الاثنين ١٩ آذار (مارس) ٢٠٠٧
بقلم سليم أحمد حسن الموسى

أقف الخاشع بالباب..

قاسيت يا أمّ ألم الحياة، وقسوة الاحتلال والحصار..
وصبرت، غفر الله لك، ورحمك كما ربيتني صغيرا..

حينــــما كنت صغـــيرا..
لم أكن أعرف إلاّ أن أمي ولدتني..
وعليها الواجب الأكبر نحـــــوي،
فإذا ما رمت شيئا.. صحت دوما..
ألبســيني.. أطعميــــني..
اغسلي وجهي، يدي، حمّمـــيني
أعطني مصروف جيبي.. ناوليني
وإذا قـدّ قميصي، أو جُــرحت..
صحت يا أمّ الحقيني،
وبلمح العين تأتيني..
فأرى في وجهها كل معاني الصدق،
والحب، وكل الخوف، واللهفة..
آه يا أمّ اعــــذريني
آه، كم قاسيت مني، ســـامحيني
آه، كم تؤلمــــني الذكرى،
ويضـــــنيني حنيـــني.
* * *
وكبرت، حملتني رحلة الأيام..
يا أمي بعيدا عنك..
ونما حبك يا أمــّاه في قلبي
صار شوقا وحنينا.. وانتماء في يقيني
صــار نورا في عيــــوني
صـار إيمانا بقلبي وضمــــيري..
صــار رمز الحب والصدق،
وكل الخير في درب مصــيري
صار آمالي وأحلامي، وعنوان مصيري
صرت إن قاسيت، أو هبّت رياح اليأس،
أو تــــاهت ظنـــوني،
أعبر الآفاق في فكري إليك..
أحتمي في صدرك الطيّب، ما بين يديك..
هامسا، أمي اغفري لي..
فرضـــا الله رضــــاك،
يا ملاذي ورجـــائي، ســـاعديني
آه، كم قصّرت في حقك،
يا ســـرّ وجودي ســـامحيني.
* * *
وتزوّجت، عرفت السهر المضني..
إلى جانب من أحببت،
وهي تشكو ألم الحمل، ولكن..
فرح الدنيا بعينيها أراه..
وهي تشـكو ألم الوضع بصبر..
بين مــوت وحيــــاة.
حينها أدركت يا أمّاه، ما معنى الأمومة..
وتمنيت لو اني أعبر النهر [1] إليك..
أطلب الرحمة والغفران والعطف..
أبوس القدمين..
اقف الخاشع بالباب، وطوع الأمــــر..
مرفوع الجبين،
عــلّـني يا أم أرضيك،
فكم قصّـرت في حقك يا ســرّ وجـودي،
ســـامحيني..
* * *
لن تفرقنا المسافات، ولا الظلم،
وبغي الاحــــتلال..
فاصبري يا أمّ، لا بدّ لهذا اليأس..
يوما من زوال،
وإلى يوم لقاء..
عامر بالنصر والعــــزّة،
نحيا فيه..
في صفوة عيش وهناء.
* * *
وعلى روحك يا أمـّاه نتلو الفاتحـــة..

[1نهر الأردن.. طريق العبور إلى فلسطين.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى