الأحد ٨ تموز (يوليو) ٢٠٠٧
بقلم نمر سعدي

إلى محمود درويش مع حبي

مرحبا بك أيها النسر المهيب الوادع العائد إلى أعالى كرمله وعلياء بهائه الروحي. أهلا بك أيها الملاك المطارد لا لشيء في فضاءاتنا الجريحة بحبك.

طيور الحجل الجليلية كلها في شوق لعودتك من أقاصي المدن الخضراء المائلة إلى غروب شمس الأقحوان. الخيول المجنحة التي تركتها وحيدة وكسيرة تحن إلى آخر نبرة لصوتك المملوء برائحة الندى والشمس والأرجوان. آه يا سيد الشعراء هنا وهناك في الأمس والآن. يا محمود درويش الذي أتعبناك بحبنا وصلبناك. أما آن لهذا الفارس الجميل النبيل كغرة الصبح أن يستريح أما آن للصخور أن تصبح قطناً أبيض خفيفاً كضحكة امرأة كنعانية أما آن لخطاك التي انبثقت منها كل النوارس والطيور البحرية المجهولة الوطن والرؤيا

أن تغفو قليلا. الآن وليس غدا أمسح عن قلبك المسكون بالنايات وخضرة النار البريئة غبار السفر. ألان وليس غداً حدثنا وبلا مقدمات وبإطناب موجع حتى السماء السابعة. عن الأقمار البعيدة التي أقمت بها وعن البحار التي وهبتك لؤلؤتي عينيك وعن بلاد غريبة تخييلية جبتها طيفا لسندباد فلسطيني وحيد شريد.

ستمرُّ في دروب وتمسح على جباه المرائين بدمعك وتغفر للمقايضين بك في ساعة الشدة.والمسيئين لك. بلا ذنب.

ستمرُّ في دروب فتشيع فيها رائحة الصندل البري والنارنج والغار.

ستفرُّ من بين أصابعك العصافير التي تركتها بلا أجنحة. والقصائد التي منحتها لون زنابق صاحبك يانيس ريتسوس. وأوراق عبّاد الشمس التي شكّلت هوّيتك. وكانت لك بمثابة الفراشات الصفراء لمركيز. سيرفُّ الحنين الذي شكّل كيانك كطير زئبقي. كآخر قبلة لبياتريس. كأرواح الشعراء النازعة إلى سماء أخرى. كوجه ريتا الذي تحول إلى نرجسة حجرية الآن. كغزالات لوركا البيضاء الهاربات إلى الأبد من جحيم الرصاص والرماد الأحمر.

في هذه اللحظة بالذات أعرفُ كم يملك الشعر من طاقة خيالية وجمالية ومن قدرةٍ على اختراق الجمادات وعلى ترتيب ما نعفَ الزمن من ورودنا وأعضائنا واشتهاءاتنا وشتاءاتنا. أعرف بالضبط

ما لا يمكن أن أعرف. أمسك بكفيَّ هلاماً من فراغ أزرق.

الشعر هو اكبر مخلوق قادر على التحوّل في الفضاءات السحرية والواقعية وعلى تذويب لهفة الفينيق التي تحملها بجدارة. وقادر على تشذيب أزهارنا البرية الملتفة الساذجة بسيفه الصقيل المصنوع من اللهب كسيف صاحبك نيرودا. وقادر أيضا أن يجعل منا أطيافا لأشواقنا وآخرين لذواتنا. فمرحى لفلسطين بك وبهذا العرس الشعري ومهرجان الحب الرءؤف بك وبنا ومرحى لك بها

أنت من أعطاها عاطفة اللون. وحمل اسمها عاليا فوق أسوار طروادة العصر. ودمت أخيل عشقنا الأسطوري بلا مقتل مؤجّل ولو كره الآخرون.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى