الجمعة ١٣ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٦
بقلم توفيق الحاج

أنا.. والعندليب..!!

بعيدا عن لهاث التعقيب والشهادة على متغيرات ومصائب السياسة العربية المتهالكة ، ونزولا على رغبة الإنسان الخاص بداخلي ،والذي يذوب بين ذكرياته ومشاعره كملعقة سكر في كوب شاي ساخن وبما أني أريد دائما ألا أكون سواي، فقد قررت دعوة القارىء إلى وجبة رمضانية إنسانية فنية دايت فيها مافيها من فيتامينات السرد التاريخي وتوابله من حسن البنا إلى فاروق إلى عبد الناصر إلى السادات مع أملاح الزمن الجميل من محبة ووفاء ومقبلاتها من عبد الوهاب إلى ثوما إلى كمال الطويل فالموجي فبليغ حمدي..وفتاة أحلام الستينات السندريللا سعاد.

لم أقابله أبدأ ،ولكن تبدأ رحلتي معه منذ الوعي بداية من "صافيني مرة".. إلى دندنة "من غير ليه"

عندما سمعت صوته لأول مرة من راديو الحارة وعمري خمس سنوات أحسست انه يغنيني وشعرت بطعم ما يحيطني من بؤس وحزن كلاجئ يعاني يتم الوطن من خلال نبرة صوت ولوعة أنفاس من يعاني يتم الأبوين ، وتماهت في مخيلتي بلهارسيا الترعة مع تجهم القرميد والسافية..!!

وأتذكر أنني حاولت أن أكونه في العاشرة بعد مشاهدة فيلم له عرضته سينما وكالة الغوث المجانية، والتي كانت تزور المخيم كل شهرين مرة فغنيت لبنت الجيران "قوللي حاجة "وما أن خرجت من المطلع حتى هجم علي أخوها ،ومن سوء حظي انه كان بطل المخيم في الملاكمة فأعطاني علقة من قاع الدست ضيع فيها تضاريس وجهي لفترة ولازلت أسأل نفسي للآن ..ماذا كان سيفعل بي لو غنيت الأغنية كاملة ..؟!!

كل هذا وأكثر يمر من أمامي وأنا اتابع مسلسل العندليب على الفضائيات فان فاتني قطار ال mbc ألهث وراء dream..!!

ومن النظرة الأولى تغريك موسيقى التتر التي يعدها الساحر عمار الشريعي بالمشاهدة فهي تمثل بانوراما خفيفة وذكية لأهم أغاني حليم ،وما أن يبدأ المسلسل حتى تشدك المشاهد الواقعية للحلوات ،والبداية الدراماتيكية لقدوم البطل إلى الدنيا ،ومع اهتمام المخرج جمال عبد الحميد بالخلفية التاريخية والسياسية يأخذ المسلسل بعدا أعمق من كونه سيرة سردية لأعظم رمز غنائي في القرن العشرين ،وبعد الحلقة الخامسة تظهر الشخصيات المحورية بنضجها الطبيعي ونرى "شادي شامل"الفائز في مسابقة اختيار الأفضل وهو يؤدي دور العندليب.

واعتقد انه يقنعنا شكلا بنسبة 80% ولكن هناك فرق واضح بين الأصل والصورة في حرارة وصدق الأداء، أما الفنانة عبلة كامل التي تؤدي دور "علية" ..فهي كعادتها قمة السهل الممتنع،وهي ببساطة لا تمثل بقدر ما تقنع المشاهدين بأنها أخت أو أم حقيقية من خلال أداء سلس وصادق.

وأعتقد أن هذا المسلسل بما بذل فيه من جهد ربما يرقي إلى مستوى مسلسل أم كلثوم مع فارق إن صابرين قد أدت دور "الست " بحنكة وخبرة واقتدار ،بينما دور عبد الحليم يؤديه شاب مجتهد يستعين بملامحه القريبة وصوته الواعد فقط.

وعلى عكس ذلك فان الفنان الرائع المرحوم "أحمد زكي " قد أقنعنا بما يتمتع به من موهبة التقمص بدوره في فيلم "حليم " رغم فارق بين في الشكل بين الأصل والصورة.

ومهما اختلفت الآراء أو اتفقت حول أي عمل فني عن عبد الحليم حافظ فانه سيظل بالنسبة لي ولغيري ذكريات حميمة جدا وتاريخا مفعما بالشهد والدموع . فما من أغنية عاطفية أو وطنية لهذا المبدع إلا وترتبط بقطعة من الوجدان عزيزة على قلوبنا.. وكأننا رغم مرور ما يقرب من ثلاثين عاما على رحيله لم نغادر لحظة ضفافه..!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى