الأحد ٢٩ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٦
بقلم يحيى السماوي

" وجدان"


" وجدان"

"إلى أم شيماء : الصديقة، الرفيقة، الحبيبة ، والزوجة"

ذُهِلَ البهاءُ ... فقال : ما أبهاكِ !
وَتَسَمَّرَتْ عينايَ فوقَ لُمـاكِ
خرساءُ تجهلُ ما تقولُ لِذُهْلِها
شفتي .. ولكنَّ العيونَ حواكي
فَهَمَسْتُ في سِرّي وقد بلغَ الزُّبى
عَطَشي لكأسٍ من رحيقِ نَداكِ
لا تَنْصبي شَركاً ...فإني قادمٌ
طوعاً أُباركُ في هواكِ هلاكي
أدريكِ آسرتي ...وأدري أنني
سأكونُ بين الناسِ رَجْعَ صداكِ
العشقُ أودى بالذين قلوبُهم
حَجَرٌ ... فكيفَ بخافقِ المتشاكي؟(1)
صامت عن النَظَرِ العيونُ وأَفْطَرَتْ
بجمالِ وجهِكِ فانْتهى إمساكي
فَشَرِبتُ أَعْذَبَ ما تمنى ظامئٌ:
نَغَمٌ تزخُّ لحونَه شفتاكِ
عَصَرَ القَرُنْفُلُ فوق ثَغْرِكِ دمعَهُ
واسْتأْثرا بجفونِهِ خَدّاكِ
وَتَعَرَّتِ الأقمارُ ضاحكةَ السنا
في مقلتيكِ ..فأنجمي عيناكِ
صلّى دمي شوقاً إليكِ وكبَّرَتْ
روحٌ تَهَيَّمها نقيُّ هواكِ
قَبَّلْتُ كفك– لا الشفاهَ - فأَزْهَرَتْ
شفتي ..وسالَ العطرُ من أشواكي
خَضَّبْتِ بالحِنّاءِ صَخْرَ رجولتي
وَفَرَشْتِ صحرائي بعشبِ صِباكِ
أَحْبَبْتُ فيكِ نقائضي ..فأنا فتى
نَزِقٌ .. وأنتِ خٌلاصَةُ النُسّاكِ
وَتُمَحِّصين الدربَ قبلَ وُلُوجِهِ
فكأنما القنديلُ ظِلُّ خُطاكِ
وأنا إذا صَهَلَتْ خيولُ عواطفي
بعْتُ السلامةَ واشتريتُ هلاكي
الحمدُ للرحمنِ زانَ بلطفهِ
قلبي فكان شغافُهُ مأواكِ
لولاكِ ما رقَصَتْ حروف قصائدي
طرباً .. ولا غَنّى دمي لولاكِ
ولما حرصْتُ على حثالةِ جدولي
لِيَزُفَّ هودجَ مائِهِ لرباكِ
شَمَّرْتُ عن قلبي لنافلةِ المنى
وَتَيَمَّمَتْ روحي بفوحِ شذاكِ
دَثَّرْت بالنبضِ الطهورِ شتاءَهُ
وأَضَأْتِ عتمةَ ليلهِ بسناكِ
أَرَفيقَةَ العُمْرينِ ما حال الفتى
في الغربتين لو استخارَ سواكِ؟
مَرَّتْ عليَ من الحسانِ قوافلٌ
أَوْقَفْتُ حول مدارِها أَفلاكي
لم يلقَ مثلَ رغيفِ وِدِِّكِ في الهوى
وكماءِ نبعكِ في الهجيرِ فتاكِ
خَبَرَ الهوى قلبي فكنتِ صديقتي
ورفيقتي وحبيبتي وملاكي
سَنَدي وعُكّازي يداكِ ..فخيمتي
لولاكِ قد كانت بدونِ سَماكِ(2)
علَّمْتِني صَبْرَ الرِمالِ على اللظى
أَيُلامُ لو هتفَ الفؤادُ فداكِ؟
ما كان نهري يزدهي بنميرِهِ
لو لم تَصُنْهُ بطهرِها ضفتاكِ
وكفاكِ أني لا أُبادلُ كوثراً
بوحولِ دجلةَ والفراتِ ...كفاكِ
عَزِفَتْ عن الجاه الحرامِ ترفّعاً
نفسي .. وأَثراني نعيمُ تُقاكِ
و"جـدان" ما عادَ النخيلُ تميمةً
لفتىً .... ولا عادَ العراقُ حِماكِ
بتنا – وربِ البيتِ – بين مُخاتلِ
لصٍّ ... وغولٍ فاسقٍ أَفّــاكِ
دائي عصيٌّ – كالعراقِ - شفاؤُهُ
فـأنـا الضحوكُ المستباحُ الباكي
الليلُ؟ بابي للصباحِ ...طرقْتُهُ ..
أمّا الجراحُ فإنها شُبّاكي
حاشا غصوني أنْ تخونَ جذورَها
ويخونَ نخلُكِ نهرَهُ ... حاشاكِ

ــــــــــــ

(1) المتشاكي : من يشتكي الداء أو الوهن.

(2) السماك : ما رفع به الشئ .. وهو من الخيمة: عمودها ترتكز عليه


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى