الأحد ١٠ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٦
بقلم هشام آدم

من مذكرات يوسف في الجب

- القصاصة الأولى -

يوسفُ .. أيها الصدّيق

يا من أضأت لي ..

عورة أخوتي

وكشفتهم ..

عرّيتهم ..

ونزفتَ .. وحدك

في لهاة الجب

غنيتَ ..

ما خفتَ

وما رجفت يداك

::: :::

يوسف ..

أيها الجميل

الذي اشتهاه الظلم

والسواد الذي في الصدور

قل لهم إن الذي

باع الحقيقةَ .. نفسه

أخفى القميص ..

رمى عليه من الأسى

بدمٍ كذب ..

هم يعرفونك جيداً

يا أيها الصديق

قل لهم إن الذي

قتل النعاجَ المحصنات

رمى بها ذئباً .. هَرِم !!

انسلَ .. بيتَ أمير المؤمنين

أطفأ الفوانيس .. ونام

ما ظنّ أن الله .. حي لا ينام!!

::: :::

قل لهم ..

أن الذي باع الرغيف

بسورتين من الطِوال

وشى بنا ..

قال: "الله في جيبي ..

وهذه الأنهار من تحتي

والدماء قرابيني

التي من موتها أحيا

والشعب .. وقود الثورة

التي (تحيى)

.. والعرش .. عرشي

وهذا الصولجان" !!!!

::: :::

يوسف ..

أيها الساكن في سجنك

المسجون في بدنك

أفتنا ..

فيمن تسلل

بينما الناس نيام

ثم قام الفجر

أذنَ .. في النيام

ونام !!!

ما ظنّ أن الله .. حي لا ينام!!

::: :::

أفتنا يا أيها الصديق

كيف أن العيرَ

حين دسّوا الصَاعَ

في أخراجها .. جفلت

بصمت بأخفافها

على صفحة الرمل

.. وكيف أنّ العيرَ

لم تشي بنا .. عندها !!

يوسف أيها المشتهى

::: :::

يوسف أيها الصديق

أفتنا ..

كيف أن الماء جفّ في وجوهنا

فلم يعد لنا ماء وجهٍ يراق!!

- القصاصة الثانية -

يوسفُ أيها الصديق ..

السيارة الذين لولا عطشهم

لما كنت!!

ورغم ذلك اشتروك

ولم يقولوا .. ممن اشتروك!!!

قل لهم: أن أباك لم يصدق

بكاء أخوتك

قل لهم: أن أباك كان يعرف

أن فصيلة الدم

التي تعنيك .. لم تكن تعنيك

قل لهم: أن أباك كان صابراً

حتى ابيضت عيناه

قل لهم: أن أباك

كان واثقاً بالله

وأن الله حي لا ينام!!

::: :::

لماذا لم تقل..

أن أباك بالجوار؟

لماذا لم تقل ..

أن الذين كان بينهم

وبينك الجدار؟

لماذا لم تقل

لهم ما دار بينهم

وكيف سلّموك ..

علّموك أن تبيعك صوتك

الحزين .. للكنار

يا أيها الصديق

أفتنا ..

كيف أن سلطة السلاح

بالحوار !!!!

وأن رهبة الجوع

أثقلت بطوننا

فانحنينا

.. وأننا ..

بمحض خوفنا

هوينا ..

فاعتلا النظام

والله لا يزال ..

لا ينام !!

- القصاصة الثالثة -

يوسف أيها الصديق ..

كيف عرفت من طعم الرطوبة

طعم هذا الجوع ؟

كيف ألّفت بين أصوات الجنداب

وقرقرة البطن الخاوي ؟

كيف جرّدتَ العتمة والصقيع

كيف لم تشتق إلى أمك التي

ألبسوها عصبة سوداء

همّشوا ذكرها

في الكتب المقدسة

استبدلوا دمك

بدمك الذئب الهرم؟

أيها الصديق

يا جميل ..

لماذا لم تقل لنا

كيف عرفت في الجب

أن تنام؟

عرفتَ أن الله حيّ لا ينام !!!

::: :::

في الجب يا سوف

أنتَ نسخة لشخص آخر غيرك

شخص - أو ربما آخرين -

عبأهم الحقد

في جلودهم

وعرّاهم أمام أنفسهم

فباتوا عرايا تحت ملابسهم

.. أنت يا يوسف

رغم أنّك لم تقل

أنّ الذي بيننا

وبين هذا الدم -

بعت هذا الدم بالماء

والفريضة بالنافلة

وساومت الرعاة

وغلام القافلة

افتني ..

أيها الصديق

كيف تأكل الطير من رأسي

ورأسي ..

يتدلى

وفوقي مقصلة ؟؟؟


 القصاصة الرابعة -

يوسف أيها الصديق

يا أيها الجميل

في الزمن القبيح

إني أراني أسقي ربي

خمراً .. فأسكر !!

أقطف بعض أزهار

حديقتنا .. فأذبل !!

أخطف لقمة من فمٍ

طفلٍ ..

فتأكل الطير من رأسي !!

أفتنا يا أيها الصدّيق

ماذا يعني أن يترك الناس

الحرث ..

ليزرعوا حقول ألغام !!

أفتنا .. في حراس البيت

الذي - ليلاً - احتسى كأس

نبيذٍ ونام !!!

ما ظنّ أنّ الله حيّ لا ينام

::: :::

يوسف يا أيها المسجون

في صدر أخوتك

وفي عيني أبيك

وفي غيهب السجن

وفي قلب امرأة العزيز

متى استشعرت رائحة

الهواء الطلق يا أيها الصدّيق؟

يوسف يا أيها المفتون

البيت أغلق بابه

على ستِ عيون

والخوف .. على رتاج البابِ

والظلام الحيّ قد تخبأ

في فوانيس الزيت

وفي حقول الزيزفون

والحمامة البيضاء .. ما عادت

تعشق غصنة الزيتون

دمنا في النهر .. كالماء يا أيها الصدّيق

والنهر في جيب مولاي الغلام

يا أيها الجبناء ..

الله حيّ لا ينام

الله حيّ لا ينام !!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى