الخميس ١٤ آذار (مارس) ٢٠١٣
بقلم عبد الغني موعكيس

الأَشْجَارُ الَّتِي أَجْهَضَتْ حَنِينَهَا

لِمَاذَا تَلْتَئِمُ هَذِهِ الْهَاوِيةُ ...
كَسبْحَةٍ طَوَّقَتْهَا غُصُونُ الْقَيْظِ
فِي بِدَايَةِ الطَّرِيقِ،
لَكِنَّهَا لَمْ تَبْتُرْ شَهِيقًا، أوْ تُنْفِقْ لُهَاثاً لأَجْلِ
قَرَابِينِ الْوَطَن.
لِمَاذَا تَأْتَلِفُ كَمْنْفَى، عَابِسَةً فِي وَجْهِ السَّمَاءِ،
هَلِ اقْتَرَفَ الأَمَلُ حَنِيناً مُحَرَّماً؟
أَمْ جَامَعَ الظِّلُّ مُسْتَحِيلاً
مَنْبُوذاً...؟
 
عَلَى شَطِّ الْجِيفِ الْمُصَبَّرَةِ...
شَذَّبُوا نُخَامَ الْغُزَاةِ، وَاصْطَفَوْا مِنْهُ لِعَاصِفَةٍ
تَحَيَّرَتْ فِي دِيدَانِ الْمَضَاجِعِ الْمُرْتَجَّة...
شَيَّدُوا نُدُوباً لاَ تَرْتَجِفُ قُبَالَةَ الْبَحْرِ الْمَنْكُوبِ...
قَالُوا: هُنَا بِدَايَةُ الْحَبْوِ نَحْوَ الْكَيْنُونَةِ الْمُحَنَّطَةِ...
لََنْ تَنْهَضَ مِنْ قَبْوِ الطَّلِّ بَقَايَا خَطْوٍ
لَمْ يَسْتَسِغْ حُبُورَ النَّعْشِ...
وَلَنْ يُحَاصِرَ النَّهْرُ عَطَشَ الْقَبَائِلِ
الْمُتَنَاثِرَة.
 
كَأَيَّةِ شَجَرَةٍ عَلَى حَافَةِ الْبَرْقِ
تُلَمْلِمُ بَقَايَا صَيْدٍ لَمْ يَبْلُغْ رُشَدَهُ...
أَنْفذُ بَيْنَ الْغَزَوَاتِ الَّتِي أَجَّلَتْ حَرَائِقَهَا،
وَأَعُودُ كُلَّ مَسَاءٍ كَيْ أَرُشَّ نَبِيذَ الْوَقِيعَةِ
وَلاَءً ...
وَلاءَيْنِ...
أَوْ هَكَذَا أَتَفَشَّى كَهُدْنَةٍ مُرْبَكَةِ الْمَصِير.
 
مِثْل وَمْضَةٍ فِي كَهْفِ الْمَجْهُولِ...
أَحْمِلُ جُثَّةَ الأَرْضِ، كَأَبْلَهٍ لَمْ يَأْلَفْ
صَقِيعَ الأَعْيَادِ...
وَأَمْضِي بِلاَ عُنْوَانٍ...
خَلْفِي قَدَرٌ يَشْحَتُ الشِّتَاءَ بَعْضَ نِيرَانِهِ،
وَأَمَامِي مُزنْةَ ٌكَخَابِيَةٍ تَقَعَّرَتْ أَيَّامُهَا
قُبََيْلَ اكْتِمَالِ الْحِكَايَةِ.
 
لِمَاذَا أَنَا الآنَ هُنَا...
أُهَذِّبُ نَشَازَ الْوَحَلِ، مِثْلَ رُقْعَةٍ
عََلَى جِمَاعٍ مُحْتَمَل...
أُبَعْثِرُ ثَرْثَرَةَ الدُّعَاةِ، وَأَهُشُّ عَلَى الرِّيحِ
بِانْحِنَاءَةٍ مُقْمِرَةٍ...
لِمَاذَا كُلَّمَا دَخَلْتُ بَاحَةَ الأَلْوَانِ...
مَزَّقَتْنِي فِتْنَةُ الظُّنُونِ، أَو اصْطَحَبَتْنِي فَاكِهَةُ الرَّمَادِ
إِلَى فُتُوَّةِ الْمَكْرِ الفَاقِعَةِ، كَدَعْوَةٍ تُوَاعِدُ مَضْجَعَهَا،
لَكِنَّهَا لاَ تُفَرِّقُ بَيْنَ النَّزِيفِ وَالنَّزِيفِ...
فِي قُصَاصَاتِ الْمَسَاءِ الْمُتَمَرِّدَة.
 
كما تُوتَةٍ تَوَضَّأَتْ بِزفِيرِ الْفُصُولِ
الْمُتَحَلِّل...
تُفَاجِئُنِي بَاكُورَةُ الْمِلْحِ أَوْحَدَ مِنْ أَحْدَاقِي
أُقَضِّبُ جِسْرَ
الْمَغَارَةِ الَّتِي لَمْ تَلِدْ لأَعْمِدَةِ الْحُفَاةِ
أَشْبَاهَهَا،...
 
لِمَاذَا أَنَا الآنَ هُنَا، لاَ الْبِدَايَة تُلَوَّحُ لِي،...
وَلاَ النِّهَايَةُ تَدْنُو قَلِيلاً مِنْ عَطْسَةِ احْتِجَاجٍ
فَاخِرَة...
لِمَاذَا أَنَا الآنَ هُنَا...
أُعَاتِبُ كَيْنُونَتِي، غَيْرَ آبِهٍ بِثُلُوجِ الشَّمْسِ الْبَاكِرَةِ،
أَانْتَبَذَتْ رُضَاضَهَا
أَو انْفَطَرَتْ كَسَفِينَةٍ فِي مُعْتَرَكِ النُّزُوح...
 
ذَاتَ غَيْمَةٍ شَرْقِيَّةٍ...
أَيْقَظَتْنِي مَسَافَةٌ مُتَرَمِّلَةٌ ...
فَارْتَمَيْتُ فِي أَحْضَانِ نَفْسِي مُمْتَلِئاً بِخَوَاءِ الْكَوْنِ
إِلاَّ مِنْ نَفَسٍ دَاكِنٍ...
لَمْ يُشْفَ مِنْ رُضَابِ الْغَرَقِ.
 
لِمَاذَا أَنَا الآنَ لاَ أَمْلِكُ وَجْهاً كَوُجُوهِكُم...
لاَ يَخْجَلُ أَمَامَ الدَّمِ الْمُبَجَّلِ مِنْ دُمَى
الأَطْفَالِ...
لاَ يُسَعِّرُ مُجُونَ الزَّوَابِعِ...
مُشْتَعِلاً أَوْ مُنْطَفِئًا لاَ يُبَذِّرُ تَمِيمَةً،
أَوْ يَعْقِرُ دُعَابَةً لأَجْلِ شِجَارِ الأَقْنِعَةِ.
 
هَذَا وَجْهِي...
يَخِيطُ مَلاَذاً لِغَيَابَةِ الْوَطَن...
هَذَا وَجْهِي يُصَافِحُ سُعَالَهُ عَلَى مِنْضَدَةِ
الْوَلاَئِمِ الْمُقْبَرَة...
يَسْتَعِرُّ مِنْ صَفِيرِ الأَحْذِيَّة...
حِينَ يَأْتِي مُتَقَمِّصاً عُيُونَ فَرَاشَة.
 
هَذَا وَجْهِي لاَ يُمْهِلُ طَيْشَ الْوَقْتِ
كَيْ يَصْرَعَهُ...
كَنَهْرٍ دَرَّبَتْهُ الْحُفَرُ عَلَى رِمَايَةِ النَّعْشِ،
يُنَفِّشُ ابْتِسَامَةً...
وَيَخْتَفِي بَيْنَ التِّلاَل.
 
قُبَيْلَ الْغُرُوبِ الْمُنْدَسِّ بَيْنَ أَحْمَرِ
الْمَراَيَا...
تَتَلَبَّدُ الأَسْئِلَةُ كَغَيْمَةِ وِشَايَةٍ...
فَأَقْرَأُ، مِنْ تِرْيَاقِ الْغَيْبَةِ الْمُعَقَّمَة، عَلَى تَوَاطُؤ الْجُبِّ
بَعْضاً مِنْ رُؤَايَ:
الْوَطَنُ أَنَا...
أَمَّا أَنْتَ فَمشَاعٌ يَلِينُ لِبَاعَةِ
الْخُطُوبِ.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى