِ،وأجول قمحاً...يحرسُ الأيامَ من وجعِ الزبَدْفي...في دميآذارُ جدَّدَ صوتَ أميفوق جيتارِ الرجوعِ،وما انتهى قمرُيُطلُّ على تضاريسِ البلدْسبعونَ عاماً...فوقَ صفصافِ اغترابٍلمْ يزلْ نيسانُ ذاكرتيحضورٌ لا يفارقُ وقتَهُ،ظِلُّ الأسدْآذارُ جدَّدَ،في دمي لونَ الثرى!فأنا أراهُ على تلالِ الشمسِ،يمشي في غديودمي معي...يجري...يُعلِّمني بأنَّ الوعيَ في ذاتيالسَندْلا شيءَ غيرُ دمييقرِّبُ فيَّ لونَ مسافتيما بينَ رائحةِ الثرىوغديأنا وحدي...على عشبِ الوجودِ دميفكيفَ سيمتطى خيلي أحدْ؟ما زالَ يورقُ في حنايا القلبِ،آذارٌ...يرتِّبُ للندى فرحييوَّحِدَنيعلى ميلادِ إسميتنتهي فيَّ المنافي والمراثيفالمكانُ أتى ليُسمعنيصدىً في داخلييا نفسُ قومي استقبليطعمُ انتصاريفي سماءِ الأرضِ،يدوي كالرَعَدْفأنا هناو الصبحَ يجمعُناعلى جسرٍيُقدِّسُ أوَّلَ الميلادِ،مثلَ البرقِ في صدرِ السماءِ،يُلملمُ الأوجاعَ من عينِ السنابلِ،في يديهِ القمحُ يسري...جدولاً يجري...كنقشِ دمي...على بوحِ الجسَدْوالوقتُ جدَّدَ في دميجيتارَ أمي...غنَّى آذاراً.....فهبَّتْ فوقَ شرفةِ بيتينادتني...مواويلُ الأبدْ
جمال سلسع