الأحد ١٧ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٦
بقلم رأفت حمدونة

الحركة الوطنية الأسيرة

الحركة الوطنية الأسيرة ، تعبر عن مجتمعٍ ديمقراطي مسئول ، فهي التى أوجدت داخل السجون بين الأسرى مفهوم الحوار والديمقراطية والتفاهم والتعاون المشترك والوحدة من خلال التعدد عبر انتخابات نزيهة في إفراز قيادة لكل تنظيم ، ثم انتقاء مناضل ذي خبرة اعتقالية وقدرة قيادية ليمثل فصيله في اللجنة الوطنية العامة التي تعمل علي بناء الأسير وتحافظ عليه وعلي كرامته ، وتكسبه الثقافة والتجربة وتضع القوانين الاعتقالية واللوائح الداخلية .

هذه المؤسسات الاعتقالية هى التى منحت الأسرى بعد معاركهم مع إدارة مصلحة السجون المتواصلة معانى العزة والكرامة والشموخ رغم قلة الإمكان ،ففي الإضرابات المفتوحة عن الطعام يدفع الأسرى مقابل تحقيق مطالبهم أرطالاً من اللحم وكثيراً من الهم والتعب وعدداً من الشهداء الذين ساندوا قضيتهم في انتفاضة الأسري والتي تصدرها أهالي المعتقلين والمؤسسات المعنية والمخلصون من أبناء الشعب المقاوم والمكافح والعنيد .

المراقب إلى الأسرى والسجون الفلسطينية يجدها مدارس وجامعات ، فالأمي فيها سرعان ما يتعلم القراءة والكتابة ويتحول إلي مثقف يحب المطالعة والمتعلم يتوسع في دراسته ، فيدرس اللغات ويحفظ القرآن ويطالع في شتى العلوم والأبحاث ، ويتخصص في مجالات يميل إليها .

وفى السجون الجلسات التنظيمية والحركية والفكرية والتاريخية والاهتمامات الأدبية والثقافية داخل الغرف وساحة السجن ، وشهد الكثير من الحوارات والنقاشات والتحاليل السياسية والاهتمام بالقضية الفلسطينية والهموم العربية والإسلامية والتطورات الدولية .

هؤلاء الأسرى الرجال الذين ضحوا بأعمارهم وزهرات شبابهم لنصرة دينهم وشعبهم وقضيتهم وتحقيق الكرامة والاستقلال ، فيتحملون الألم ويتطلعون بالأمل للمستقبل ، يفخرون بتضحياتهم ويتطلعون بثقة لتحقيق أهدافهم ، اجتمعوا علي محبة الله والوطن واستعلوا علي الصغائر والماديات والمصالح التي أشغلت الكثيرين وتواصلوا بكلمة الحق ، وتعاهدوا علي مسيرة النضال والمقاومة .

كلٌ له همه وبحجم الجبال ، ومع هذا يستعلون عن الشكوى ، ويتحملون ما لا يتحمله الآخرون ، الكثيرون فهم من حكمت عليه المحكمة العسكرية الظالمة مدي الحياة وله في الاعتقال ما يزيد عن عشر سنوات والعشرين السنة ، فشعروا بالإحباط وخيبة الأمل من القوي الوطنية العاملة ، والتي تجاهلت واجبها الأخلاقي والإنساني اتجاههم في التحرير والإفراج واللقاء بأحبائهم وتعويضهم عن سني اعتقالهم ، فتعاملت معهم كقطعة أثرية تاريخية نادرة وجميلة وغالية الثمن في متحفٍ يؤمه الزائرون ، وجعلت منهم رصيداٌ للتباهي والتفاخر ، فالكثيرون من مرت عليه أكثر من عملية لتبادل الأسري ، وافراجات عملية السلام والتي تجاهلتهم لقضاياهم وأحكامهم العالية أو لأسباب انتمائهم .

فمنهم من أصبح جداً ، وكثيرون من فقدوا أمهاتهم وآباءهم أو أبناءهم الأعزاء على قلوبهم ، وكنتيجة للاعتقال هدمت بيوتهم أو أغلقت دون تعويض ، والعار كل العار أحياناً يتحرر هؤلاء الأبطال فيتقدمون للعمل ليستأنفوا حياتهم ويجدوا مكانتهم كباقي أبناء شعبهم وللأسف تجد المعادلة قد انقلبت عليهم وكأن صلاحياتهم قد انتهت ، فها هم المئات ممن أمضوا فترات طويلة تصل لخمسة عشر عام متتالية في السجون والمعتقلات عاطلين عن العمل وتتنقل ملفاتهم من يد إلى يد ، وينتظرون الوعد بعد الوعد ، فيجدون من لم يعط من عمره شيء لوطنه يتبوأ أفضل الأماكن فى السلم الوظيفي ، فى حين هم يراقبون غيرهم بمرارة اللاعدل والقسوة وما أشد قسوة القريب على تعاظم قسوة العدو الذى سامهم سوء العذاب .

على التنظيمات والسلطة والحكومات الحالية والسابقة إثم التخلي عن واجبها مهما كانت المبررات باتجاه الأسرى والمحررين للحفاظ على كرامتهم وعزتهم واستئناف حياتهم بعد عذابات و حرمان طويل


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى