الأحد ٢٥ شباط (فبراير) ٢٠٠٧
تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت
بقلم حسن خاطر

عدد جديد من سلسلة إبداعات عالمية

سبع نساء .. سبع قصص

تأليف : مجموعة من القاصات الفارسيات

ترجمة وتقديم : أ .سمير أرشدي

مراجعة : د . زبيدة أشكناني

صدر في دولة الكويت العدد رقم 364 من سلسلة "إبداعات عالمية" التي تصدر شهريا عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وجاء بعنوان "سبع نساء .. سبع قصص" ، يبدأ الكتاب بمقدمة بقلم المترجم سمير أرشدي حيث كتب يقول : "يعج الأدب الفارسي بشعراء فطاحل أنشدوا قصائد تفخر بها الإنسانية وحظي الشعر في الثقافة الإيرانية بمكانة مرموقة وكان أبرز الوجوه الأدبية على الساحة الإيرانية هم الشعراء ، وكان الفردوسي وحافظ وجلال الدين الرومي والخيام وسعدي الشيرازي من الشعراء الكبار الذين حازوا شهرة بين شعراء العالم ، ولقد اختارت منظمة الأمم المتحدة ابياتا من سعدي الشيرازي شعارا لها بعد الحرب العالمية الأولى ونصبتها على بوابة المنظمة في نيويورك " .. واستطرد الكاتب يقول ".. والمجموعة التي بين أيدينا الآن تضم سبع قصص لسبع نساء من المواهب الجديدة الواعدة التي استلهمت تجاربها من جيل الرواد وبدأت نتاجاتها الإبداعية حيث اعتلت القاصة الإيرانية مكانة مرموقة ومهمة وبسرعة يزداد عدد المواهب الناشئة بين النساء" .

.. يبدأ الكتاب في سرد القصص السبع بقصة "عشيقة الليل" وهي للقاصة الإيرانية فريدة خردمند وهي قصة رائعة نقلت خلالها القاصة التجارب الإنسانية المبنية على إحترام أحاسيس المتلقي وذهنيته في سرد إبداعي موجز وبلغة مبسطة .. تقول القاصة عن قصتها هذه "أن هذه القصة قد كتبت لأنها كأي قصة أخرى كان يجب أن تكتب".

وتأتي القصة الثانية بعنوان "عشاء ليلة العيد" للقاصة مهين دانشور بصيغة محكمة السرد في محاكاة درامية تجسد انتهاء مرحلة زمنية تتزاحم فيها الأحداث لتزول مع بداية عام جديد يمحى بشذاه روائح التشرذم والتشتت . يبدأ الراوي بسرد كابوس ليلي رآه بليلته الفائتة وجاء نهاره مضطربا بأنوار باهته ما هي سوى الإستمرارية المنطقية لتلك الليلة ولا يمحو هذه الأنوار الباهته سوى قيلولة الظهيرة التي يستيقظ منها وقد بدت كل الأشياء جميلة وطاهرة ومنبسطة فيترك النافذة مفتوحة ليغسل الهواء العليل لذلك اليوم كل ما قد يتبقى من روائح الرعب ويزيل روائح التشرذم والتشتت وينصت إلى تغريد الطير وإلى منظر الغروب .

وجاءت القصة الثالثة بعنوان "صورة فورية" للقاصة منصورة شريف زادة التي تهتم دائما في سردها للقصة على بداية القصة فهي أكثر ما يستغرق من وقتها لأنها – وعلى حد قولها – أهم مرحلة في بناء القصة ، بعد ذلك تقوم بالتعرف على الشخصيات الأصلية وتحاول جاهدة بإستبدالها الإستبدال المتقن بالشخصيات القصصية ، ثم تأتي بعد ذلك بقية الأحداث والشخصيات الفرعية التي تقوم بإعدادها لاحقا . وتعد قصة "صورة فورية" من بين أروع ما كتبت القاصة لأنها جاءت محكمة التركيب سلسلة الأسلوب قوية التعبير مليئة بالحاسيس ..

تقول الكاتبة "لما أفرغ من كتابة القصة أضعها جانبا ثم أعيد قراءتها مرة أخرى بعد فترة طويلة لأجل معالجة صعوبتها ثم اقدمها لواحد أو اثنين من المختصين وأحد الذين يقرأون قصصي قبيل إجازتها زوجي عبدالحي شماسي وهو أيضا كاتب معروف وأستمع إلى آرائهما بكل عناية واهتمام".

والقصة الرابعة حملت عنوان "يجب أن نكون كالصخر" للقاصة ناهيد طباطبائي حيث تناولت خلالها واقع المرأة بكل تعقيداته ومرارته في قصة تسرد عالم العلاقات المهنية الحافل بالمثابرة وإسقاطاته على هموم المرأة وقضاياها .. وإستطاعت الكاتبة بحرفية كبيرة وقلم بارع أن تترجم عالم حافلا بالمثابرة والتوتر والإرهاق وكثير من الجمود ويخلو من النمو والتطور بحيث تكون العلاقات المهنية والروابط الإنسانية غاية في التعقيد وتتعامل أحيانا مع بعضها من باب التضاد لتخلق بنفسها حكايات جديدة .

والقصة الخامسة "فقدان شخص متوسط" للقاصة طاهرة علوي قصة جاءت قوية محكمة الأركان وهذا ناتج من أنها مستقاة من الواقع كتبتها القاصة في زمن طويل لأنها كتبتها مرة وأعادت كتابتها مرارا وناقشتها مع المنقح وبينها وبين نفسها حتى خرجت علينا بهذا الشكل النهائي .. وهذا هو نمطها وأسلوبها الدائم عندما تتمخض افكارها عن قصة جديدة .. تقول القاصة عن قصتها هذه "أحيانا تجد كلمة أو سطرا أو معنى يتبلور ويستحضر قصة كانت تعشعش في زوايا ذهني منذ سنوات ، القصص تحوي دائما جانبا من وجودنا ، جانبا من الواقع والأشياء وجانبا من عالم الخيال والحلم ، إن قصة "فقدان شخص متوسط" تحكي ضياع إمرأة متوسطة في أحلامها المتوسطة"

وجاءت القصة السادسة بعنوان "قفص الأوهام الرمادي" للقاصة بوران فرخ زاد والتي سرحت بنا في عالم الخيال بإصرار على الوحدة والتقوقع فبطل القصة شخصية خيالية ولكنها ترجمة وإيحاء لبعض الشخصيات التي تصادفنا في المجتمع وتثير تعجبنا بأفعالهم .. تتساءل القاصة عن بعض الشخصيات الغريبة في تصرفاتها والتي تثير شخصياتها عدة أسئلة ترد في أذهان الكثيرين منا مثل لماذا يخشى كل منهم الحياة ؟ ولماذا يصارعون الحب ويتجنبون الإرتباطات الطيبة مع الآخرين ؟ ولماذا يفضلون العيش في مناطق نائية لا يصل إليها احد ويتركون دفئ الجماعة ؟ .. قصة "قفص الأوهام الرمادي" ولدت في خضم كل هذه الإستفسارات التي كانت تعشعش في مخيلة المؤلفة .
وتختتم القصص السبع بقصة جميلة بعنوان "القلعة" للقاصة فرزانة كرم بور وهي قصة نقلت لنا خلالها القاصة فكرة أن كل إنسان يقطن في خبايا وزوايا قلعة يمكن أن تكون جدرانها من الزجاج أو من الحجر الصلب وأحيانا تنهار الجدران بالموت أو تبقى مهملة ، والقصة تسرد قصة رجل يعيش وحده مع أوهامه حياة غستثنائية وعلى الرغم من إندماجه مع الآخرين إلا أنه من الصعب للغاية أن يقوم أحد بإختراق عالمه ومن خلال سلوكه يرفع جدار الوهم ويزيدها منعة وصلابة ويقبع هو في القلعة بين آلاف الزوايا .

جاء هذا العدد من "إبداعات عالمية" .. "سبع نساء .. سبع قصص" في سرد شديد الأمانة حيث أن المترجم سمير أرشدي إيراني الجنسية ترجم قصص بنات بلده من لغته الأم وهو حاصل على شهادة البكالوريوس في علوم الترجمة العربية والفارسية – جامعة طهران ويقوم حاليا بتدريس اللغة الفارسية في كلية الآداب بجامعة الكويت .
كما وأن الكتاب تمت مراجعته بدقة كبيرة وتولت هذه المراجعة الدكتورة زبيدة أشكناني وهي كويتية حاصلة علة درجة الدكتوراة في الأنثروبولوجيا الإجتماعية من جامعة درهام ولها عدة ترجمات من اللغتين الإنجليزية والفارسية إلى اللغة العربية .

ولا يختلف إثنان على أن العدد رقم 364 من سلسلة "إبداعات عالمية" التي تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب والذي جاء في 130 صفحة من الحجم المتوسط يعد بمثابة إضافة جيدة للمكتبة العربية لأنه ترجمة لسبع قصص لسبع قاصات إيرانيات مشهود لهن بالكفاءة والإتقان والسرد الرائع والجميل في عالم القصة .
* كاتب صحافي مصري مقيم بدولة الكويت

سبع نساء .. سبع قصص

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى