الأحد ١ تموز (يوليو) ٢٠٠٧
بقلم تركي بني خالد

تطعيم التربية...!

هذا الصباح قامت إحدى المدارس النموذجية بتطعيم أطفال الصف الأول الابتدائي وربما أطفال في صفوف أخرى ضد مرض وبائي أجهل اسمه، ولكن المطعوم يسمى (م.م.ر)، وذلك بالتعاون مع احد المراكز الصحية الرسمية التابعة لوزارة الصحة. ولا يسع المتابع لهذا الأمر إلا أن يشعر بالامتنان نحو جميع أولئك الذين يقومون بهذا العمل الوطني الهام ألا وهو تحصين أطفالنا ضد الأمراض المعدية والأوبئة البغيضة.

وإذا كانت وزارة الصحة وأجهزتها المختلفة تقوم بواجباتها نحو صحة المواطن من اجل إبقاؤه سليماً معافىً، فإن من البديهي أن تقوم جهات أخرى رسمية وغير رسمية بالحفاظ على صحة المواطنين والمواطنات من نواحي أخرى وأهمها ما أريد أن اسميه "الصحة التربوية".

وفي ظني تبقى وزارة التربية والتعليم هي الجهة المسؤولة بالتعاون مع جهات أخرى عن السلامة هذه الصحة التربوية لدى أطفالنا من الحضانة وانتهاء بالثانوية العامة. ولكي تحقق هذه الوزارة هدفها فلا بد أن تستلهم مصطلحات وتشبيهات من وزارة الصحة مثل الإجراءات الوقائية والتدخل الجراحي والتثقيف الصحي إلى غير ذلك من المفاهيم المفيدة لنا نحن التربويون.

وحيث أن اللقاحات والمطاعيم بأنواعها تدخل في إطار الإجراءات الوقائية، فإن من حق المواطن والمواطنة الذين يرسلون فلذات أكبادهم إلى مباني أسميناها "مدارس" أو "مؤسسات تربوية" أن يحصلوا على مطاعيم تربوية لأولادهم وبناتهم تحصنهم ضد العديد من أمراض العصر التربوية التي أخذت تتفشى وتتزايد بشكل يثير القلق.
من سيطمئن الآباء والأمهات وأولياء الأمور أن أولادهم الذين دخلوا الصف الأول لهذا العام لن يتعلموا "التدخين فيما بعد؟" ترى... ماذا أعدت وزارة التربية والتعليم من خلال جيوش موظفيها ومعلميها ومديريها لمحاربة التدخين في المدارس وفي زوايا المدارس والدخلات المؤدية إلى المدارس؟

يذهل المرء العادي حين يقرأ في الصحف المحلية أخباراً وتحقيقات وإحصاءات رسمية تفيد بأن نسبة المدخنين في المجتمع الأردني وصلت إلى 25%. إن هذا يعني ببساطة أن من بين كل أربعة أشخاص واحداً مدخناً محترفاً!
ترى ماذا صنعت وزارة التربية مسبقاً لمنع ازدياد نسبة المدخنين في المجتمع وفي المدارس؟ إنني أتساءل إن كانت هناك مطاعيم لدى هذه الوزارة للوقاية من انتشار التدخين.

وأود أن اعرف كم نسبة المدخنين من الطلبة والطالبات والمعلمين والمعلمات والمديرين والمديرات ومساعديهم والمشرفين والمشرفات والمسؤولين والمسؤولات من كافة الرتب والفئات.

من يا ترى سيحصن أولادنا وبناتنا الذين نقذف بهم إلى غياهب المدارس ضد أمراض القرن الحادي والعشرين النفسية والتربوية والسلوكية؟ من سيطمئن الآباء والأمهات والأعمام والعمات والأخوال والخالات بأن الجيل الجديد لن يتعاطى المخدرات بأنواعها أو الكحول أو المهدئات بأشكالها؟
من سيحول دون تعرض أبنائنا وبناتنا لأشكال الجهل والتخلف؟ من سيعطي الأجيال القادمة مطاعيم ضد فيروسات الشعوذة وممارسة الجاهلية؟
من سيحصن أطفالنا الأبرياء ضد فيروسات العنجهية والاستهتار والسلوكيات العدوانية الأخرى؟

نحن يا سادة بحاجة إلى مطاعيم تشبه تلك التي تعطيها وزارة الصحة. نحن يا سادة لسنا بحاجة إلى المزيد من الكتب المدرسية والتي يحتفل الطلبة في نهاية كل عام دراسي بتمزيقها وإلقاؤها مع علب المشروبات الغازية وعلب "الشيبس" الفارغة على أطراف أسوار المدارس.

ابحثوا عن الفيروسات المتأصلة في الجسم التربوي! وفتشوا عن البكتيريا التي بدأت تغزو عقول أجيالنا. واكتشفوا اللقاحات التي تحرر أجيالنا القادمة من الأمراض السلوكية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى