الخميس ١٦ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٦
بقلم مهند عدنان صلاحات

درويش يوقع كتابه الجديد "في حضرة الغياب" الاثنين المقبل في مسرح البلد في عمّان

يلتقي الشاعر الفلسطيني محمود درويش مع محبي شعره يوم الاثنين 20 تشرين ثاني من السادسة والنصف حتى الثامنة والنصف في "مسرح البلد" في حفل توقيع كتابه الجديد "في حضرة الغياب" الصادر عن دار الريس في بيروت الذي حمل تجربة درويش الكتابية الجديدة، التي وصفت بأنها نقلة نوعية من حرارة الماضي القديم إلى بيان النفسي الذي بدا عليه التعب وسيطر عليه هدوء كأنه هدوء رماد النار.

درويش الشاعر، في تجربته الجديدة يعلن نوعاً جديداً من التمرد على نفسه ومدرسته ونهجه، حيث ينقل من الشعر إلى النثر، وهي ليست بالجديدة على درويش، فقد كتب سنة 1983 رواية نثرية كانت بعنوان "ذاكرة للنسيان"، وهو اليوم يكرر تجربته النثرية بشكل مذكرات، وليس على شكل رواية واقعية كالتي كتبها في بيروت والتي حملت مضمون يوم من حصار بيروت.
في هذه التجربة النثرية الجديدة لدرويش نجد العديد من الشخوص والرموز التي قد تبدو بعيدة عنه، ولكن درويش يعتبرها من ضمن سيرته النثرية لكونه جزء من الوطن، وكل ما في الوطن جزء منه، فهدى غالية، الطفلة التي استشهد أهلها على شاطئ غزة، كان ضمن الحضور في شخوص درويش ضمن سيرته النثرية.

إنها تجربة جديدة تستعيد الموروث السومري وربّما رحلة جلجامش تحديداً من ناحية بنائية النصّ، حيث يتناوب السرد والشعر على تقديم الحكاية بالشكل الذي وصل إلينا. السرد الجميل الناهض على بنية حكائية سيرية سيمنح الشاعر إمكانية التحرر من ضغوطات الجملة الشعرية الغنائية بأوزانها وتفاعيلها وإنشائيتها المأثورة عنه، وربّما نحو شكل وأسلوب قصيدة النثر، سيما وأن البنية السردية هنا تنهل من معين السيرة الذاتية لشاعر مبدع ومثقف مشهود له بقراءاته الواسعة وبتمثّله للتراث الإبداعي العربي والإنساني، وتنهل من معين سيرة الشعب الفلسطيني، وفلسطين التي استباحها الليل فبعثر سكانها في المنافي.

وإذا كان النص الملحمي تنهض بنيته على المزاوجة ما بين السرد والشعر في لغة خاصّة، فإن نصّ محمود درويش ينهض بدوره على فعل السرد وفي لحظة درامية قدرية مشابهة، ونعني بالقدرية هنا: صراع البطل أو البشر مع القوى الغامضة والمصائر التي ستنجم عن هذا الصراع غير المتكافئ في زمن واضح ومعلوم، هو الزمن الحديث، وليس زمن الملاحم والأساطير، ولكنه مع ذلك يشبهه كلّ الشبه من حيث منطق القوّة وممارسة العنف، واستعباد أو تهجير الشعوب بفائض من القوّة والغطرسة بدعوى الحقّ الإلهي.

ذلك وأكثر مما سيقرؤه درويش في أمسيته النثرية الشعرية التي ستقام مع توقيع كتابه في مسرح البلد في العاصمة الأردنية عمّان الأسبوع القادم.
ومما جاء في كتابه النثري الأخير :
"هناك، عرفت من آثار النكبة المدمرة ما سيدفعك إلى كراهية النصف الثاني من الطفولة. فان كنزة صوف واحدة، منتهية الصلاحية، لا تكفي لعقد صداقة مع الشتاء. ستبحث عن الدفء في الرواية، وستهرب مما أنت فيه إلى عالم متخيل مكتوب بحبر على ورق. أما الأغاني، فلم تسمعها إلا من راديو الجيران. وأما الأحلام فلن تجد متسعاً لها في بيت طيني، مبني على عجل كقن دجاج، يحشر فيه سبعة حالمين، لا أحد منهم ينادي الآخر باسمه منذ صار الاسم رقماً. الكلام إشارات يابسة تتبادلونها في الضرورات القصوى، كأن يغمى عليك من سوء التغذية، فتداوى بزيت السمك... هبة العالم المتمدن لمن اخرجوا من ديارهم. تشربه مكرهاً كما تكره الألم على إخفاء صوته في ادعاء الرضا."


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى