الاثنين ٢٢ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٧
بقلم محمد سيد سلطان

الوطن العربي... بين ثلاثية الإرهاب والقاعدة والأمركة *

هذا بحث مقدم ضمن المؤتمر الإبداعي الطلابي التاسع لطلاب الجامعات العربية في رحاب جامعة 6 أكتوبر – بمصر- خلال الفترة 10 – 14 سبتمبر 2006 تحت إشراف المجلس العربي لتدريب طلاب الجامعات العربية بالجامعة الاردنية .

المقدمة :

لا يكاد يمر يوم بدون أن تطالعنا وسائل الأعلام المسموعة والمرئية والمقرؤة عن قيام فرد أو مجموعة بأحد الأعمال الإرهابية التي تبعث الرعب, وتثير الفزع وتروع الآمنين, وتقتل الأبرياء, وتدمر الأموال والممتلكات العامة والخاصة, وتخل بأمن وسلامة المرافق العامة التي تخدم ملايين الناس في شتي أنحاء المعمورة.

ولقد تعددت وسائل الإرهاب وطرقه, واثبت الإرهابيون براعة وذكاء في استخدام كل وسائل العلم الحديث وتطبيقاته في سبيل الوصول إلي أغراضهم وتحقيق أهدافهم.وهكذا اتخذ الإرهاب صورا وأشكالا عدة من خطف الطائرات في الفضاء الجو إلي الاستيلاء علي السفن في عرض البحر بالإضافة إلي تدمير منشات الطيران المدني, ومن قتل الزعماء ورؤساء وملوك الدول مرورا بالاعتداء علي رجال السلك السياسي والشخصيات العامة وانتهاء بإهدار حياة الأفراد شيوخا كانوا أم رجالا أو أطفالا أو نساء.وناهيك عن خطف الأشخاص, واحتجاز الرهائن سواء كانوا سياسيين أو صحفيين أو دبلوماسيين وكذلك تدمير المنشات والمباني العامة والقطارات والسيارات, ومهاجمة السفارات والقنصليات ومكاتب الطيران والسياحة, وإشعال الحرائق, ووضع المتفجرات والعبوات الناسفة في دور السينما ومحطات القطارات والحافلات.

وظاهرة الإرهاب ليست وليدة اليوم وإنما عرفها العالم منذ وقت طويل, ولكن الجديد هو ازدياد حوادثها, واتساع نطاقها, وازدياد أعداد ضحاياها, وظهور أشكال جديدة ومبتكرة لها مأخوذة من التطور العلمي والتقني, حتى ذهب البعض إلي القول بان العالم سيشهد قريبا استخدام الأسلحة النووية الصغيرة كأحد أدوات الإرهاب (د/عبد العزيز مخيمر ,الإرهاب الدولي,1986).

مشكلات الدراسة:

  تتحدد مشكلة هذه الدراسة في وضع تعريف واضح ومحدد لفكرة الارهاب نظرا لتعدد التعريفات بتعدد وجهات نظر أصحابها .
  بيان كيف يمكن للوطن العربي ان ينهض بنفسه في ظل الارهاب والامركة ؟

أهداف الدراسة:

من خلال هذه الدراسة سوف أتحدث عن الإرهاب من حيث مفهومه وأسبابه ودوافعه وكيفية حل مشكلة الإرهاب, وأتحدث أيضا عن الوطن العربي بين الجماعات الإسلامية وتنظيم القاعدة وعن اهم سلبيات الارهاب وهي أمريكا وطموحاتها في الوطن العربي الذي تتسلل إليه بحجة الدفاع عن الإرهاب.


عناصر الدراسة:

 أولا: الإرهاب... بين المفهوم والإشكال
 ثانيا: الإرهاب... الأسباب والدوافع
 ثالثا: الوطن العربي... بين الجماعات الإسلامية وتنظيم القاعدة
 رابعا: الوطن العربي والأمركة
 خامسا: الشباب... ومحاولة في إبعاده عن المصيدة
 سادسا: الإرهاب والتصدي له

الخاتمة والتوصيات


أولا: الإرهاب... بين المفهوم والإشكال:

أدى اختلاف الدول في نظرتها إلى الإرهاب من حيث مفهومه ومعناه، إلى صعوبة اتفاقها على المستوى الدولي بشأن التعاون لمكافحة هذه الظاهرة. ويمكن تجسيد هذا الاختلاف في العبارة المختصرة التي تقول: "إن الإرهابي في نظر البعض، هو محارب من أجل الحرية في نظر الآخرين". وأدى ذلك إلى فشل أغلب الجهود الدولية في الوصول إلى تحديد دقيق لحقيقة الإرهاب، مما حال دون الاتفاق على درجة من التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب، لدرجة أن المؤتمر الدولي الذي عقد في عام 1973م لبحث الإرهاب والجريمة السياسية قد انتهى إلى أن عدم وجود مفهوم واضح للأسباب التي تؤدي إلى ممارسة النشاطات التي تنشئ حالة الإرهاب هو العقبة التي تحول دون اقتلاع الإرهاب واجتثاث جذوره.

ويختلف الوصف الذي يطلقه رجال الإعلام على أعضاء المنظمات الإرهابية باختلاف الموقف السياسي الذي يتخذونه تجاههم، ومن ثم استخدمت أوصاف مختلفة عند الإشارة إليهم، فهم إما إرهابيون أو مخربون أو عصاة أو منشقون أو مجرمون، وإما جنود تحرير أو محاربون من أجل الحرية أو مناضلون أو رجال حركة شعبية أو ثورية وأحيانًا يوصفون بأنهم خصوم أو معارضون للحكم أو "راديكاليون" (متطرفون: Radicals ). وتوصف عملياتهم في نظر بعض الكتاب بأنها عمليات إرهابية أو أفعال إجرامية دنيئة وغادرة، وفي نظر بعضهم الآخر تعد عمليات فدائية أو عمليات مقاومة أو تحرير( د/ محمد الهواري , الإرهاب 2006).

لقد كان الإرهاب ظاهرة متميزة من مظاهر الاضطراب السياسي في القرون السابقة، ولم تخل منه أمة من الأمم أو شعب من الشعوب. ومن المؤسف أن يحاول بعض المغرضين الربط بين الإرهاب وحضارة الأمة العربية متمثلة في دينها وقوميتها، أو بين الإرهاب والإسلام، فإن ظاهرة الإرهاب لا تقتصر على دين أو على ثقافة أو على هوية معينة، وإنما هي ظاهرة شاملة وعامة. وتجدر الإشارة إلى أن تعبير "الإرهاب" هو من ابتداع الثورة الفرنسية، ولم يتبلور الإرهاب واقعيًا إلا في عام 1793م، وكان ذلك عندما أعلن روبسبير (Robespierre) بداية عهد الإرهاب أو الرهبة "Reign of Terror" في فرنسا (10 مارس 1793م - 27 يوليو 1794م). ومن اسم هذا العهد اشتقت اللغتان الإنجليزية والفرنسية كلمة (Terrorism) بالإنجليزية و (Terrorisme) بالفرنسية، بمعنى "الإرهاب". فخلال الثورة الفرنسية مارس روبسبير ومن معه من أمثال سان جيست (St. Just) وكوثون (Couthon) العنف السياسي على أوسع نطاق ، حيث قادوا حملة إعدام رهيبة شملت كل أنحاء فرنسا ، حتى قُدِّر عدد من أُعْدِموا في الأسابيع الستة الأخيرة من عهد الإرهاب 1366 مواطنًا فرنسيًا من الجنسين في باريس وحدها. ومن أصل سكان فرنسا، الذين كان يبلغ عددهم في ذلك الوقت 27 مليون نسمة، تمكن هؤلاء القادة من قطع رأس 40 ألفًا بواسطة المقصلة. كما تمكنوا من اعتقال وسجن 300 ألف آخرين. وكاد السناتور جوزيف ماكرثي (Joseph McCarthy)أن يصبح روبسبير القرن العشرين (1950 - 1954م) في الولايات المتحدة الأمريكية، عندما قاد حملته ضد العناصر اليسارية الأمريكية آنذاك، إلا أن اتهاماته بالخيانة للآلاف لم تصل إلى حدِّ قطع رؤوسهم بالمقصلة أو خنقهم في غرف الغاز المغلقة(د/محمد الهواري, 2006).

تعريف لجنة خبراء العرب للإرهاب:

اجتمعت لجنة الخبراء العرب في تونس، في الفترة من20 حتى 22 محرم 1410هـ (الموافق 22-24 أغسطس سنة 1989م) لوضع تصور عربي أولي عن مفهوم الإرهاب والإرهاب الدولي والتمييز بينه وبين نضال الشعوب من أجل التحرر، ووضعت تعريفًا يعد أكثر الصيغ شمولية ووضوحًا، حيث ينص على أن الإرهاب "هو فعل منظم من أفعال العنف أو التهديد به يسبب فزعًا أو رعبًا من خلال أعمال القتل أو الاغتيال أو حجز الرهائن أو اختطاف الطائرات أو تفجير المفرقعات وغيرها مما يخلق حالة من الرعب والفوضى والاضطراب، والذي يستهدف تحقيق أهداف سياسية سواء قامت به دولة أو مجموعة من الأفراد ضد دولة أخرى أو مجموعة أخرى من الأفراد، وذلك في غير حالات الكفاح المسلح الوطني المشروع من أجل التحرير والوصول إلى حق تقرير المصير في مواجهة جميع أشكال الهيمنة أو قوات استعمارية أو محتلة أو عنصرية أو غيرها، وبصفة خاصة حركات التحرير المعترف بها من الأمم المتحدة ومن المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية بحيث تنحصر أعمالها في الأهداف العسكرية أو الاقتصادية للمستعمر أو المحتل أو العدو، ولا تكون مخالفة لمبادئ حقوق الإنسان، وأن يكون نضال الحركات التحررية وفقًا لأغراض ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وسواه من قرارات أجهزتها ذات الصلة بالموضوع".

• تعريف المجمع الإسلامي للإرهاب :

ويؤكد المجمع الفقهي الإسلامي في اجتماعه الذي عُقِدَ في 26 شوال 1422هـ (الموافق 10 يناير 2002م) في رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في دورته السادسة عشرة أن التطرف والعنف والإرهاب ليس من الإسلام في شيء، وأنها أعمال خطيرة لها آثار فاحشة، وفيها اعتداء على الإنسان وظلم له، ومن تأمل مصدري الشريعة الإسلامية، كتابَ الله الكريم وسنةَ نبيه صلى الله عليه وسلم، فلن يجد فيها شيئا من معاني التطرف والعنف والإرهاب، الذي يعني الاعتداء على الآخرين دون وجه حق.

وفي البيان الذي أصدره المجمع في ختام هذه الدورة، تم تعريف الإرهاب بأنه "ظاهرة عالمية، لا ينسب لدين، ولا يختص بقوم، وهو ناتج عن التطرف الذي لا يكاد يخلو منه مجتمع من المجتمعات المعاصرة. . وهو العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغيًا على الإنسان (دينه ودمه وعقله وماله وعرضه) ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق، وما يتصل بصور الحرابة، وإخافة السبيل، وقطع الطريق، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد، يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم أو أحوالهم للخطر ومن صنوفه إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة، أو تعريض أحد الموارد الوطنية أو الطبيعية للخطر.

• تعريف الإرهاب وفقاً للاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب:

الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب التي صدرت بالقاهرة عام 1998م عرفت الإرهاب بأنه ( د/ محمد المصيلحي , الإرهاب مظاهرة واشكالة ) :

( كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أياً كانت بواعثه أو أغراضه يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر ).

• تعريف الإرهاب من وجهة نظر مجموعة دول عدم الانحياز:

أوردت مجموعة دول عدم الانحياز تعريفاً للإرهاب الدولي يتكون من العناصر الآتية ( د/ محمد المصيلحي , الإرهاب مظاهرة واشكالة ) :

1) الإرهاب الدولي يقصد به جميع أعمال العنف وأعمال القمع الأخرى من أجل التحرر والحصول على حقها المشروع في تقرير المصير والاستقلال ومن أجل حقوق الإنسان وحرياته الأساسية الأخرى.

2) قيام الدول بأعمال إرهابية ضد دول أخرى ذات سيادة.

3) أعمال العنف التي يرتكبها أفراد أو مجموعات من الأفراد والتي تعرض للخطر حياة الأبرياء أو تنتهك الحريات الأساسية.

• معنى الإرهاب عند الغربيين:

بينما عرف الغربيون الإرهاب بتعاريف مختلفة؛ منها ما ورد في التقرير الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية في أكتوبر سنة 2001 م أن الإرهاب يعني: "العنف المتعمد ذا الدوافع السياسية، والذي يرتكب ضد غير المقاتلين وعادة بغية التأثير في الجمهور، حيث إن غير المقاتلين هم المدنيون، إلى جانب العسكريين غير المسلحين، أو الذين هم في غير مهماتهم وقت تعرضهم للحادثة الإرهابية أو في الأوقات التي لا توجد فيها حالة حرب أو عداء. . . " ، وتعرف وكالة التحقيقات العدلية الأمريكية (FBI) للإرهاب بأنه: استعمال - أو التهديد باستعمال - غير مشروع للعنف ضد أشخاص أو ممتلكات لتخويف أو إجبار حكومة أو المدنيين كلهم أو بعضهم لتحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية . وفي قاموس أكسفورد نجد كلمة إرهاب (Terrorism) تعني سياسة، أو أسلوبًا يعد لإرهاب وإفزاع المناوئين أو المعارضين لحكومة ما. فالإرهابي(Terrorist) هو الشخص الذين يحاول أن يدعم آراءه بالإكراه أو التهديد أو الترويع (د/إسماعيل لطفي , الإرهاب والعنف).

• أما الإرهاب عند الأمم المتحدة فيعني:

" أعمال العنف الخطيرة التي تصدر من فرد أو جماعة بقصد تهديد الأشخاص أو التسبب في إصابتهم أو موتهم، وسواء كان يعمل بمفرده أو بالاشتراك مع أفراد آخرين ويوجه ضد الأشخاص أو المنظمات أو المواقع السكنية أو الحكومية أو الدبلوماسية أو وسائل النقل والمواصلات وضد أفراد الجمهور العام دون تمييز أو الممتلكات أو تدمير وسائل النقل والمواصلات بهدف إفساد علاقات الود والصداقة بين الدول أو بين مواطني الدول المختلفة أو ابتزاز أو تنازلات معينة من الدول في أي صورة كانت. لذلك فإن التآمر على ارتكاب أو محاولة ارتكاب أو الاشتراك في الارتكاب أو التحريض على ارتكاب الجرائم يشكل جريمة من جرائم الإرهاب الدولي".

إذن الإرهاب هو أداة أو وسيلة لتحقيق أهداف سياسية، سواء كانت المواجهة داخلية، بين السلطة السياسية وجماعات معارضة لها، أو كانت المواجهة خارجية بين الدول. فالإرهاب هو نمط من أنماط استخدام القوة في الصراع السياسي، حيث تستهدف العمليات الإرهابية القرار السياسي، وذلك بإرغام دولة أو جماعة سياسية على اتخاذ قرار أو تعديله أو تحريره، مما يؤثر في حرية القرار السياسي لدى الخصوم. والإرهاب هو باختصار عبارة عن العمليات المادية أو المعنوية التي تحوي نوعًا من القهر للآخرين، بغية تحقيق غاية معينة.
وتقوم الجماعات الإرهابية بارتكاب أعمال عنف ذات طبيعة إجرامية، خارجة عن قوانين الدولة وهذا يدفع الحكومة المستهدفة إلى القيام برد فعل عنيف لقمع هذه الجماعات، وذلك بتفتيش المنازل مثلًا، واعتقال المواطنين وسجنهم بدون محاكمة، وسنّ قوانين الطوارئ التي تُحدُّ من الحريات، وغير ذلك من الوسائل التي لا تؤدي في أغلب الأحوال إلى إنهاء العنف والإرهاب، ولا تؤدي إلى القضاء على هذه الجماعات، بل إن جميع هذه الأعمال القمعية التي تقوم بها بعض الحكومات قد تؤدي إلى المزيد من الإرهاب والعنف، ومن ثم تعيش البلاد في سلسلة لا تنقطع من الإرهاب والإرهاب المضاد، بين إرهاب الأفراد والجماعات من ناحية، وإرهاب الدول والحكومات من ناحية أخرى. وأثناء محاولة الإرهابيين مقاومة الحكومة بالعنف والإرهاب تعبيرًا عن استيائهم ورفضهم لها، فإنهم يجعلون المدنيين أهدافًا مشروعة لعملياتهم الإرهابية.

والإرهاب وسيلة تلجأ إليها بعض الحركات الثورية، كما تستخدمها بعض الحكومات وهيئات المعارضة على حدٍّ سواء. وقد تلجأ بعض الجماعات والحركات الثورية إلى الإرهاب لفك الحصار الذي تضربه حولها بعض الحكومات التي تحتكر العنف القانوني.

وكانت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (C. I. A. ) قد تبنت في عام1980م، تعريفًا ينصُّ على أن "الإرهاب هو التهديد باستعمال العنف أو استعمال العنف لأغراض سياسية من قبل أفراد أو جماعات، سواء تعمل لصالح سلطة حكومية قائمة أو تعمل ضدها، وعندما يكون القصد من تلك الأعمال إحداث صدمة، أو فزع، أو ذهول، أو رُعْب لدى المجموعة المُسْتَهدَفَة والتي تكون عادة أوسع من دائرة الضحايا المباشرين للعمل الإرهابي. وقد شمل الإرهاب جماعات تسعى إلى قلب أنظمة حكم محددة، وتصحيح مظالم محددة، سواء كانت مظالم قومية أم لجماعات معينة، أو بهدف تدمير نظام دولي كغاية مقصودة لذاتها".

من هذه التعريفات: يتضح لنا ما يلي:

أن تعريف الإرهاب يقوم علي عناصر أساسية وهي أعمال معينة وُصِفت بأنها عنف، أو رعب وأن يكون هناك هدف أو مقصد معين يستهدفه الإرهاب، سواء كان هذا الهدف الوصول إلى السلطة، أو إسقاطها، أو إخضاع الآخرين لسلطان ممارسي الإرهاب، أو نحو ذلك من الأهداف السيئة, وأن يكون هناك جماعة منظمة تقوم بالإرهاب، وتسعى إلى تحقيق أهدافها المرسومة.

ويتضح لنا أيضا ما يلي (راجع د/ عبد الرحمن اللويحق , الإرهاب والغلو) :

1) أن المفهوم غامض غير محدد : وأكبر أسباب غموض هذا المصطلح، وتباين التعريفات وكثرة الآراء والأقوال يرجع إلى ( تباين العقائد أو الأيديولوجيات وتضاربها) التي اعتنقتها الدول، وارتضتها مناهج حياتية لها ولشعوبها.

2) التباين في تحديد المصطلح والاضطراب فيه : وهذا ما ذكره بعض الباحثين الغربيين. ففي أبحاث القسم الفيدرالي بمكتبة الكونغرس جاء ما نصه: ( تتنوع تعاريف الإرهاب على نحو واسع, وعادة تكون غير ملائمة, حتى باحثي الإرهاب غالبًا يهملون تحديد الاصطلاح. . . وبالرغم من ذلك رُبَّ عمل عنف ينظر إليه في الولايات المتحدة بحسبانه عملا إرهابيًا لا يرى كذلك في بلد آخر ).

3) تعدد التعريفات : تتعدد التعريفات تعددًا يربك كل قارئ بينما شأن المصطلحات أن تكون جامعة للناس على أمر سواء، كما أنها جامعة للمعرف مانعة من دخول غيرها فيه.

4) إن التعريفات نسبية : وذلك اقر به الغربيون في أبحاثهم، ففي أبحاث القسم الفيدرالي بمكتبة الكونغرس جاء ما يأتي: ( وبالرغم من ذلك ربَّ عمل عنيف ينظر إليه في الولايات المتحدة بحسبانه عملا إرهابيا، لا يرى كذلك في بلد آخر، ونوع العنف الذي يميز الإرهاب عن غيره من أنواع العنف كالجرائم العادية، أو عمل الجيوش في أوقات الحروب يمكن أن يحدد بعبارات تجعله معقولا ).

5) عدم وفاء اللفظة للمعاني الداخلة فيها : إن الحالة المعينة التي يراد تسميتها ب ( الإرهاب ) أوسع من أن تحصر تحت لفظ واحد، فإن ظواهر العدوان واسعة، ومتعددة الجوانب بالنظر إلى القائمين بها، وإلى المستهدفين ، وإلى الظروف المصاحبة مما يجعل جمعها تحت لفظ واحد تعميمًا وتعويمًا يخالف التحديد المنضبط للمعاني الذي هو سمة من سمات الأحكام .

إن عدم تحدد التعريف، أو عدمه من الأصل هو الذي دفع جميع المؤتمرات الإسلامية والعربية التي بحثت الموضوع إلى تحديد التعريف، ففي بيان الدوحة الصادر عن الدورة الطارئة التاسعة لوزراء الخارجية للدول الإسلامية المنعقد في الدوحة في 13 / 7 / 1422هـ جاء ما يأتي: ( انطلاقًا من أحكام معاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي فقد أكد المؤتمر استعداد دوله في الإسهام بفعالية في إطار جهد دولي جماعي تحت مظلة الأمم المتحدة كونها المحفل الذي تمثل فيه جميع دول العالم، لتعريف ظاهرة الإرهاب بمختلف أشكاله دون انتقائية أو ازدواجية، ومعالجة أسبابه، واجتثاث جذوره وتحقيق الاستقرار والأمن الدوليين ).

ثانيا: الإرهاب... الأسباب والدوافع:

باعتبار الإرهاب حالة رعب واعتداء علي الآخرين, يعد واقعا قديما قدم التاريخ, وتختلف الأسباب الباعثة علي الإرهاب بحسب الحالة الواقعة, فسوف أتكلم هنا باختصار شديد عن بعض أسباب ودوافع الإرهاب علي النحو التالي :

1) الأسباب الفكرية:

تعود الأسباب الفكرية للإرهاب والعنف والتطرف في أغلبها إلى معاناة العالم الإسلامي اليوم من انقسامات فكرية حادة ، بين تيارات مختلفة . ومرجع هذه المعاناة وما ترتب عنها من مشكلات وانقسامات هو الجهل بالدين والبعد عن التمسك بتوجيهات الإسلام ،فمن هذه التيارات التيار العلماني الذي يدعو إلى بناء الحياة على أساس دنيوي وغير مرتبط بالأصول الشرعية ولا بالتقاليد والعادات والموروثات الاجتماعية الأصيلة ، والتيار الديني المتطرف الذي يعارض المدنية الحديثة وكل ما يتصل بالتقدم الحضاري, ومن الأسباب الفكرية الأخرى تشويه صورة الإسلام والمسلمين وضآلة الاهتمام بالتفكير الناقد والحوار البناء من قبل المربين والمؤسسات التربوية والإعلامية وسوء الفهم والتفسير الخاطئ لأمور الشرع والدين .

2) الأسباب السياسية:

تقف البواعث السياسية خلف الكثير من العمليات الإرهابية وأعمال العنف التي ترتكب في أنحاء عديدة من بلدان العالم من بينهما الحصول علي حق تقرير المصير لشعب, أو مقاومة الاحتلال أو تنبيه الرأي العام العالمي إلي مشكلة سياسية أو اجتماعية أو الاحتجاج علي سياسة يتبعها بلد ما, أو الرغبة في إنزال الضرر بمصالح دولة معينة وارباك وسائل نقله الخارجة أو الرغبة في إنقاذ حياة بعض المناضلين من الرفاق المعتقلين (مخيمر, الإرهاب الدولي,1986) مثل قيام بعض أفراد المقاومة الشعبية اللبنانية بتاريخ 14 يونيو 1985 باختطاف احدي الطائرات الأمريكية بعد إقلاعها من مطار أثينا بهدف الإفراج عن المعتقلتين الشيعة في سجون إسرائيل.

ويمثل موضوع ضعف النظام الحاكم وعدم قدرته علي تحقيق الاستقرار سبب من الأسباب السياسية, فضعف الدول يؤدي إلي فقدان الأمن والنظام, الأمر الذي يحدث الفوضى في الدولة, وأيضا عنف الأنظمة الحاكمة التي تستخدم العنف والقوة لتحقيق أهدافها يؤدي إلي عنفا مضادا, فيقوم بعض الأفراد بإعمال إرهابية تحاول الرد علي عنف النظام الحاكم(مجلة الكويت , الإرهاب حقائق وأباطيل, 1427هـ), وهناك الكثير من الأسباب السياسية التي تودي إلي الإرهاب.

3) الأسباب الاقتصادية :

تنتشر في بعض دول العالم اليوم حالة من انعدام العدالة في توزيع الثروات الاقتصادية, فتظهر فئة أو فئات من المجتمع تنهج سياسة الاحتكار, الأمر الذي يولد كثيرا من المشكلات الاقتصادية, المسببة للأعمال الإرهابية بقصد تحقيق غايات اقتصادية, وإشباع حاجات مادية ونفسية, فالفقر الذي يوجد داخل بعض الدول العربية يؤدي إلي استغلال بعض هذه الفئات الاجتماعية الفقيرة ذات المستوي الاقتصادي المتردي من قبل جماعات إرهابية, لتنفيذ أعمالها, فتصبح جزءا من تنظيم إرهابي, أو مجند لصالحه, أو يمثل الرصيد الاحتياطي لهذا التنظيم أو ذلك, أو تبقي راصيدا تائها لكل من أراد القيام بإعمال إرهابية.

4) الأسباب النفسية :

ذكرت بعض الدراسات أن النمو الجسمي والعقلي , والانفعالي المضطرب , وكذلك البيئة الاجتماعية غير السليمة, التي يعيش فيها الفرد, لها علاقة مباشرة بالعمل الإرهابي. وقد ظهرت عدة نظريات تحاول تفسير هذه القضية , فتري النظرية البيولوجية أن أسباب الإرهاب هو العدوان الفطري ,الذي يولد علية الإرهابي , أي أن الميول العدوانية هي أساس استجابة غير متعلمة من قبل الفرد الإرهابي , بل هي وراثية , وهذه النظرية لا ترقي إلي تفسير كثير من الشخصيات الإرهابية, وأسباب سلوكها الإرهابي , وهناك نظرية الحفز , أو نظرية الإحباط التي تعني أن أساس السلوك العدواني للفرد الإرهابي , يسبقة إحباط , فهو سلوك يمثل استجابة لظروف بيئة معيشية , أو أحداث مثيرة تؤدي إلي الإحباط المؤدي إلي العدوان والعنف , وهذه النظرية تعجز عن تفسير سلوك بعض الإرهابيين المتفائلين , وأولئك الذي ينبعثون نحو الأعمال الإرهابية من خلال فكر متطرف , أو منحرف .

وهناك نظرية التعلم الاجتماعي, وهي تؤكد علي أن التعلم وتدعيم العدوان بالمؤثرات, هو المؤدي إلي الإرهاب, وبناء علي هذه النظرية, فإن الإرهاب ظاهرة ذات أسباب مكتسبة, يمكن علاجها, أما النظرية الأولي فتري أنه مشكلة فطرية موروثة, يصعب علاجها و بينما تراه النظرية والثانية مشكلة متشعبة, يشترك في أحداثها أشخاص ,ومؤثرات خارجية وداخلية , ويري بعض الباحثين( مجلة الكويت, المرجع السابق, 1427هـ) أن هذه النظريات كل منها قد أبصر جزءا من الواقع من وجهة نظر معينة , أما الحقيقة فتحمل كل هذه التفسيرات وأكثر , بل أن جميعها يشكل منظومة واحدة , يمكن بلورتها علي نحو متسق, فقد يكون لبعض الأفراد استعداد فطري للقيام بأعمال إرهابية , فتظهر تلك الأعمال العدوانية, ولكن أفرادا آخرين تسيطر عليهم حالة من الإحباط, ومجموعة من العوامل, والمؤثرات الخارجية, تكون بمثابة الدافع المظهر للسلوك العدواني ,والمحك علي انتهاج الخط الإرهابي, وقد ينشا ذلك التوجه من خلال التعلم والاكتساب .

5) الأسباب الاجتماعية :

قد تحدث بعض المشكلات التي تسبب ضررا نفسيا, أو ماديا علي أفراد المجتمع, أو جماعة محددة منه, فيتولد من خلال ذلك شعور بالإحباط ورغبة في الانتقام عن طريق الأعمال الإرهابية .

ويعد التفكك الأسري من ابرز تلك المشكلات الاجتماعية, لان التفكك الأسري يعني انهيار الدور الأساسي للأسرة. الذي من ابرز معالمه التنشئة الاجتماعية السليمة, وتقوية أواصر العلاقات الاجتماعية المهمة, فالأسرة تعمل كحائط صد, وتمثل دور السلطة الضابطة الخارجية, ولذا نري المجتمعات ذات الترابط الأسري, لا تظهر بينهم الأعمال الإرهابية, بالقدر نفسه الذي تظهر فيه عند المجتمعات المفككة اجتماعيا .

وأيضا فقد الهوية المجتمعية العقيدة الصحيحة للمجتمع وفقدان العدل والظلم يعد من أهم الأسباب الاجتماعية التي تساعد علي ظهور الإرهاب .

ثالثا: الوطن العربي... بين الجماعات الإسلامية وتنظيم القاعدة:

في الكثير من دول الوطن العربي يوجد بها تنظيمات, تسمي بالجماعات الإسلامية, هذه الجماعات الإسلامية التي تنتشر في إرجاء الوطن العربي(أقصد بالجماعات الاسلامية في هذا المقام الجماعات الاسلامية الراديكالية), لم يكن هدفها هو نشر وتوعية المسلمين بالإسلام, بل من أهدافها الأساسية ما يسمي بالجهاد, وهي الأفعال الإرهابية التي يقومون بها داخل الوطن العربي وخارجه, فمعظم هذه الجماعات تنظر إلي الدولة بأنها كافرة وتستحق القتل, بمعني أدق أن الدول الإسلامية كانت في بداية انتشار الإسلام عندما فتحت جميعها وأصبحت دول إسلامية كانت تطبق الدين الإسلامي في كل أمور وشئون الحياة, أما الآن فيحدث عكس ذلك- في وجهة نظرهم – إذن هذه الدول ارتدت عن الإسلام أي أنها تستحق القتل, وطبعا كيفية القتل تختلف من جماعة إلي جماعة أخري, فمثلا جماعة تنظر إلي أن أساس الفساد في الدولة هو الرئيس, فيعملوا قصارى جهدهم علي قتله, مثل ما حدث في مصر من جانب جماعتي الجهاد والجماعة الإسلامية تحت اسم تنظم الجهاد, باغتيال الرئيس أنور السادات 1981,وقد تري الجماعة أن أساس الفساد هو وزير من الوزراء فيقوموا بقتله, وقد يكون الفساد في نظرهم السياحة ودخول الأجانب بثقافتهم الخاصة بلادهم فيقوموا بضرب السياحة .

فالوطن العربي يقع بين الإعمال الإرهابية من قبل هذه الجماعات التي تهدد أمنه ومستقبله من ناحية, ومن ناحية أخري أفعال التنظيم الذي يسمي بتنظيم القاعدة في خارج الوطن العربي وما لهذه الأفعال تأثير علي امن الوطن العربي, مثل حادث 11 سبتمبر الذي أعقبه أحداث وخيمة منها احتلال العراق.

وأسس هذا التنظيم أسامة بن لادن عام 1988, وقام بتمويله من ثروته الشخصية التي تقدر بـ 300 مليون دولار (د/جهاد عودة ,عوامة الحركة الإسلامية, 2005), ومن أهم الأحداث الإجرامية التي قامت بها القاعدة حادث 11سبتمبر الذي عاد بالخسارة علي الوطن العربي وعلي العالم أجمع, وهناك خسائر كبيرة جدا في الوطن العربي كان السبب فيها هو حادث 11 سبتمبر,وتنظيم القاعدة تنظيم إسلامي, ووصفه إسلامي هو الذي يضع الوطن العربي الإسلامي في مأزق, إذن الوطن العربي ينحصر بين جداران, جدار داخلي وهو الجماعات الإسلامية, وجدار خارجي وهو تنظيم القاعدة وأفعالها الإجرامية التي تشوه صورة الإسلام والعرب, إذن يجب أن تحارب الدول العربية الجماعات الإسلامية في الداخل, وان تتعاون مع المجتمع الدولي في محاربة الإرهاب الدولي, واهم وسيلة للقضاء علي هذه الجماعات هو مصادرة أموالها, فبدون الأموال لا يسطتيعون أن يقوموا بفعل أي عملية إرهابية.

• مظاهر خطورة الجماعات الإرهابية علي الوطن العربي خاصة والعالم بصفة عامة:

تتضح خطورة الإرهاب الحديث من حيث ارتفاع عدد المنظمات الإرهابية وعدد الذين ينضمون إليها, فضلا عن زيادة نسبة العمليات الإرهابية وما ينتج عنها من خسائر في الأرواح والممتلكات في الآونة الأخيرة, فقد أظهرت احدي استطلاعات الرأي التي قام بها معهد الدراسات العليا للأمن الداخلي في فرنسا مع 15 ألف شخص أن المشاكل الأمنية الثلاثة الكبرى هي: المخدرات بنسبة 80% والإيدز 68% والإرهاب 67% وقد نتج عن الأخير ما بين عامي 81 – 89 وفاة 207 أشخاص وجرح 748 شخصا ( د/أمام حسانين عطا الله , الإرهاب,2004 ) وبعد أن كان عد المنظمات الإرهابية 30 منظمة عام 71 أصبح 170 منظمة تمارس نشاطها الإرهابي علي مستوي 120 دولة, ورغم وجودها موزعة علي 63 دولة فقط, وقد زادت العمليات الإرهابية زيادة ملحوظة, فبلغ عدد ضحاياها 1720 فردا كان نصيب دول أوربا الغربية منها 45% بعد أن سجلت الإحصائيات في عام 75 ستة ألاف حادث إرهابي نتج عنها 900 ضحية وتظهر الخطورة – كذلك – علي صعيد تكلفة مكافحة العمليات الإرهابية من حيث الأموال وعدد الأشخاص العاملين في مكافحتها والإرهابيون في كل هذه الحوادث ومثيلاتها يلجاون إلي وسائل الأعلام مما يزيد من الإنارة والتهيج, الأمر الذي لا يتوقف علي عدد العمليات الإرهابية أو عدد الضحايا.

وقد قدرت دراسة حديثة عدد المنظمات الإرهابية علي مستوي العالم بـ 2176 منظمة منها 137 منظمة توجد في 126 دولة ومتوسط نصيب كل دولة من المنظمات 25.5 منظمة ونصيب كل دولة نامية من المنظمات 13.9 منظمة. فالدول المتقدمة عدد منظماتها ضعف عدد منظمات الدول النامية مما يعني أن الإرهاب الحديث لا يعرف دولا ولا حدودا.

رابعا: الوطن العربي والأمركة:

هناك اتهام من جانب بعض الدول للوطن العربي والعالم الإسلامي بأنهم يباشرون الإرهاب الدولي, خصوصا بعد تفجيرات 11 سبتمبر التي قامت بها تنظيم القاعدة, وشهد العالم توسعة دائرة الاتهام في عصر الهيمنة الأمريكية. ولكن هذا الاتهام لم يكن له أساسا من الصحة فالوطن العربي يقف في مواجهة الإرهاب مثله مثل الغرب بل أن الوطن العربي عندما يواجه الإرهاب لم يكن له مطامع من ورأي هذا التصدي سوي تحقيق الأمن, أما الغرب وعلي رأسهم أمريكا يكون هدفها الأساسي في مواجهة الإرهاب هو تحقيق أحلامها وطموحها علي حساب الدول الأخرى. فالإرهاب فتح الباب لأمريكا كي تدخل الوطن العربي وتتدخل في شئونه وتفرض علية هيمنتها السياسية والاقتصادية وقد حدد (نيكسون)رئيس أمريكا الأسبق في كتابة الفرصة السانحة (أسامة إبراهيم , مبادئ وقف العنف, 2002) انه العدو القادم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي هو محاربة الحركات الإسلامية داخل الوطن العربي الإسلامي..ويمثل هذا المعني تحدث قادة حلف الأطلسي بعد سقوط الشيوعية وسعوا لعقد اجتماعات مع بعض المسئولين في المنطقة بدعوى السعي لدعمهم في مواجهة الإرهاب بينما هدفهم التحريض علي تصعيد المواجهة مع الحركات الإسلامية واعدين بمساندة الحكومات ودعمهم.

والحق أن اتهام العالم العربي والإسلامي بالإرهاب ما هو إلا جسر لعبور الهيمنة الأمريكية للمنطقة العربية لكي تستولي علي ثروات البلاد العربية من بترول وغيره من الخامات, فهذه هي مصالح أمريكا في المنطقة..وهي بلا شك تتناقض تماما مع مصالح شعوبنا التي تحتاج لكل جهد لتحقيق الاستغناء عن معوناتها وإقامة العلاقات معهم علي قدم المساواة والمصالح المشتركة. لذلك نحن مطالبون كعرب وكمسلمين أن نبذل جهدا ضخما لا يبدأ من الصفر, ولكن يبدأ مما هو دونه بكثير. حتى نقول للعالم أن ما يتردد عن العرب وعن المسلمين لا يبدو أصيلا وحقيقيا, ولكنه يبدو طارئا, فيجب أن نضع بين أعيننا مقولة "صف واحد..ضد الإرهاب والتطرف " لكي لا ندع فرصة إلي الهيمنة الأمريكية أن تتوغل في مجتمعنا ووطنا.

خلاصة ما أريد أن أقوله في هذا المقام بوضوح هو أن صورة العرب في الخارج متردية متداعية تزداد كل يوم سواء, وتبدو كما لو كانت صورة لأمة لم تشب عن الطرق ولم تدرك حقيقة العصر ولم تتعايش مع معطياته, وان جهودنا يجب أن تتكاتف بشكل عملي في التصدي للإرهاب لكي نمنع الهيمنة الأمريكية للتمكن منا, ولكي نغلق الباب أمام طموحات أمريكا في الوطن العربي فالوطن العربي للعرب فقط لا لغيرهم.

خامسا: الشباب... ومحاولة في إبعاده عن المصيدة:

قد يجد الشاب متعة في ذهابه الي الجامعة, هذه المتعة تختلف من شاب الي شاب اخر, فشاب متعة في ان يذهب الي الجامعة لكي يجلس في الكافتيريا مع الاصدقاء والفتيات, خصوصا مع فتاة تشبة نانسي عجرم, وشاب اخر يجد متعة في حضور المحاضرات ودخول المكتبات وحضور المؤتمرات وهذا النوع هو النوع الحي من الشباب , اما النوع الذي يقول لك يا عم (سيبك) فلا رجاء منه ولا يهمنا في هذا المقام.

فالشاب الحي هو الذي يسمع ويسال دائما..فيجد شخص بيخطب يذهب ليسمعه, يجد ندوة يذهب إليها. إذن المسالة تبدأ انه (محمود مراد ,العرب والإرهاب,1996 ) مهتم, ثانيا:انه محتج أيضا, ثالثا: انه مستفز, رابعا:انه صادف فكرا جديدا علية.

والمشكلة أن الجيل الحالي يفتقد العمق الثقافي بعد اختراع التليفزيون والفيديو, فأصبح عنده استعداد لتقبل ألوان من الفكر, لو انه قد تحصن قليلا ما قبلها, فالمسالة بسيطة جدا.. فالشاب طول عمره صفحة بيضاء, إذن عندما تقدم له فكرا –أيا كان هذا الفكر- فاحتمال قبولة والاقتناع به احتمال كبير جدا, ولذلك أقول أن البعد الثقافي بعد مهم جدا لهذه القضية وأنا أري انه أولي بالعلاج.

إذن الشاب الحي الذي يسمع كل من تكلم, هذه هي المشكلة- فهذا الشاب يجد نفسه مطالب بان يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر, وإذا لم تنه بيدك فأنت مقصر, ومطالب منه أيضا أن يضع بين عينيه عبارة الإسلام هو الحل, كل هذا من خلال ما بيسمع من ناس لم تكن أهلا للتكلم في الدين.

والثقافة الإسلامية هي المشكلة في هذا الموضوع, فيجب أن يأخذ الشاب الثقافة الدينية ممن كان أهلا لها, بل الكارثة في هذا الوقت أن الشباب تستمع وتأخذ الثقافة الإسلامية ممن ليس أهلا لإعطائها. فأي شخص يرتدي جلبابا ويطلق لحيته يتصور انه عالم..وهو هنا ليس عالم سلطة..بل عالما مجتهدا مبرأ عن الهوى, وهذا العالم قد يكون قد قرأ صفحتين فقط في كتاب للعقيدة وخمس صفحات من فتاوى ابن تيميه بغض النظر عن موضوعها, ثم يعرف أن سيد قطب له كتاب عظيم فيأخذ منه نصف صفحة, ثم يعرف أن الشيخ الفلاني –مع احترامي – يخطب في كذا وهو ملتهب وحماسي وداعية وزعيم سياسي فيذهب ليسمعه, ويجمع من المكتبة الإسلامية حصيلة تتلاءم مع رغبته في الاحتجاج والاعتراض.

هذا الإمام العالم الذي يتخذونه الشباب قدوة لهم, يحرضهم علي الفساد, فيجد الشاب نفسه قد امتلأ عقله وفكره كرهاً للنظام الحاكم في الدولة, وبعد ذلك, يجد نفسه منضم إلي جماعة إسلامية متطرفة.

إذن يجب علي الدول العربية والإسلامية أن تهتم بالثقافة الإسلامية والدينية وتوعية الشباب بالفكر الصحيح لكي نتجنب وقوعهم في مصيدة الإرهاب.

سادسا: الإرهاب والتصدي له:

• الإسلام...والتصدي للإرهاب:

يلعب الإسلام دور مهم جدا في التصدي لظاهرة الإرهاب, ويقع علي عاتق الدول الإسلامية والجمعيات الإسلامية هذه المهمة, فيجب عليهم وضع خطة للتنوير الديني الصحيح ونشر الثقافة الإسلامية في أسلوب سهل وبسيط كي يفهمه اغلب الناس, وان تعقد المؤتمرات والندوات التي تدور حول حل مشكلة الإرهاب في المجتمع الإسلامي, ويقع علي الدعاة والعلماء المسلمين جانب كبير في حل هذه الظاهرة, فيجب أن يكون لزاما عليهم بل ومن صلب عملهم دعوة الناس إلي طريق الحق والخير والعدل سبيلهم في ذلك اللين والرشاد وغزارة العلم الصحيح من الكتاب والسنة.

• الأسرة... والتصدي للإرهاب:

الأسرة هي عماد المجتمع لذا لابد لكل أسرة أن تراعي تعاليم شريعتنا السمحة في تربية الأولاد, وليس من المهم أن تلقن طفلك كل صغيرة و كبيرة من الواجبات و الأخلاقيات بل الأهم من ذلك هو أن تعلمه كيف يعيش في آمان.

أن الإنسان يجب أن يربي طفله على أن يكون متكامل الشخصية، ويجب أيضا علي الأسرة أن تغرس تعاليم الدين الإسلامي الصحيحة والقيم المعتدلة في الأبناء وان تعمل علي إشباع احتياجات الأبناء, ويجب أيضا أن يعملوا علي كيفيه شغل وقت فراغ الأبناء وان يمارس أسلوب الديمقراطية وحرية الرأي عند التعامل مع الأبناء, وبهذا نكون قد ربينا الطفل علي قواعد تحد من أن يفكر في أن يصبح إرهابي في المستقبل.

• المدرسة... والتصدي للإرهاب:

مما لا شك فيه أن التعليم يؤدي عملاً حيوياً ومهماً في الحفاظ على تماسك المجتمع وخلق الانتماء الوطني ومشاعر الوحدة الوطنية بين أفراد المجتمع الضرورية للمحافظة على بقاء المجتمع وتكامله والتي تنعكس بالضرورة على مكتسبات الوطن الأمنية, فالمدرسة تعد من أهم الطرق لمكافحة الإرهاب, فالطالب يجب أن يعرف من صغره ما هو الإرهاب وما هو العنف, لكي يكون واعي من صغر سنة بمخاطر الإرهاب, فيجب علي وزارات التربية والتعليم في دول الوطن العربي أن تهتم في توصيل خطورة الإرهاب للطالب, سوى بتنظيم ندوات أو توزيع كتب عن الإرهاب مكتوبة بطريقة سهلة أو بإضافة مناهج جديدة حول الوقاية من الجريمة والانحراف توضح كيف يمكن للشباب تحصين أنفسهم من الجريمة ومعرفة السبل الناجحة للابتعاد عن مهاوي الرذيلة والانحراف وذلك من خلال الاستفادة من التجارب الدولية حول دور مؤسسات التربية في الوقاية من الجريمة والانحراف ولعل من المستغرب انعدام أية برامج حول الوقاية من الجريمة حتى في الكليات العسكرية على رغم وجود كم هائل من برامج الوقاية المطبقة في الكثير من الدول.

• المؤسسات الأمنية...والتصدي للإرهاب:

مما لا شك أن الأمن بمعناه الواسع ومقاصده السامية هو أساس كل تنظيم لأنه العمود الفقري للحياة الإنسانية كلها وأساس الحضارة والمدنية والتقدم والازدهار في سائر فروع المعارف البشرية والفنون والآداب والتجارة والسياحة وأداء المناسك والشعائر الدينية وقد أوكلت إلى الجهات الأمنية مهمات الحفاظ على هذه المكتسبات القيمة فهي مثقلة بكثير من المهام الكبيرة المناط بها تحقيقها حفاظاً على الأمن والأمان اللذان هما عصب الحياة ومنبع حركتها ومصب إنجازاتها.

إن النشاطات الأمنية أصبحت معروفة لدى العام والخاص فمن المعلوم أن مهمة قوات الأمن هي المحافظة على النظام وصيانة الأمن العام وحماية الأرواح والأعراض والأموال ومن مسؤوليات رجال الأمن التأكد من استمرارية النشاط العادي للمجتمع بسلام ولذلك فمن واجبهم أن يضبطوا ويقبضوا على أولئك الأفراد من أعضاء المجتمع الذين لا يتجاوبون مع رغبات مجتمعهم في استمرار الهدوء والاستقرار ومنع الاضطرابات (أ/عبد المقصود خوجه , التعامل مع الإرهاب).

ومهمة الضبط التي تقوم قوات الأمن بها تتعلق بصفة مبدئية بأولئك الأشخاص الخارجين على المجتمع ولا يتسنى السيطرة الكاملة على هؤلاء حتى يوضع شرطي على كل زاوية من زوايا الشوارع ولكن المجتمع يحتاج إلى ظروف تقلل الاضطراب والفوضى وهذه الظروف ينبغي أن تتوافر في إطار التقاليد والعادات الاجتماعية والأنظمة التي تعمل على خدمة المجتمع والمحافظة عليه وقوات الأمن في المجتمعات المتقدمة تعد مسؤولة عن المجتمع وتعمل على خدمته ولكي تواجه قوات الأمن مسؤولياتها فإنها يجب أن تضطلع بأربع مهمات ضبط الجريمة - منع الجريمة - تنظيم السلوك - الاستعداد للخدمة, وبهذا يكون للمؤسسات الأمنية أهمية كبري في التصدي للارهاب داخل الدولة.

• المعلومات... والتصدي للإرهاب:

إن وجود جهاز متخصص لجمع المعلومات عن النشاط الإرهابي أصبح ضرورة لأية دولة تتعرض لهذه الظاهرة, ويتوقف علي مدي نجاح ذلك الجهاز في جمع المعلومات والاستفادة منها, ومدي قدرة الدولة علي إجهاض النشاط الإرهابي وإجهاض العمليات الإرهابية قبل حدوثها.

ومن ثم فإن القدرة علي التوقع والتنبؤ التي يمكن للسلطات أن تتميز بها بالنسبة للنشاط الإرهابي ترتكز علي القدر المناسب من المعلومات التي تشكل مجموعة التدخلات للقرار الذي يتخذ في مواجهة العمليات الإرهابية, ولا يكفي في هذا المجال أن تتولي جمع المعلومات عن النشاط الإرهابي أجهزة الأمن المعتادة في الدولة أو تلك المعلومات التي تحصل عليها تلك الأجهزة, وإنما يجب إنشاء جهاز مستقل يتولى تنسيق العمل بين الأجهزة والأقسام المتخصصة حتى يمكن أن تتوافر لديه رؤية شمولية عن النشاط ويتولى تنفيذ عملية تكامل المعلومات وتداولها بما يحقق اكبر فائدة منها.( إبراهيم نافع , كابوس الإرهاب, 1994).

• المؤسسات الإعلامية...والتصدي للإرهاب:

تنبع أهمية المؤسسات الإعلامية من أنها أصبحت الصوت المسموع لدى جميع أفراد المجتمع وهي التي جعلت العالم قرية صغيرة تتنقل بينها الأخبار بسرعة البرق فهي مؤسسات ضخمة ذات ميزانيات كبيرة تمكنها في أغلب الأحيان من أداء دورها بكل يسر وسهولة كما أنها لا تقتصر على شكل معين في التواصل مع المتلقي فتجد فيها الإعلام المقروء والمسموع وبهذا أحكمت قبضتها على الإنسان في كل زمان ومكان حلاً وترحالاً وفي التجمعات الحضرية كما في البوادي كما أصبحت تلك المؤسسات من أهم وسائل الترفيه المتاحة لمعظم المواطنين فهي تدخل بيوتهم بدون استئذان وتخاطبهم بدرجة واحدة من الخطاب الذي قد يستوعبه الكبير ويستعصي فهمه على الصغير ولكن هذه الوسائل ومن أهمها الفضائيات هي سلاح ذو حدين فمن الممكن من خلالها يتم تدعيم الإرهاب وبث الأفكار الخاطئة وتحريض الشباب علي ما يسمي بالجهاد, وممكن في الوقت نفسه تصبح هذه المؤسسات الإعلامية من أهم المصادر لمكافحة الإرهاب, فيمكن من خلالها أن يبث الأفكار الصحيحة والتوعية المطلوبة من خلال برامجها. ومن أهم وسائل الأعلام أيضا الانترنت الذي انتشر بشكل كبير جدا والذي أضحى يلبي احتياجات كل من سعى إليه ومع أننا لا ننكر أهمية الانترنت في سرعة الوصول إلى المعلومة والإبحار في مواقعه المختلفة إنه بحر لا ساحل له من العطاء المتنوع ولا يعيبه أنه يحمل في تياره الجارف الجثث والطحالب فالأمر متروك لثقافة المستخدم الذي يستثمر وقته لما فيه خير وفائدة لنفسه ولمجتمعه, ولأهمية هذه الوسائل في حياتنا اليومية,لذا يجب أن نتصدى للإتجاة السيئ لهذه الوسائل لكي نحد من خطر الإرهاب .

• المتجمع الدولي...والتصدي للارهاب:
الإرهاب داء خطير يمكن أن ينتشر كالنار في الهشيم في مختلف بقاع العالم إذا لم تتخذ الإجراءات الكفيلة في مجابهته واستئصاله من جذوره، ويخطئ من يظن أن التصدي له يقع على عاتق الدولة التي تتعرض للإرهاب وحدها، وتخطئ أيضاً الحكومات التي تعتقد أنها يمكن أن تكون بمنأى عن اكتواء بلدانها بنيران الإرهاب والإرهابيين. فقد بات الإرهاب داءأً يبعث بنيرانه شرقاً وغرباً، وبات الإرهابيون يشكلون المنظمات الإرهابية التي تستفيد من تطور وسائل الاتصالات والحصول على المعلومات التكنولوجية اللازمة لصنع المتفجرات، وتبادل المعلومات عن طريق الإنترنت، وها هي قوى الإرهاب التي تمتلك خلايا نائمة في مختلف بلدان العالم تتحرك لتنفيذ جرائمها كلما طلبت منها قيادة تنظيماتهم ذلك.

إذن ما داما الإرهاب ظاهرة دولية فإن التصدي لها يهم العالم كله, إذن يجب على المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن تحمل المسؤولية المباشرة والكاملة للتصدي للإرهاب والإرهابيين واستئصال جذورهم, وإن أي تهاون في هذا الموضوع يمكن أن يؤدي إلى نتائج خطيرة على مستوى العالم.

مقترحاتي... للتصدي للإرهاب
1) إن العلاج من وجهة نظري, انه مادامت المسالة خفية وتدخل فيها حكومات ومخابرات فان خط الدفاع الأول والأقوى في مواجهتها هو المعلومات..فان من يملك المعلومة يملك القوة.
2) ومن أهم أساليب العلاج هو القانون الوضعي..إذ يجب أن يكون هناك قانونا خاصا لمكافحة الإرهاب, فكيف يكون لدينا قانون لمكافحة المخدرات, وليس لدينا قانون لمكافحة الإرهاب ؟
3) يجب فتح جميع قنوات الاتصال بالجماهير أمام دعاة التيار المعتدل الذين يفهمون الإسلام فهمًا شموليًا دقيقًا وعميقًا من تلفاز ومذياع وصحف ومحاضرات عامة ودروس بالمساجد ونحوها لأن في ذلك نمو للفكر الإسلامي الصحيح المعتدل، وهذا يضيق ويقلل من فرص نشأة التيار المتطرف الذي يتبنى العنف في خطابه.
4) اعتماد أسلوب الحوار في العلاج، فجميع الأعمال التي تصدر عن الإنسان إنما تصدر عن معتقداته؛ فالتصرفات الخاطئة ناتجة عن معتقدات خاطئة، ولا يمكن تعديلها مهما مُورس على الإنسان من ضغط جسدي أو نفسي، نعم قد يكف عنها نتيجة الخوف، ولكن ذلك يكون لأجل محدد وتظل تلك المعتقدات تسيطر عليه حتى إذا ما وجد الفرصة المناسبة خرج ليحقق معتقداته، فالإرهاب لا أتصور أنه يمكن علاجه إلا من خلال الحوار الهادف البناء.
5) وأيضا يتطلب معالجة الظروف والمشاكل الاجتماعية والمصاعب الاقتصادية في الدول حيث الجوع والفقر والأمراض التي تفتك بالمجتمع تجعل من تلك البلدان البيئة الصالحة لتنامي الإرهاب وضم العناصر الجديدة للمنظمات الإرهابية باستمرار، وهذا الأمر يتطلب أن تدرك الدول الغنية مسؤوليتها في معالجة مشكلة الفقر والبطالة والأمراض، وتخصص الأموال اللازمة للنهوض بالمستوى المعيشي لشعوب هذه البلدان بما يليق بالإنسان، وبذلك نستطيع حرمان المنظمات الإرهابية من كسب المزيد والمزيد من العناصر التي تملكها اليأس من تحسين أحوالها المعيشية، وبالتالي تجفيف المصادر البشرية لهذه المنظمات الإرهابية.
6) العمل على إعادة النظر الجذرية في المناهج الدراسية بدءأً من رياض الأطفال وحتى الجامعة بما يتفق مع التوجهات الديمقراطية.
7) مراقبة حكومات الدول العربية كافة لحركة الأموال المستخدمة من قبل المنظمات الإرهابية ومراقبة البنوك والشركات التي تتولى نقل وتوزيع وغسل الأموال العائدة للمنظمات الإرهابية، ومراقبة التبرعات التي تصل للمنظمات الإرهابية من العناصر الداعمة للإرهاب، وإنزال العقاب الصارم بكل من يتولى نقل وتوزيع الأموال وتهريبها والتبرع بها.
8) عدم قبول الدول لجوء العناصر الإرهابية إليها، أو التستر على وجودهم، والتدقيق في شخصية كل لاجئ والتأكد من عدم ارتباطه بأية منظمة إرهابية، وتسليم العناصر الإرهابية التي تدخل أراضيها إلى دولهم لتتم محاكمتهم وإنزال العقوبة التي يستحقونها بهم.
9) مراقبة ومنع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة من تقديم أي نوع من الدعم للمنظمات الإرهابية، وإحالة المسؤولين المخالفين للمحاكم، ومراقبة مواقع الإنترنت ووقف كافة المواقع التي تشجع الإرهاب، وتنقل أخبار الإرهابيين، وتمجد أفعالهم الإجرامية، وإحالة مسئوليها إلى المحاكم لينالوا جزائهم العادل.

الخاتمة والتوصيات

مكافحة الإرهاب إلي أين؟

تلك كلمات قلناها عن الإرهاب, نحسبها مجدية, ونحسبها توفي بقدر البحث المطلوب, حاولنا فيها بقدر ما وسعنا الجهد أن نعبر من خلالها عن مستقبل الوطن العربي الذي ينحصر بين ذراعي الإرهاب, ووضحنا كيف يمكن بتر هذين الذراعين. وخلصنا إلي أن مكافحة الإرهاب الدولي تتطلب مواجهة علي نفس المستوي, أي من خلال الإجراءات والوسائل الدولية ومن خلال التعاون الدولي باشكالة المختلفة سواء لمنع وقوعه أو لملاحقته وعقاب أفعالة الإجرامية, ورأينا أن التعاون بين أجهزة الأمن والشرطة المخصصة لمكافحة هذا النوع من الجرائم في الدول المختلفة, وتبادل المعلومات المتعلقة بالإرهابيين يعد من الوسائل الفعالة لمنع وقوع الحوادث الإرهابية.كذلك فان تسهيل إجراءات تسليم مرتكبي هذه الأفعال أو محاكمتهم وتبادل المساعدة القضائية في هذا الشأن تسهم في درع الجرائم الإرهابية.

فالجرائم الإرهابية في تزايد مستمر ولن ينتهي هذا التزايد إلا إذا تكاتفت جميع الدول للتصدي لهذه الظاهرة ولكن من المؤسف أن هؤلاء الذين يمارسون الإرهاب المنظم ويجيدون استخدام الأساليب العنيفة ضد الشعوب ويرفضون الازعان للشريعة الدولية, وتنفيذ القرارات الصادرة عن الهيئات الدولية, هم أكثر الأصوات مطالبة بمكافحة الإرهاب والقضاء علية.

ومن العجيب أن بعض الدول تقيم الدنيا لمجرد انفجار قنبلة, أو خطف طائرة ثم تخلد إلي الصمت عندما ترتكب المذابح الجماعية وعندما تجتاح جيوشها المدن والقرى الآهلة بالسكان المدنيين, تحرق الأخضر واليابس وتروع الأمنيين والعزل من السلاح.

التوصيات

1) إن الإرهاب أيا كانت مظاهرة وأسبابه, هو موقف إجرامي, وتحرك مسلح ضد القانون رافض للديمقراطية وحرية الفرد وامن المواطن, وبالتالي أصبحت الأوضاع المحلية والإقليمية والدولية لدولنا العربية, تدعو أكثر من أي وقت إلي موقف جاد وعاجل لمواجهته, سواء من جانب الدول العربية التي تعاني منه, أو الدول العربية التي لم تطلها ناره بعد. فإذا لم نتعاون جميعا في إطفائها, فسوف يمتد شرارها إلي البعيدين قبل القريبين.

2) لا بد من بحث متعمق لأسباب وعوامل الإرهاب ثم تهيئة المناخ المناسب لقتل جذوره, ووضع معالجة فورية لأسباب التطرف الديني أو السياسي أو الاجتماعي, بحملة قومية تتعاون فيها جميع الأجهزة العربية علي المستوي التعليمي والتربوي والديني, لملء فراغ الشباب وفتح متنفس للتعبير عن نفسه وتعميق الاعتدال في التعبير والممارسة, والاهتمام بالبنية الأساسية لإنحاء الدولة بالتساوي ومزيد من التنمية الاقتصادية والاجتماعية, وتعميق الانتماء.

3) الاستفادة من تجارب الآخرين وتبادل المعلومات والخبرات, والمتابعة العربية المستمرة لكل جديد في هذا المجال.
4) سرعة فتح الباب للاستفادة من ثورة المعلومات والتطور التكنولوجي, سواء في خدمة التعاون الأمني أو التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية.

5) دعوة المنظمات الإقليمية والأمم المتحدة إلي سرعة اخذ أجراء من خلال اجتماعات عربية ودولية لبحث الوسائل العاجلة لمواجهة الإرهاب من جميع نواحية الأمنية والسياسية والاقتصادية والتعليمية.

6) ترسيخ الهوية الثقافية للشخصية العربية, والمجتمع العربي, وتعميق مضمونها الحضاري علي المستويين الوطني والقومي من خلال إذكاء العوامل والمكونات الدنية والحضارية وغيرها.

7) العمل علي تقليل البطالة وإتباع أساليب غير تقليدية لاقتحام هذه المشكلة والتي ظهرت كأحد الآثار السلبية لعملية الإصلاح الاقتصادي ومراعاة ظروف وإبعاد البطالة وانعكاساتها علي أفراد المجتمع.

8) العمل بايجابية علي مواجهة الأعلام الغربي الذي استغل العمليات الإرهابية العارضة بالوطن العربي وأساء إلي الحضارة العربية والإسلامية.
9) تكثيف الأسس القومية الأصلية في وجدان الشعب العربي والتي شكلت الملامح الرئيسة للشخصية العربية, مثل التسامح والاعتدال والأخوة والمحبة والانتماء, مما يحقق التوازن بين الجوانب المادية والمعنوية للشخصية العربية, ويكفل التصدي الحاسم لكل الظواهر السلبية والخطيرة ومنها العنف والإرهاب.

10) تعميق المفهوم الفكري والإبداعي المتميز الذي يقبل بمنطق الحوار وتعدد وجهات النظر واحترام الرأي الأخر, وينفتح علي مصادر العلم والمعرفة.

11) وضع ظاهرة الإرهاب في الأمة العربية ي حجمها الحقيقي, بغير تهوين أو تهويل. والتصدي للحملات المغرضة ضد الإسلام والعرب, وكشف مخططات وأهداف الجماعات الإرهابية وازدواجية خطابها, وفضح مراكزها في الخارج وعق المؤتمرات والندوات المستمرة وعلي مستويات متعددة لهذا الغرض.

12) مراقبة مصادر التمويل للجماعات الإرهابية.

13) الاهتمام الكبير بالصغار والأحداث ورعايتهم حيث انه قد أتضح من خلال الأحداث الإرهابية كثرة استخدام الأحداث في هذه العمليات المشبوهة.

) تشديد الرقابة علي مصادر السلاح والمفرقعات والمتفجرات حتى لا يتسرب منها ما يستخدمه الإرهابيون.

15) مطالبة كافة الدول بتسليم الإرهابيين الموجودين فيها, وعدم إيوائهم أو تقديم الحماية أو أي عون لهم, والتفرقة في هذا بين المعارض السياسي الذي يلجا لدولة – دون ممارسة نشاط سياسي- والإرهابي الذي يمارس الإرهاب ويجند العملاء, ويدبر ويخطط ويمول عمليات القتل والتخريب, ويعلن موقفه علنا.

16) دراسة وتنفيذ إعادة تأهيل التائبين عن الممارسة الإرهابية وذلك لإيجاد سبل حياة كريمة لهم.

17) تشديد الرقابة علي حدود الدول العربية البرية والساحلية والمواني والمطارات حتى يتم تضيق الخناق علي دخول الإرهابيين المدربين بالخارج للقيام بالعمليات الإرهابية داخل الوطن العربي.

18) دعوة الحكومات وجامعة الدول العربية إلي تكليف سفاراتها ومكاتبها في الخارج, لتنفيذ خطة إعلامية موحدة للخطاب الدولي لمواجهة الإرهاب, بتصحيح صورة الإسلام والعرب, والرد علي أي افتراءات ومغالطات, علي أن تزود هذه السفارات والمكاتب بأشخاص مؤهلين للقيام بهذه المهمة.

19) دعوة الدول إلي الاهتمام بالبعد الاقتصادي وتحقيق العدالة الاجتماعية والمشاركة الشعبية.

20) دعوة الأحزاب والمنظمات والاتحاديات العربية المختلفة إلي اقتحام قضية الإرهاب, من خلال المؤتمرات والندوات وكافة السبل.

قائمة المراجع

1) د/عبد العزيز مخيمر ,الإرهاب الدولي , دار النهضة العربية ,1986,ص6.

2) د/أمام حسانين عطا الله , الإرهاب , دار المطبوعات الجامعية, 2004 , ص 28.

3) أسامة إبراهيم ,مبادئ وقف العنف ,دار التراث الإسلامي,2002, ص 43.

4) محمود مراد ,العرب والإرهاب , الهيئة العامة للكتاب , 1996 , ص 37.

5) إبراهيم نافع , كابوس الإرهاب , مركز الأهرام , 1994 , ص 148.

6) د. محمد الهواري , الإرهاب: المفهوم والأسباب , موقع وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد علي الشبكة الدولية(www.al.aslam.com) , السعودية.

7) د. محمد الحسيني مصيلحي , الإرهاب مظاهره وأشكاله, جامعة الإمام , موقع وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف, المرجع اسابق , السعودية.

8) د. إسماعيل لطفي بن عبد الرحمن جافاكيا , الإرهاب والعنف والتطرف في ميزان الشرع , موقع وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف, المرجع السابق , السعودية.

9) د. عبد الرحمن بن معلا اللويحق , الإرهاب والغلو , جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية , موقع وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف , المرجع السابق , السعودية.

10) أ. عبد المقصود محمد سعيد خوجه , التعامل مع الإرهاب والعنف والتطرف , موقع وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف , المرجع السابق , السعودية.

11) د/ مطيع الله بن دخيل الله الصرهيد الحربي , حقيقة الإرهاب المفاهيم والجذور , موقع وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف , المرجع السابق , السعودية.

12) د. عبد الله بن عبد العزيز اليوسف , دور المدرسة في مقاومة الإرهاب والعنف والتطرف , موقع وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف , المرجع السابق , السعودية.

13) د. علي بن عبد العزيز بن علي الشبل , الجذور التاريخية لحقيقة الغلو والتطرف والإرهاب والعنف, موقع وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف , المرجع السابق , السعودية.

14) العنف وإدارة الصراع السياسي في الفكر الإسلامي ط المعهد العالمي للفكر، د / عبد الحميد أحمد أبو سليمان.

15) د/ سلامة إسماعيل محمد ,مكافحة الإرهاب الدولي , جامعة القاهرة , 2005.

16) د/هالة مصطفي , الإسلام السياسي في مصر , مكتبة الأسرة, 2002.

17) د/ جهاد عودة , عولمة الحركة الإسلامية الراديكالية , مكتبة الأسرة , 2005,ص 147.

18) د/ محمد محمود سعيد , جرائم الإرهاب , دار الفكر العربي , 1995.

19) احمد جلال عز الدين , الإرهاب والعنف السياسي , القاهرة , دار الحرية , 1986.

20) احمد جلال عز الدين مكافحة الإرهاب , دار الشعب , 1987.

21) محمد سعيد العشماوي , السلام السياسي , سينا للنشر ,1989.

22) عبد الله الخضري , الإرهاب حقائق وأباطيل , مجلة الكويت , ص 20 العدد 270-3 ربيع الأول 1427هـ.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى