الخميس ٨ آذار (مارس) ٢٠٠٧
بقلم أحمد محمود القاسم

خيـانـة الصداقــة

تعارفتا عند دخولهما الجامعة، في العام 2001م، وقامت بينهما زمالة وصداقة عميقة، احداهما تسكن مركز المدينة، وتدعى (سمر) والأخرى تسكن في سكن الجامعة وتدعى (سحر)، أما أهلها فهم يقطنون إحدى قرى المركز البعيدة، والتي تبعد عن المركز أكثر من 25 كم، ولم تتمكن (سحر) من الحصول على سكن الطالبات الجامعي، إلا بعد مدة طويلة، فكانت تخرج في الصباح من قريتها كي تذهب إلى الجامعة يوميا وتعود بالمساء، إلى أن تمكنت من الحصول على السكن الجامعي، وبذلك ارتاحت من مشكلة تنقلها ما بين الجامعة و مكان سكنها.

نجحتا بكافة سنين الدراسة بتفوق، الكل يشهد بذكائهما واجتهادهما، أنهتا دراستهما الجامعية وحصلتا على شهادتيهما، تخرجتا معا، من الجامعة، وحصلتا على درجة تقدير عالية، حيث حصلت (سمر) على درجة جيد جدا، أما (سحر) فحصلت على درجة تقدير جيد جدا مرتفع.

ذهبت كل منهما إلى سكن أهلها، فذهبت (سحر)، إلى سكن أهلها في قريتها، والتي تقع في إحدى القرى الواقعة في أقصى شمال غرب مدينة رام الله، وذهبت (سمر) إلى سكن أهلها أيضا الواقع في مركز المدينة.
قبل أن يفترقا عن بعضهما البعض، ودعت كل منهما الأخرى بعناق حار، وتأكدتا من تبادلهما للعناوين وأرقام الهواتف المنزلية، والهواتف النقالة، وطلبتا من بعضهما البعض، أن يتزاورا ويتحادثا عبر الهاتف، ما امكنهما ذلك، وإذا ما حضرت احداهما إلى بلدة الأخرى، وأكدتا على بعضهما البعض، وأصرتا على ضرورة اللقاء، حتى ولو طال بهما الفراق، سافرت كل منهما إلى منزل أهلها، والدموع تملأ عيني كل منهما.

ولبعد المسافة بينهما، ولصعوبتها، ووعورة الطريق، فهما قليلا، ما كانتا تلتقيان، أو تتبادلان الزيارة، فيما بينهما، مع أنهما على علاقة صداقة حميمة، وترتبطان بعلاقات قوية من الزمالة والود، منذ أول سنة دراسية جمعتهما معا.
لأن أهل (سحر) من منطقة ريفية ومنغلقة نسبيا، فلهم عاداتهم وتقاليدهم، فهم مثلا، لا يسمحون لأبنتهم (سحر) بالسفر دائما، إلى مركز المدينة للتسوق، أو لزيارة صديقتها (سمر)، إلا إذا اصطحبها احد من أهلها، كوالدتها أو والدها، أو أحد من أخواتها أو من إخوانها، أو إذا ما اضطرتها الظروف أحيانا، لسبب أو لآخر، فقد تسافر إلى مركز المدينة بمفردها، وهذا قليلا ما يحدث، ولهذا فإنها تنتظر الكثير من الوقت، حتى تصطحب أهلها في المناسبات العائلية أو الاجتماعية الخاصة، كي تسافر معهم إلى مركز المدينة، وتكون في معيتهم، وهذه المناسبات قليلة الحدوث، وكانت إذا ما سافرت إلى مدينة رام الله تستمتع كثيرا وهي تتجول في شوارعها وأسواقها، وهذه هي من بين الفرص القليلة، والتي يمكن (لسحر) أن تقابل بها صديقتها (سمر).

تزمت أهل (سحر) هذا، يزعجها كثيرا، ويجعلها تعيش في كبت وقلق وحيرة دوما، فهي شابة تريد أن تنطلق، كبقية زميلاتها أو صديقاتها، وكبقية الشابات من أبناء جنسها، ومن هم في جيلها، فهي لا تعرف عن حياة المدينة وصخبها، وأزياءها وموضاتها، وهي كذلك، تريد أن تعرف كيف يسيروا الشباب والشابات في الأسواق العامة، والمجمعات التجارية، دون احتكاك او مشاكل فيما بينهم، وكيف يسمح لهم أهلهم بذلك، وأحيانا يتحادثون، ويلتقون دون وجود أية موانع تمنعهم، فهي تتوق إلى هذه الحياة، بينما أهلها يمنعنها من أي حركة تقوم بها إذا لم تعجبهم.
ترى (سحر) في المدينة عالما آخر، يختلف عن عالم قريتها، كما أن الناس الذين يسكنون المدينة يختلفون عن الناس الذين يسكنون في القرية في كثير من العادات والتقاليد، وهم أيضا يختلفون عن أهلها وأسرتها، وهذا ما يجعل أهلها يخافون عليها كثيرا، لأن أهل المدينة أكثر تحررا من أهل القرية كما هو معروف، كما أنهم يخافون قول (القيل والقال) من قبل الأهل والمعارف، لذا تظهر (سحر) بموقف الفتاة المقهورة والمظلومة والمكبوتة، وعلامات الضجر تبدو عليها دائما، وهي تنتظر الفرصة المؤاتية، حتى تهرب من أعين أهلها ومراقبتهم، وحتى يخلو لها الجو، وتشعر بالسعادة التي تحلم بها، وتعيشها كما تريد وتشتهي.

أهل (سمر)، أيضا متزمتون نسبيا، فهم أيضا لهم عاداتهم وتقاليدهم الخاصة بهم، ولكنهم يختلفون في مثل هذه العادات عن أهل (سحر)، (فسمر) منفتحة أكثر من صديقتها (سحر) لأنها تسكن في المدينة، مع أنها ساذجة نسبيا، وتظهر كل الغباء في أحيان أخرى، ولا تقدر الأمور بشكل موضوعي في كثير من الأوقات، وتلبس ملابس أهل المدينة، والتي في معظمها تتكون من بنطال من الجينس وقميص تي-شيرت يظهر بطنها مكشوفا، إضافة إلى ظهرها، كعادة ملابس البنات والشابات في كافة المدن تقريبا، وهي لا تهتم فيما إذا ظهر القليل من مفاتنها أم لا، ولا تسأل آو تهتم كثيرا في صديقاتها إذا ما ظهرن منهن أي جزء من مفاتن جسمهن، فكل واحدة مسئولة عن لبسها وتصرفاتها، و(سمر) ليس لديها تجربة في الحياة بعد، وتظهر عليها كثيرا من علامات اللا مبالاة، او الاهتمام، وتأخذ الأمور ببساطة، ودون تصور ملحوظ، لكل ما يمكن أن يحدث لها، فيما لو أقدمت على خطوة غير محسوبة، أو خطوة أخرى غير مقدرة، في اتجاه آخر، فهي تعتقد أن الكل يعيش في عالمه الخاص به، دون أن يشعر احد بالآخر، أو يتدخل في شؤونه الخاصة، فهم أحرار، ويتصرفون ضمن قناعاتهم وحساباتهم الخاصة بهم، دون أي اعتبار للغير في أحيان كثيرة، فهم لذلك بعيدون كل البعد عن المشاكل، وهي أيضا، لا تفكر بعمق في الاحتمالات المستقبلية لكل خطوة قد تخطوها او تقدم عليها.
كل منهما (سمر و سحر) تنافس الأخرى بجمالها وأناقتها وأنوثتها، وصحتها، ودلعها، وان كان مظهر (سحر) يوحي بالأنوثة والإثارة والدلع، أكثر من صديقتها (سمر)، ولكن، موضوع الجمال، يعتبر موضوعا نسبيا، يختلف من شخص لآخر، وفقا للمقاييس التي يضعها الفرد لنفسه، إلا أنه يمكن اعتبار جمال (سحر) صاخبا، مع أنه لا يظهر إلا على وجهها ومن شعرها بداية، ولكن كما يقول المثل: (والمخفي أعظم).كلتاهما (سمر وسحر) من أسرة غنية نسبيا، وان كانت أسرة (سمر) أكثر غنى من أسرة (سحر).

تزوجت (سمر) من مهندس شاب، على درجة عالية من الكفاءة، ذو شخصية متميزة، مكتمل الصحة والعافية، شخصيته جذابة وقوية، يتصف برجولة كبيرة، طويل القامة، لونه حنطي، لكنه يميل في معظمه إلى اللون الأبيض، أكثر منه إلى اللون الأسمر، شعره كثيف ولونه خروبي، وطويل نسبيا، بحيث يغطي معظم أذنيه، عيناه واسعتين وذات لون بني، جسمه متناسق كأجسام الرياضيين، بشكل عام، مع انه لا يمارس الرياضة، وأي فتاة تتمنى الزواج منه، وكما تقول احد الأمثلة الشعبية " جسمه يملأ هدومه “.

أما (سحر)، فهي فتاة مكتنزة الجسم بشكل عام، بيضاء البشرة نسبيا، طويلة القامة، شعرها أسود كسواد الليل، وطويل أيضا، و ينسدل خلف ظهرها، كذيل الحصان، القامة منتصبة و مشدودة، والصدر بارز ونافر، وجهها مضلع الشكل، به تقاطيع محددة متداخلة جزئيا، ولكنها واضحة، وبه غمازتان، تظهران أكثر وضوحا، فيما إذا ابتسمت أو ضحكت، ولكنها لا تضحك كثيرا، وان كانت تبتسم غالبا، عيناها حوراء واسعتان، جبهتها عريضة، بها حاجبين سوداوين، بشكل هندسي رائع، كأنهما خطا بفرجار، والرموش طويلة، كأنهما رموش اصطناعية، خداها متشابهان وممتلآن، يشبهان في شكلهما التفاح الأصفر الموشح بالحمرة، لا ينم لونهما عن أي ضعف، مشيتها هادئة ومتزنة، وان كانت متمايلة قليلا، وخطواتها واثقة، ليست بالطويلة ولا القصيرة، إلا إذا كانت على عجل.

تقدمت (سحر)، بطلب للعمل في إحدى الشركات في المدينة، وقبلت للعمل بمركز مرموق وراتب متواضع، وعندما وصلها خبر قبولها في الشركة، طارت من الفرحة، فرحتها بالوظيفة، وفرحتها كونها ستزور صديقتها (سمر) وستلتقي بها بعد غياب، هذه الزيارة التي طالما انتظرتها.

ما أقلقها فعلا، هو موضوع سكنها وبعده عن مسكن أهلها، فبيتها بعيد نسبيا، بحيث لا تستطيع السفر من بيتها إلى مكان عملها يوميا، والعودة في نفس اليوم، لذلك قررت أن تستأجر شقة مناسبة على قدرها، بحيث تكون قريبة نسبيا من مركز عملها، ذهبت إلى المدينة، حيث تعلمت وأنهت دراستها الجامعية، وكانت يومها تسكن بسكن الطالبات الجامعيات، أما الآن، فهي خريجة وليست طالبة، وأصبحت موظفة وبوظيفة مرموقة، وراتب جيد، فعليها أن تجد مسكنا مناسبا لها.

حملت حقيبة ملابسها، وملأتها بملابسها الخاصة، والتي تنوعت بأشكالها وألوانها الزاهية، بحيث جمعت بها من كل الألوان، وكل الموديلات، وشدت رحالها متوجهة إلى المدينة، كي تستلم عملها الجديد، وصلت إلى مركز المدينة، وكأنها لا تعرفها من قبل، بل وكأنها تدخلها لأول مرة، وقفت بالشارع غريبة ومحتارة، لا تدري ماذا تفعل، وأين تذهب، لم يخطر في بالها احد من معارفها في البداية، لكنها تذكرت صديقتها (سمر)، زميلتها أيام الدراسة الجامعية، والتي أصرت وأكدت عليها، فيما إذا حضرت إلى المدينة، ان تتصل بها لتكون في استقبالها على أحر من الجمر وعلى الرحب والسعة، وبعد طول عناء وتعب، من البحث والتفتيش عن شقة مناسبة تسكن بها، لم تجد مرادها، فاضطرت للجوء إلى صديقتها الحميمة، وزميلتها بالدراسة، إلى أن تتمكن من إيجاد مسكن مناسب لها، ولربما بالتعاون مع صديقتها، تستطيعان تأمين مثل هذا المسكن المناسب لها، فاتصلت بها تلفونيا على منزلها، علمت من أسرتها، بأنها قد تزوجت منذ مدة وجيزة، وسكنت بعيدا عن مسكن أسرتها، فأخذت عنوانها الجديد، وواصلت البحث والسؤال عنه، حتى وصلت إليه، بعد طول عناء من البحث، وقابلت صديقتها، وهنأتها بزواجها، والذي لم تحضره لظروف قاهرة لم تسعفها كي تحضره، كان لقاؤهم وديا وحارا ومثيرا، به حرقة ولهفة وسرور، أعاداهما إلى أيام دراستهما الجامعية بحلوها ومرها، عندما كانتا تدرسان معا، وبعد أن استعادتا ذكريات الماضي على عجل، جلستا على الأريكة لبرهة من الوقت، وشربتا أثناءها كوبا من عصير البرتقال، ثم أخذتها صديقتها لتريها شقتها الواسعة الجميلة، وأثاثها الرائع الثمين، وأخبرتها، بأنه لم يمض بعد على زواجها الا بضعة شهور، وان زواجها كان من مهندس، يعمل بإحدى الشركات الكبرى الهامة بالمدينة، وان زوجها كثير التنقل والترحال، لذا فان سكنها معها بالشقة سيريحها ويؤنسها بوحدتها، فيما إذا سافر زوجها إلى الخارج.

كانت (سحر) تشعر بالإحراج الشديد، خوفا من أن تسبب لها المشاكل، وتثقل على صديقتها وزوجها، بالرغم من ان صديقتها طمأنتها كثيرا، وخففت من حرجها، وأكدت لها، بأن زوجها سيكون سعيدا بوجودها إلى جانبها.
ما أن أكملت (سمر) تجهيز طعام الغذاء، ووضعته على سفرة الطعام، حتى حضر زوجها من عمله، فعرفته على صديقتها (سحر)، فرحب بها أجمل ترحيب، وأضافت بأن صديقتها ستسكن معها، لكن (سحر)، قاطعتها قائلة، بأنها ستسكن بصفة مؤقتة، إلى أن تجد لها مسكنا مناسبا خلال أيام معدودات.

نظر الزوج لصديقة زوجته (سحر)، بعمق ولهفة، كانت نظراته يعتريها الدهشة والاستغراب من شدة جمالها وأنوثتها، حتى أن زوجته لاحظت عليه ذلك، فخاطبته بهزل، بأن عليه ان ينتبه لنفسه، ولا داعي للسرحان والذهاب بعيدا، جلسوا ثلاثتهم على سفرة الطعام، وتجاذبوا أطراف الحديث، وكان الزوج يستغل ذهاب زوجته إلى المطبخ بين الفينة والأخرى، فيسأل صديقة زوجته (سحر) بعضا من الأسئلة عن شخصيتها وصحتها، كان الزوج يكثر من أسئلته، ويود لو انه يعرف عنها كل صغيرة وكبيرة، وكل شاردة وواردة.

كان واضح من كلامه، وكأنه نادم على كل دقيقة، بل وكل ثانية مرت عليه قبل ان يعرف هذه الانسانة الرائعة الجمال، والتي تفيض أنوثة، كان يسأل نفسه أين كانت هذه مختبئة، كل هذه المدة، بعيدة عن أنظاره، ولماذا لم يكن ليتعرف عليها قبل زواجه هذا، وغيرها من التساؤلات، كانت تجول في خاطره ويسألها لنفسه، ثم يجيب عليها بنفسه أيضا، كان ينسى نفسه للحظات، ويسرح في خياله بعيدا لبعض الوقت، وكانت زوجته توقظه أحيانا من أحلام اليقظة هذه، لم تكن (سمر) لتشك ولو للحظة واحدة في ان صديقتها (سحر) يمكنها أن تثير زوجها عن قصد أو بدون قصد، كذلك فإنها لا يمكنها أن تصدق بأن زوجها يمكنه أن يتأثر كثيرا بجمال صديقته، فهي تعتقد بأن النساء على السرير كلهن متشابهات، هذا هو اعتقادها وتفكيرها، وعليها قاست سياستها وتصرفاتها.

طمأن الزوج صديقة زوجته (سحر)، بأن لا تهتم كثيرا بموضوع البحث عن مسكن مناسب لها، طالما أن المسكن الموجودة فيه حاليا، واسع بما فيه الكفاية، لكنه مع هذا، وعدها بأنه سيبحث لها عن سكن مناسب، علما بأنه في حقيقة نفسه، قد لا يكون يود البحث لها عن شيء، فهو يود أن يطمئنها ويهدئ من قلقها فقط، كما أنه لم يظهر أي قلق او ضجر من وجودها مع زوجته، وقد يكون مرتاحا لوجودها، ولا يجد منها نفورا، وعلى ضوء وجودها، معهم الآن، و في الأيام القليلة القادمة، قد تظهر الكثير من الأمور، وعلى ضوئها، سيحدد ما يمكنه أن يفعل، مع انه يرى فيها استحسانا وقبولا، ويود أن يمعن النظر فيها، كلما رآها أمامه وبدون أي هدف يذكر، لعله يجد فيها شيئا ما، كما يعتقد هو.

مرت عدة أيام وأيام، والصديقة والضيفة (سحر)، تطلب من صديقتها (سمر)، أن تطلب من زوجها، كي يتفرغ لها بعض الوقت، كي يساعدها وإياها بالبحث عن مسكن مناسب، فقد أصبحت خجلة من نفسها ببقائها معهم كل هذه المدة.
كانت (سمر) تقول لزوجها دوما وتشجعه كي يبحث لصديقتها (سحر)، عن مسكن مناسب، لكن زوجها لم يكن ليهتم بالأمر كثيرا، ولم يكن ليأخذ طلب زوجته هذا، على محمل الجد، وكان يبرر تقاعسه عن ذلك، لضيق وقته وكثرة انشغاله، رغم إلحاح (سحر) الشديد، وتكرار طلبها، إلا أنها لم تجد آذانا صاغية كي تسمعها، مع أن زوج سمر لم يبدي اهتما بطلب سحر، لنه لا يعتبر وجدها معهم سيمثل له أي مشكلة ولا لزوجته كذلك.

اعتادت (سحر) على الجو الذي تعيش فيه، وأخذت حريتها، وكأنها تعيش في بيتها، وكانت سعيدة جدا، كونها كانت محبوبة من صديقتها (سمر)، ومن زوجها، ولم تلمس منهما أي تأفف ولو للحظة واحدة، خاصة من جانب زوجها، بل كانت تشعر بأنها واحدة من الأسرة، جميع الحواجز بينها وبينهم، كسرتها وكسروها هم أيضا، فأصبحت تبدل ملابسها باستمرار، وتظهر أناقتها وأنوثتها بشكل غير طبيعي، وهي في حقيقة نفسها لا تقصد من وراء ذلك أي أهداف تذكر، كل ما تريده هو أن تمتع نفسها في لبسها الملابس الأنيقة، والفاضحة، التي كانت تتمنى لبسها عند أهلها، ولكنها لم تكن لتستطيع ذلك، لمنع أهلها لها، حتى وصل بها الأمر أن تظهر بملابس النوم أمام صديقتها وزوجها بدون خجل آو وجل، كان الزوج سعيدا لكسر هذه الحواجز بينهم. لم تكن (سمر) لتعطي كل هذا أي اهتمام، فلم تكن لتكترث بالأمر كثيرا، فهي أيضا جميلة، وجميلة جدا بشهادة الكثير من أهلها ومعارفها، ولم يكن ليخطر ببالها أن الأمور، يمكنها أن تتطور إلى أكثر مما هم عليه الآن.

في يوم من الأيام، وقي أجواء من الرومانسية الحالمة، وبعد ان ذهبت (سمر) إلى سريرها للنوم، وقبل ان تذهب صديقتها (سحر) للنوم قبلها، وغطت في نوم عميق، صارح الزوج صديقة زوجته (سحر)، في قرارة نفسه، بأنه يود الإفصاح لها عن شيء ما في نفسه، ولكنه يخاف من الدود غير المتوقعة، فماذا لو فعل كذا آو كذا، وماذا لو قال كذا آو كذا، انه يشعر، وكأن في صدره بركانا يود أن يثور، ويتمنى قبل أن يثور هذا البركان، أن يقول لها وبأعلى صوته، بأنه معجب بها أشد الإعجاب، ويود أن يصرخ بوجهها بأعلى صوته أيضا، بأنه يحبها كل الحب. استجمع كل قواه، وفكر كثيرا بقلبه وليس بعقله، وحزم أمره، بأن لا يقول لها أي كلام، ولكنه ما لبث أن فاجأها بسرعة، وحضنها وضمها إلى صدره، وبدأ يقبلها بعنف شديد من شفتيها، وخديها، وبدأ يتنقل بينهما بشفتيه ولسانه، مرة يقبلها ومرة يلعقها بدون إرادتها، وبدون مقدمات تمهيدية، آو سابق إنذار.

أما (سحر)، فلم تكن لتصدق ما حدث لها، فاهتز جسمها كثيرا وارتعش، وارتعشت يديها أيضا، بحيث لم تقو يديها على فعل شيء، و حاولت أن تتماسك، وتستجمع قواها، وزوج صديقتها يواصل ضمه لها، غارزا أصابع يديه في لحم جسدها البض، غير عابث بردات الفعل الآتية، آو القادمة منها، وأمام هول المفاجأة والصدمة، وبعد ان تمكنت (سحر) من استجماع قوتها و إرادتها، وامتصت هول المفاجأة والصدمة، قاومته بعنف شديد، وحاولت أن تبعده عن جسمها، بيديها الضعيفتين بعيدا عنها، وان كانت لم تمكنه من نفسها تماما، ولكنها كانت سعيدة، بأنها قللت من اندفاعه وهيجانه، مع أنها لم تستطع كل الوقت، وتمتمت بكلام كثير، وكانت تريد أن تكون هذه التمتمة صراخا وليس تمتمة، كلاما لا تعرف أوله ولا آخره ولا مضمونه، فوجدت نفسها تنهار بين أحضانه، ولم تستطع الوقوف مرة أخرى، على قدميها باتزان وجلد، ومع معاودة الزوج بتقبيلها مرات ومرات، واحتضانها أكثر من ذي قبل، وضمها إلى صدره بعنف لعدة مرات أخرى، وهي تقاوم وتقاوم، لم تتمكن من الصمود كثيرا، فكانت تشعر بأنه ليس أمامها من مخرج، إلا أن تتفاعل مع رغبته الجامحة، وتستجيب لقبلاته، لعلها تضعف من شدة رغبته، وتلقي بنفسها بين يديه، بعد أن قاومته وضربته على صدره، وما لبثت أن استسلمت لليأس، وترنح جسمها المستنفر، فبادلته القبلات، بقبلات اشد من قبلاته عنفا وطولا، لكنها مع هذا، طلبت منه واستحلفته وترجته بأعز ما يملك، بأن يبتعد عنها ولا يذهب معها أكثر من ذلك، إلى نهاية لا يحمد عقباها، خوفا من أن تراهما زوجته، ويقعا في فضيحة وإحراج كبيرين جدا، مع الكثير من الناس، خاصة صديقتها، التي تكن لها كل الحب والتقدير والاحترام، والتي تربطها بها أيضا، صداقة طويلة، وعميقة، فابتعد عنها تحت ضغط منها ومن إلحاحها، وتركها قليلا من الوقت، حتى تلتقط أنفاسها، ثم طمأنها وهدأ من روعها، وطلب منها أن تنزع الخوف من قلبها، وتعتبر ما حدث، وكأنه لم يكن، واعتذر منها على فعلته معها، وأشعرها بأنه أخطأ في حقها، وهو لذلك، يشعر بالندم الشديد، ووعدها أن لا يكرر ما حدث معها مرة ثانية، قبلت (سحر) باعتذاره، ولكنها قالت له بأنها تقدر وضعه، وقد يكون ما حدث منه خارج عن إرادته وتفكيره، ولكنها كانت تخاف كثيرا من الفضيحة والإحراج.

أول الزوج الكلام الذي سمعه من (سحر)، تاويلات كثير، لم يتمكن من فهم حقيقته تماما، مع أنه شعر فيه بعضا من التبريرات والأعذار، تسديها له وكأنها هدية منها.
شعر الزوج بأن (سحر)، صديقة زوجته، قد قاومته بداية، عندما ضمها إلى صدره وحاول تقبيلها بعنف، ولكنه استدرك وقال لنفسه، بأنه شعر في لحظة بعد برهة وجيزة من الزمن، أنها تفاعلت معه، وهو يقبلها، وأنها استجابت لقبلاته، و اندفعت إليه بعنف، وألقت بنفسها على صدره، تبادله نفس القبلات، بل، وبأعنف منها، وكانت تقدم رجلا وتؤخر أخرى، ولو أنها نادمة على ما حدث معها فعلا، لكانت رفضت، بشكل منقطع النظير، مواصلته لتقبيلها ومبادلته القبلات، وكان يمكنها أن تصرخ بأعلى صوتها، كي توقظ صديقتها من نومها او تهدده بذلك، لو هي أرادت.
على ضوء تحليلاته هذه مع نفسه، اقتنع بأن (سحر)، غير نادمة على ما حدث معها، وانه لو عاود المحاولة معها مرة أخرى، فلن ترفضه هذه المرة، وسوف تتفاعل معه بشكل أفضل من ذي قبل، وبكل هدوء، وسوف تسمح له بتقبيلها كيفما شاء، وأينما شاء، وسيجد منها استجابة مماثلة، إن لم يكن بأفضل، وإن كان سيكون هناك منها بداية، بعضا من التمنع والرفض.

راجعت (سحر) نفسها، وحللت ما حدث لها ومعها، لساعات طويلة، أثناء نومها، وبينها وبين نفسها، وفي أحلامها، وماذا عساها أن تفعل، فيما لو انجرفت في هذا التيار، وعاتبت نفسها قائلة، لو أنها هربت منه، وصرخت في وجهه صرخة مدوية، حتى سمعت زوجته بصراخها، فان هذا سوف يضع حدا له، وللمأساة التي حدثت أو سوف تحدث لها، ولكانت أيضا، حافظت على كرامتها وشرفيتها، وشرف صداقتها (لسمر)، وتساءلت كثيرا، وهي لا تصدق كيف حدث هذا؟ ولماذا حدث؟
لكنها اعترفت وقالت، بأنها لم تستطع مقاومته بداية، وأنها انجرفت معه وجارته، ولكنه كان يخبيء في نفسه شيئا مبيتا، ووجدت نفسها تنهار في أحضانه بغير إرادتها، ولم تستطع المقاومة، وانه، لو كان هناك أي امرأة غيرها، وكانت في مكانها، فلن تستطيع المقاومة، وسيحدث معها نفس ما حدث، عندما تكون في وضع مشابه لوضعها، وعزت ما حدث معها، لضعف في إرادتها في المقاومة، والأوضاع المحيطة بها، والتي هيأها زوج صديقتها لها، وكسر الحواجز التي كانت قائمة مع زوج صديقتها، وفي ظل وجود (سمر) معها أيضا، ولم تخف غيرتها من زوجها، كونها لم تتزوج هي بعد.
فكرت (سحر) بحل يخلصها من هذا المأزق الصعب، فلو أن مسكن أهلها، كان قريبا من مكان عملها، لكان سهلا عليها، الذهاب يوميا من بيتها، إلى مكان عملها وبالعكس، وبذلك تكون قد وضعت حدا لكافة الاحتمالات، ولو كانت سكنت لوحدها في شقة منذ بداية قدومها، ما كان حدث ما حدث، لهذا، فالحل الوحيد لديها، يكمن إذن، في أن تتابع البحث عن مسكن مناسب لها، بعيدا عن بيت هذا الزوج، وستفعل المستحيل حتى تجد هذا السكن، وبأقصى سرعة ممكنة.

علمت بوقت لاحق، بعد كل ما حدث، بأن زوج صديقتها، كان قد وضع لزوجته منوما من نوع ما، في كأس الشاي الذي شربته زوجته في تلك الحادثة، لذلك، فان زوجته لم تصح من نومها، على بعض الضجيج الذي حدث وقتها.
عندما علمت (سحر)، بان الشاي الذي كانت تشربه صديقتها (سمر)، كان يحتوي على منوم ما، حتى يخلو لزوجها الجو، كانت تتألم كثيرا لذلك، ولكن لم يعد هناك جدوى من قول أي شيء، فقد حدث ما حدث.
أصبحت الأمور تسير كل يوم بشكل روتيني، فقد استغل الزوج ما حدث معه، ومع (سحر) في المرة الأولى، وعلى ضوء تحليله الذاتي للحادثة، اعتقد جازما، بان المحاولة الثانية مع (سحر) لو تمت، سوف تكون أكثر نجاحا من المحاولة الأولى، وانه لن يجد منها في المحاولة القادمة، رفضا له، آو أية مقاومة تذكر، بل ستندفع إليه طالبة المزيد والمزيد من التفاعل والإثارة والمتعة، التي تفتقدها، وتفتقدها أي امرأة، كانت تعيش في ظروف تشبه ظروفها.
أصبحت العلاقة بين الزوج وزوجته و(سحر)، وفيما بينهم جميعا، فيها كثير من التكتم والهدوء والحذر، ولم يعد جو المرح والنكات، والضحكات الصاخبة، والابتسامات الهادئة المتبادلة، موجودة بينهم، كل هذا، حتى لا تشعر (سمر)، بأن هناك أدنى شك في زوجها، أو في صديقتها (سحر)، وفيما بينهما، وحتى العلاقة بين (سحر) وصديقتها (سمر)، لم يعد فيها المصارحات والمكاشفات، التي اعتادتا ممارستها فيما بينهم، أيام الدراسة الجامعية، الآن، أصبح يشوبها شيئا من التكتم والسرية والتوجس والتخوف، والكلام بينهم أصبح أقل كثيرا عن ذي قبل.

مرة أخرى، وبعد عدة أيام معدودات من الحادثة الأولى، وبعد عشاء دسم وثقيل، تناولوا جميعهم كأسا من الشاي الصافي والمعطر بالنعناع الأخضر بعد العشاء مباشرة، كعادتهم، كل كؤوس الشاي كانت معطرة فعلا بأوراق النعناع الخضراء، عدا كأس الشاي الذي شربته (سمر)، فقد كان معطرا فعلا بالنعناع، ولكنه كان محتويا أيضا على حبتين من أقراص الفاليوم، المنومة قياس8 مجم، وما هي إلا لحظات، حتى شعرت (سمر)، برغبتها الجامحة للنوم، وبدون استئذان، تركت زوجها و(سحر)، وذهبت لتغط في نوم عميق.

شعرت (سحر) بما حدث، وأيقنت تماما، بان زوج (سمر)، قد عملها مع زوجته، وسوف يعملها معها أيضا، فهو قد عمل على تخدير زوجته، كي تغط بنوم عميق، وحتى يخلو له الجو معها تماما.
في اللحظة التي شعرت فيه (سحر) بأن (سمر)، همت للذهاب إلى سريرها للنوم، بدأ جسمها يميل إلى التكاسل والارتخاء، و انتابها شعور غريب، فقد احمر وجهها واصفر مرات عديدة، وما لبثت، أن شعرت مرة أخرى، بارتخاء حاد في كل أجزاء جسمها، وبدأ العرق يتصبب من جبينها، فأغمضت عينيها وأسدلت يديها على جانبي جسمها، ثم وضعتهما على صدرها، وألقت بنفسها على أريكة طويلة، كانت ملقاة على يمين الصالة, واستسلمت لقدرها، تنتظر ما سيحدث لها في الثواني والدقائق القادمة، وفعلا وما هي إلا لحظات، وإذا بزوج (سمر) مقدم من غرفة نومه، ويفرك يديه، وابتسامة صفراء تعتلي وجهه، ويمسك بيديها، وينقض عليها، ويطبع جسمها بعشرات القبلات، من أخمص قدميها وحتى جبينها، بحيث لم يبق سنتمترا واحدا من جسمها، لم تلثمه شفتاه، و(سحر)، في أحضانه وبين ذراعيه، تتأوه وتتلوى كالأفعى يمنة ويسرة، وتنفث سمومها وآهاتها في وجهه.

أما(سمر)، فإنها تغط في نوم عميق، بل في سابع نومها، ولا تدري في الذي يحدث قريبا منها، و من غرفة نومها، وفي عقر دارها، وما هي إلا بضع دقائق، حتى استفاقت (سحر)، مما هي فيه، وكأنها كانت في حلم عميق، استيقظت منه، وكل ما تتذكره، هو أنها كانت بين فكي وحش مفترس، أراد أن يلتهما قطعة، قطعة، ولا يعرف من أين يبدأ، وإلى أين ينتهي، كل ما تعرفه جيدا، أنه لم يبق جزءا من جسمها، إلا ولثمه، إن لم يكن بلسانه، فبشفتيه، و تستعيد (سحر) نشاطها وحيويتها، وتستفيق من نشوتها، وهي في أحضان زوج صديقتها (سمر)، وهو يهمس بأذنها بكلمات عذبة، من كلمات الحب والسعادة، وهي تتأوه لهذه الكلمات، وكأنها تسبح في بركة من السعادة والنشوة، وتنسى نفسها، أين كانت؟ وأين تجلس؟ ومع من تجلس؟.

صار الزوج يوميا، أو بشكل شبه يومي، وكلما سنحت له الظروف والفرص وبعد طعام العشاء الذي اعتادوا أن يجمعهم، وعند حضور موعد تناول الشاي، يدس الزوج لزوجته (سمر) الدواء المنوم، من أقراص الفاليوم، الذي اعتاد على وضعه في كأس الشاي الذي يخص زوجته (سمر)، دون أن يدري احد بذلك، كما كان يفعلها في كل مرة.
كأس الشاي الذي كانت (سحر) تتناوله كان يوقظها، وينشط دورتها الدموية، ويعيد لها حيويتها وتألقها، أما (سمر) نفسها، فبدلا من أن يوقظها كأس الشاي الذي كانت تتناوله، وينشطها ويعيد إليها حيويتها، فكان يخدرها ويذهب بعقلها، ويشعرها برغبة شديدة للنوم، تضطر على أثر ذلك، كي تذهب مسرعة إلى سرير نومها، و تغط في نوم عميق، حتى الصباح كعادتها، ويخلو بذلك الجو لزوجها ولصديقتها، كي يفعلا كل ما يروق لهما، فقد أصبحت (سمر) تحت إدمان شرب الشاي، وكانت تعتقد، أن شربها للشاي يوميا، هو ما يمنحها النوم الهادي والعميق، والسعادة والنشوة، فصارت تلقائيا، تطلب من زوجها، إعداد الشاي، حيث تود أن تشربه من بين يديه، والزوج يقول لها على الرحب والسعة، وهو ينتهز منها هذه الفرصة كل يوم، فيسرع بكلتا قدميه إلى المطبخ، لإعداد الشاي، حسب طلب ورغبة زوجته.

كانت (سحر)، بداية الأمر، تقاوم الوضع بكل عنف، وبكل ما لديها من القوة، وتبدي التمنع والهروب، وتضع الأعذار، كلما حاول الزوج الاقتراب منها، ولكنها كانت تفقد السيطرة على نفسها، في اللحظة التي كان يلمس بكلتا يديه، جسدها، وصدرها بالذات، ويغرز أصابع يديه في جسمها البض، بالرغم من أنها كانت تهدده بالصراخ، مجرد تهديد، ولكنها لم تكن جادة بتهديدها هذا.

أصبحت كلا من (سمر) و(سحر)، تنتظران شرب الشاي يوميا، بعد كل عشاء، (فسمر)، صارت تطلبه اعتقادا منها بأنه يجلب لها السعادة والنشوة والنوم العميق والسعيد، وهي سعيدة جدا لما يحدث لها بعد تناولها لكأس الشاي هذا، فكانت تشعر بالنشوة والمتعة أكثر من أي متعة او سعادة شعرت بها من قبل. أما (سحر)، فصارت تنتظر شرب الشاي، كي تتمتع بلمسات وقبلات زوج صديقتها، فهي تشعر بمتعة ولذة أكثر من متعة الزواج الفعلي، الذي كانت تسمع عنه، وان لم يكن قد عاملها زوج صديقتها كزوجته فعلا، إلا أن لمساته وقبلاته لها، وغرزه لأصابع يديه في جسمها الغض، كانت توصلها إلى نشوتها الكبرى، وكان هذا يكفيها، كونها لم تتزوج بعد.

الشيء الوحيد الذي كان يزعج الصديقتين معا، (سحر) و(سمر)، هو غياب الزوج عن البيت، فعندما كان يسافر في مهمة عمل رسمية، كانت (سمر)، تنتظر من يقدم لها كأس الشاي، الذي بعد أن كانت تتناوله، تشعر بسعادة كبيرة، وتسرح بخيالها في أحلام وردية، وتنسى همومها وشجونها، وتذهب إلى سرير نومها، كي تنام نوما هادئا وعميقا، يفضي بها إلى فراش الزوجية حتى الصباح، وتحلم خلاله أحلاما سعيدة، وتشعر بنشوة الحياة الزوجية، مع انه لم يكن لديها هموم ولا شجون ولا أحزان، عدا سراب وهموم و شجون الأحلام الزوجية المنفردة.

أما (سحر)، فكانت تنتظر أن تشرب صديقتها (سمر)، لكأس الشاي، والذي كان يأخذها إلى السماوات السبع، حتى تجلس في أحضان زوج صديقتها، التي كانت تذهب لتنام، وتترك لها زوجها، يعبث بكل جزء من جسمها، كيفما شاء، و يشتهي.
غاب الزوج عن منزله لعدة أيام، حيث سافر في مهمة رسمية تتعلق بعمله، صارت (سحر) تعد الساعات والدقائق بل الثواني، تنتظر عودته بلهف شديد، وعندما كان يعود، ويلتقي الجميع على طعام العشاء من جديد، كانت (سمر) وأيضا (سحر)، تتمنيان انتهاء العشاء بسرعة، كي يشربا الشاي سوية، وتدعي (سمر) بعد شربها للشاي، بأنها تود الذهاب للنوم، لكثرة تعبها ولشعورها بارتخاء في جسمها، ولكن الزوج كان يعلم سبب ما يحدث لها، ويعرف سر تلهفها لشرب كأس من الشاي، وسبب ذهابها إلى سريرها كي تنام، فهو كان ينتهز الفرصة المناسبة دوما، ليضع لزوجته الدواء المنوم في شاي كأسها، ويسرع بعد ذلك إلى (سحر)، صديقة زوجته، أو تسرع (سحر) هي إليه، عندما تكون قد تأكدت واطمأنت من ان صديقتها، قد ذهبت في سابع نومها، فقد فقدت (سحر) مقاومتها بالكامل، عند وقوفها أمام زوج صديقتها، وصارت هي تبحث عنه بلهفة وشوق، ولم تكن لتستطيع أن يتأخر عليها ولو للحظة واحدة، هنا أدرك الزوج خطورة الوضع، حيث بدا واضحا على (سحر) تعلقها الشديد به، والقلق ينتابها، وعلامات التأوه والدلع الشديد، كان يظهر عليها عندما كانت تراه، أو عندما كان يسلم عليها أمام زوجته، فخاف من أن ينكشف أمره حقا، و ينفضح أمرهما أمام زوجته.
في احد الأيام، فاجأ الزوج زوجته وصديقتها، بأنة تمكن من الحصول على مسكن مناسب (لسحر)، وبإيجار زهيد، فرحت الزوجة والصديقة كثيرا لهذا الخبر السعيد، مع أنها كانت في هذه اللحظة، لا تود ان تغادر هذا المنزل، بعد كل هذا العز والمتعة التي عاشتها ولم تكن لتحلم بالحصول عليها، لكنها عندما علمت في الخبر المفاجئ من زوج صديقاتها، وما وراء هذا التغير السريع في إيجاده شقة لها، اطمأنت كثيرا، خاصة وان الزوجة، بدأت تشعر، وكأن شيئا ما يحدث خلف الكواليس بين زوجها وبين صديقتها، بدون أن تدري أو تعلم كنهه هذا الشيء، فقد كانت مجرد بدايات للشكوك.

أما (سحر)، فقد شعرت بان زوج صديقتها قد تصرف بذكاء وحنكة، فهو يود ان يخلو له الجو تماما، بعيدا عن أعين زوجته، وبدون أي شيء قد يعكر عليه مزاجه، فشعرت بنفس شعوره، وشعرت [نه هو الحل الأنسب، وخلال ساعات النهار، انتقلت (سحر) إلى منزلها الجديد بسرعة البرق، وبتمثيلية مختصرة، طلب الزوج من (سحر) أن تذهب إلى شقتها، وناولها مفتاحها، واعلمها بالعنوان.
لكن زوجته عاتبته ولامته كيف انه لا يعمل على توصيلها بنفسه وبسيارته، لم يمانع الزوج في ذلك، لكن (سحر) مانعت في بادئ الأمر، بسبب أنها لا تريد أن تزعج زوج صديقتها، ثم ما لبثت ان وافقت تحت ضغط صديقتها، فنقلها الزوج إلى بيتها الجديد، تاركا زوجته بالبيت، حيث لا يريد هو أن يتعب زوجته معه أيضا، على حد زعمه، كما قال لها، وما أن وصلا إلى الشقة، وفتح لها بابها، حتى التقيا في عناق طويل وعميق، غابا فيه عن الوعي، ولم يدريا ما الم بهما، إلا بعد فترة طويلة.
علم الزوج انه قد تأخر عن زوجته كثيرا، وهو لا يرغب أن يثير حوله الشبهات مع (سحر)، ودع (سحر) بعنف شديد، وطمأنها بأنه سيحضر إليها كل يوم في نفس هذا الموعد، وبنفس هذا المكان، وذهب إلى زوجته، وقدم لها الاعتذار والأعذار، لتأخره كل هذا الوقت، فقد كان يساعد (سحر) في إجراء بعض التنظيم لشقتها. وصار الزوج يذهب كل يوم تقريبا إلى عشيقته، وإذا ما سنحت له الظروف في أحيان أخرى، فلم تعد (سحر) الآن ضيفته ولا صديقة لزوجته، بل أصبحت عشيقته، وأصبح اهتمامه بها واجب عليه.

احتارت الزوجة بأمر زوجها، والسر وراء اختفائه كل يوم وفي نفس الوقت، وبدأت الشكوك تساورها وتحوم حولها بعنف، وما أكد شكوكها، كون زوجها لم يعد يقدم لها الشاي اليومي كعادته بفترة المساء، وبعد العشاء، سواء طلبته منه بنفسها أو لم تطلبه، كما أن صديقتها لم تعد تفتقدها أو تسأل عنها وعن أخبارها، كما أن الشيء المثير جدا والذي أغضبها، أنها وجدت صدفة، عبوة من الدواء، سعة مائة حبة، موجودة في إحدى خزائن المطبخ، ومكتوب عليها بالإنجليزية (حبوب فاليوم-قياس 8 مجم- منوم قوي-لا يجوز صرفها إلا بعلم الطبيب)، فقد تفاجأت بهذه العلبة من الدواء، وبهذا النوع من الحبوب بالذات، حيث لم يطلبها احد بالمنزل، لا هي، ولا صديقتها (سحر)، ولم تسمع بأن زوجها مريض، ويتعاطى بمثل هذا الدواء المنوم، وحيث أن لديها خلفية عن استعمالات مثل هذا الدواء وتأثيراته المخدرة، وشكت بنفسها كثيرا، عن سبب ذهابها يوميا إلى سريرها للنوم بشكل سريع، خاصة بعد شربها لكأس الشاي، الذي كان يعده لها زوجها، لذا فقد شعرت بان هناك في الأمر شيئا ما.
لم تسأل زوجها عن الدواء الذي وجدته في إحدى خزائن المطبخ، ولكنها سألته عن أسباب ذهابه المنتظم، كل يوم خارج المنزل، وعن السبب في تأخره في أحيان كثيرة؟؟؟
كان الزوج يقدم لها تبريرات كثيرة، لم تكن تنضوي عليها إبعادها، ولم تكن مقتنعة بها بالمرة، وشعرت، بأن هناك أمرا ما، يخفيه عنها زوجته، فقررت مراقبة تحركاته وتنقلاته بدون علمه.
تابعت (سمر)، خطواته كل يوم بدون ان يشعر بها احد، وبحذر شديد، إلى أن رأته يوما ما يدخل منزلا، لم تكن تعلم بأنة منزل صديقتها العزيزة (سحر)، وان كان لديها يعض الشك، بأنه هو المنزل الذي استأجره لصاحبتها (سحر)، وأسرعت إلى نافذته، والتي صادفتها، بأنها كانت مفتوحة، وأخذت تراقب الوضع داخل الشقة من خلالها عن كثب، ودون أن يشعر احد بها، إلى أن شاهدت بأم عينها المنظر الرهيب الذي افقدها وعيها، فقد رأت صديقتها الحميمة، تفتح لزوجها صدرها، ومن أعلى رأسها وحتى أخمص قدميها، وزوجها ينقض عليها انقضاض النسر على فريسته، يلتهم كل جزء من جسمها بشفتيه ولسانه، بحيث لم يترك مساحة صغيرة فيه، إلا وقد لثمها بشفتيه آو بلسانه، و(سحر) تتأوه وتصرخ من شدة اللذة والمتعة واللوعة.

لم تكن (سمر) لتصدق ما رأته بأم عينها، فصرخت من النافذة في وجه صديقتها، وبأعلى صوتها: (يا خائنة العيش والملح)، وبأنها توقعت كل شيء من زوجها ومع كل النساء، إلا معها هي.
أقفلت (سمر) النافذة بعصبية كبيرة، وبعنف شديد، أدى إلى تكسر زجاجه من شدة إغلاقه، وهوت على الأرض، و هوى قلبها معها مكسرا وحزينا ومتألما، كما هوى زجاج النافذة مكسرا، ثم جرت مسرعة إلى حيث لا تدري، وكأنها تسير في مهب الريح، يتقاذفها الهواء من كل جانب، ويتطاير شعرها على وجهها وفي كل الاتجاهات، والدموع تسيل على وجنتيها من شدة الغضب، والألم، يعتصرها، وكأنه يعتصر ليمونة صلبة الملمس، وفستانها يتطاير من خلفها ومن أمامها، وكأن أحدا، تعمد أن يشده من ورائها، غير مصدقة ما رأته عيناها، وبعد فترة وجيزة، وصلت إلى بيت أهلها غاضبة مزعوجة، وعندما سألوها ماذا وراءك يا (سمر)؟؟

أجابتهم بكل تفاصيل القصة التي حدثت معها، فحملوها مسؤولية الجزء الأكبر من القصة، وقالوا لها مثلا شعبيا اعتادوا على قوله دوما، (يا اللي مأمن الرجال، زي المأمن للمية في الغربال).

ثم قص عليها والدها قصة قصيرة، لتاجر ناجح، كي تأخذ منها العبرة، وطلب منها سماعها بالكامل، وقال لها بان احد أبناء تاجر ناجح، أعجب، لنجاح والده في العمل التجاري، فطلب من والده، أن يعلمه أسرار هذه التجارة، وسر نجاحه فيها، كي يكون ناجحا مثل أبيه، وكان الأب يرفض، ولكنه تحت طلب وإصرار ابنه، رضخ لطلبه، فقال له سأعطيك اليوم الدرس الأول، فقال له ابنه، وأنا حاضر لكل ما تقوله لي يا أبي، وستجدني إنشاء الله من الناجحين، فقال الوالد له أولا، خذ هذا السلم، واحضر لي من أعلى الرف الذي أمامك، العلبة الفلانية، صعد الولد إلى نهاية السلم لإحضار العلبة التي طلبها والده منه، ففاجأه والده، وسحب السلم من تحت أقدامه، فوقع ابنه على الأرض، وتكسرت رجليه، فرفع الولد رأسه وسأل والده، لماذا فعل فيه هذا؟؟

فقال له الوالد، هذا هو الدرس الأول الذي أردت إن أعلمك إياه.
فرد عليه ابنه، وما هو هذا الدرس يا ابتي؟؟
فقال له الأب، عليك أن لا تثق بأحد من الناس، حتى بوالدك.
وقال لابنته بأنه عليها أن تتعظ، وتأخذ العبر من الآخرين، وهذا درس لها، عليها ان لا تنساه ما دامت حية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى