الاثنين ١٤ أيار (مايو) ٢٠٠٧
بقلم وائل طبيشات

والدي الغالي ، ، ،

إن العين لتدمع وان القلب ليحزن وإنا على فراقك وإيماناً بقضاء الله وقدره لمفجوعون، لقد انفطر الفؤاد لهول ما جرى وحارت العيون واقشعرت الأبدان وأنت ترقد تحت الثرى رباه أنت المعين وأنت الرحمن الرحيم.
ودعناك في الأمس وذكراك العطرة لا تفارقنا، أصحيح ما سمعنا أم هو حلم يؤرقنا... تنظر إلى الوجوه مشدوهة بالخبر، أتراه رحل أم هو في سفر، نعم لقد غاب القمر واستسلم الجميع انصياعاً للقدر.

ودعنا البسمة التي لا تفارق محياه والنور الذي ينبعث من بين ثناياه، إذا تحدث فعذب كلامه، وإذا سكت فرهيب صمته، عطوف على الصغير، رحيم بالكبير، فكره مستنير، صارع الحياة وقهر الأعاصير،كافح وناضل فأثمر ثمراً يانعاً، تخرج على يديه طالب العلم فاصبح شاباً يافعاً، فمنهم من اصبح نطاسياً بارعاً، أو تاجراً قانعاً، أو نجماً لامعاً، ونعتوه بجميل العبارات فقالوا عنه مدرسة ومربي فاضل ونبع الحنان وغير ذلك. كان سميراً في وحشة الليل،محمد صلى الله عليه وسلم قدوته، عوناً للمحتاج، وائلاً للملهوف، احمد في قومه وبين خلانه.

لقد ترك فراغاً يعجز مداد القلم عن وصفه، كان عظيماً في كل شيء، عالماً إذا سألته، فقيهاً إذا كلمته، معطاءً إذا طلبته، حليماً إذا استشرته، تحمل على نفسه ما تعجز عن حمله الجبال لإرضاء وإسعاد من حوله، إذا تأوه أحدهم كان أسرع إليه من لمح البصر، وأقرب إليه من خياله، يعاني ويكابد ولا يأبه بما يلاقيه، كافح طويلاً وكان عصامياً، بنى مجداً في أهله وأثمر في قومه وترك ذكرى عطرة بين خلانه، فحق لهم أن ينحبوه ويبكوه لأنه كان رمزا للوفاء والإخلاص والود والسماحة، افتقده رفقاء دربه وهم كثر، كان لهم الصديق والأخ والمعين والجليس المفوه الذي تنساب كلماته فتطرب الآذان وتفرح القلوب.

كان مطيعاً لربه، مهتديا بسنة رسوله، مرضياً لوالديه حنوناً على أولاده، أما الوالدة الغالية فقد خطف القدر من بين يديها عزيزاً وغالياً كان لها رمزاً ومثلاً أعلى، كانا بمثابة الروح الواحدة لا يفترقان أبداً، فمصيبتها وفجيعتها عظيمة، فكان الله في عونها وجعل الصبر حليفها وأبقاها لنا نوراً وضياءً، تنير لنا وحشة الأيام وتذكرنا بأعذب الكلام الذي خرج من أحلى لسان من قلب أروع إنسان. فتحية حب وعرفان إليك يا أغلى الأنام ما بزغ فجرٌ وغربت شمسٌ وحل ظلام.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى