الأربعاء ١٨ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٩

اتفاقية سيداو وثقافة ومبادىء الشعب الفلسطيني

سمير دويكات

يختص كل شعب على هذه الدنيا بمجموعة من المبادىء الثقافية والاخلاقية والدينية والسياسية والقانونية وغيرها، وتبقى معه الى ان يتغير كيانه عبر عشرات السنوات او ان تحصل معجزات فريدة من نوعها، وهذه يقرها الشعب في وثيقة دستورية تكون الاولى في الترتيب لحكم علاقتهمع الاخرين وحكم وضعه الكامل فوق ترابه، وهي التي تحدد كيانه والية الحكم والنظام وعلاقة السلطات ببعضها وحقوقهم الانسانية ومبادئه وثقافته، وكل الامور ذات الاهمية التي تسيطر على كيانه القانوني.

وفي فلسطين لدينا القانون الاساسي، وهو الذي يحكم العلاقة بين جميع مقومات المجتمع من المؤسسات والافراد في الدولة، وهو الذي يقر باحترام حقوق الانسان والاتفاقيات الدولية، ويقر باحترام الاديان السماوية وحقوق الافراد وهو الذي يضمن انتقال السلطة بطرق ديمقراطية.

وفي حكم المحكمة الدستورية الصادر بخصوص بيان الوجه الخاص بسريان الاتفاقيات الدولية بموجب تفسير قانوني وهي المحكمة المؤهلة لان تقول كلمتها في هذا قالت: بان الاتفاقيات في دولة فلسطين لا تكون سارية الا بمرورها في الطريقة المرسوم من اجراءات ومصادقات وفق القوانين المحلية، وبالتالي اعطتها حجم القانون المحلي وتكون موقوفة على اعتمادها وفق اجراءات قانونية كما القوانين المحلية، وهي في وقتنا الحالي يجب ان تصدر بموجب قرار بقانون عن الرئيس كما هي التشريعات المحلية وتنشر في الجريدة الرسمية.

في قراءة سابقة وقريبة لاتفاقية منع التمييز او القضاء على اشكال التمييز ضد المراة والمعروفة باسم "سيداو" نجد ان الاتفاقية فيها كثير من الامور التي يمكن ان تطور العلاقة بين افراد المجتمع الاناث والسلطة الحاكمة والذكور دون تمييز وان تكون رافعة لحقوق النساء كما باقي الدول التي انضمت لها، وهي اتفاقية مليئة بالحقوق التي تخص المراة ولكن يوجد فيها بعض المسائل التي تتعارض مع الاديان السماوية مثل مثيلي الجنس والاجهاض وغيرها والتي حرمت في التوراة والانجيل والاسلام، وبالتالي يمكن لدولة فلسطين ان تصدرها وان تكون سارية في حدود عدم معارضتها مع الاديان وذلك باستثناء النصوص التي تنص على بعض الامور التي لا يقبلها مجتمعنا الفلسطيني.

اقر لكم هنا ان القوانين الفلسطيني تحترم المراة حتى قبل اصدار هذه الاتفاقية وعلى مدار سنوات طويلة لم يوجد اي قانون في فلسطين يمنع المراة من ممارسة حقوقها القانونية والدستورية وهي كانت تشارك في الانتخابات والتمثيل والحياة العامة حتى قبل امريكا وبريطانيا، واوروبا قاطبة، ففي الوقت التي كانت فيه اليابان واوروبا وكل دول امريكا تمنع المراة من مممارسة حقوقها السياسية والقانونية، كان لدى دولة فلسطين قانون ودستورية متطور ولكن كان وما يزال بعض العادات الغريبة التي كرسها الاستعمار والتي نشات كانها اعراف قانونية متبعة.

وما نشر خلال الايام الماضية هو لا يتفق مع نصوص الاتفاقية وليس له صلة به، وان الامور الموجودة في الاتفاقية هي امور تحترم المراة وتراعي حقوقها القانونية دون اسفاف كما ورد في الاتفاقية وان الاتفاقية مثلا لم تنص على حرية الارتباط الجنسي لمثلي الجنسين لانها متخصصة فقط في القضاء على اشكال التمييز ضد المراة وان التوسع في التفسير يفسد النص، وان التوسع ايضا في التفسير بدون معرفة متخصصة هو ما يوقع الناس في الخطا والهجوم الكبير، والاجهاض ليس ممنوع بالمطلق في كل الشرائع وله حدود وشروط طبية وقانونية تختلف من مكان لاخر او من بلد لاخر وفق الظروف المحيطة به ان كان يؤثر على الامر وفي اي مرحلة يكون فيه الحمل وغيرها من الامور ونص الاتفاقية عام يمكن تقنينه اكثر وفق ما هو موجود في فلسطين وغيره من الامور، كما ان سن الزواج هو يجب ان يكون في حدود سن البلوغ لامور كثيرة ومنها معدلات زيادة الطلاق، وغيرها ولكن نحن نذهب دائما لاصدار قوانين بشكل ارتجالي دون اطلاع الناس على السبب او المشكلات بدراسات موثقة، وهو ما يؤدي الى ظهور ردات فعل سلبية وكبيرة ضد الامر وخاصة في ظل وجود وسائل التواصل السريعة.

وهنا، يلزم من الجهات المختصة في المؤسسات الوطنية ومنها شؤون المراة ان تقوم على نشر توعية خاصة في الموضوع وان تقوم بتنظيم ورشات عمل واسعة من اجل توعية الناس واطلاعهم على الحقيقة والعمل على مواءمة الاتفاقية مع القانون الاساسي الفلسطيني والقوانين الفلسطينية بمشاركة وزارة الاوقاف والمراجع الدينية الاسلامية والمسيحية حتى يطمئن المواطن وقت طرحها واعتبارها قانون وطني.

سمير دويكات

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى