السبت ١٣ أيار (مايو) ٢٠٢٣
بقلم حسن عبادي

أعطني فنًّا أعطيك شعبًا

دعاني الأصدقاء يعقوب حجازي وأمير مخول لحضور افتتاح معرض فني تحت عنوان "بقايا وطن" للفنانة جنان عبده؛ لبّيت الدعوة وسافرت إلى مدينة عكا مساء الخميس 11.05.2023 ووصلت مؤسسة الأسوار العريقة؛ بعد مشاركتي عبر الزوم بندوة اليوم السابع المقدسيّة التي تناولت رواية "طيور المساء" للكاتبة الجليليّة أسمهان خلايلة ومحورها مجزة كفر قاسم؟

زرت معارض فنيّة في البلاد وخارجها، لكن كان لهذا المعرض مذاق آخر؛ جاء متزامناً مع ذكرى النكبة، وفي مؤسسّة تسعى للحفاظ على الذاكرة الجمعيّة وما تبقّى من الوطن، ويحمل عنواناً مميّزاً ذو دلالات بعيدة وعميقة (من الجدير بالذكر أنّ هذا المعرض هو المعرض الفردي الأول للفنانة).

تخلّل المعرض لوحات بتقنيّات منوّعة: بألوان زيتيّة على قماش، أكريليك على قماش، وأكريليك على ورق وغيرها بأحجام مختلفة.

موضوعاته وموادّه مختلفة ومتنوّعة؛ ولكنها تصبّ في الوطن وما تبقّى منه، تحمل رسالة واضحة المعالم، نحن شعب حضاري له تاريخ عريق ومجد ويستحقّ الحياة رغم أن هناك من يحاول سحقها ليل نهار، ويبقى الأمل محلّقاً في فضاء وجودنا.

الفن مقاومة ومن وظائفه الحفاظ على ذاكرة المكان من خلال ريشة الفنان؛

تصوّر لوحات المعرض المأساة الفلسطينيّة، النكبة ونتاجها، وما تبقى من وطن سليب شُرّد أهله وهدمت منازلهم وقراهم لتبقى حجارة المنازل ونباتات تأبى أن تموت شاهدة على الجريمة.

رسمت الفنانة بريشتها المرهفة الإحساس بقايا وطن؛ بقايا قرى مهجّرة، قرية سحماتا، كنيسة قرية إقرث، كنيسة قرية البصّة، قرية صفورية، قرية لفتا وغيرها (حبّذا لو رسمتِ يا جنان بقايا مسجد من مساجد فلسطين).

رسمت جنان نباتات وأشجار فلسطين السرمديّة؛ صبار فلسطين، عباد الشمس في فلسطين، حقل زيتون شمال فلسطين، حقل لوز في فلسطين، حقل في قضاء حيفا وياسمينة على ما تبقّى من حائط يزرع الأمل.
لحيفا حضور مميّز ولافت للنظر؛ فهناك لوحات تدلّ على بقايا بيوت وادي الصليب الحيفاوي وحارات حيفا القديمة، تل السمك في الماضي والحاضر والمستقبل، تل السمك في الليل والنهار ومسار مشي للقادمين من الشتات، والطيور المحلّقة على شاطئ بحر حيفا تحمل رسائل الأهل في المنافي والشتات.

ملاحظات لا بد منها؛

لفت انتباهي غياب كتالوج مهنيّ أو مطويّة تشمل أعمال الفنّانة في مجال الفنّ التشكيليّ ويجسّد تطوّر أسلوبها ويتحدّث عن المعرض وصاحبته كما هو متبّع في المعارض.

وكذلك الأمر غياب كانز/قيّم على المعرض.

ونصيحة سمعتها في حينه من فنّان صديق؛ حبّذا تستعمل جنان تقنيّة الرسم الميداني، تتأمل المشهد لساعات وأيام وترسمه على طبيعته، بدل تصويره ورسمه لاحقاً في "الأستوديو" المكيّف.

وجدت في لوحاتها رسالة تحدّ وانتماء... لوحات ملتزمة؛ أومن أنّ هناك فنّ ملتزم وليس فنّانًا ملتزمًا! وهذا ما وجدته في معرض جنان.

قيل: "أعطني مسرحًا أعطيك شعبًا"؛ وأنا أقول: "أعطني فنًّا أعطيك شعبًا"!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى