الخميس ٣ نيسان (أبريل) ٢٠٠٨
بقلم فليحة حسن

إلى معلمي

إلى معلمي (عبد الاله الصائغ) لم تعد الأرض كما كانت ......ولكن مرحباً

حين يحاصرني الحنين إلى زمن أخضر كان أركن إلى أكتار الذاكرة فتنزّ من بين مسامها صورتي وقد أحطت نفسي بوجل شفيف وأنا ادخل كلية التربية للبنات في جامعة الكوفة حاملة كراسة بيضاء كأملي التقيته بهيبته الجليلة قلت:

  سلاما سيدي؛
  قال سلاماً فليحة،
بهرني نطقه حروف اسمي، وهمست لنفسي بأن يعرفني، أجاب وكأنه اطلع على ما بداخلي -اجل الستِ عضوا في منتدى الأدباء الشباب ؟؛
فزت روحي بابتسامة جذلة لتجيب
 بان نعم ؛
أشار بان اجلسي، وكأنني في حضرة ولي أدنيت المقعد باستحياء مني وجلست أتتبع إشارات الربيع ،
  سيدي أنا اكتب الشعر هكذا صرحت خائفة ، وقف صدى جملتي محشورا في فمي قال:
  هلا أطلعتني على ما تكتبين؟،

دونما تأخير مددت يدي إلى كراستي ونزعت منها ثلاث ورقات تنزُّ عناوينها (الرغيف، عقلاء، ثورة الألوان) وكانت أول البوح، قال لي حين تحضرين الى الدرس غداً أراك
لم انم ليلتها وأنا أفكر بما سيخطه قلمه فوق وجه ورقتي وما سيقول إزاء خربشاتي وفي الغد التالي دخلت الى صفي واحتجبت عنه وحين طال انتظاره لي أرسل لي بان احضري فأول الغيث الندى،

ناولني ورقتين خطفتهما برعشة الاكتشاف وهربت الى ركن قصي في الكلية لأرى ما أرى فكان أن قال لي ( الشاعرة فليحة حسن داخل مع التحيات أحييك بالكلمة المبدعة الصافية وبعد.....قرأت نصوصك الشعرية "الرغيف / عقلاء / ثورةالالوان؛" وأنا رجل لا يكتم مشاعره لأنه لا يحابي أحداًُ ....إذن خذي كلماتي على إنها انطباعات صادقة اللهجة والسريرة ؛ لقد ابتهجت بصورك الفنية والسريرة ؛ لقد ابتهجت بصورك الفنية ذات الألوان الفائرة وتعلمين يا فليحةان الصورة الفنية هي مهجة الشعر بعبارة أخرى ابتهجت بشعرك الاثيث الباذخ وأدركت انك تكتبين الشعر الذي يتنفس عبق الإيقاع ويترجل عن صهوة المألوف دون أن تبهظ بهاء الصدق الفني العبارة ماكرة تبدو داجنة للوهلة الأولى ثم تصعد وتسعر حتى تستحيل جمرة في الوهلة الأخيرة وليس بي خوف عليك منك لست خائفا على شعرك من تفاهة الغرور وشراهة الزعم وفجاجة الاطمئنان وسلاح الأنوثة أنتِ تكتبين شعرا إذن أنتِ تدركين طلسم الكلمة وتحافظين عليه........)نسيت يومها إنني طالبة وسجلت مع الغائبين،وحين عدت صباح اليوم التالي حلقت الى مكتبه بروحي،
وقلتك :

 سلاماً سيدي
 قال سلام واهداني كتابه في النقد ضممت الكتاب اليّ كمفتاح سحري،
 قلت سيدي أريد أن أكون مثلك ؟
قال يمكنكِ إن شأت؛
من ذاك الزمان صار علي أن استيقظ باكرة لأصل قبل كل الطالبات وانجح قبلهن،
وحين موعد اتحاد الأدباء في آخر القاعة كنت اجلس أدور في بهائه كتلميذة وجلة ،
تكرر حضوره في زمني المدرسي بفرحه الهائل،
وفي يوم ما ،دخلت الى الكلية فلم أره ،سألتُ قلنَّ رحل الى مدن الأخرى،
كتبتُ سيدي أين أنتَ وأرسلتها مع الريح إليهِ ولكن ما من مجيب ؛
أسرعتُ أعدو وحدي في الجامعة بمراحلها المتعددة ،وكانوا قد اقتلعوا أشجارها الكبار منها وزينوها بالدفلى؛

والآن في زمن الانترنيت بحثت عن اسمي في (googel )لأجد رسالتي إليه وقد ألصقت برسالة حنين منه (إلى فليحة الطفلة والشيخة معاً ن اجل أن أراك ياطفلتي التي شاخت

فأشعر إنني مازلت حيا كما الأحياء
وانك حية بعشبة جلجامش ...
يتها الشاسعة مثل خيالات فليحة
يتها المحمومة مثل قصائد فليحة
يتها الجميلة مثل أحزان فليحة
أنتِ لا تعلمين ..
إنني أتساقط حجرا حجرا ونبضة نبضة
إنني أتلاشى مثل دخان باهت
الصائغ كان ولن يكون .. لن يكون ..
لم أعد سوى شبح يطاردني مثل ظلي
جل ما أخشاه إنكم لن تعرفوني للوهلة الأولى
فقد شخت كثيرا
ووهنت خطاي
واشتعل رأسي موتا ..
وجل ما أخشاه أن تزورني مدينتي النجف
الى حيث مشيجان
حاملة اليَّ ترابا اتوسده وسدرا أتطهر به
وغرابا يؤنسني في عند صراخ السعادين السود )

أسرعت إليه لأخبره بان أهلي هربوا من برد الأرض الى دفأ ترابها لأجده يقول (أنا عائلتك يافليحة واقسم بالزاد والملح والشعر! أنا أبوك، أخوك، عمك ،خالك، فقط جربي! ثقي إنني ابكي نيابة عن الصديق واحزن بدلا منه) لك ياابي ياعائلتي كل التحايا ،يوم كتبتَ ويوم أرسلتَ الفرحَ اليَّ.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى