الاثنين ٤ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٦
بقلم رنا فضل السباعي

مـاذا بـعــــد

كـثـيـرة هـي أحـلامـنـا فـي هـذا الـعـالـم ، بـعـضـهـا نـصـل به الـى الـمـبـتـغـى والـبـعـض الآخـر يـتـبـدد كـالـسـحـب مـن بـيـن أيـديـنـا ولا يـعد مـوجـودا" كـحـلـم وإنـمـا ذكـرى قـد نـفـرح عـنـدمـا تـتراءى لـنـا صـورتـهـا وقـد نــأسـف دون أن نـحـزن ونتـمـنـى أن يـعـود بـنـا الزمـن الـى الـوراء لـعـل وعسـى،،،،،

أعـتـقـد بـأنـهـا تـولـد مـعـنـا ، لـكـنها تـكـتـسـب أنـفـاس حـيـاتـهـا عـنـدمـا نـريـد نـحـن وذلـك بـالـغـالـب يـكـون بـعـد إكـتـسـابـنـا للـمـسـلـمـات الإجتـمـاعـيـة ، الـعـادات ، الـتـقـالـيـد ، الـمـحـرمـات حـيـث أنهـا جـمـيـعـهـا تـعـبـد طـريـق الـتـفـكيـر كـنـتـيـجـة حـتـمـيـة لـطـرق نـشـأتـنـا ونـنـطلـق بـعـدهـا لـنـبث الـروح فـي الأحلام الـتـي بـداخـلـنـا ولـكـنـهـا روح مـوجـهـة تـنـصـب عـلـيـهـا لـتـمـنـحـهـا فـقـط الـمـدى الـمـسـمـوح التـحـلـيـق بـه فـي ضـوء مـا تـعـلـمـنـاه مـن الـمـجـتـمـع.

هـكـذا أحـلامـي أنـا ، أعـدت رسـمهـا تـحـت ضـوء الـمـعـانـاة ، الألـم والـشعـور بـالـقـلق مـن الـغد ، إنـه قـلـق أخـذتـني إلـيـه حتـى بـات جزءا" مـنـي كـأنـه أحـد أعـضـائـي عـزيـمـة أمـي ورغـبـتـهـا بأن تـرانـي بـالـصـورة الـتـي تـريـدهـا إبـنـة مـتـمـيـزة شـاهـدت مـنـذ صـغـرهـا فـي عـيـون كـل مـحـيـطـهـا نـظـرات الـدهـشـة مـن ذكـاء ومـثـابـرة يـفـوق بـكـثـيـر عـمـر مـصـدره .......

أحـلامـي داخـلـهـا الـمـنـطـق وداخلتها الـثـقــة بـعـد عـمـر أصـبـحـت أسـأل فـيـه عـن الـعـادات والـتـقـالـيـد (كـيـف ، ولـمـاذا ؟ ) فأدركـت أنـنـي أنـا الأنـسـان وأنـا مـن يـضـعـهـا ، يـقـتنـع بـهـا أو يـرفـضـهـا دون وصايـة لأحـد (ألـم يـنـطـو فـيـنـا الـعـالـم كـلـه .... !) ومـا أحـبـه أكـثـر مـن أي شـيء هـو أسـلـوب دفـاعـي عـن أفـكـاري وأحـلامـي .... أنـنـي فـخـورة بـذاتي (الـشـكـر للـه) فـي هـذا الإطـار حـيث أشـعـر بـأنـه سـبـحـانـه وتـعالـى أنـعـم عـلـيي بـقـوة الـحـجـة والإقـنـاع .

الـمـعـانـاة والألـم فـي أغـلـب الأوقـات وفـي مـعـظـم الـحـالات هـي مـفـتـاح لا تـعـرف مـا وراء بـابـه إلا بالـنـظر للـطـريـق الـذي سـلـكـتـه ، فـإن وجـدت نـفـسك قـد سـلـكـت وأنـت تـحـت وطأة الألـم طـريـق الصـبـر والـعـزيـمـة فـالـنـتـيـجـة وإن طـالـت عـلـيـك لا بـد وأن تـراهـا بعـيـنـيـك وعـنـدهـا فـقـط سـتدرك قـيـمـة نـفـسـك وأي عـز أهـديـتـهـا بـتجـلدك عـلـى الـمـحـن. ألـم يـقـل جـبـران زرعـت أحـزانـي فـي بـحـر مـن الـتجـلـد فـنـبتت أفـراحـا" ....... ومـن لا يـرغـب بأن يـعـيـش أفـراحـا" وأفـراح ولـكـن لا بد دون الـعـسـل مـن إبـر الـنـحـل.......

تـعـلـمت بـأن الآخـر الـذي يـتـأمـلـنـي ويـريـد بـي شـرا" هـو بالـواقـع ومـن حـيـث لا يـدري مـرشـدا" يـقـودنـي الـى أسـلـحـتـي - نـعـم فـالأحـلام فـي عـمـر الـصـبـا هـي أسـلـحـة يـجـب أن نـحـسـن تـجـهـيـزهـا لـنـنـطلـق بـها الـى مـعـركـة الـحـيـاة – وبـقـدر مـا يـتأمـلـنـي بـقـدر مـا أبـحـث وأبـحـث عـن الأفـضـل ، هـذا يـقـود الـى الـقـول بـأن الشـكـر يـسـتـحـقـه مـنـا الـقـدر لأنـه وضـعـه بـطـريـقـنـا وأعـطـانـا بـه حـافـزا" للمـضـي.

لـيـس كـل مـن يـحـلـم يـنـتـظـر عـامـلا" خـارجـيـا" يـدفـعـه الـى الـبـحـث عـن أحـلامـه وتـوجيـهـهـا ، فـهـنـاك مـن يـعـيـش سـاحـة هـادئـة مـن الـتـفـكيـر ويـنـظـم خـرائـط أيـامه بـسـكـون لا تـخـربـه عـلاقـاتـه بـالآخـريـن ولا تؤثر فـيـه .

كـنـت أتأمـل هـذا الـنـوع مـن الأشـخـاص فـأحـسـدهـم حـيـنـا" وأتـمـنـى لـو كـنـت أمـلـك هـدوئـهـم وصـفـاء الـتـفـكـيـر الـذي يـسـيـرون بـه لـتـحـقـيـق أهـدافـهـم وحـاولـت مـرارا" أن أهـدىء مـن روع إنـدفـاعـي للتـفـكـيـر بـالـغـد ، ومـن حـدة تـوتـري الـتـي لـطـالمـا رافـقـتي فـي كـل خـطـوة مـن خـطـوات حـيـاتـي ، بـحـيث كـان هـذا الـتـوتـر سـبـبـه الـرئـيـسـي الـرغـبـة بـأن أقـوم بـكـل شـيء لـيـس عـلى أفـضـل وجـه وحـسـب وإنـمـا عـلى الـقـدر الـكـافـي مـن الـتـمـيـز بـحـيث لا يـشـوب الـتـصـرف الـذي أقـدم عـلـيـه أيـة شـائـبـة وبـذلـك أعـتـبـر أنـنـي نـجـحـت سـيـمـا وأن هـذا الـقـلـق للـمـستـقـبـل تـحـول الـى رضـى ، ثـقـة وهـدوء عـقـلانـي أحـسـد نـفـسي عـلـيـه وأعـتـبـره نـعـمـة مـن أفـضـل الـنعـم بـعـد الـصـبـر ونـتـيـجـة لـه.

أحيـانـا" كـنـت أحـب ذاتـي وأعـتـبـر أن مـا تـمـلـكـه هـو نـعـمـة ، لأن قـلـقـهـا هـو الـذي يـخـيـفـهـا وخـوفـهـا هـو مـن يـجـعـلـهـا تـسـتـبق الأمـور تـفـاديـا" للـفـشـل ، فـتـعـبـت عـلـى إجتـهـادي ومـثـابرتـي وفـي كـل مـرة أتـحـسس فـيـهـا أنـنـي سـأبـدأ بـالـشـكـوى والـتـأفف أنـتـقـل بـخـيـالـي الـى الـطـمـوح الـتـي رسـمـتهـا وأقول لـنـفـسـي إهـدأي وتـصـبـري إذ بـقـدر مـا سـتـزرعـيـن وتـعـتـنـيـن بـزرعـك بـقـدر مـا سـتـحـصـديـن ثـمـارا" مـن الـراحـة والـعـز فـي الـمـسـتـقـبـل سـيـمـا لأن بـذور الـتـعـب والـعـنـاء كـانـت صـافـيـة ، خـالـصـة لـم يـداخـلـهـا أي هـفـوة مـن هـفـوات المراهقة أو إضـاعـة للـوقـت فـي الـمـرح واللـهـو ، نـعـم كـنــت كـالألـة الـمـبـرمـجـة عـلـى نـظـام مـعـيـن ولا يـمـكـنـهـا أن تـعـمـل عـلـى غـيـره ألـيـس ذلـك ظـلـمـا" قـيـاسـا" عـلـى مـن هـم مـن عـمـري فـي تـلـك الـمـرحـلـة ولـكـن أنـا كـنـت راضـيـة كـل الـرضـى عـمـا أفـعـلـه سـيـمـا وأن الـصـبـر دائـمـا" والأمـل بـالـغـد كـان مـرافـقـي ، فـكـنـت أقـول بـيـنـي وبـيـن ذاتـي إن لـم أنـال مـا يـحـق لـي أن أنـالـه مـثـل أبـنـاء جـيـلـي مـن الـعيـش الـمـرح الـخـالـي مـن الـقـلـق فـي الـوقـت الـحـالـي فـحـتـمـا" سـأنـالـه فـي الـغـد الـقـريـب وبـصـورة أفـضـل جـزاء عـلـى إجتـهـادي وصـبـري.

إذا كـان مـقـدرا" لـي أن أشـارك حـيـاتـي الـمـقـبـلة مـع أحـدهـم فـلا أريـده زوجـا" يـشـاطـرنـي غـرفـتـي وفـراشـي قـبـل أن تـتـداخـل روحـه وروحـي وأصـبـح بـهـذا الـتـداخـل لا أعـلـم مـن يـحـدثـنـي ويـوجـهـنـي مـن داخـلـي أهـي روحـه أم روحـي ، حـيـث لا قـشـور ولا كـذب ولا دنـاءة أريـد الـسـمـو بـنـفـسـي لأدخـل لـب الـكـون وقـلـب كـيـانـي وأحـيـا الـطـبيـعـة بـصـدقـهـا مـع عـنـاصـرهـا ولـمـا لا ، كـافـحـت لأجـل ذلـك فـأظـن أنـنـي أسـتـحـق أن أنـالـه ......... أريـد أيـامـا" تـتجـاوز حـدود الـزمـن .... ولكن لا تلغيه....... !

رنا فـضـل الـسـبـاعـي


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى