الجمعة ٢٣ شباط (فبراير) ٢٠٠٧
بقلم نمر سعدي

فراشة الحزن ونبع الضوء

(1)
في بعض احيان الكآبة
يستأذن المتعذب الآواه ان يلقي عذابه
يحنو لملء يديه احلاما وموسيقى جميلة
ظهرت بشاعته الزمان فكيف يحلم بالخميلة
ظهرت بشاعته الزمان فكيف يحلم بالغيوم
ايظل يسأل والشوارع لا تصيخ ولا تجيب
ايظل يحلم بالنجوم
وبروعة الغسق الشفيف, وكيف تشتبه الدروب
ومرارة الاهات في شفتيه والدم واللهيب
طفحت كوؤس العيش يا قلبي بأنواع الهموم
فاترع وناول حيث لا ساقٍ هناك ولا حبيب
(2)
في بعض احيان الكآبة
تشتاق ذاكرتي اليكِ , حملت من روحي ضبابة
عبر الجبال الخضر والصحو المغازل والسهول
اعراض حبّي لا تزول وليس تتركني ازول
فهواي منقوش ومحفور على النمش الخجول
با ليتني كنت اقتربت وكنت القيت السلام
وغسلت بالنمش الجميل , وجهي واشواقي واسراب الحمام
يا ليتها اقتربت فراشة جانحيُّ من الضرام
يا ليتها غمست بماء الوجه منقار الحنين
يا ليتها قد سرحت جنحانها فوق الجبين
كالتائهين العائدين
يا ليتها من فوق نبع الضوء قد لمت من النقط الخضيلة
ومن الحروف الزنبقية في خميلة
لغة تجدد مثل شوق في فمي
لغة تبرعم في دمي
لغة افك بها عصافيري الحبيسة في كتابي
ويدا امرّ بها على قلبي على وهج العذاب
وانا الحزين انا الحزين انا الحزين
الريح من تحتي وفي اذني صراخ الهالكين
اطبق على عينيّ يا صقر السنين ...!
 
وأحزاني عصافير خريفية
 
تخًّطي في سمائي واسحقيني انك الألق
فإني لا أحسّ الحب الا حين أنسحق
وإني لا أقول الشعر إلا حين انسحق
ولا تستيقظ الأشواق فيّ كلمعة المدية
وليس تحرك الدنيا هواياتي الطفولية
تخطي لي حدود الروح أنت البحر والأفق
وأنت كما تسرّب في كياني الضوء والغسق
بعيني أم بعينك راح يبكي ذلك الشفق
تخطي وأسقطي فوقي كأوراق رمادية
فأنت حديقة النارنج ليس يزورها العبق
وأحزاني عصافير خريفية
وإن هواي نايٌ ملؤه الريح الجنوبية
ضعي كفيك سدّي كوّة القمر
وفوّهة الأسى في داخلي ولهيب أفكاري
تخطي وأسقطي ابًدا على ناري
كزخات من المطر..!
 
العودة الى زيوناز
(1)
ألا انّ قلبي كأرضٍ موات
وقد هجرتها عصافيرها
وشرّش في الطين ديجورها
دعوهُ ملاكاً كئيباً كئيبا
يطيف به, حشد الذكريات
دعوهُ دعوهُ غريبا
هناك ويا ليت قلبي صفاة
ألا ان قلبي
يراودُ جفنيه من خيط حُبّ
وفي الليل ضوء خبا ثَم مات
أهذا الذي ذقت طعم الحياة
أهذا الذي ذقت يا ناسُ حسبي
أهذا الذي ذقت طعم السنين
أهذا الذي ذقت طعم الحنين
أهذا ويا ليت قلبي صفاة
أهذا ويا ليت قلبي صفاة
 
(2)
أعودُ اليك وكلّي نشيد
أعود وكلّي نشيد يعيد
زيوناز يا رقتي النائمة
ويا قريتي الحالمة
أعود اليك أخيراً
أعود اليك كسيراً
ولكن بهذي الخطى القائمة
زيوناز إنّ خطانا تموت
فمن يشعل الشوق فيها
وللقبر ألف جدارٍ صموت
ويعلك اسئلتي ويقيها
أعودُ بلا شعلةٍ للرجاء
سوى الرفض في مُقليتيّ
سوى الرفض أحمله في يديّ
فمن ذا الذي يرفضُ
وعيناكِ صوتٌ يصيح انهضوا
 
(3)
وإن حروفي عصافير حزن ٍ تفرّ ُ
الى ربوة ناعسة
وينصتُ قلبي اذا قيل شعرُ
الى لوعة هامسة
وهذي الخطى اليائسة
جواز سفاري ستقرعُ
أبواب أرض ٍ تجوع
جميع شرايينها للمطر
وأنت كفيلة هذا الرجوع
بأن تخرجيني وشعريَ
من بين هذي الغجر
عسى شمسنا ما لها من طلوع
وليل الهوى ما له من سحَر
ألا أين من يوقدون الشموع
دجىً في معابد هذي العيون
ألا أين من يوقدون
سيخفق فيها الهوى والحَوَر..!
 
سيزيف الجديد
 
-1-
صخر الأفكار يسدّ فمي
ويشدّ ُ خطاي الى العدم
أعيى سيزيف فأحمله
ما أثقله
 
-2-
الصخر سيورق من ألمي
يسقيه القلب ويطعمه
القلب الجوعان الصادي
والغصن لكم اغوى فمه
كضبابٍ يسرب في الوادي
فعلام صحبت معي زادي
ما دام سيروق من ألمي
صخر بفمي
-3-
لم ألقَ لأيّامي طعما
ولياليََّ اعتكرت أوًّاةُ وما
لثمت نجما
ستشف اللوعة في خلدي
عنها فيموج ضباب يدي
فسأنكر أمسي انكره
واذم اليومَ وأكفره
وغداً سأجي مع الفجر
تتماوج احلامي الحلوة
وتذوب وانفاس الربوة
في صدري آهٍ في مجمرة الروح
ويحرقها فكري
ابداً سأعود من الهوّة
أعدو كالنهر المنكسر
وسأقطع صخرك أمخرهُ
مهما أربى الموج النطاحُ
سأمخرهُ مهما مهما...!
 
قصيدة شعري الوحيدة
 
وللمرة العاشرة
اعيد قراءة تاريخ حبي
اعيد قراءة ديوان قلبي
وفي نار اجفاني الساهرة
اقلّب ايقونتي النادرة
فتملأني الكبرياء
وللمرة العاشرة
تسافر ذاكرتي للوراء
لها عبر عينين من كستناء
وتخرج عيناك لي من
شقوق السنين
ومن ذكرياتي العجاف
كأصوات ناي حزين
وغارقة عبر صبح
الشقاء بطل الشقاء
كأزهار نار وماء
وعيناك اذ ما تلوح لقلبي
يشاهد فيها بحار الحنين
الم تبصريني على ضفة
الشوق عند انعتاق الغروب
امدّ خيوط فؤاد يذوب
والقي شباك القصيدة,
في كل بحرِ
لاصطاد اسماك روحي
التي خلقت من ضياء
وارجع لا ضحكة لا رجاء
وتأكلني جائعات الدروب
وها انا في العالم المكفهرِ
اعيش ويختصر الحزن عمري
تمنيت لو تسكبين عليّ
حنان السماء
ولو تفرغين بعيني لون المساء
وانت كنجمة قطب
اضاءت سماوة فكري
ودنيا بعيدة
وانت حفيف الدجى والبحار
باذني انت قصيدة شعري
قصيدة شعري الوحيدة
وانت ايا لوعة الكبرياء
ويا لوعة الذكريات
تصير السنين هباء
كأوراق هذا الشجر
كأوراق هذا الشتاء
وتأتين من عالم الذكريات
الي ومن ضوء ذاك القمر
وعيناي فيك معلقتان بضوء القمر
ووجه القمر
وسحر القمر
يمدان قلبي بهذا الشتات
تمنيت لو ان قلبي حجر
يواجه هذا الهوى والشتات
ويعرف كيف يعيش بصمت.
وكيف يموت بصمت
وملء رباه حريق الغجر
 
إني شربت الأسى من راحة الساقي
 
أرسى عليه التعب يفاجأه فانغلب
قالوا ضنىً من جوى او حالة من طرب
وهكذا يفترى لكل داءٍ سبب
بات يقاسي الدجى وشؤم بومٍ نعب
كألف ليلٍ وقد يكون أنكى نصب
يسقى الليالي وما سقراط منها شرب
سخافة عيشها تذرّ ُ فيًّ العصب
والناسُ لا لا تسل إن زماني عجب
 
أساهراً تفتل الآلام أعراقي
حبائلا ً لاصطياد النجمة الباقي
شرودها ليلة السهد التي اعتكرت
فيها شجوني وعلاّتي وأشواقي
عرفتها حين شاء الوهم يفلتها
قرأت في مقلتيها سرًّ إطراقي
يهزني عن رتاج ٍ من محاجرها
مبللٍ بدموع ٍ أو بإشفاق
أجوب صحراءَ..أفكار مموّهةَ
على ظنوني لم تخلق لذي ساق ِ
أحسستُ بالنظرةِ الشزراء تخنقني
عن احتقار قراطيسي وأوراقي
يا حرقتي يا بُرودي يا التياع يدي
ويا هواءَ الذرى في محضَ إغراقي
خضّي هدوئي أبيديه كأن ردىً
يجنّ ُ دونك يا يا كلُّ أشواقي
أنت العذاب لقلبي والنعيم لهُ
وأنت فيما مضى سَمّي وترياقي
لا تجزَعي وخذيني مندلاً رطباً
أو عود مسك أما يكفيك إحراقي
ولستُ أنكر والدنيا منادمة
أنّي شربت الأسى من راحة الساقي
 
راهب الحياة
 
صعبّ على يدي ان تختصر الزمان
صعبّ على الرموش ان تكتبه
صعبّ على الشفاه ان ترسمه
صعبّ على ملامح شربها الهوان
ان تجمع الزمان في دقيقة واحدة
تختصر الزمان في بيتٍ
من الشعر بلا اوزان
ان تفهم الحياة او تدرك
سرًّ البؤس والعذاب والحرمان
مثلت فوق المسرح الرهيب
عشرين سنة
وما فهمت مرة دوري من أنا
والناسُ سائرون سائرون وهنا
جلستُ لاشوق ولا مالٌ ولا رفيق
امضغ احزاني على قارعة الطريق
اّركب الدنيا بمفردي
افكك الدنيا بمفردي
قد افلتت قوافل الاشواق من يدي
قوافل الضباب والتراب والغيوم
والشقيق
وتركتني مضغة يسوغها الحريق
وللحياة الف سرٍ غامضٍ غريب
فساعديني ايها الآلام مزقي
غشاوة الاشياء عن عينيَّ
وامنحيني اللهيب
لعلني اكشف ما تخبىء
الغيوب
واستشف الشفق البعيد
والزمان والمكان
واستشف لوعة الاحزان
وابصر السماء من قريب
لعلني أبصرها وانحني
تحت سنا ابوابها
الثقال كالغريب
وبسؤالٍ معتم تختلج الشفاه
هل هذه الحياة حلم
بعده نفيق
على سؤال الملكين عندما الجدار
يصدم رأسينا! هنا قرّت
بنا الطريق
ولا نصيح آه
اين ثياب الليل والنهار
أين المدى العريض كالبحار
والقمر التبريّ ُ والاشعة التي
كأنها حقلٌ من النضار
هل هذه الحياة
ما اختزن الشاعرمن رؤاه
وامرأةٌ غريبة تلسعنا
بمثل برد النار
ألست محتاجا لمن يفهمني الحياة
دقيقة دقيقة
وكلمة فكلمة
يترجم الحياة..!
 
رسالة حبّ صغيرة الى القدس
(1)
دمُ القدس الحبيبة
في شراييني
دمُ القدس الحبيبة صارَ
نبضاً في شراييني
وصارَ رنين أجراس ٍ
لبرج ٍ آه مدفون
كأسراب السنونو
في القرارةِ أنت من روحي
كَرَفَّ شعور ليلتي
التي زادت تباريحي
حنينُ لظى العيون ِ
يعصبُ القسمات في الريح ِ
ألا يا قدسُ يا كَلًّ الهوى
أغصان أغنيتي
أموتُ على يديكِ
على شفاهكِ محض أمنيتي
أغيبُ في جذوع السنديان ِ
لديك والتين ِ
تُعمَّدني يداك بزَيتِ زيتون ِ
كأني آخر الأملاك
في كنعان أزدهرُ
كأني في فلسطين
ألا يا قدسُ لو قُبلة
أموتُ بدونها الليلة
أموتُ بدونها وحدي
وفي الأمطار أندثرُ
(2)
 
وبي شوقٌ للثم يديكِ
يكتبني ويمحوني
يعلقني على هذي المآذن
ثمّ يرميني
نما من فجر هذا الدهر أو من
عهد قايين ِ
يفارقني فراق الروح ِ ثم َّ
تردُّه حيفا
تغلغل طيبها الأوّاه في جسمي
وشرّش في مساماتي
وذاكرتي وفي عظمي
وللأشياء في حيفا
جمالٌ يصبغ الصيفا
أأهربُ من هواي وكيفَ
أهربُ من هوى كيفا
أأهربُ من دجى المنفى
أطير إلى دجى المنفى
تعيسٌ أنت يا قلبي ومنكودٌ
بذي الدنيا
فكم ستظلُّ تخفق بالعذابِ
إلى متى تحيا
ويا أسماك روحي
جفت الأمواهُ في نهري
وكانَ خريرها الأواه
بين أضالعي يجري
يردّ ُ عليَّ روحي من
قرارٍ كانَ منسيّا...!
 
مرثية عبد الوهّاب البياتي- شاعر الحب والعذاب
 
فقير وفي قلبه محرقة
يجوع ويطعم كل الجياع
ويضرب للتائه الاروقة
وفي مقلتيه يغيم الدجى
اذا ما سجا
ويغرب في مقلتيه الشراع
وكل السنون الحزين الحزين
فما زال طفلا من الحالمين
نجوم حزيران ضاعت على صدره
ورائحة الخبز
والتبغ في شعْره
ورائحة النار حتى المطر
وحتى الزهر
يرف اشتياقا الى ثغره
سلام وبرد وورد سلام
على بطل عاشق لا ينام
هو الارث مما تبقى لنا
من بلاد الشآم
ولا شخص يعرفه ها هنا
ولا شيء يفهمه ها هُنا
إذا ما تكلَّم غيرُ النخيلْ
وغير الحمام
ويحفظه الخوخ عن ظهر قلب
وعن ظهر حُبً ّ
ويعرفه التين من ألف عام
وتوت الشآم
لقد عاش فينا بسيطاً
غنيا بتبر الغرام
بما يسكب الحزنُ في مقلتيه
بما يتساقط دوما عليه
كريش النعام
لقد عاش فينا كأي البدور
على وجهه دعة كالغمام
وهلا تعيش البدور سوى في الظلام
الى شاعر
تدقّ الازاميل في صدره
ويصلب فوق جذوع الاسى العنق
من فكرِه
ولّما تدلى رأينا على وجهه الساخر
كأن اللهيب الذي في الفم
كأن الحنين الذي في الدم
سيجري مع الغيمة الهامية
مع النار والادمع الدامية
اسى او هوى كشفيق الغروب
وقطرا تساقط فوق الدروب
قرأنا على وجهه الثائر
ليندكَّ حتى جدار الزمن
ليندكَّ هذا الجدار الرهيب
أأبوابه من غيوم المحن
وتهمي دما في الدروب
انا بعض احجاره
اموت على يد جزاره
وان عظامي بقايا غريق
طفت فوق ذلكم الساحل
وداري بعامورة تستفيق
على الحلم الهائل
فتهوي الى الدرك السافل
الى شاعر قدره القافية
وتمتد اشجاره العالية
من القلب حتى الفم
اقدّم زنبقة ضافية
اقدم زنبقة من دمي
ومن بعد سبعين عاما من الحب والجوع والذكريات
يعود الغريب الى داره من بلاد الشتات
ومن بعد هذا النزيف الحرور بصحراء نجد
وثلج سيبريا يسافر من بحر وجد لوجد
يعود السنونو الى وكره
يحط الرحال ويلقلي ذخيرة شوق قديم على ظهرهِ
سلوهُ لماذا يعانق صمت الدجى والبحار
ويرقد في جفن هذا النهار
سلوهُ وفي مقلتيه الجواب
كضوء به يستنير الضباب
لماذا يصير لهيب العذاب
رمادا ويطوى جناح السفار
ويبرد كالثلج قلب الحياة
وتنطفىء النار , تخبو قناديلها الذكريات.
 
الحلاّج يتكلّم
 
قفوا لا تذهبوا فاليوم أشكركم على صلبي
وأشكركم على حبي
فأنتم ما فعلتم هكذا إلاّ من الحُبّ
وأروي كل أشواقي ولو من غير كلمات
ولن أشكو...
ولو تنداح مثل الغيم آهاتي
سأشكركم وأنفث مثلما البركان لوفورة
عسى أشفى ولو مرّة
عسى أشفى من الحسرة
عسى ينزاح صخر الهمّ عن قلبي
وأبصر في متاهات الدجى دربي
كمثل الخيط من فجر
أريحوا قلبيَ الأواه مما يحفر الجشعُ
ومما شبّ في صدري
أيخمد كل نجم في السماء وليس يخمد ذلك الطمعُ
تعالوا فاقتلوني كي أعيش فإنني بالشوق لستُ أموت
وذرّوا روح روحي آهِ في أبدٍ من الملكوت
وذروّا جسم جسمي آهِ في بحرٍ
من الأشواق والوجدِ
أغير الحُبَ ّ في دنياكمو يجدي
سيجمعني ويجمعُ قلبي المنثور يجمعه
ويرجع قلبي المكسور يرجعه
كبلّور النوافذ مثلما كانا
رجاءً أضرموا الترب الحبيب عليًّ نيرانا
سأشكركم على الموت الجميل فأعتقوا جسدي
وعن صدري فهلاّ زحتمو حبلا ً من المسدِ
وعينايَ التي حملت لكم أشواق أزمان ِ
خوت من كل شيء ٍ وانطفت فيهن أفراحي وأحزاني
غشاها مثلما يغشى الضحى ليلٌ من الرمد ِ
فلا ضوءٌ وسقسقه ٌ تذوبُ تذوبُ في خَلَدي
أسائلُ في عيون الناس وهي تمرّ ُ بي شزرا
ترشّ ُ السم ًّ والسخرا
أسائل كلَّ ما دمعة
أسائل كلًّ ما لوعة
أصرتُ الفاديَ الثاني
حملتُ قميصه الوهّاج والأشواق والزهرا
حملت الليلَ والفجرا
على دربٍ غدى يمتدّ ُ بي كصلاةِ رهبان ِ
ويطلع لي يهوذا من وجوه الناس من قمصانهم فانوسَ أحزاني
ومن أشجار ذاكرتي كشيطان ِ
فداكم كل عمري أيّ ُ سخف ٍ هذه الدنيا
أكالحجر الثقيل أظلّ ُ مطروحاً بلا معنى
وكالحقل الحزين أظلّ ُ منبوذاً بلا سقيا
وتحدجني نجوم الليل وهي تمرّ ُ بي وسنى
تُمزًّقني رياحٌ آهِ من كفرِ وإيمان ِ
أصارعُ خلف بحر الفكر شيطاناً من الزبدِ
ويحرقني شهابُ الليل ِ إذ أستطلعُ الرؤيا
أهذا كلًّه ثمن الذي أحيا...!
وما زلتُ أهذي وأسألُ يا إخوتي ما الفداءْ
وما الدم ما القتل ما الكبرياءْ
إلى أن عرفتُ وجرّبتُ موتي وصلب المسيح
وقتل النبيين والأولياءْ
فديكُ الرزايا ثلاثاً يصيح
وتسقط أوراق سدر القضاءْ
فكيف عساني أصوغ الرثاءْ
وكيف عساني أقول الرثاءْ
أنا فارسٌ قد فتحتُ حصون السماءْ
وإني رددت وشاح البطولة
على منكبيّا
رفعتُ السلاسل عن ساعديّا
وعُدتُ مساءَ حياتي النبيلة
وفي جعبتي كلّ ُ أسرار هذا الوجود وهذا...الفناءْ
وأنّ َ الليالي هباءٌ هباءْ
وأنَّ الهوى خطةٌ مستحيلة
لقد شمتُ فيها انطفاءَ الرجاءْ
أهذا مخاضُ السنين الطويلة
أهذا ربيع السنا والدماء...؟!

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى