الاثنين ١٧ تموز (يوليو) ٢٠٠٦ بقلم
إخراج تافه لمشهد تافه
"أصعب عملية حسابية هي تلك التي تمكننا من عد حسناتنا"
إريك هوفر
اللافتات على الشوارع:
تقيم جمعية " الخلود" للتربية والثقافة والفنون والعلوم والتكنولوجيا والرياضة والبيئة والطفولة والعمل النسوي محاضرة تحت عنوان: " حرية التعبير: الكائن والممكن"، يلقيها أستاذ الأجيال أبجد هوزحطي بعد غروب الشمس على المركب الثقافي خلف قصر البلدية بالمدينة.
كواليس العرض:
" انتبهوا، أيها الإخوة المناضلون. نحن نعمل والأعين تترصدنا والآذان تعد لنا دقات قلوبنا وزفير رئاتنا.إننا نعمل تحت تهديد الكثير من الأخطار الخارجية التي تفرض علينا التأهب والاحتراس. جمعيتنا قشة في محيط من الأخطار. وإذا ما وعينا بذلك تغلبنا على الصعاب واستحقنا الانتماء لهذه الجمعية واستطعنا إعطاء المثال. يجب أولا أن نتعرف على مكان النشاط ونضع تصورا لشكل العرض: مكان الضيوف المؤطرين ومكان الجمهور. أجلسوا الضيوف الذين يمكن أن يغنوا النقاش إيجابيا في الصفوف الأولى، وراءهم الحسناوات ثم باقي النساء وفي الخلف باقي الذكور كبارا وصغارا. أما نحن فسنتوزع على لجان. أنتم لجنة توزيع الحضور على المقاعد. وأنتم لجان " اليقظة ": مراقبة الأبواق، الإنارة، كتابة المقترحات على الأوراق، والأهم من كل ذلك تحديد لائحة المتدخلين فلا تسمحوا إلا للمتدخل الذي تختارونه أو الذي تعرفون سلفا أن خطاب الجمعية سيمرر من خلاله وعلى لسانه. أما أنتم فستكونون لجان "المداخلات" وملء الفراغ الذي ستتركه كلمة الضيف المحاضر: أنت المتدخل رقم واحد، وأنت المتدخل رقم اثنان، وأنت المتدخل رقم ثلاثة وأنت المتدخل رقم أربع... أهم ما يمكن أن تركزوا عليه هو عامل الوقت: خذ راحتك وأنت تأخد الكلمة واثن بالمديح على جمعيتك ومشروعها وفعالية أعضائها وباختياراتها الرصينة... حتى إذا ما انتهيت أكمل رفيقك الثناء واقتنع الجمهور بتكرارية المداخلات وقطعنا على الأشرار كل نواياهم الشريرة في تعكير الجو الاحتفالي علينا...
دخول المدعوين ( وصف صحفي ):
...
...
...
بداية العرض:
...
...
...
كلمة أبجد هوزحطي :
...
...
....
لائحة المداخلات :
* المداخلة الأولى:
في. البداية. أود. أن. أشد. بحرارة. على. يد. جمعيتنا. العتيدة. على. مجهوداتها. الجبارة. فداء.للمصداقية. و. الإشعاع. و. التنوير. تحت. قيادة.السيد. رئيس. الجمعية. أطال. الله. في. عمره. و. أدام. على. الجمعية. سديد. أفكاره. و. لا. يفوتني. أن. أهنيء.الجمهور. الكريم. على. هذا. العرض.التاريخي. الذي. س. يتذكرونه. ما. داموا. على. قيد. الحياة. وشكرا.
* المداخلة الثانية:
تحية للأستاذ أبجد هوزحطي الذي تفضل مشكورا بهذا العرض الشيق والرصين، في آن، عن حرية التعبير. وأنا لما أقول الشيق والرصين فأنا لا أقصد اللعب على الألفاظ والجمع بين المتضادات بقدر ما أقصد قدرة الأستاذ المحاضر على الإحاطة بكامل جوانب الموضوع. بمعنى آخر ،شمولية الرؤية للموضوع. وأنا لما أقول شمولية الرؤية للموضوع فأنا لا اقصد استعارة معاجم الفاشية والأنظمة الشمولية بقدر ما أقصد الرؤية المتعالية عن كل إيديولوجيا أو تحيز مسبق. بمعنى آخر الحقيقة. وأنا لما أقول الحقيقة، فأنا لا أقصد ... بقدر ما أقصد ... بمعنى آخر... وانا لما أقول... فأنا لا... بقدر ما... بمعنى آخر...
* المداخلة الثالثة:
قبل كل شيء، أود في البداية، أن أقول، بكل ثقة في النفس، أنه ، حسب رأيي المتواضع، وأنا لا أدعي علما، أنه، فضلا عما سبق التطرق إليه والتفصيل فيه في هذه المحاضرة القيمة الغنية والمفيدة ،يمكن كذلك القول والجزم، مع قليل أو كثير من التحفظ، وليس في ذلك حرج ، أنه كان بالإمكان، وهناك دائما إمكانيات، إضافة أشياء أخرى، وشكرا.
* المداخلة الرابعة:
من حيث المبدأ، ليس هناك أبدع مما قيل. خاصة وأنه كان يجب كذلك دونما من حيث هو فضلا عن ذلك ولعل ما أو ربما صار وشكرا.
* المداخلة الخامسة: ( غير مبرمجة )
...
...
...
تلاسن بين رئيس الجلسة والمتدخل الخامس:
الرئيس – شكرا للأخ المتدخل، كلمتك وصلت.
المتدخل - عذرا، سيدي، أنا لم أكمل كلمتي بعد.
الرئيس - ألا زال في حوزتك ما تقول ؟
المتدخل – نعم، هذه فقط توطئة.
الرئيس – توطئتك وصلت ونشكرك على المشاركة.
المتدخل – يا سيدي، لا تقاطعني فضلا.
الرئيس- أنا لا أقاطعك، أنا أوقفك. انتهت مداخلتك.
المتدخل – أنا أتمسك بحقي في إتمام كلمتي والاستفادة من نفس المدة الزمنية التي تمتع بها المتدخلون قبلي.
الرئيس - انزعوا عنه الميكروفون! من أعطاك الحق لتقحم اسمك في اللائحة ؟!
المتدخل – حضوري يعطيني كامل حقوقي لممارسة النقد وإسماع صوتي ولهذا نحن جميعا هنا.
الرئيس – انزعوا الميكروفون من يده!
تعقيب الأستاذ المحاضر الدكتور أبجد هوز:
...
...
...
التقرير الصحفي لمجريات النشاط الثقافي:
...
...
...
ملتمس السيد رئيس الجلسة:
نرجو من مراسلي الصحف الحاضرين معنا في هده الأمسية عدم جعل الملاسنة مع المتدخل الأخير موضوعا يجعل القراء الذين لم يعاينوا هذا النشاط الناجح يعتقدون، عند قراءة التغطية على صفحات الجرائد، أنه كان مجرد مشاحنات ومهاترات بين الحضور والمنظمين.
التقارير الصحفية لمجريات النشاط ، معدلة:
...
...
...
الكلمة الختامية للسيد رئيس الجلسة:
أيتها السيدات، أيها السادة. نهنئكم على هذا النجاح الباهر، على هذا الانضباط المسؤول. وعلى أمل اللقاء القريب في نشاط قريب قادم أكثر إشراقا وإشعاعا، لنتفرق بنفس الهدوء الذي فطرنا عليه جميعا وبنفس الانضباط الذي نعطي به المثال الصارخ لكل العالم. لنتفرق بوعي ومسؤولية ولنستحضر مع كل خطوة نخطوها نحو بيوتنا هذا النجاح الباهر، هذا المكسب الأصيل الذي يجب أن نحافظ عليه، وأن نردد في قرارة أنفسنا، ونحن نخطو نحو بيوتنا، هذه الحكمة البليغة:
