الخميس ٢٥ نيسان (أبريل) ٢٠١٩
بقلم محمد متبولي

البوابة

في بادئ الأمر كان صديق ثقيلا جدا علي قلبي، لكن مع الوقت صرنا متقاربين، لتلك الدرجة التى أصبح معها يبوح لى ببعض أسراره، فكان يخبرنى بين حين وآخر بقائمة المرشحين للموت، لذا فقد صارت لى عادات جديدة، فخلال الساعات الأولى من اليوم أحتسى القهوة مع أحد المرشحين، فنتبادل الأحاديث والنكات، ومع شقشقات الفجر ينفذ صديقى ملك الموت مهمته، فأذهب لألقى نظرة الوداع على جسد الراحل وأهدئ روع الروح فى ساعاتها الأولى خارج الجسد، وفى الظهيرة أقف على باب القبر أستقبل الموتى، فأجد كل من حولى يبكون بحرقة دون سبب مقنع لى، فالقبور ليست أكثر من كونها بوابات بين عالمين، ولكن ربما هم لا يعرفون تلك الحقيقة البسيطة كما عرفتها، فألتمس لهم العذر وأواسيهم.

ثم أمضى باقى النهار فى راحة، ومع غروب شمس اليوم أبدأ حديثا مع ساكن القبر الجديد بعد أن مر من البوابة وأسأله السؤال المعتاد، كيف ترى العالم الآخر وكيف حالك فيه، قطعا لن أوشى بالإجابه فجميعهم أستحلفونى أن لا أفعل، بعدها نكمل الساعات التالية نتسامر، حتى يأتى منتصف الليل، وتبدأ الساعات الأولى من يوم جديد فأعيد الكرة.

لكن فى ذلك اليوم كان هنالك شيئا مفاجئا فلم أستقبل أحدا ولم يحدثنى أحدا، حتي جاءت الظهيرة وفوجئت بباب القبر يفتح أمامى، حينها شعرت بحالة من الغيظ والضيق، فعلى الرغم من عشرات الوجوه التى أصطفت لتستقبلنى بحفاوة كبيرة، عبرت من البوابة إلى العالم الآخر وأنا غاضب منه جدا، فلم أكن مهتما فى أى عالم سأكمل حياتى، ولكن ما همنى حقا هو كيف أن ملك الموت أخفى على الأمر وفاجئنى مثلى مثل أى شخص آخر، رغم الصداقة التى توطدت بيننا مؤخرا، خاصة وأننى لم أكمل فنجان القهوة الذى قمت بصبه للتو.

تمت


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى