الأحد ٢ شباط (فبراير) ٢٠٢٠

أدوات الكتابة من خلال الرسالة العذراء

محمد البندورى

تُعد «الرسالة العذراء» من الرسائل الفريدة في القرن الهجري الثالث. قرن تميز بوفرة كم هائل من الإنتاج الأدبي، فكان لزاما على المثقف العربي الاهتمام والعناية بعمليات الكتابة، وكان على الكاتب أن يبالغ في تجويد وتجمـيل مجال الكتابة. فاهتمام المثقف العربي وكذا الناقد بعلم الكتابة وفن الكتابة وجمال الكتابة لا يقل عن اهتمامه بالمضامين الروحية والأدبية والعلمية، وذلك لما له من صلة وثيقة بما يُكتب، وهو الذي ارتفع إلى مستوى الكلمة الشفهية:" لأن الكلمات نفسها موزونة في لغتنا العربية ومشتقاتها تجري كلها على صيغ محـددة الأوزان المرسومة كأنها قوالب البناء المعدة لكل تركيب." فكان ضروريا بــذل الجهد، لأن اهتمام النقاد العرب بمجال الكتابة، بالإضافة إلى بعدها الجمالي كان أحيانا دافعُه منزلة الكتابة التي ترتبط بالعلم والمعرفة والدين، وترتبط بتخليد العلوم، فأصبح لزاما النظر إلى تحسين الكتابة. ونظرا لهذه الأهمية النفعـية والتواصلية. يقول الجاحظ:" فلذلك وضع الله عز وجل القـلم في المكان الرفـيع ونوه بذكـره في المنصب الشـريف حين قـال: ن، والقـلم وما يسطرون) فأقسم بالقلم كما أقسم بما يخط بالقلم." ولذلك أصبحت الكتابة في نسقيها المضاميني والشكلي ضرورة يحكمها المجال النفعي والإبلاغي والتواصلي لتتطور إلى الصورة الجمالية الصرفة.

وإذا كانت الرسالة العذراء تُمثل مرحلةَ النضج في كتابة الرسائل الديوانية في العصر الذي كتبت فيه، فإن الحاجة كانت ملحة لامتلاك أدوات الكتابة اقترانا بازدهار الدولة العباسية، لتتبدى الحاجة ملحة أكثر إلى الكُتاب، وليس أي كُتاب، بل إلى الكُتاب المهرة الذين يتفنون، والذين يُحكمون الصنعة. لذلك ألَّفَ العربُ قديما في هذا الاتجاه، حين ظهرت العناية بالكتابة والكُتاب وبلغت مبلغا قياسيا، منذ أواخر القرن الهجري الثاني بداية مرحلة التدوين، وبلغت أوجها في القرنين الهجريين الثالث والرابع.. ومن مظاهر تلك العناية بالكتابة والكُتاب، ذكر د. عباس أرحيلة بعض ما وصل إلينا من تراث صناعة الكتابة مرتبة حسب وفيات أصحابها: منها:
رسالة عبد الحميد إلى الكُتاب، عبد الحميد بن يحيى المعروف بالكاتب (132 هـ). وقد فتح محمد البندوري قوسا لينوه بمجهود قلما نجده عند المحققين والنقاد: هو ضبط الكلمات بعلامات الشكل فهذه ميزة تشد القارئ عند العلامة الجليل د. عباس أرحيلة، لأننا سنواجه كلمة كِتاب وكُتاب تتكرر كثيرا باعتبارها كلمة جوهرية في الرسالة، وهي محور العديد من الكتب والرسائل. وهناك كلمات أخرى تحتاج إلى ضبط في عملية الشكل، ولهمّ العلامة د. سيدي عباس أرحيلة حتى لا يَشكُل أمرها على القارئ؛ فقد قام بعملية الشكل لبعض الكلمات، وهو أمر مهم جدا خاصة وأننا نجد بعض الباحثين والدارسين يضعون علامات الشكل على هذه الكلمة تحديدا، على هواهم. وقد سقط أحدهم في عدم ضبط الكلمة فأورد: صناعة الكِتاب للنحاس، بكسر الكاف وهي صناعة الكُتاب بضم الكاف. وسيأتي ذكره في هذه القائمة التي أوردها د. عباس أرحيلة.

ذم أخلاق الكُتاب، للجاحظ. 255 هـ.

وكتاب الكُتاب وصفة الدواة والقلم وتصريفهما، لأبي القاسم عبد الله بن عبد العزيز البغدادي، (بعد 256 ه،) تحقيق هلال ناجي. وهلال ناجي لم يترك رسالة أو كتابا يتعلق بالكتابة إلا وحققه، وكنت أعتقد أنه حقق الرسالة العذراء، وفي حديث مع أستاذي الجليل العلامة سيدي عباس أرحيلة أكد لي أنه لم يقم بتحقيقها، وهو العارف بالرجل وبما حققه من كتب ويعرف عنه الشيء الكثير. لكن هذا لا يمنع أن هلال ناجي وإن لم يحقق الرسالة فإنه ذهب من خلال تحقيقه لهذا الكتاب كتاب الكُتاب إلى أن هذا الكتاب أقدم نص وصل إلينا؛ خصصه صاحبه لما يجب أن يتحقق في ثقافة الكاتب وبيان أهمية دوره وقال: الحقيقة العلمية الثانية التي كشفها هذا المخطوط هي تصحيحُ نسبة الرسالة العذراء وردُّها إلى صاحبها. هذا مقتطف صغير من النص الذي أورده د. عباس أرحيلة في ص 27 من الرسالة العذراء. يعني أن الرجل وإن لم يقم بالتحقيق فقد قدم شيئا لهذه الرسالة.

أدبُ الكاتب لابن قتيبة، 276 هـ، تحقيق د. محمد الدالي، هذا الكتاب مهم جدا، وقد رسم من خلاله ابن قتيبـة معالم الخط الجيد والحالة التي يجب أن تكون عليها الحروف حيث يقول:" فأبعد غايات كاتبنا في كتابتـه أن يكـون حسـن الخط قويم الحروف، وأعلى منازل أديبنا أن يقول من الشعـر أبـياتا في مـدح قينة."

ومما ينسب إلى ابن قتيبة على حد تعبير د. عباس أرحيلة، قال يُنسب: لابن قتيبة رسالة في الخط والقلم وهي رسالة قيّمة؛ رسالة صغيرة، رسالة لغوية أدبية جميلة، تتألف من أربعة وأربعين صفحة، تَتَحدثُ عن الخـط، والكيفية التي يجب أن يكون عليها، والوسائل التي تقود نحو التجويد، وتَحدثَ فيها ابن قتيبة عن القلم، وفصل في تسميته، وتحدث عن البري. قال أبو عبيدة لا يُقال للقلم (قلم) حتى يُبرى وإلا فهو قصبة.. وتحدث عن الدواة وعن الليقة وعن المداد والحبر. قال الأصمعي إنما سمي حبرا لتأثيره، والحبر الأثر يبقى في الجلد.. وتحدث عن الزخـرفة والقرطاس والسحـاة والعنوان والـقراءة والديـوان.

الرسالة العذراء التي نسبت خطأً لإبراهيم بن محمد بن المدبَّر 279 هـ، واتضح بعد اطلاع المحقق على المخطوطة الأصل أنها لإبراهيم بن محمد الشيباني 298 هـ.

كتابة الخط لابن السراج تحقيق عبد الحسين محمد الفتلي 316 هـ.

عُدة الكُتاب في البري والكِتاب لابن مقلة تحقيق هلال ناجي نشره ضمن موسوعة الخط العربي.

أدب الكُتاب لأبي بكر الصولي 335 هـ تحقيق محمد بهجة الأثري وتحقيق أحمد حسن بسج.
صناعة الكُتاب للنحاس تحقيق د. بدر أحمد ضيف.

الخراج وصناعة الكتابة قدامة بن جعفر 337 تحقيق محمد حسين الزبيدي، وظهر الكتاب بعنوان عمدة الكُتاب بعناية بسام عبد الوهاب الجابي.

كِتابُ الكُتاب لابن دُرُستُويه تحقيق لويس شيخو.

رسالة في علم الكتابة لأبي حيان التوحيدي 414 هـ، ضمن ثلاث رسائل لأبي حيان التوحيدي:

1-رسالة السقيفة 2- رسالة في علم الكتابة – 3- رسالة الحياة. ويبدو أن رسالة في علم الكتابة قامت على تجويد الخط وتحسينه، وأبدى أبو حيان قدرة على ضبط النسـخ وسلامـته مما يدخـله الوراقون من تصـحيف وتحريف."

فإذا كانت رسالة في الخط والقلم لابن مقلة حددت الجانب الهندسي والرياضي للخط وكانت محدودة في الشكل والرسم علما أنه عن ابن مقلة انتشر الخط في مشارق الأرض ومغاربها وابن مقلة يُضرب به المثل في تحويل مسار الخط نحو الإبداع؛ فإن رسالة أبي حيان التوحيدي في علم الكتابة تتميز بشموليتها، وتشمل كَمّاً من المصطلحات الجميلة في اللغة العربية، فضلا عن مشمولات الخط، فقد شرح أقسامَ الخط، وذكر أنواعَه، وفصل في فنونه، وبيّن الحَسن من الرديء، وميّز بين الخطاطين. إلى غير ذلك مما حملته هذه الرسالة الجميلة. وأجملُ ما فيها: المعاني السبعة التي ذكرها أبو حيان. وهنا أعود إلى ابن مقلة. فابن مقلة خاطَب الخطاطين، وتوجَّه بهندسته الى الخطاطين المهرة، بينما توجه أبو حيان إلى الخطاطين المهرة وإلى كل الكُتابِ وعامةِ النساخين، وعامةِ الناس، لأن كلامه شمل حتى الكتابة الاعتيادية. والمعاني السبعة التي ذكرها تصب في هذا الباب. يقول :" والكاتب يحتاج إلى سبعة معان: الخط المجرد بالتحقيــــــق،( إبانة الحروف كلها منثورها ومنظومها مفصلها وموصولها بمداتها وقصراتها وتفريجاتها وتعويجاتها) والمحلى بالتحذيــــــق، ( إقامة الحاء والخاء والجيم وما أشبهها على تبييض أوساطها) والمجمّل بالتحويــــق ( والمراد بالتحويق: إدارة الواوات والفاءات والقافات وما أشبهها مصدرة ومتوسطة ومذنبة بما يكسبها حلاوة ويزيدها طلاوة) والمزيــن بالتخريـق، ( والمراد بالتخريق تفتيح وجوه الهاء والعين والغين وما أشبهها) والمُحسَّن بالتشقيق( والمراد بالتشقيق، تكنف الصاد والضاد والكاف والطاء وما أشبه ذلك) والمجاد بالتدقيق، (والمراد بالتدقيق تحدد أذناب الحروف بإرسال اليد، واعتماد سن القلم) والمميز بالتفريق (والمراد بالتفريق حفظ الحروف من مزاحمة بعضها لبعض، وملابسة أول منها لآخَر).

عمدة الكُتّاب وعُدةُ ذوي الألباب ، مُؤلِفُه مجهول نشره عبد الستار الحلوجي وعلي عبد المحسن وقد ذيل د عباس أرحيلة في الهامش أنه نسب إلى أبي القاسم الزجاجي 415هـ في كشف الظنون وأعلام الزركلي ومعجم المؤلفين، وظهر ثانية بعنوان: عمدة الكُتاب وعدة ذوي الألباب في صفة الخط والأقلام والمداد والحِبر والأصباغ وآلة التجليد للمُعِز بن باديس التميمي الصنهاجي 398 هـ 454 هـ، تحقيق وتقديم نجيب مايل الهروي.

ولا يزال هناك عدد مما أورده د. عباس أرحيلة وعدد آخر مما لم يرد في الكتاب لا يتسع المجال لذكره، لكن على سبيل الاستئناس أذكر : كتاب: المخترع في فنون من الصُّنع – منسوب إلى الملك المظفر شمس الدين يوسف بن عمر بن علي بن رسول، يُعد عمدة في هذا المجال، فقد تناول فيه الكاتب صناعة الكتاب الذي ضم مجموعة من خاصيات الكتابة. وكتاب التيسير في صناعة التفسير لبكر بن إبراهيم الاشبيلي وهو في صناعة الكتاب حققه ذ.عبد الله كنون وغير ذلك كثير مما عني بمجال الكتابة في الثقافة العربية.

وليس وجود هذه الرسائل والكتب بهذا الكم إلا دليلا على الازدهار الحضاري وازدهار عملية الكتابة. وقد أشار محمد مرتضى الزَّبِيدي في شرف الكتابة في كتابه حكمة الإشراق إلى كُتاب الآفاق: يشير إلى عدد من الأحاديث التي تؤكد شرف الكتابة وشرف تحسينها. وهذه الإشارات نجدها في عدد من الكتب منها منهاج الإصابة ومنها وضاحة الأصول وغيرها.

ويتبدى من خلالها دور الكتابة في سياق الخطاب والأثر الذي تُخلفه. ولا أريد هنا أن أعرج على المنحى البصري، لأن هذا موضوع متشابك ومتشعب ومترامي الأطراف، ولكن سأبقى في صلب الموضوع حيث يظهر من خلال الكم الهائل من المؤلفات الاهتمام الكبير بالكتابة في التراث العربي. يقول د. عباس أرحيلة: ولأهمية الكتابة في حضارة الإسلام صارت صناعةً شريفةً. واستشهد بقولة أبي بكر الصولي: يتم الإقبالُ عليها وإنفاقُ بعض العمر في طلبها، فإنها من أجلّ ما كدّ فيه الفكرُ وقُطِّعت به الأيام. الرسالة العذراء ص 10-11

لكن هذا الاهتمام ظل محفوفا بعدد من التصحيفات والتحريفات نتيجة كثرة المستنسخات في غياب الضبط والتقييد في الخط، ولعدم التزام النُّساخ بتجميل الكتابة، وأحيانا ببعدهم عن المجال الأدبي. والرسالة العذراء التي كُتبت في القرن الهجري الثالث، تم استنساخها من المخطوطة الأصل، وورد بعض منها في مؤلفات بعض الكُتاب، خاصة وقد تداعى عليها الباحثون والخطاطون، حيث أخذ منها كلُّ واحد ما يخصُّه. فقد نقل منها أبو القاسم البغدادي في القرن الهجري الثالث، في كتابه كِتاب الكُتاب وصفات الدواة والقلم وتصريفهما، ونقل أكثَرَها ابن عبد ربه في عقده في مطالع القرن الهجري الرابع، والسيد البطليوسي وغيرهم ممن ذكرهم د. عباس ارحيلة في ص 32 من الكتاب. وأشار في ملاحظة أنه لم يجد في تحقيقه هذا من أشار إلى هذه الرسالة في القديم بهذا العنوان بالرغم من قِدمها، ولم تُنسَب رسالةٌ في موضوعها إلى ابن المدبَّر قبل ظهور رسائل البلغاء. فيمكن أن يقع فيها تغيير أو تصحيف أو تحريف بزيادة أو نقص. وظاهرة التصحيف والتحريف كما هو معروف قد أخذت حيزا كبيرا في الثقافة العربية. وأريد هنا أن أقدم إلماعا بسيطا:

إن المخطوط الأصل الذي تم اعتماده هو المخطوط الوحيد، وهو مكتوب بالخط الفارسي بسمك ملم واحد، يعني كُتب في القرن الهجري السابع، بينما الرسالة كُتبت في القرن الهجري الثالث، لأن الخط الفارسي لم يظهر إلا في القرن الهجري السابع حين استخلصه حسن الفارسي من خطوط النسخ والرقاع والثلث. ففي القرن الهجري الثالث تم تحويل الخط الكوفي وتم اختراع قلم الطومار وقلم الجليل."ومع توافر الكتاب وكثرة النصوص الأدبية ورغبة في تجويد الخـط تماشيا مع المتطلبات الحضارية والثقافية ازداد عدد الأقـلام وتنوع، يقول جورجي زيدان:" فبلغت الأقلام العربية إلى أوائل الدولة العباسية اثنا عشر قلما." ومن بينها قلم الجليل وقلم السجلات وقلم القصص وقلم الديباج وفي عهد المأمون " تنافس الكتاب في تجويد الخط فحدث القلم المرصع وقلم النسخ وقلم الرياسي.. وقلم الرقاع وقلم غبار الحلبة" ولم يُذكر أبدا القلم الفارسي حتى نهاية القرن السادس وظهر بجمالياته في القرن الهجري السابع. يعني هناك فرق أربع قرون بين كتابة الرسالة وبين المخطوط الوحيد الموجود حاليا، ولا شك أن هناك نُسخا أخرى معتم عليها أو مقبرة في بعض الخزانات وربما تظهر لا حقا في بعض الفهارس كما تعودنا مع عدد من المؤلفات. فالنسخة الأصلية التي كتبت في القرن الهجري الثالث ستكون في غالب الأحيان مكتوبة بخط النسخ أو بالخط الجليل أو الرقاع أو بقلم الرسائل في أغلب تقدير، خاصة وأن صاحب الرسالة كان متصفا ببراعة الخط وحسن الوراقة. فقد ورد عند ابن الأبار : أنه كان عالما أديبا ومسترسلا بليغا ضاربا في كل علم وأدب بسهم. وكتبَ بيده أكثرَ كتبِه مع براعةِ خطه وحُسنِ وراقته، وحُكي أنه كتب على كبره كتاب سيبويه كلَّه بقلم واحد ما زال يَبريه حتى قَصُر فأدخله في قلم آخرَ وكَتَب به حتى فَني بتمام الكتاب. (النص في ص 43). إذا كان الأمر كذلك فيُرجح أنه كتب الرسالة بخط يده. وقد تظهر يوما أو تظهر منتسخات لها.

وأعود إلى مخطوطة الرسالة الوحيدة، فهي مكتوبة بخط فارسي مليح جميل موزون مقيد بالضبط وتتميز حروفها الفارسية بالدقة والامتداد والتدوير والوضوح وسهولة القراءة.

ولكن التغيير الذي حدث للأسف، والتحريفات التي وقعت في هذه الرسالة حدثت حين تم نشرها خلال ظهورها الأول في الطبعة الثانية من رسائل البلغاء بعناية محمد كرد فتمت نسبة الرسالة الى ابن المدبَّر ثم ظهر الأمرُ نفسُه في تحقيق د. زكي مبارك بسبب عدم العودة الى المخطوط الأصلي " ويلاحظ أن د. زكي مبارك لم يفكر هو ولا استاذُه المشرف ولا واحدٌ من أعضاء اللجنة في ضرورة العودة الى المخطوط الأصلي الذي نَقل عنه محمد كرد علي.

(الرسالة ص 93 -94). والرسالة كما ورد عند د. عباس أرحيلة كانت محطّ أربعة من أعلام القرن العشرين. وقد اعتمد الباحثون على ما ذهب إليه محمد كرد علي، منهم المستشرق كارل بروكلمان، ود. زكي مبارك. وذلك لأنهم لم يباشروا المخطوطة الأصل. وفي عملية الشكل كتبوا ابن المدبِر بكسر الباء، وساروا جميعُهم على هذا الخطأ، والذي ثبت في تصحيح الاسم ابن المدبَّر بفتح الباء. يقول في الصفحة 51: ووجدتُ جل الباحثين قد شكلوا المدبِر بكسر الباء، ومن هؤلاء د. زكي مبارك وعبد السلام هارون، ود. إحسان عباس ومحقق ديوان البحتري ومحقق سير أعلام النبلاء للذهبي وكأن لفظ مدبِر اسم فاعل من دبَّر بمعنى تفكّر ونظر إلى ما تؤول إليه العاقبة. غير أني وجدتُ صاحب جمهرة رسائل يشكل المدبَّر بفتح الباء اعتمادا على ما جاء في كتاب المشتبِه في أسماء الرجال للذهبي. (انتهى كلامه). بل إن بعض الباحثين الذين اتبعوهم وقعوا في خلط إذ لم يضعوا الرسالة في سياقها التاريخي فرسموا عددا من العلائق الوهمية بين ابن المدبَّر 279هـ وبين عدد من الأدباء والنقاد كعبد الحميد الكاتب 132 هـ وغيرهم ممن لم يعاصروا لا الشيباني ولا ابن المدبَّر فيتراءى لك في الذهن بما أنهم قالوا ابن المدبِر بكسر الباء إنهم يتحدثون عن شخصية أخرى، وقد اتجهت سهيلة سلطاني في مقال بأن ابن المدبَّر كان على دراية تامة بظروف عصره والعصور التي سبقته متأثرا بعبد الحميد الكاتب وبشر بن المعتمر والجاحظ. وقد ذكرت سنوات الوفاة لكل واحد منهم.

يقول يوسف فتحي عبد الوهاب عثرتُ على مخطوطة في دار الكتب المصرية تتضمن باقة من رسائل «أبي هلال العسكرى» وغيرِه، فقمتُ بتصويرها، وكان من بين رسائلها «الرسالة العذراء» فقمت بمقابلتها بما صورته من مطبوعات الرسالة، فوجدتُ أن النشرة الأولى للرسالة تبدأ بعبارة «الرسالة العذراء في موازين البلاغة وأدوات الكتابة، كتب بها: أبو اليسر إبراهيم بن محمد بن المدبَّر»، في حين وجدتها في الأصل المخطوط: «الرسالة العذراء في موازين البلاغة وأدوات الكتابة، كتب بها: أبو اليسر إبراهيم بن محمد الشيباني، إلى إبراهيم بن محمد بن المدبَّر»!! وتصورتُ في بادئ الأمر أن هذا الأصل المخطوط قد يكون غير الأصل الذي نُشرت على أساسه الرسالة قبل ذلك، ولكني تأكدت من أن هذا الأصل هو الذي اعتُمد عليه في الطبعة الأولى، واعتُمدت هذه الطبعة أصلًا للطبعتين الأخريين، وأن هذا الأصل المخطوط أصلٌ فريد لا يوجد غيرُه، فهالني هذا الأمرُ، هل تكون «الرسالة العذراء» منسوبة إلى غير صاحبها، وتظل على تلك النسبة ما يقرب من قرن من الزمن؟! وفكرت. في بادئ الأمر أن أكتب مقالًا موجزًا في تصحيح نسبة هذه الرسالة، ولكنى عزفت عن هذا الأمر، لأننى تبينتُ أن الخطأ في الرسالة لم يقتصر على نسبتها، وإنما تجاوز تلك النسبة إلى ظهور كثير من التحريفات والتصحيفات في متن الرسالة.(من تحقيق فتحي عبد الوهاب دار الطلائع للنشر والتوزيع 2014.)

وتصويب آخر من خلال تحقيق محمد المختار العبيدي طبعت هذه الرسالة من قَبْل ووقع الخطأ في نسبتها للأديب البغدادي إبراهيم بن المدبَّر، فجاء هذا التحقيق ليعيد النسبة الصحيحة للمؤلف الحقيقي إبراهيم بن محمد الشيباني القيرواني، وقد كتب بها وأرسلها إلى إبراهيم بن المدبر. وقد سماها مؤلفها بالرسالة العذراء. لأنه كما يقول: "...وهذه الرسالة عذراء لأنها بكرُ معانٍ، لم تفترعها بلاغة الناطقين ولا لمستها أكف المفوَّهين، ولا غاصت عليها فِطن المتكلمين....". ومن الموضوعات التي تطرق إليها المؤلف في كتابه: صناعة الكتابة، وصفات الكاتب، وطبقات الكلام، وحقوق السوقة والعوام، وبدائع الصدور في الرسائل، وما يمدح به الملوك، وخواتيم الرسائل، وما لا يجوز إلا في القرآن، وما لا يستساغ في الرسائل، وحسن الخط، ...وغير ذلك كثير من الموضوعات المتعلقة بفن الرسائل. تحقيق محمد المختار العبيدي مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث الامارات 2009.

إذن فالرسالة كانت محط أربعة من أعلام القرن العشرين، محمد علي كرد وأحمد فريد الرفاعي ود. زكي مبارك، وأحمد علي صفوت. ووقع فيها ما وقع. وعودة د. عباس ارحيلة إلى إخراج هذه الرسالة ارتبط أولا بعودته الى المخطوطة الأصل التي اعتمدت لأول مرة في إخراج الرسالة ضمن مجموعة قديمة من الرسائل كانت في حوزة الشيخ طاهر الجزائري وقد آلت هذه المجموعة إلى المكتبة التيمورية في دار الكتب المصرية وأصبحت تحمل رقم 80 مجاميع تيمور.

2- إعادة النظر في نشراتها السابقة في ضوء مخطوطاتها الأصلية وفي ضوء ما ظهر من مصادر محققة وفي ضوء تحقيق د. محمد يوسف فتحي عبد الوهاب الذي ظهر لها سنة 2005 وكان اول تحقيق تنسب فيه الرسالة إلى أبي اليسر ابراهيم محمد الشيباني. وتحقيق وتقديم د. محمد المختار العبيدي الذي ظهر سنة 2009.

3- قيمتها الأدبية والفنية وحاجة أهل البلاغة والأدب في العصر الحديث إلى اتخاذها أنموذجا للأداء الفني في مجالات الأدب

4- قيمتها العلمية في التنظير للكتابة في تاريخ الثقافة العربية

5- الكشف عن قيمتها الاصطلاحية لتاريخ الكتاب المخطوط في الثقافة العربية وقد وضع د. عباس ارحيلة ثلاث فهارس: واحد خاص بمصلحات الكتابة وأدواتها والثاني بمصطلحات تتعلق بالكتاب وتأليفه، والثالث بمصطلحات البلاغة والنقد.

وفي ضوء ذلك، وباطلاع د عباس أرحيلة على التحقيقين السابقين كوّن صورة شاملة وتصورا كاملا عن خارطة هذا التحقيق ليعززها بإضافات غنية ومهمة جدا. فقد قاده التفكير إلى إعادة النظر في التحقيقات التي أقيمت في الرسالة ليكشف معاني جديدة تمثل لبنات إضافية للتراث النقدي لأن فهم الواقع لا يتأتى إلا بفهم التراث. ولذلك فقد سعى د. عباس أرحيلة من خلال هذه الرسالة إلى توسيع المفاهيم ضمن منظومة معرفية نسقية شملها التحقيق ليكشف عن معاني جديدة تمثل إضافات للتراث النقدي. فقد بين الدور الفعال الذي لعبته الرسالة وصاحب الرسالة في تحقيق التفاعل التواصلي الناتج عن العلاقة التبادلية بين مختلف التصورات التي شملتها التحقيقات السابقة فسمح ذلك للمعاني بالظهور، فسمح لنا بهذا التحقيق أن نربط علاقة بعصر الرسالة تأصيلا وبناء.. ومعرفة القدرة من التمكن من الصنعة في علاقة المعنى بالكتابة ما دفع صاحب الرسالة إلى الخوض في تهذيب الكتابة بنظرة تكاملية مهتما بدراسة الشكل في علاقته بالمضمون بتحديد سمات الكتابة البليغة لضمان وصول المعنى على أكمل وجه، وتحقيق التأثير بمقصدية توضيد عمليات التواصل. وبذلك نلحظ في الرسالة من خلال هذا التحقيق بالذات تداخل الكتابة بالبلاغة وبالتداول والتواصل.

*- مع الرسالة العذراء

الرسالة هي من أعراف صناعة الكتاب الإسلامي وهي صناعة ثقافية من حيث ارتباطها بعمليات الكتابة في شموليتها. فما المقصود بالكتابة؟ وما هي أدواتها؟

الكتابة: صناعة الكاتب. فمتى يكون الكاتب مستحقا اسم الكتابة والبليغ مسلَّما له معانيَ البلاغة في إشارته واستعارته وإلى أي أدواته هو أحوج وبأي آلاته أعمل.. إلى آخر النص في ص 117 - .118

هل هناك تمييز بين صناعة الكتابة وأدوات الكتابة، لأن هناك تداخل بينهما في الرسالة. فأدوات الكتابة تنطبق على صناعة الكتابة. وقد قدّم عددا من الأدوات أو الصنائع.

1 ضمير الكاتب وحرصه على الحكمة - ثقافته وما يجب عليه تحصيله – من صفات الكاتب – أزياء الكتّاب – طبقات الكلام تبعا لمستويات المخاطَبين – تخير الألفاظ والتعابير – صدور كتب السلف – رعاية الألفاظ والمعاني – ما يجوز في الشعر دون الرسائل – فواتحُ الرسائلِ وخواتمُها ثم يصل إلى الدواة والمكاتبة والأقلام والقراطيس والسكين والخط والنَّقْط والشكل الى غير ذلك. ونجد في التحقيق أن د. عباس أرحيلة فصل بينهما في ص 79 وميز أدوات الكتابة في ص 84 وقال: يتعلق هذا الجانب بأدوات الكتابة: ويعرض لنا هنا الشيباني المصطلحات المتعلقة بهذا الجانب، ويقدم لنا صورة عن كيفية تهييء الحبر ونسبة العناصر المكونة له، وكيفية عمارة الدواة ويأتي بأسماء الخطوط والأوراق والأقلام التي كانت معروفة آنذاك ويحدثنا عن كيفية بري القلم وما يلائم من الخطوط أنواع الأوراق إلى آخر النص في ص 84.

وستناول هذا الشق الخاص بهذه الأدوات لتقديم بعض الإضاءات:

1- الدواة والمكاتبة: ص141 من الكتاب: ورد في الهامش: الدواة ما يكتب منه: المحبرة، وجمال الدواة ونقاؤها يساعد على تحسين الخط. يقول أن تُصلح آلتك التي لا بد لك منها وأواتك التي لا تتم صناعتُك إلا بها. وهي دواتُك، فابدأ بعمارتها وإصلاحها، وتخير لها ليقةً نقيةً من الشَّعْر والوَذَح (الوذح هو أصواف الغنم) والليقة: ما يوضع في الدواة من صوف وقطن لذلك العصر. لأن المواد والوسائل تطورت فيما بعد. ففي القرن الهجري السادس والسابع أُبدل الصوف والقطن بالحرير الناعم. والدواة أصبحت مصنوعة من الذهب. وقد غصت بها الدواوين السلطانية خاصة في المغرب. لماذا وضع الليقة نقية؟ لئلا يخرج على حرف قلمك ما يفسد كتابك. أو يشغلك بتنقيته. (لأن الليقة تحمي القلم من النقط والسيلان أو أن يحتل المداد فيه نسبة تجعل القلم بمجرد ما يوضع على الورق يحدث طلاء يؤثر على شكل الحرف وعلى سمكه. وقد قدم وصفة صنع المداد بمقادير دقيقة وهي وصفة تطورت فيما بعد إذ أضيف محلول السواك وفائق العنبر والزنجفر وعدد من المواد التي جعلت المداد أكثر لمعانا ويبقى لمدة أطول على الورق.

2- القلم: واجعل لقلمك برية حادة.. واستعمل لبري القلم سكينا طواويسيا (يعني جميل حاد) مذلق الحد، (يعني رقيق) فكلما كان رقيقا كان الخط جيدا، وكلما كان غليظا كان سمك الحرف مبعثرا. والبري أنواع ويكون على أربعة أقسام: الفتح وهو في القلم الصلب أكثرَ تقعيرا – والرخو أقل – والمعتدل بينهما – والنحت وهو نوعان: نحت حواشيه ونحت بطنه.

قال: ثم اختر بعد ذلك من أنابيب القلم الذي يصلح لكتابة القراطيس، أقلَّه عُقَدا، وأكثَفَه لحما وأصلَبه قِشرا وأعدله استواء، وتجنب الأقلام الفارسية ما استطعت (القراطيس تحتاج إلى أقلام صلبة، والأقلام الفارسية تتكون من الخيزران وهو أقل صلابة من قصب الأنهار والسواقي لذلك لا تصلح لكتابة القراطيس وتصلح للكتابة على الورق والرق.

قط القلم: هناك فرق بين بري القلم وقط القلم. فالبري يعني تقليم القلم وتجليفه بينما القط قطع القلم عرضا. وأكبر فرق بينهما، هو أن البري يساعد على تحسين الكتابة، والقط يغير مجرى الخط. فبحسب نوع القط ودرجة انحراف القط، يتغير شكل الخط ونوع الخط. يقول: وأما قط القلم فعلى قدر القلم الذي يتعاطاه الكاتب من الخط، غير أن المسلسل (نوع من الخط مثل الكوفي والنسخي) لا يكاد يتسلسل إلا بالقلم المربع القطّ. (هناك المربع والمدور والمحرف ..) كما أن كتب الملوك والسجلات تخط بقلم السجلات؛ قلم السجلات هو خط السجلات يعني نوع من الخط - فالأقلام تعني الخطوط، فإذا ما قيل قلم الثلث فذلك يعني خط الثلث.

غير أن المُسَلسَل لا يكاد يتسلسل إلا بالقلم المربع القطّ. كما أن كتب الملوك والسجلات لا تَحسُنُ إلا بالقلم المحرَّف الكوفي. لأن الكوفي فيه أنواع كثيرة على قدر درجة التحريف. وأما قلم اللازَوَرْد فهو المعتمَد عليه. والمقصود إليه في النوائب والمهمات. ورأيت كثيرا من الكُتّاب (كان يطلق اسم الكاتب على الخطاط) وهو في الحقيقة أن الكُتّاب كانوا يكتبون بأيديهم وكانت خطوطهم جميلة لأنهم كانوا يمتثلون لفحوى مِثل هذه الرسائل، وكانوا كذلك على دراية بالخطوط، فكانوا أشبه بالخطاطين. وكان الجميع يكتب. والخطاطون أنفسُهم كانوا على نحو من الثقافة، وتركوا لنا تراثا ثقافيا كبيرا. إذن يقول: ورأيت كثيرا من الكُتاب يختارون قلم النرجس، وتشد الملاحظة إلى فعل: يختارون. لماذا؟ لأنهم كانوا على دراية بكل قلم ولما يصلح له، وما يناسبه من الخط، وما يناسبه مما يرغب الكاتِب كتابتَه. فالرسائلُ ليست هي القصص وليست هي المصاحف وليست هي السجلات والدواوين.. فكل جنس أدبي له قلم خاص. يختارون قلم النرجس لتجعده وتجانسه. ومن اللازَوَرْد أبسَطُ منه وأقومُ حروفا. وأما المُوشَّع (هو الذي تتداخل حروفه) والمُوَلَّع (هو الذي فيه ضروب من الألوان) والمُدبَّج (هو الذي فيه نقش وتزيين) والمُنَمنَم هو الذي خطوطه متقاربة قصار، والمُسَهَّم (هو المتغير اللون) فعلى قدر رشاقة خط الكاتب وحلاوة قلمه. ص145 فالشيباني كان على دراية تامة بأنواع الخطوط التي كانت في عصره.

3- الخط والنَّقْط والشكل:

الخط: خط، يخط، خطا.

 خط بالقلم : يعني صور اللفـظ بحروف هجائية

خط على الشيء: يعني رسم علامة. ومنه في حديث ابن أنيس:" ذهب بي رسول الله عليه الصلاة والسلام إلى منزله، فدعا بطعام قليل، فجعلت أخطط حتى يشبع رسول الله عليه الصلاة والسلام، أي أخط في الطعام، أريه أني آكل ولست بآكل."(تاج العروس ص 248) وبهذا المعنى فالخط هو التواءات متنوعة من خطوط في موضع تفضيئي تنتج أشكالا من الحروف أو رسوما من الحروف،ويعتبر ذلك كتابة.

والخط: هو الكتابة. وقد سعى الكُتاب إلى تزيينها وتجميلها.

قال إبراهيم بن محمد الشيباني:

الخط لسان اليد وبهجة الضمير وسفير العقول ووصي الفكر وسلاح المعرفة وأنس الإخوان عند الفرقة ومستودع السر وديوان الأمور .... انتهى كلامه رحمه الله.

وفي ص 145 من الكتاب: وأما حسن الخط فلا حد له.

قال علي بن ربن الطبري الكاتب: أعلمك الخط في كلمة واحدة؟ فقلت له: تفضل بذلك فقال: لا تكتبن حرفا حتى تستفرغ مجهودك في كتابة الحرف المبدوء به، وتجعل في نفسك أنك لا تكتب غيره، حتى لا تعجل عنه إلى غيره. وهو إرشاد إلى أن الخط ملكة تنضبط بها حركة الأنامل بالقلم على قواعد مخصوصة تحتاج إلى التأني والتركيز.

وبخصوص النقط والشكل فقد كان الكتاب القدامى يكرهون النقط والشكل إلا في المواضع الملتبسة. قال: وإياك والنقط والشكل إلا أن تمر بالحرف المُعضِل الذي تعلمُ أن المكتوب إليه يعجز عن استخراجه، فإني سمعت سعيد بن حُمَيد الكاتب يقول: لأن يُشكِل علي الحرفُ، أحب إلي من أن يعاب الكتاب بالنقط والإعجام (ص 146) وأحال إلى ص 126 من إعتاب الكُتاب. وهذا يتنافى مع ما سار عليه النقط والشكل في القرن الهجري الرابع وما تلاه، حيث أصبحت علامات الشكل والنقط من أهم المكونات الأساسية لبعث الجمال في الخط.

وأشير في الختام إلى أن هذا الكتاب مريح في قراءته لأنه مكتوب بخط النسخ الجميل، وبمقياس واضح مع تمييز بين الفقرات. كما أن لون الورق لا يؤثر على الرؤية، بل يسهم في وضوح الخط وبعث قابلية القراءة. وأعتقد جازما أن هذا من اختيار د. عباس ارحيلة ووقوفه عليه أثناء عملية طبع الكتاب. فكما وقف على علامات الشكل، وقف على هذه العملية التي لا يمكن أن تصدر إلا منه. لأن المشرفين على الطبع في بعض المطبعات لا ينتبهون إلى هذه الأمور الشكلية، وهي في غاية الأهمية. فجزى الله خيرا فضيلة العلامة والمفكر د. عباس ارحيلة على ما قدمه للعلم والمعرفة وللباحثين. ولا شك أن هذا التحقيق سيمحو الجدل في كل ما شاب الرسالة العذراء من أمور ظلت عالقة، ويفتح آفاقا جديدة للباحثين لينتهلوا من عين الصواب.

محمد البندورى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى