الجمعة ٢٣ شباط (فبراير) ٢٠٠٧
بقلم محمد عوض الترتوري

الكفاءة الاجتماعية

مقدمة

يفترض أن يكون الطفل أكثر تكيفاً مع البيئة الاجتماعية كلما تقدم في العمر، ويتمثل هذا التكيف في عدد من الجوانب التي لا يمكن أن تشكل ما يطلق عليه بمستوى النضج الاجتماعي أو "الكفاءة الاجتماعية" التي تمثل مستوى نضج وتكيف في ضوء المواقف التي يتعامل فيها الطفل مع الأطفال الآخرين سواء كانواً كباراً أو أقراناً من فئات عمره. والدراسات التي تناولت موضوع الكفاءة الاجتماعية استخلصت لها أبعاداً تتعلق بخصائص شخصية وأخرى تتعلق بدرجة التوافق التي يبديها الطفل في المواقف الاجتماعية. فلأي درجة يتمثل الطفل للقوانين والمعايير التي تتلاءم وموقف اللعب مثلا؟ ولأي درجة يتحكم بذاته ويعتمد عليها؟ وقد ذكر شبرد Sheppard أن "اللعب مثلا يساعد في ملاحظة السلوك الاجتماعي للطفل بحيث يبدأ اللعب كعملية تقليد لطفل آخر في السنة الرابعة من عمره، ومع نمو الطفل نضجه يصبح أكثر تآلفاً مع الأطفال الآخرين وتتضح لديه روح المشاركة في اللعب" (Lillian, 1991). وكذلك تساعد اللغة على ملاحظة السلوك الاجتماعي للطفل باعتبارها وسيلة للاتصال (الأشول، 1987).

ومن الملاحظ أن الدراسات التي تناولت مفهوم الكفاءة الاجتماعية - من حيث العوامل التي يمكن أن تؤثر به كبعد تطوري- تظهر أبعاده عندما يصل الطفل مرحلة نضج معينة، إلا أن هذه الدراسات لم تكشف عن التغييرات النوعية أو الكمية التي يمكن ملاحظتها في مراحل العمر المختلفة إلا في عبارات ذات طبيعة عامة. وقد تم تطوير عدد من المقاييس التي استخدمت للكشف عن جوانب أساسية للكفاءة الاجتماعية دون تحديد للمظاهر النوعية الخاصة المتوقعة في كل مرحلة من مراحل العمر، لكن كان الاهتمام الرئيسي فيها في مرحلة ما قبل المدرسة ومرحلة السنوات الأولى للمدرسة. ويبدو أن هاتين المرحلتين أساسيتان في تحقيق مستوى النضج الاجتماعي اللازم في عملية التكيف الاجتماعي في المراحل اللاحقة في العمر. ومن هنا كان اهتمام الدراسة في هاتين المرحلتين على أساس أنهما تؤلفان مدى عمرياً تتشكل فيه أبعاد الكفاءة الاجتماعية إذا ما أتيحت لها الظروف الأسرية والبيئية المناسبة. وقد لا يكون من السهل ملاحظة فروق نوعية محددة بين فئات العمر في هذا المدى العمري، لكن يمكن ملاحظة جوانب القصور أو عدم الكفاءة التي يمكن أن تعزى إلى بعض العوامل التي سبقت الإشارة إليها. ولذلك فقد كان اهتمام هذه الدراسة التعرف على الأبعاد التي تشكل وتؤلف مفهوم الكفاءة الاجتماعية عند أطفال هذه الفئات العمرية، وتحديد مدى يتحقق منها في عينة من أطفال أردنيين في هذا المدى العمري.

الكفاءة الاجتماعية والتربية

ترتبط الكفاءة الاجتماعية بالمهارات والتقبل الاجتماعي، ويعد السلوك اللااجتماعي مشكلة مزعجة لكل من المدرسة والبيت والمجتمع، ويظهر السلوك اللااجتماعي على عدة أشكال منها: العصيان والمخالفة وعدم الاستجابة لما يطلبه المعلم إضافة للسلوك العدواني والقسوة تجاه الرفاق والتصرفات الفوضوية والشغب داخل الصف والحذلقة في الكلام والكذب والهرب والغش وتخريب الممتلكات (أبو عيطه، 2002).

ومن الجدير بالذكر أن عملية تطوير كفاءة اجتماعية مناسبة وملائمة أثناء مرحلة الطفولة؛ تعتبر عاملاً حاسماً في نجاح الفرد في مرحلة طفولته، وفي المراحل اللاحقة من حياته (Merrell, 1993).
ويعتقد الباحثون أن الكثير من المشكلات التعلمية التي يعاني منها الطلاب ترتبط باكتسابتهم للمهارات الاجتماعية السلوكية، حيث أشارت الدراسات إلى أن افتقار الطالب للمهارات الاجتماعية قد يسبب عدم كفاءته في التعلم وتدني تحصيله وانخفاض مفهوم الذات لديه (الخطيب وآخرون، 2003).

كما أشار (داود وحمدي، 1999) إلى أن الدراسات أظهرت أن الأطفال الذي يظهرون سلوكاً اجتماعياً غالباً ما يعانون من تدني التحصيل المدرسي، من سن المرحلة الابتدائية وحتى المرحلة الثانوية، كما قد يعانون من صعوبة قرائية وتأخر لغوي ومشكلات في الانتباه، وهذا بدوره يزيد من احتمال تدني تقدير الذات عند هؤلاء الاطفال.

ويؤكد دودج وكوي وبراكي على أن الكفاءة الاجتماعية المناسبة تزود الفرد بالأساس الهام الذي يؤدي إلى علاقات قوية مع الرفاق، وإلى النجاح الدراسي، وأن الكفاءة الاجتماعية غير المناسبة أثناء مرحلة الطفولة ترتبط بعدد من النتائج السلبية بما فيها انحراف الاحداث ومشكلات الصحة العقلية، وتطور نماذج من السلوك اللااجتماعي. ويرى أصحاب نظرية التعلم الاجتماعي أن السلوك العدواني، والانسحاب الاجتماعي، والخجل الشديد ينشأ نتيجة افتقار الفرد إلى المهارات الاجتماعية، ويؤكد أصحاب هذه النظرية على أن الفرد يلجأ إلى استخدام هذه السلوكيات لأنه فشل في تعلم طرق أكثر ملاءمة للتفاعل مع الناس.
إن الفشل الدراسي غالباً ما يحفز السلوك غير المرغوب به، وأن العديد من الأفراد يتميزون بعادات غير ضعيفة غير انتاجية أو تعاونية ويفتقرون إلى السمات الاجتماعية الايجابية مما يؤثر على سلوكهم، ويخلق لديهم مشاكل في المدرسة تعيق تكيفهم الاجتماعي وفرص التوظيف خلال الحياة: مثل الخجل الشديد، وضبط الذات الضعيف. وهم يظهرون سلوكيات غير تكيفية كالعدوانية والانسحاب الاجتماعي وعدم النضج والتخريب وعدم التقبل (القضاة والترتوري، 2007).

ويؤكد موبيا (Mobya, 1993) على أهمية المهارات الاجتماعية حيث يشير إلى أن مفهوم الذات يتأثر بعدة عوامل من أهمها: تقييمات الآخرين للفرد، وخاصة الأفراد المهمين في حياته، وتظهر هذه التقييمات من خلال عمليات التفاعل الاجتماعي، ويؤكد دودج وآخرون على أن الكفاءة الاجتماعية المناسبة تزود الفرد بالأساس الهام الذي يؤدي إلى علاقات قوية مع الرفاق، وإلى النجاح الدراسي، وإن الكفاءة الاجتماعية غير المناسبة أثناء مرحلة الطفولة ترتبط بعدد من النتائج السلبية بما فيها انحراف الأحداث ومشكلات الصحة العقلية، وتطور نماذج من السلوك اللااجتماعي.

تعريف الكفاءة الاجتماعية

قام مجموعة من الباحثين في مجال السلوك الاجتماعي المدرسي بتقديم تعريفات متعددة للكفاءة الاجتماعية، وفيما يلي بعض هذه التعريفات:

يعرف هوبز، الكفاءة الاجتماعية على أنها مصطلح ملخص يعكس الحكم الاجتماعي المتعلق بالنوعية العامة لأداء الفرد في موقف معين (الزبيدي، 1995).

أما جريشام وريشلي: فيعرفان الكفاءة الاجتماعية بأنها المهارات التي تستخدم للاستجابة في مواقف اجتماعية محددة ( Thompson, 1988).

ويتضمن هذا المفهوم أمرين الأول اكتساب الطفل لأنماط السلوك الخاصة التي تميز مجتمعه، فيما يسمى التنشئة الاجتماعية (Socialization) والثاني، توسيع الطفل لدائرته الاجتماعية، حيث يتعلم الكثير ممن حوله، ويضيف الريماوي: أن الطفل الذي يهتم بأقرانه ويمضي وقتاً أطول معهم ويقبل أن يعطي ويأخذ، هو طفل ذو كفاءة اجتماعية (الريماوي، 1993).

والكفاءة الاجتماعية كما وردت في موسوعة التربية هي "القدرة على التفاعل بصورة متكيفة مع المجتمع وهذا التعريف مرادف لمفهوم النضج الاجتماعي Social maturity" (Santrock, 1983).

عناصر الكفاءة الاجتماعية

لقد كانت هناك محاولات كثيرة لتفسير السلوك الاجتماعي في المراحل المختلفة. ومن بين هذه المحاولات ما قدمه علماء النفس الاجتماعي الذين أكدوا على أن السلوك الإنساني ليس قدراً مقضياً، وليس عملية خلقية أو بيولوجية وحسب، لكنه يتأثر إلى حد كبير بالمجتمع والبيئة التي يعيش فيها الإنسان. وتخلص هذه التفسيرات إلى أن سلوك الإنسان عبارة عن عملية تطبيع اجتماعي (Socialization process) يتعلم فيها الفرد الأساليب المقبولة في مجتمعه.

أما نظرية التحليل النفسي فتعطي المجتمع دوراً كبيراً في توجيه السلوك وتفسيره. فهناك مراحل معينة للنمو يتصل الطفل خلالها مع المجتمع ويتعامل معه بوسائله الخاصة. حيث يعمل التكوين النفسي (العاقل) أي ما يسمى بـ الأنا (ego) على التوفيق بين الحاجات والغرائز النفسية الممثلة بالهو (id) وبين متطلبات المجتمع ونواهيه الممثلة بتكوين الأنا الأعلى (Superego) وتكمن أهمية نظرية التحليل النفسي في التأكيد على أهمية الخبرات الاجتماعية المبكرة في تشكيل السلوك الإنساني(Stigler and Smith, 1985).

أما نظرية التعلم السلوكية فتقد وصفاً لعملية اكتساب السلوك الاجتماعي من خلال التعلم الاجتماعي (Socialization) إذ يتم تشكيل السلوك الاجتماعي من خلال عمليات الاشراط والتعزيز والتعميم وما إلى ذلك من العمليات المتضمنة في مفاهيم التعلم الشرطي (Stigler and Smith, 1985).

أما الأبعاد التي يبدو أن كثيراً من الدراسات تتفق عليها وتعتبرها أبعاداً أساسية في الكفاءة الاجتماعية للطفل فهي:-
1. الامتثال للقوانين والسلطة.
2. المؤهلات القيادية.
3. المشاركة الاجتماعية البناءة.
4. التكيف مع مجتمع الرفاق.
5. التحكم بالذات وضبط النفس.
6. تحمل المسؤولية.
7. الاستقلالية والاعتماد على الذات.
8. الوعي بالأمور المتعلقة بأمنه وسلامته.
9. الاتصال.

علاقة الكفاءة الاجتماعية ببعض المتغيرات

ترتبط عدة متغيرات بالكفاءة الاجتماعية وتسهم في تطورها في مراحل العمر الأولى من حياة الطفل. إن لطريقة التنشئة الأسرية، ولجماعة الرفاق والمدرسة دوراً هاماً في عملية النضج الاجتماعي (Kaplan, 1987).

فظروف البيت الذي يعيش فيه الطفل لها آثار على سلوكه وشخصيته؛ إذ يستشهد عاقل بدراسة لبالدوين (Baldwin) حاول فيها تقصي أثر أسلوب التنشئة الأسرية إلى نمطين هما، الديمقراطي، والتسلطي، تألفت عينة الدراسة من (17) طفلاً تراوحت أعمارهم (4 – 6) سنوات، وقد خرج الباحث بنتائج مفادها أن الأطفال من عائلات يسودها الجو الديمقراطي يكونون نشيطين وغير هيابين، ومخططين وفضوليين، وميالين لحب السيطرة، وقياديين، أما الأطفال من بيوت يسودها جو التسلط فيميلون للهدوء، وحسن السلوك، وغير ميالين للقيادية، ومحدودي الفضول، وضعاف الخيال، ثم يضيف أن الأطفال من بيوت تسودها المشاكل الاجتماعية ولا يسودها التفاهم يكونوا أطفالاً معضلين، ويرى أمبورن (Amborn)، أن سلوك الطفل الاجتماعي يتأثر بجو الأسرة والعلاقات السائدة بين أفراد الأسرة وبعلاقتهم مع الآخرين.

كما أن لترتيب الطفل الولادي في الأسرة دوراً هاماً في تطور بُعد الاستقلالية أو الاعتمادية، فالطفل الأول غالباً ما يعاني من التناقض ين الاعتمادية والاستقلالية بحكم معاملة الوالدين له، كما أن لعمر الأبوين تأثير أيضاً، فالطفل من أب كبير السن غير طفل من أب صغير السن (الريماوي، 1993).

وهناك عدة أمور يجب مراعاتها في البيت لتساعده في بناء شخصية اجتماعية للطفل منها توفير الأمن والاستقرار داخل الأسرة، وتشجيع المشاركة الاجتماعية، والتعاون داخل الأسرة وخارجها، توفير الخبرة الاجتماعية الجيدة والعادات والتقاليد والعيش من أجل تحقيق أهداف الآخرين، وتوفير فرص التطور المعرفي، ومنح الطفل الوقت الكافي للعب والواجبات المدرسية، ومساعدته على تكوين مفهوم إيجابي عن ذاته وعن الطبيعة المحيطة به، فللعب أثر هام في تطور الكفاءة الاجتماعية عند الطفل حيث أن الطفل يصل في كل مرحلة إلى مستوى من الكفاءة الاجتماعية تتناسب مع المرحلة العمرية التي يمر بها كأن يقوم ببعض السلوكيات المتوقعة في كل مرحلة فتتطور هذه السلوكيات وتنمو تبعاً للبيئة ولحاجات الطفل النفسية والاجتماعية" (Stigler, 1985).

"إن للبيئة الاجتماعية والمستوى الاقتصادي والاجتماعي، للأسرة، والذكاء، والتكوين الجسمي، والجنس، أثر في تطور الكفاءة الاجتماعية عند الطفل" (16): فقد قام بليجريني (Pellegrini,1980) بدراسة تهدف إلى التعرف على علاقة الذكاء الاجتماعي ونضج الشخصية وأسلوب حل المشكلات بالجنس والعمر والذكاء والمستوى الاجتماعي الاقتصادي وإبعاد الكفاءة المتعددة (الكفاءة الاجتماعية، والسلوكية، والتحصيلية الأكاديمية) لمستوى الصف الرابع حتى السابع في عينة من (100) طفل (46) إناث و(54) ذكور، أظهرت النتائج أن متغيرات الكفاءة الاجتماعية والسلوكية لها ارتباط ذا دلالة إحصائية مع الذكاء بينما النضج في الشخصية يرتبط مع العمر والمستوى الاجتماعي والاقتصادي. في حين أن النضج في الشخصية والقدرة على حل المشكلات يساهم بدلالة إحصائية في حساب التباين لمتغيرات الكفاءة الاجتماعية، والسلوكية والتحصيلية الأكاديمية.

الكفاءة الاجتماعية ومفهوم الذات:

إن الذات معناها نشاط موحد مركب للإحساس والتذكر والتصور والشعور والتفكير، وتعتبر نواة الشخصية. ويقسم (ريموند كاتل Cattle) الذات إلى ذات واقعية وذات مثالية. فالذات الواقعية هي ذات حقيقية أو فعلية تمثل مستوى الاقتدار، في حين أن الذات المثالية هي ذات تطلعية يؤمل منها أن تكون -أي تمثل- ما يطمح الفرد أن يكون أو يصبح.

إن الذات بناء معرفي يتكون من أفكار الإنسان عن مختلف نواحي شخصيته فمفهومه عن جسده يمثل الذات البدنية ومفهومه عن بنائه العقلي يمثل مفهوم الذات المعرفية أو العقلية ومفهومه عن سلوكه الاجتماعي مثال للذات الاجتماعية. ويركز علماء النفس الإنساني على بناء الذات عن طريق الخبرات التي تنمو من خلال تفاعل الإنسان مع المحيط الاجتماعي، ويطلقون على العملية الإدراكية في شخصية الإنسان (الذات المدركة) والتي من خلالها تتراكم تلك الخبرات، فيتم بناء الذات ويكُون الفرد مفهوماً ًعن ذاته. ولما كانت الذات هي شعور الفرد بكيانه المستمر وهي كما يدركها وهي الهوية الخاصة به وشخصيته فإن فهم الذات يكون عبارة عن تقييم الفرد لنفسه، أو بتعبير آخر هو مجموعة مدركات ومشاعر لدى كل فرد عن نفسه.

مما تقدم نرى أن بناء الذات يخضع للمعايير السائدة في المجتمع. فالفرد يؤثر في الآخرين ويتأثر بهم،

وبمقدار هذا التأثر ونوعه تتشكل ذاته. إلا أنه ينبغي الالتفات إلى أن الفرد ليس منزوع الإرادة، بل إن له دور فعال في بناء ذاته مصداقاً لقوله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). فهذه الآية الكريمة تدلل على أن عملية بناء الذات للفرد أو لمجموعة أفراد يتطلب وجود دافع قوي لعملية التغيير. فالفرد في عملية التغيير لابد أن يميز بين الصالح والطالح وليس كل ما يملى عليه يلزم به، إذ أن المطلوب منه في هذا السياق التمييز بين ما هو إيجابي وما هو سلبي.

ويخضع بناء الذات إلى توافر القدوة الحسنة من علماء ربانيين وتوافر الموعظة وضرب الأمثال والترغيب والترهيب ثم التأديب. قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة)، وقال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية اعملوا بطاعة الله واتقوا الله وأمروا أهليكم بالذكر ينجيكم الله من النار. وبهذا المعني يقول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام (أي علموهم وأدبوهم). فوقاية الفرد من النار من خلال الالتزام بما أمر الله إذن هي غاية مهمة في بناء الذات، تتطلب من يكون مسؤولا عن التنشئة الأسرية مسؤولية تربوية فيها من الرعاية والتوجيه لوقاية الذات من الانحراف وتتطلب عملية بناء الذات تنمية الضمير منذ الطفولة من خلال تعريفه بما حرم الله والإسهام في بنائه فكريا وتقديم يد العون والمساعدة وتقديم كل ما يمكن تقديمه لبناء ذات قوية ناشئة في حب الله وطاعته ليكون الفرد عنصرا مفيدا لنفسه ولأسرته ولوطنه ولأمته، على عكس البناء السلبي للذات الذي يبنى على أساس الابتعاد عن الله وبالتالي يكون الفرد مهددا لحياته ولأسرته وللمجتمع.

كما أن هناك عامل الخبرات الأسرية، والتي تلعب دوراً رئيساً في تشكيل مفهوم الذات لدى الطفل، ومن خلالها يرى الطفل نفسه ويدركها بناء على تلك الخبرات. وتكون ذات الفرد إيجابية، في حالة ما اذا تلقى قدراً كافياً من العناية والتوجيه والتشجيع والمحبة من والديه بشكل خاص. بينما ينمو الشعور بعدم الأمان، وتتكون الصورة السلبية عن الذات عند الأشخاص الذين يتعرضون للنبذ والعقاب والرفض من قبل والديهم، فأنماط التنشئة: النمط التسلطي، والنمط التسيبي "المتساهل"، ونمط الإهمال هي أنماط التنشئة الأسرية التي تربي مفهوم ذات سلبي عند الفرد (القضاة والترتوري، 2007).

ويعتمد مفهوم الذات في تكوينه لدى الطفل على استجابات الوالدين وتقييمهم له. فاذا كانت تلك الاستجابات أو التقييمات سلبية، فان ذاتا سلبية تتكون لديه، وكذلك الحال، عندما تحدث بين الولدين اختلافات في تقييم أفعال الطفل، الأمر الذي يسب ذاتا مشوشة، ويرجع ذلك الى عدم مقدرة الطفل على تحقيق ما يتوقعه كلا والديه منه(عبد الله، 2002 ص 29-30).

وللخبرات المدرسية أيضاً دور مهم وفعال في تشكيل مفهوم الذات؛ فهي المؤسسة الاجتماعية التي تتقبل الطفل بكل حسناته وسيئاته عندما يأتي من المنزل. وترتبط الخبرات المدرسية ارتباطاً وثيقاً بتشكيل مفهوم الذات لدى الطفل. وتظهر الدراسات (شارلوت بوهلر 1952) أن الأشخاص الذين يمتلكون خبرات وذكريات جيدة عن حياتهم المدرسية (علاقات الزملاء، المعلمين، النجاح الاكاديمي، الأنشطة الرياضية والترفيهية) يحملون مفاهيم ايجابية عن أنفسهم (الذات). وبالمقابل، فان الخبرات المدرسية البائسة والفشل الدراسي، تؤثر بشكل مدمر على مفهوم الذات، وتؤدي الى الشعور بعدم المقدرة والكفاءة، والخجل، والارتباك، وعدم الشعور بالأمان. ومن العوامل المدرسية التي تؤثر على مفهوم الذات المعلمون، وكرقهم في حث الطلبة تعلى الدراسة والتحصيل، والأنشطة المدرسية الرياضية والترفيهية والاجتماعية سواء لدى الذكور أو الاناث (المرجع السابق، ص31).

وللدور الاجتماعي تأثير قوي على تشكيل مفهوم الذات، فهي تنمو من خلال التفاعل الاجتماعي واعطاء الفرد سلسلة من الأدوار الاجتماعية، والتي من خلالها يتعرف الفرد الى كيفية رؤية رفاقه له في مواقف اجتماعية عديدة، ومن ثم يكتسب معاييرا اجتماعية وتوقعات سلوكية ترتبط بالدور الذي يؤديه.

وهناك عدة مؤشرات تدل على مفهوم ايجابي للذات، منها (عبد الله، 2002):
أ‌) ايمان الفرد بالقيم والمباديء، والمقدرة على الدفاع عنها دون الخوف من تغييرها في حالة ما اذا احتوت على خطأ.
ب‌) قدرة الفرد على التصرف الذاتي، وعدم تحميل نفسه الذنب اذا لم يتسطع الحصول على موافقة الآخرين.
ت‌) الشعور بالمساواة مع الآخرين، وليس الشعور بأن الفرد أعلى أو أدنى من غيره.
ث‌) عدم افساح المجال لآخرين بالسيطرة التامة عليه.
ج‌) عدم الاسراف في مشاعر القلق أو الانزعاج من المستقبل او أخطاء الماضي.
ح‌) الاحتفاظ بالثقة بالنفس رغم التعرض الى الفشل.
خ‌) القدرة على ممارسة الأنشطة المرتبطة بالعمل.

الحاجة إلى تأكيد الذات:

إن أهم المحددات الأساسية للشخصية هي مفهوم الذات Self - Concept وهي جملة المعتقدات التي يحملها الشخص حول ذاته، والقيمة التي تعطيها لتلك المعتقدات وهي نتائج معتقداته الذاتية، والبيئة المحيطة به. ويتكون مفهوم الذات عند الطفل بعد السنة الأولى من عمره، ويظهر في سلوكه اللعبي والذي تظهر فيه ملامح شخصيته الأولى كالشخصية القيادية، أوالاعتمادية Dependent أو شخصية قهرية Compulsive Personality والذي يوصف بالعجز عن التعبير عن العواطف الدافئة أو الشخصية الانهزامية.. وغيرها، وبالذات عند لعب الطفل دور الأسرة الأم والأب والأبناء، أو لعب دور المدرسة والطلبة أو القائد العسكري والجنود.. وغيرها. ومفهوم الذات عند المعاق ذهنيا متغير "غير ثابت" بفعل الخبرة، فالخبرة العنصر الأساسي في تكوين مفهوم ذات إيجابي عنده وإلى إرشاد وتوجيه مستمر لمعرفة جوانب الذات الإيجابية لتنميتها، وإظهار الجوانب السلبية لتعديلها•

الحاجة إلى التقبل الاجتماعي:

تتكامل المجتمعات الإنسانية بتجانس أفرادها وجماعاتها وتبادل الأدوار والشعور بالمسؤولية الفردية والاجتماعية، ولا يمكن للفرد أن يتفاعل مع الجماعة ولا أن تتفاعل الجماعة مع الجماعات الأخرى إلا بتقبلها لبعضها البعض، ومن ثم ينتمي الفرد إلى الجماعة التي تتقبله ويتقبلها ويؤدي دوره الاجتماعي من خلال الجماعة سواء كان دورا صغيرا أو كبيرا على حسب شخصيته ويسلك سلوك متوافقا مع الجماعة وأخلاقياته فالتقبل الاجتماعي حاجة أساسية عند الإنسان وبالخصوص عند الطفل المعاق، وللأسرة دور كبير في تنمية الحاجة عند المعاق ذهنيا على شعوره بأنه لايختلف عن أي فرد من أفراد الأسرة وأن له دورا فعالا في الأسرة ولو كان صغيرا "تحمله المسؤولية الأسرية مع إظهار الحب والعطف من جميع أفراد الأسرة•

الحاجة إلى الانتماء:

تبنى المجتمعات على عدة أعمدة رئيسية، أهمها وجود الفرد وتأثيره على الجماعة وعلى الفرد، وحاجة كل منهما إلى الآخر، وتبادل المصالح والأفكار الإيجابية، والحماية المجتمعية بالحفاظ على القيم الأساسية التي قام عليها المجتمع سواء عن طريق الضغط الاجتماعي أو القانوني. وكل هذا يتم عن طريق انتماء الفرد إلى الجماعة؛ فالحاجة إلى الانتماء حاجة أساسية.

فالإنسان ينمي قدراته الفردية والجماعية عن طريق الانتماء فيظهر الجوانب الإبداعية والقيادية وتحمل المسؤولية الاجتماعية. والتي تبدأ من الصغر بانتمائه إلى الأسرة ثم تتوسع دائرة الانتماء إلى الأصدقاء والجماعة الصغيرة إلى الجماعات الكبرى والمجتمعية على حسب سنوات عمره وطبيعة شخصيته، وذلك لإشباع حاجته إلى الأمن العاطفي والاجتماعي•

ويتسم المعاق ذهنيا بالسلوك التوافقي مع الجماعة، وعند شعوره بتقبل الجماعة له يضعف عنده الشك والنبذ الاجتماعي وسلوك الانسحاب الاجتماعي Social Withdrawal ولهذا من أول اهتمامات الأسرة بالخصوص والمجتمع ممثلة بمؤسساتها الاجتماعية الخاصة بالإعاقة الذهنية وضع برامج تؤكد فيها الجانب، كالعمل واللعب الجماعي والرحلات والمعسكرات والنوادي، والديوانيات وغيرها مع إعطاء دور في الجماعة وشعوره بالمسؤولية نحو الآخرين بإعطائه دور قيادي أو دور في الجماعة مهما كان بسيطاً، وبالذات في حالات التخلف الخفيف والمتوسط، لكي تتكامل فيه القدرات والمهارات الذاتية والاجتماعية للمعاق ذهنيا وصقل الجوانب الإبداعية.

الحاجة إلى الإنجاز والكفاءة:

يربط كثير من الباحثين القدرة على الإنجاز بذكاء الإنسان وبحاجاته، وبارتباطه بالبيئة الثقافية والاجتماعية. فالأطفال ذوو الإعاقة الذهنية من الأسر الغنية اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً يحصلون على معدلات أعلى للإنجاز من الأطفال ذوي البيئة الفقيرة، وذوي الإعاقة الذهنية فئة التخلف الخفيف معدل الإنجاز عندهم أعلى من ذوي التخلف المتوسط القابلين للتدريب عندما يتلقون الرعاية والتشجيع والاهتمام من قبل الأسرة والمؤسسات المجتمعية عن طريق البرامج التأهيلية المناسبة، أما الكفاءة فهي حاجة نفسية مهمة وهي شعور الإنسان بالتحدي للإنجاز وإثبات التفوق في العمل، فتقدر كفاءة الإنسان بما ينجزه باتباع الوسائل المتاحة أو المستحدثة للقيام بالعمل.

ويلعب مفهوم الذات أو فكرة الشخص عن نفسه دوراً بارزاً في توجيه السلوك وتحديده. ويتبوأ مصطلح مفهوم الذات مكانة متميزة في نظريات الشخصية، ويعتبر من العوامل الهامة التي تؤثر بشكل كبير على السلوك. وينبثق مفهوم الذات من الخبرات الاجتماعية وتحدد من خلال السلوك، ويعتبر أحد العوامل التي تؤثر بشكل واضح في البيئة الاجتماعية وتؤثر على سلوك الفرد (أبو جادو، 2000).

ويعتقد علماء النفس أن أفضل الوسائل لفهم الانسان تكمن في التعامل معه على اعتبار أنه كل منظم، وليس مجموعة من الأجزاء، ويعبّر مفهوم الذات عن وجهة النظر تلك بشكل صادق. ومفهوم الذات مصطلح يعني الأحكام والقيم والاتجاهات التي يحملها الفرد عن سلوكه وقدراته الجسدية وقيمته كفرد، ويعتبر مفهوم الذات أحد أبعاد الشخصية الانسانية حيث يختلف كل شخص عن الآخر، مثل الفرق بينهم في دافعية الانجاز أو القلق أو غيرها من الصفات (أبو جادو، 2000).

طرق قياس الكفاءة الاجتماعية

يمكن التعرف إلى الطرق التي يمكن بها ملاحظة وقياس الكفاءة الاجتماعية من خلال مراجعة بعض المقاييس المتوفرة التي تم تطويرها لهذا الغرض وفيما يلي تلخيص لعدد من مقاييس الكفاءة الاجتماعية أو النضج الاجتماعي المعروفة (Lane & Others, 2004):

1- مقياس كين – لفين (Cain Lavine, 1961). كان الغرض من هذا المقياس قياس الكفاءة الاجتماعية للأطفال المعوقين عقليا القابلين للتدريب، لذا فهو يقيس مهارات الاستقلالية عند الأطفال مثل:
 العناية بالذات وتشمل أمورا من نوع ارتداء الملابس والأحذية وما يتعلق بالنظافة.
 المبادرة.
 مهارات اجتماعية.
 مهارات الاتصال.

ويقدم الاختبار بيانات عن الاتساق الداخلي باعتبارها ذات علاقة بصدقه كما يقدم بيانات عن الثبات بطريقة الإعادة تتراوح قيمها بين (88, – 98,) ويقدم جداول معايير موزعة في الأعمار من (5 – 12) سنة على شكل رتب مئينية (24).

2- مقياس كاليفورنيا (California, 1969) الذي طوره ليفين ولويس (Lavine and Lewis). ويتكون هذا المقياس من (30) فقرة وكل فقرة تتألف من (4) بدائل تقيس الوظيفة الاجتماعية للأطفال العاديين للأعمار ما قبل المدرسة ومن المهارات التي يحاول قياسها الاستجابة لغير المألوف واتباع التعليمات، والمشاركة والمبادرة في النشاط. تعتمد الاستجابة على تقدير أشخاص لديهم ألفة ومعرفة بالطفل لفترة طويلة، ويقدم بيانات عن ثبات المقدرين تتراوح بين (75% - 86%). كما يقدم معايير مئينية للأطفال في فئات العمر (2.5 - 5.5) سنة.

3- مقياس فاينلاند للنضج الاجتماعي (VineLand Social Maturity Scale)، وقد طور هذا المقياس دول (Doll, 1965) ويشمل أبعاداً تتعلق بمستوى النضج الشخصي والاجتماعي على شكل مهارات استقلالية توضح مستوى النضج عند العاديين وغير العاديين في مهارات تعتمد العناية بالذات، والتوجيه الذاتي والحركي، ومهارات مهنية، والاتصال، والعلاقات الاجتماعية. أي أن الجانب المتعلق بالنضج الاجتماعي متضمن بين هذه الأبعاد يعتمد على تقدير من قبل شخص أو أحد الأبوين أو ولي الأمر، هذا الاختبار لا يقدم بيانات عن الصدق والثبات.

الدراسات ذات الصلة بمفهوم الكفاءة الاجتماعية والمتغيرات المرتبطة به

قامت أنيتا (Anita, 1980) بدراسة هدفت إلى معرفة مدى تأثير بعض العوامل الأسرية على الكفاءة الاجتماعية عند (212) من الأمهات ذوات اتجاه إيجابي نحو العمل، و(212) طفل من الأمهات ذوات اتجاه سلبي نحو العمل، مع ضبط متغيرات الجنس والترتيب الولادي في الأسرة، وبعد استخدام تحليل التباين الثنائي والمعالجات الإحصائية دلت النتائج أنه لا يوجد أثر ذو دلالة لاتجاهات الأمهات على الكفاءة الاجتماعية لأطفالهن ولكن كان هناك فرق ذو دلالة في تحصيل أطفال المجموعتين.

وقام هندركس (Hendrix, 1980) بدراسة لتحديد المستوى الاقتصادي والاجتماعي وعوامل أخرى تؤثر على تطور الكفاءة الاجتماعية عند الأطفال على عينة من (143) طفلاً من الأطفال السود الفقراء في أمريكا. وأظهرت النتائج أن للمستوى الاقتصادي الاجتماعي المتدني أثر سلبي ذو دلالة على تطور الكفاءة الاجتماعية.

وفي دراسة أجراها ليليان (Lillian, 1986) لمعرفة وجود ارتباط للبيئة الأسرية في تكوين مفهوم ذات والكفاءة الاجتماعية عند الأطفال وكان الجنس متغيراً فرعياً تألفت العينة من (60) طفلاً من أطفال الحضانة والروضة تراوحت أعمارهم ما بين (8 – 57) شهراً لـ(58) أم و(35) أب. واستخدام مقياس هارتر وبايك (Harter and Pike, 1983) للتقبل الاجتماعي للأطفال ومقياس الاتجاهات التربوية. وأظهرت النتائج وجود أثر ذو دلالة للبيئة الأسرية في تنمية سلوك الاستقلالية وسلوك مهارات الكفاءة الاجتماعية وتكوين مفهوم الذات عند الأطفال في هذا العمر.

أما سميث وستجلر (Stigler and Smith, 1985) فقد قاما بدراسة لمقارنة نتائج تطبيق مقياس هارتر للكفاءة الاجتماعية على الأطفال في تايوان مع نتائج تطبيق نفس المقياس على الأطفال من أمريكا تألفت العينة من (714) طفلاً (من مرحلة الروضة إلى الصف الخامس الابتدائي) في تايوان لفئة عمرية ما بين (4 – 11 سنة).

وقد دلت النتائج على وجود أثر ذي دلالة للفروق الثقافية لمفهوم الذات لصالح الأطفال في أمريكا. أما الكفاءة الاجتماعية فقد كانت الفروق عليها لصالح الأطفال في تايوان معللاً ذلك بأسلوب التنشئة الأسرية والعلاقات الاجتماعية في تايوان باعتبارها دولة شرقية تحتفظ بعادات وتقاليد اجتماعية، وترابطات أسرية لا توجد مثلها في أمريكا.

أما وانات (Wanat, 1983) فقد قام بدراسة ميدانية هدفت إلى اختبار فعالية برنامج تدريبي على المهارات الاجتماعية في تحسين مفهوم الذات والكفاءة الإجتماعية، وقد تكونت عينة الدراسة من (30) طالباً من طلبة المرحلة الثانوية الذي يعانون من صعوبات في الحركة، والذين تم تقسيمهم إلى مجموعتين تجريبية وضابطة، وقام الباحث بتدريب المجموعة الضابطة على برنامج تدريبي خاص بالمهارات الاجتماعية لمدة (16) اسبوع، وبمعدل (5) جلسات أسبوعياً، ومدة الجلسة ساعة، أما المجموعة الضابطة فلم تتلقى هذا البرنامج التدريبي. ثم قام الباحث بإجراء قياسات قبلية وبعدية لمفهوم الذات والكفاءة الاجتماعية لكلا المجموعتين. ولقد تبين من الدراسة وجود فروق بين المجموعتين التجريبية والضابطة لصالح المجموعة التجريبية في مفهوم الذات والكفاءة الاجتماعية.

أما ياسوتك (1996) فقد قام بدراسة لبحث أثر إرشاد الطلبة لرفاقهم على إدراك الطلبة للكفاءة الذاتية، وتكونت عينة الدراسة من (12) طالباً من الطلبة (و43) طالباً من الطلبة الذين هم في خطر لأن يصبحوا من الأفراد غير العاديين، وقام الباحث بتقسيم عينة الدراسة إلى قسمين، كما قام الباحث بتدريبهم على برنامج محدد كمرشدين لرفاقهم، وأظهرت نتائج الدراسة أن مشرشدي الرفاق الذين خضعوا للبرنامج التدريبي أصبحوا اكثر ايجابية في إدراكهم لذواتهم من بقية رفاقهم (الهروط، 2000).
وقامت لين، وآخرون (Lane, et, al, 2004)بدراسة بعنوان آراء معلمي الثانوي حول الكفاءة الاجتماعية: المهارات الضرورية للنجاح. وهدفت هذه الدراسة الى بحث توقعات معلمي المرحلة الثانوية حول سلوك الطلبة، وتحديد الفروقات وأوجه الشبه بين معلمي المرحلة المتوسطة والثانوية، إضافة الى تحديدها بين معلمي المدارس الحكومية والخاصة. وتكونت عينة الدراسة من ( 240) معلما، حيث حددوا أي من المهارات الاجتماعية (30 مهارة) تعتبر ضرورية لنجاح الطلبة.

وأشارت نتائج الدراسة الى أن معلمي المدرسة المتوسطة والثانوية يمتلكون آراء مختلفة حول أهمية مهارات التأكيد. وبشكل عام، لم تكن أي من فقرات التأكيد مؤيدة من قبل غالبية المشاركين في الدراسة واعتبروها ضرورية للنجاح من قبل المجموعات الفرعية ( نوع البرنامج، المستوى الثانوي). كما أشارت نتائج الدراسة أن المستوى الثانوي وتوع البرنامج يرتبطان بأهمية مهارات التأكيد. وهذه المتغيرات إضافة الى الوضع الدراسي ترتبطان بتقديرات المعلمين حول مهارات التعاون. وفيما يتعلق بمضامين التدخل، والبرمجة الشاملة والتحول/الانتقال من المدرسة المتوسطة الى المرحلة الثانوية قد تم بحثهما في الدراسة.

وقام بارنيز (Parnes, 2003) بدراسة هدفت إلى معرفة دور السلوك المؤكد للذات والفاعلية الذاتية، في الكفاءة الاجتماعية والارهاق النفسي لدى الأمريكان من أصل أفريقي.

أجريت هذه الدراسة على عينة مكونة من (209) من الطلبة الأمريكان من أصل أفريقي. وتوصلت الدراسة إلى أن الضغوط النفسية يمكن أن تتنبأ بالكفاءة الاجتماعية وتوكيد الذات. كما بينت نتائج الدراسة أن الضغوط النفسية وما ينجم عنها من قلق، ورهاب اجتماعي، واكتئاب، وحالات احباط لا تجتمع مع السلوك المؤكد للذات، ومع الكفاءة الاجتماعية للفرد، كما أشارت الدراسة إلى وجود علاقة بين السلوك المؤكد للذات والسلوك المتميز بالكفاءة الاجتماعية بالعمر، حيث أن الأشخاص الأكبر عمراً يكون توكيدهم لذاتهم وكفاءتهم الاجتماعية أعلى من الأصغر سناً.

أما أبو حسونه (1999)، فقد قام بدراسة أثر برنامج تدريبي للمهارات الاجتماعية في تحسين مفهوم الذات والكفاءة الاجتماعية والتحصيل لدى الطلاب ذوي صعوبات التعلم. وهدفت الدراسة إلى التعرف على أثر برنامج تدريبي للمهارات الاجتماعية في تحسين مفهوم الذات والكفاءة الاجتماعية والتحصيل لدى الطلاب ذوي صعوبات التعلم. وتكونت عينة الدراسة من (38) طالباً من ذوي الصعوبات التعلم، تم تحديدهم من بين طلاب الصفوف السادس، والسابع، والثامن في مدرسة حكومية تابعة لمديرية تربية أربد الأولى، بعد أن تطبيق الاختبارات التشخيصية اللازمة عليهم. وتم توزيع أفراد الدراسة توزيعاً عشوائيا إلى مجموعتين، المجموعة التجريبية وعدد أفرادها (19) طالباً، قسمت إلى مجموعتي عمل، وتلقوا برنامجاً تدريبياً في المهارات الاجتماعية من خلال الإرشاد الجمعي بهدف تحسين مفهوم الذات والكفاءة الاجتماعية والتحصيل، لمدة (15) اسبوعاً بمعدل جلسة واحدة (60) أسبوعياً لكل مجموعة عمل، وتكونت المجموعة الضابطة من (19) طالباً لم يتلقوا تدريباً على المهارات الاجتماعية. وتم استخدام قائمة مفهوم الذات، ومقياس السلوك الاجتماعي المدرسي الذي يحتوي على مقياسين منفصلين وهما: (مقياس الكفاءة الاجتماعية والسلوك اللااجتماعي)، كمقاييس قبلية وبعدية ومتابعة للتعرف على مستوى التحسن في مفهوم الذات والكفاءة الاجتماعية، كما استخدم معدل علامات الطلاب كمقياس قبلي وبعدي لتحديد مستوى التحسن في التحصيل.
وأظهرت نتائج تحليل التباين المشترك المتعدد، وتحليل التباين المشترك الأحادي وجود أثر لبرنامج التدريب على المهارات الاجتماعية على المتغيرات التابعة الثلاثة التي اهتمت بها الدراسة حيث أظهرت النتائج وجود فروق دالة احصائياً ولصالح المجموعة التجريبية في كل من:
1
. مفهوم الذات مقاساً بالدرجة الكلية والدرجات الفرعية لأبعاده المختلفة باستثناء بعد الجسم والصحة.
2. الكفاءة الاجتماعية مقاسة بالدرجة الكلية والدرجات الفرعية لمقياس السلوك الإجتماعي المدرسي بجزئية ( الكفاءة الاجتماعية والسلوك الااجتماعي).
3. التحصيل الأكاديمي
4. كما احتفظ افراد المجموعة التجريبية بالتحسن عند اجراء قياس المتابعة.

كما قام جانز وآخرون (Gans et al, 2003) بدراسة بعنوان: "مقارنة مفهوم الذات عند الطلبة الذين يتمتعون بالكفاءة الاجتماعية مع الطلبة ذوي الأعراض الاكتئابية". وحاولوا من خلال هذه الدراسة مقارنة الذات بين (50) طالباً وطالبة، في المرحلة المتوسطة، والذين يعانون من حالات الاكتئاب، وبين(70) طالباً في نفس المرحلة والذين لا يعانون من الاكتئاب، واستخدام الباحثون مقياس مفهوم الذات للأطفال (بيرس-هارس). ولقد توصلت الدراسة إلى عدم وجود فروق ذات دلالة احصائية بين المجموعتين على البعدي الفكري والمدرسي لصالح الطلاب الذين لا يعانون من الاكتئاب، إلا أن النتائج أوضحت ايضا عدم وجود فروق بين المجموعتين في مفهوم الذات الكلي.

كما جاءت دراسة (Eugenc, 2000) بعنوان: "مفاهيم المساندة المستقلة، ارتباط الوالدين، الكفاءة، وقيمة الذات كمؤشرات للدافعية والتحصيل الأكاديمي". والتي أجريت على طلبة التعليم العادي من الصف السادس وحتى الصف التاسع وقد شارك في الدراسة 135 طالباً من طلبة الصف السادس (65 ذكور و70 إناث) و91 طالباً من طلبة الصف التاسع (32 ذكور و59 إناث) من مدارس جنوب كاليفورنيا. وأشارت النتائج إلى أن غالبية طلبة الصف السادس (86.07) إلى أنهم يقضون 3 ساعات أو أكثر أسبوعياً في أنشطة مع والديهم مقارنة بـ 61.06 من طلبة الصف التاسع. وقد تم استخدام اختبار مفهوم الذات للأطفال (Hearter, 1985)، وأشارت النتائج إلى أن التحصيل الأكاديمي للطلبة يتحسن في حال توفر بيئة منزلية وعلاقات أسرية مستقرة. إضافة إلى أن ارتباط الأطفال بآبائهم يزيد من دافعيتهم ويحسن مفهوم الذات لديهم.

قائمة المراجع

أولاً: المراجع العربية

1. أبو جادو، صالح (2000). سيكولوجية التنشئة الاجتماعية، دار المسيرة للنشر والتوزيع، عمان .

2. أبو حسونه، نشأت (1999). أثر برنامج تدريبي للمهارات الاجتماعية في تحسين مفهوم الذات والكفاءة الاجتماعية والتحصيل لدى
الطلاب، رسالة ماجستير، الجامعة الأردنية، 1999.

3. أبو عياش، نادرة (1990). أثر نمط التنشئة الأسرية في توكيد الذات لدى طالبات المراهقة الوسطى في مديرية تربية عمان الكبرى الأولى، رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الأردنية.

4. أبو عيطه، سهام (2002). مبادئ الإرشاد النفسي، (ط2)، عمان: دار الفكر للطباعة و النشر والتوزيع.

5. الأشول، عادل (1987). موسوعة التربية الخاصة، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة.

6. الخطيب، إبراهيم وآخرون (2003)، التنشئة الاجتماعية للطفل، الدار العلمية للنشر والتوزيع، عمان – الأردن.

7. داود، نسيمه وحمدي، نزيه (1999)، العلاقة بين مصادر الضغط التي يعاني منها الطلبة ومفهوم الذات لديهم، مجلة دراسات، العلوم التربوية، عمان، 24 (1)، 253-268.

8. الريماوي، محمد (1993). في علم نفس الطفل، دار الشروق، عمان.

9. الزبيدي، هيام (1995). السلوك الاجتماعي المدرسي للتلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة، رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الأردنية، عمان.

10. عبد الله، نبوية (2000). مفهوم الذات لدى الأطفال المحرومين من الأم: دراسة مقارنة، جامعة عين شمس.

11. القضاة، محمد والترتوري، محمد (2007). أساسيات علم النفس التربوي: النظرية والتطبيق، دار الحامد ودار الراية للطباعة والنشر، عمان.

12. الهروط، هنادي (2000) أنماط التعلق وعلاقتها بالقلق والكفاءة الاجتماعية في مرحلة الطفولة المتأخرة، رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الأردنية.

ثانياً: المراجع الأجنبية

13. Berman, Mark. (2000). self-concept and academic differences between students with learning disabilities in inclusive and nonexclusive classroom, dissertation abstracts international.

14. Bossing, M., and Sassen, J (1980). Building positive self-concept in Fourth grade students, U.S. Department of Education.

15. Eisler, R. M., Hersen, M. and Miller,P.M. (1999). Effects of modeling on components of assertive behavior, Journal of Behavior Therapy and Experimental Psychiatry, 4, 7, 1-6.

16. Eugene H. Wong, (2000). Perceptions of Autonomy Support , Parent Attacment, Competence and Self-Worth as Predictors of Motivation Orientation and Academic achievement; An Examination of Sixth-and ninth-grade regular Education Students, A ddescence, summer,

17. Gans, Amy., Kenny, M and Ghanym D. (2003) Comparing the Self- Concept of Student with and without Depressed student. Journal of Learning Disabilities, 36 (3). P.p 287- 296.

18. Kaplan, Brain. (1987). Teachers Evaluation of Classroom Social Competence. Ph. D. University of Kansas.

19. Kunndu, C. & Tutoo, D. (1985). Educational Psychology. Sterling Publishers, New Delhi.

20. Lane, Kathleen, and Others. (2004), Secondary teachers views on Social Competence: Skills Essential for Success, Journal of Special Education, Vol 38.

21. Lillian, Negron. (1991). The Relationship Between the home enveronment and Self perception of Competence in young Children. The Pennsylvania State University. Dissertation Abstract international. Vol 52 No, 1.

22. Merrell, Kenneth (1993). School Social Behavior Scales, Brandon Vermonth, Clinical Psychology Publishing Company.

23. Mobya, M. (1993). Parental Behavior and African Adolescents self-concept, School Psychology international, 14(1).

24. Moltane, Donna, (1988). Improving the behaviors, Self concept and achievement of learning-disabled children through group counseling using relaxation therapy, dissertation abstracts international.

25. Parnes, Peter W. (2003). The roles of assertiveness and generalized self-efficacy in the relationship between social efficiency and psychological distress among African- American, PhD DAI, B64/06.

26. Rathgen, Diana. And Foreyt, John. (1991). Social Competence. Interventions for Children and Adults. Pergamon Press. New York.

27. Santrock, John. (1983). Life Span Development. Wm. C. Brown Company Publishing Dubuque low.

28. Stigler, James . and Smith, Sheila. (1985). The Self Perception of Competence by Chinese Children. University of Chicago Taipi Municipal government Child Development. Vol. 65; (1259 – 1270).

29. Wanat, Paul. (1983). Social Skills: An A wariness program with learning disabled Adolescents. Journal of learning disabilities.

30. Wise, K. and bandy, K. (1991) Social skills training for Young adolescents. Adolescence, 26. (101).


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى