الجمعة ١ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٦
بقلم مهند عدنان صلاحات

قصص قصيرة جداً في زمن حرب عادية

رنين الهاتف النقال تحت ركام البيت، دللّ رجالَ الإطفاءِ والمسعفينَ على
وجوده تحت الركام.
لم ينتشلوه حياً
الدولة المصنعة للهاتف النقال استخدمت المشهد المأساوي الذي نقلته وكالات الأنباء، في عمل دعاية للهاتف.


وطنٌ مضى، منذ ثمانٍ وخمسينَ حرمانا
ولم يأتِ حتى اللحظة
لم يدركه بصر
أو يصادفه بشر
غاب كما تغيب في الأرضِ قطراتُ المطر
ذات يوم، نمت شجرة، قرب البحيرة
جاء عصفور وسكن في جوفها
وقف عليها العصفور وغنى لها أغنية الوطن


في الطفولة ضربوها، فسالت بقعة دمٍ على ثوبها،
بكت، فقالوا لها: إن هنالك ملاكين على كتفيها يستطيعان رؤيتها
أينما كانت، ولا يحبان بكاء الأطفال..
صمتت خوفاً.
لكنها، ظلت لسنوات تخجل أن تبدل ملابسها
ولم تزل بقعة الدم على ثوبها.


ذات يوم
كان عندي صورة بيت، حوله حديقة
شعرت أنها تشبه ذاكرتي
علقتها على باب البيت، فضاعت الصورة
حين قُصِفَ البيت بالطائرة
وعدت بلا ذاكرة


ظلَّت منذ أن ولدَت في يوم الحرب الأولى تنتظر، أن يأتي بلادها طائر النصر
وأن تعود أمها التي ذهبت كما قبل لها، للسماء لتحضر، حطباً وماء.
لكنها، لم تأتِ، ولم يأتِ إلا الريح محملاً بالكلام وبالخطب
الكلُ قد ذَهب
ولا أحد من ذَهب
تلك هي بلادُ العرب


بكى كثيراً حين اشترت أمه لأخيه حذاءاً جديداً ولم تحضره له مثله
بعد أن عادوا يجمعون أغراضهم من تحت ركام منزلهم بعد انتهاء القصف
وجد الحذاء الذي كان يلبسه أخاه قبل أن يموت
أحتضن الحذاء بين يديه
وركض فيه باتجاه القبر
حفر بالأرض، ودفنه قرب القبر.


صعد أكثر
أكثر
أكثر
حتى أصابه الإرهاق والتعب
توقف ونظر للأعلى بعد أن أنهى صعود كل الدرجات
وبكى
وعاود الهبوط من جديد
سألته أمه: أين كنت
قال بحزن: ذهبت إلى الله لأشكو له عن الذين قتلوا قطتي، وهدموا بيتنا
لكنه كان أعلى مما أتصور، فلم يسمع شكواي
وعاود البكاء.


وسألتني عن وطني
نظرت للبحر وأشرت لكِ
لم تشاهدي شيئاً غير النوارس، وسفينة قادمة من عمق البحرِ
أعدت الإشارة
ابتسمتِ، وقلتِ، أنت بحار !!
ألم أقل لك: هنالك أرخبيل من الأحزان يسكنني
فكيف أسكن أنا الأماكن الأخرى ؟

أنا اسكن قلب امرأة أحبها مثلي.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى