الجمعة ٢٩ حزيران (يونيو) ٢٠٠٧
بقلم حسن خاطر

رحيل الشاعرالكويتي الفذ يعقوب الرشيد

عشق الدبلوماسية وعشقه الشعر

فقدت الكويت شاعرها الرائع يعقوب الرشيد بعد حياة حافلة بالعطاء الأدبي الرفيع يستحق منا الثناء والمديح حيث قدم أشعارا عديدة تعد من أرقى ما ضمته المكتبة الشعرية من أشعار ، ولد الشاعر يعقوب الرشيد في الكويت عام 1928 م حيث نشأ في بيت محب للأدب والشعر وعاملا له فوالده هو الأديب الشيخ عبدالعزيز الرشيد المربي الفاضل الذي تربت على يده العديد من الأجيال ومؤسس مجلة "الكويت" أول مجلة تصدر في دولة الكويت ودول الخليج العربي والتي صدرت عام 1928 م.

نشأ يعقوب الرشيد مقبلا على الأدب والعلم والثقافة حيث تلقى تعليمه في العديد من مدارس الكويت ثم سافر إلى بيروت ليكمل دراسته العليا فيها ، وفور تخرجه عمل في الصحافة الكويتية حيث تدرج في المناصب الصحافية حتى تبوأ منصب مدير تحرير مجلة "الكويت" عام 1950م ، كما ترأس تحرير مجلة "الشرطة" عام 1959م . عمل أيضا مديرا لإذاعة الكويت إلى أن تم تعيينه مديرا لإدارة المراسم بوزارة الخارجية فور إستقلال الكويت عام 1961م ، بعد ذلك تم تعيينه سفيرا لدولة الكويت لدى الهند وبعد إنتهاء فترة عملة عين سفيرا للكويت في باكستان ثم الأردن ثم تركيا ثم زائير.
وخلال حياته العملية حصل الأديب يعقوب الرشيد على عدد من الأوسمة والجوائز وشهادات التقدير منها : وسام الاستقلال من الدرجة الأولى من المملكة الأردنية الهاشمية ، كما نال جائزة تكريم من جمعية الصحافيين الكويتية وشهادة تقدير من وزارة التربية والتعليم وشهادات أخرى من معاهد أكاديمية مختلفة وجامعة الكويت ، إلى جانب ذلك ونال الأديب الرشيد جائزة الدولة التقديرية التي يمنحها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب للمبدعين الكويتيين من جيل الرواد وذلك عام 2006 م.

قدم الأديب الراحل للمكتبة العربية عدة مؤلفات ودواوين شعرية منها دواوين : "سواقي الحب" الذي صدر عام 1974 م ، "دروب العمر" الذي صدر عام 1980 م ، "وغنيت في ألمي" الذي صدر عام 1991م ، "الكويت وغدر الجار" والذي صدر عام 1991م . ومن كتبه الثرية نجد : "الكويت في ميزان الحقيقة والتاريخ" الذي صدر عام 1963 م ، "الصيد في أدغال الهند" الذي صدر عام 1995 م .
شارك الأديب الراحل يعقوب الرشيد في الكثير من المؤتمرات والمحاضرات والأمسيات الشعرية داخل وخارج الكويت وتم وضع عدد من قصائده في المناهج الدراسية لطلبة جامعة الكويت وطلبة المرحلتين الثانوية والمتوسطة، وكان الأديب الراحل عضوا في رابطة الأدباء في الكويت منذ عام 1993 م ، وعضو اللجنة الثقافية فيها وعضوا في جمعية الصحافيين الكويتية و نائب رئيس مجلس إدارة المشروعات السياحية.
وأثناء وجود الشاعر الأديب يعقوب الرشيد في الهند كسفير لدولة الكويت التقى بالشاعر الدبلوماسي عمر أبو ريشة الذي كان سفيرا لسورية لدى الهند وقضى بصحبته الشاعر يعقوب الرشيد فترة من أجمل فترات حياته – على حد قوله – وقال عنه الشاعر عمر أبو ريشة : "السفير يعقوب الرشيد شاعر قبل أن تستهويه الكلمة ، وقبل أن يكون معها على مواعيد ، حياته في الشعر أغنى و أكرم من شعره في الحياة ، لقد ولد والبسمة على شفتيه ، يتكلم وهو يبتسم ، ويبتسم وهو يتألم ، فلم يستطع بغير الكلمة أن يطلعك على كوامن نفسه وخوالج حسه".

ولقد أجمع النقاد وكل من تعاملوا مع الأديب الراحل عن قرب على أنه شخصية كويتية كانت تجمع بين الدبلوماسية والشعر والحب والسياسة ، وأن أشعاره ما هي سوى ترجمة صادقة لنفسه ، ومرآة حية تعكس قلبه وعقله ، وأنه أحب الشعر وعايشه بشفافية وعفوية دون تعقيد ، وكان عاشقا للشعر فعشقه الشعر وجاءت أشعاره الرقيقة مترجمه لحسه المرهف فجاءت ذات نزعة إنسانية وسمات عربية خالصة وحس قومي ووطني عميق ينقل قضايا أمته ومشاكلها. كما أجمعوا على أن الفقيد كتب أشعارا بكلمات مترفة وطرية وبحروف مبتلة بالندى ولهذا جاءت قصائده تمتاز بالرقة والعذوبة ودقة اللغة ، أنشد للحب وللوطن وللأحباب والأصحاب بقصائد مفعمة بالمشاعر الوجدانية المتدفقة بمفردات تميزه, سلسة و منسجمة مع ذاته وحياته بصورة تفيض على القارئ بإيحاءاتها المرهفة.

من قصائد الشاعر الفقيد يعقوب الرشيد :

يقول في قصيدة "سواقي الحب" :
تثاءب الحب أم جفت سواقيه
أم أننا لم نعد نحيا أغانيه ؟
كأننا في عباب زاخر أبدا
لم نعرف اليم حتى في شواطيه
قد تاه منا على الأنواء زورقنا
وضاع مجدافنا يا فتني فيه
هذا الفراق الذي عانيت لوعته
لم يخمد الشوق بل أمسى يرويه

وعن حبه لوطنه الكويت يقول في ديوانه "غنيت في ألمي" :

كويت الفدا كويت الأمل سموت لخلد حللت المقل
خلقت السناء فشع السنا وطوف مجدك حتى زحل
تخطيت دوما عوادي العدا وأعليت مجدا رعاه الأول
سنفديك بالروح لا نرتضي تدنس أرضك مهما حصل
نخوض الغمار برفع البنود لنعلي الجباه ونعلي الشعل
كويت الإباء كويت الرجاء بجابر تسمو وسعد البطل
ويقول في قصيدة "ملعب الحب" :
أنا من أدمى جراحاتي الهوى
وتلهتْ بتباريحي السنون
وانطوى ما قد زرعنا من مُنى
وانتهى ما قد جنينا من فتونْ
هل تذكرتِ صبانا عندما
كنتِ في أسر الأماني والحنينْ
لملاقاتي في جنح الدجى
وعناقي فوق هاتيك الحزونْ
كم سكبت الدمعَ في الليل وكم
واكب الدمع شهيق و أنين
ويقول عن الموت :
أنا من يحنو على آلامه
ويلاقي باسمًا هول المنون
فجراحاتي التي أحيا بها
تحمل الكِبر وتأبى أن تهون
ملعبي في الحب مخضل الجنى
وسمائي فوق آفاق العيون

قالوا عن رحيل الشاعر يعقوب الرشيد :

 وزير الإعلام الكويتي عبدالله المحيلبي : "الشاعر الأديب الراحل يعقوب الرشيد يعد أحد أبرز رجال الإعلام الكويتيين الذين كانت لهم إسهامات كبيرة في مجال الشعر والصحافة والأدب والدبلوماسية ، وكان له دور كبير من خلال عمله في الإذاعة الكويتية والصحافة فضلا عن مؤلفاته الأدبية المتعددة ، كما وأن للراحل دور كبير في تأسيس عدد من الصحف والمجلات الأدبية في الكويت إضافة إلى ما نشره في الصحف ووسائل الإعلام الكويتية من اشعار عبر فيها عن مواقفه الوطنية والقومية تجاه الوطن وغدر الجار .. رحم الله الشاعر الفقيد يعقوب الرشيد واسكنه فسيح جناته" .
 الأديب خليفة الوقيان : "ننعي برحيل الأستاذ والأخ الكبير يعقوب الرشيد الساحة الثقافية في الكويت ، إن رحيله وقع علينا كخبر مفجع جاء كخسارة وطنية كبيرة لأحد أعلام الثقافة والدبلوماسية الكويتية . يعقوب الرشيد حمل فلسفة التفاؤل وحب الجمال أينما وجد فضلا عن قدرته الإنسانية في إكتساب حب الآخرين .. إنه رحل عنا كجسد ولكنه باق في أعماقنا كقيمة رفيعة"
 الأديب سليمان الشطي : "الأديب يعقوب الرشيد – رحمه الله – كان صاحب حيوية ونشاط لم يتردد في المشاركة في أي أمسية أو نشاط ثقافي ، وكان لا يبخل علينا بأشعاره القيمة التي كانت تدل على أنه شاعر مميز يتمتع بحس مرهف ودماثة الخلق" .

 القاص الكويتي حمد الحمد : "رحم الله الفقد يعقوب الرشيد الذي كانت له أدوارا عديدة وكبيرة في رابطة الأدباء الكويتية منذ تأسيسها حتى رحيله ، لقد افتقدنا عضوا مميزا أقدم على ترسيخ الدور الاجتماعي والثقافي لرابطة الأدباء ، كما كانت له علاقات مميزة مع الجميع ويشهد له القاصي والداني بطيب خلقه وروعة تعامله".

 الكاتب والمسرحي الكويتي خالد عبداللطيف رمضان : "كان الشاعر والأديب يعقوب الرشيد – رحمه الله – شاعرا رقيقا وإنسانا بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، ظل يعمل بكل همة ونشاط إلى آخر لحظة في عمره ، كان يتمتع بروح شبابية فكان ينشر المرح والود والحب بين الجميع لذلك فإن رحيله أحزننا جميعا ولكن ذكراه لا تنسى أبدا .. ندعو الله له بالمغفرة وارحمه وأن يسكنه فسيح جناته".

رحم الله فقيد الكويت الشاعر الراحل يعقوب الرشيد وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله ومحبيه وأصدقائه الصبر والسلوان.

عشق الدبلوماسية وعشقه الشعر

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى