الخميس ٢٨ كانون الثاني (يناير) ٢٠٢١
بقلم حسني التهامي

الإبيجراما الشعرية

دراسة تحليلية

الإبيجرام الشعري بين التراثِ والمعاصرةِ

ليس فن الإبيجراما الشعري مستحدثا في حقل الإبداع العربي، على غير ما اعتدنا في القصائد المختزلة كالومضة والشذرة والهايكو التي لم تكن عربية المنشأ. وطبيعي أن تتلاقح الشعوبُ مجالات الإبداع فيما بينها كما تتبادلُ أساليبَ الزراعةِ والصناعة والتجارة، ثم تبني على ما تأخذُه، وتصنعُ لها ألواناً إبداعيةً تتشكلُ بثقافتِها وبيئتِها الخاصةِ. فن الدراما مثلاً نشأ في اليونانِ وبلغَ ذُرْوتَه في القرنِ الخامس قبل الميلاد، كان سوفوكليس ويوريبيديس وايسخولوس رواد مسرح التراجيديا، وأريستوفان هو المؤسس الأول للكوميديا. ولولا هؤلاء لما نهضَ المسرحُ الرُومانيُ ولَما سمِعنا بعد ذلك عن كتابٍ مسرحيينَ أمثالِ كرستوفر مارلو ووليام شكسبير ووليم بيكيت وجورج برنارد شو وأوسكار وايلد وغيرهم في انجلترا، وموليير وإميل زولا وبلزاك وجون سارتر وغيرهم في فرنسا، ولَمَا ظهرت لنا مسرحياتُ عزيز أباظة و أحمد شوقي وتوفيق الحكيم وعبدالرحمن الشرقاوي وصلاح عبدالصبور وغيرهم.

كذلك فنُ الإبيجرام -شأنُه شأنُ المسرحِ- واحدٌ من الــفنــونِ الـــتي عُرفت في اليونان قديما. تعني كلمة "إبيجراما"باليونانية الكتابةَ المنقوشةَ على القــبور والــتماثيلِ والآنيةِ بعباراتٍ مُختصرةٍ يَغلبُ عليها طابعُ الحكمة. وقد تأثرتْ بالفنون الأخرى مثل الملاحمِ والفن الإليجي والشعرِ الوجداني. برزَ في هذا الفنِ من مبدعي اليونانِ عمالقةٌ وصلوا بهذا الفن إلى مستوىً رفيعٍ، منهم ملياجروس السوري وكاليماخوس الذي كان مَسْئولاً عن مكتبةِ الإسكندريةِ، ثم انتقلت الإبيجراما إلى روما بعدما أَفَلَتْ شمسُ أثينا، تحولت في عصرِ الرومانِ إلى فنٍ أدبيٍ يقومُ بالدرجةِ الأولى على التركيز، ثم ينتهي نهايةً هجائيةً لاذعة. كان النصُ يتكونُ من بيتينِ ولا يزيدُ عن الستةِ أبيات. كتبَ كاليماخوس العديدَ من إبيجرامات الرثاءِ، كالتي في رثاءِ صاحبةِ هيراكليتوس وهي من أفضلِ إبيجراماتهِ في الرثاء :

"إيه هيراقليطوس، لقد نبأني رسولٌ بموتك وأغرقني في دموعي. تذكرتُ كم من مرةٍ بقينا في قاعة المناقشةِ وطال حديثُنا حتى غياب الشمس واحسرتاه! فأغلبُ ظنى أنك قد صرتِ منذ زمن طويلٍ رماداً واحسرتاه! يا صديقى الهاليكارناسي. لكن تغاريدَ عندليبكِ ستظلُ تحيا بيننا ولن يمسَّها هاديسُ خاطفُ الجميعِ بسوء" (1)

كذلك قدّم إبيجرامات عن الحبِ كتاب متميزون كجون دون وأوسكار وايلد وأصبح لها سماتُها الخاصة. عرَّف الشاعرُ الرومانسي الشهيرُ كوليردج فنَ الإبيجرام بأنه "كِيانٌ مكتملٌ وصَغيرٌ ... جسدُه الإيجازُ،والمفارقةُ رُوحُه" (2)
المُسمى العربيُ:

على مدى عصورِ الأدبِ العربي لم يُعرف فنُ الإبيجرام بهذا الاسم، فقد كان يُطلق عليهِ فنُ التوقيعة خاصةً في العصر العباسي. كانت التوقيعةُ عبارةً موجزة بليغةً، في الغالبِ كان يخُطُها الخليفة أو الوزيرُ أو الوالي رداً على مسألةٍ أو شكوى، قد تكونُ آيةً قرآنية، حديثاً نبوياً، بيتَ شعر، حكمة أو قولاً مأثورا. لننظرْ إلى التوقيعة التي كتبها هارونُ الرشيد إلى صاحب خراسانَ، عندما بدأت الرعيةُ تشكو منه : (داوِ جُرحك، لا يتَّسع(3).

عبارةٌ مُوجزةٌ لكنها مُعبرةٌ ومُوحية. يذهبُ الدكتور شوقي ضيف إلى أن العباسيين حاكوا ملوكَ الفُرس ووزراءَهم في توقيعاتِهم على ما يُقدمُ إليهم من تظلماتِ الأفرادِ في الرعيةِ وشكاواهم. بينما يذكرُ الدكتور طه حسين في كتابه " جنة الشوك" أنَ هذا الفنَ لم يكنْ معروفاً في العصرِ الجاهلي أو في صدْرِ الإسلام، لكنه ازدهر بالعراقِ في العصرِ الثاني من عصورِ الحضارةِ الإسلاميةِ، ثم اختفى هذا الفنُ في عصورِ الضعفِ الأدبي. في مطلعِ عصرِنا الحديثِ دأب الشعراءُ على تقليدِ الشعراءِ الجاهليين ولمْ يحْفلوا بهذا النوعِ من الفن.

حفل الشعر العربي قَبل العصرِ العباسيِ أيضا بتلكَ التوقيعاتِ، رغمَ أن الشعراءَ لم يضعوا لها مُسمىً أو تعريفاً مُحدداً، مثالُ ذلك بيْتا الحُطيئةِ في هجاءِ نفسِه:
أَبَتْ شَفَتايَ اليَومَ إِلاّ تَكَلُّمًا
بِشَرٍّ فَما أَدري لِمَن أَنا قائِلُه
أَرى لِيَ وَجهاً شَوَّهَ اللَهُ خَلقَهُ
فَقُبِّحَ مِن وَجهٍ وَقُبِّحَ حامِلُه (4)

وأيضا قولُ بشارَ بن بُرد:

قالوا: العَمى مَنظَرٌ قَبيحٌ ...
قُلنا: بِفَقدي لَكُم يَهونُ
تَاللهِ ما في البِلادِ شَيْءٌ ...
تَأْسَى عَلى فَقدِهِ العُيونُ (5)

وغيرها من أشعارِ كبارِ الشُعراءِ التي تتسمُ بالإيجازِ الشديدِ، وتحملُ في طياتها معاني السخريةِ والهِجاء.

في العَصْرِ الحديث:

كان للدكتور طه حسين السبق في خوض غمار تجربة الإبيجراما الشعرية، حيث قدمَ له في كتابهِ "جنة الشوك" ثم أتبعَ المقدمة بنُصوصٍ نثريةٍ ينفي تطابقَها مع فن الإبيجرام الدكتور ابراهيم عوض، لأنها تفتقدُ للإيجازِ والتكثيفِ، ولم تكن قفلاتُ نصوصِه كـ"النصلِ الرقيقِ"، إنما مضتْ على نحوٍ رتيبٍ خالٍ من المفارقةِ التي هي روحُ فن التوقيعة، نلحظُ ذلك في نصٍ بعنوان "حرية ":

"قال الطالبُ الفتى لأستاذهِ الشيخِ: ألم ترَ إلى فلانٍ وُلد حُراً وشَّبَ حراً وشاخَ حراً، فلما دنا من الهِرم آثرَ الرِقَ فيما بقي من الأيام على الحريةِ التي صحبها في أكثر العمر؟!"

قال الأستاذُ الشيخُ إلى تلميذِه الفتى: أضعفته السنُ فلم يستطعْ أن يتحملَ الشيخوخةَ والحريةَ معا، وأنت تعلمُ أن الحريةَ تُحمِّلُ الأحرارَ أعباءً ثِقالاً".(6)

على الرغم من ذلك، يُحسبُ لعميدِ الأدبِ العربيِ السبقُ في التنظير لهذا الفنِ في عصرِنا الحديث.

يحملُ ديوانُ الدكتور عز الدين اسماعيل " دمعةٌ للأسى .. دمعةٌ للفرح" ملامحَ الإبيجرام الشعري. يتفجر الكتاب بمفرداتٍ شاعرية وصور تتسمُ بالحيويةِ والجمال. تناولت معظم نصوصه عبثية الحياةِ من خلال إثارة أسئلةٍ حائرة متشائمة لا تجد أجوبةً على المطلق:

أعرف أن الجسم النابض يخرسه الموت
يتحول في القبر ترابا
فإلام تؤول ملايين ملايين الأفكار
اللائي كن يجلن قبيل الغفوة
بعقول ملايين الموتى في صمت؟(7)

يعرض النص حقيقة الحياة والموتِ ويكشف عن كنههما، ثم ينتقل إلى تساؤلٍ حائرٍ مُترتبٍ على الحقيقةِ التي كشفها في البيتين الأولينِ، تكتملُ الحيرة وتصل ذروتها في هذا السؤالِ : "فهل كانت لحظة ميلادي المبهم هي لحظة موتي المرجأ؟"

في (فصل الحجارة) انتقل الشاعر بثورتهِ إلى الهم الإنساني والعربيِ عندما تناول انتفاضةِ الشعب الفلسطيني، يقول الشاعر في قصيدةِ: " صرخة":

"كان مقدوراً علينا منذُ آلاف السنين
أن يصفونا لكي نصنعَ جدراناً لبيت
أو سياجاً حولَ دار
غيرَ أنَّا اليوم صرنا في أكفِ الأبرياء
صرخةً تصنعُ بنياناً لأمة" (8)

يمتلكُ ديوان "دمعة للأسى .. دمعةٌ للفرح" تلكَ "السِمة الانفجارية في التأمل والدلالةِ والإيحاء" ، ونستشعر في قراءة الديوان بأن عز الدين اسماعيل تنحى كلية عن الرؤية الواعيةِ كناقدٍ بصيرٍ وتراءت له الأشياء فبصرها بعينِ الشاعرِ المهمومِ، وتفجرتْ بداخلهِ جمرةُ المشاعر والأحاسيسِ.

في عامِ 1964 كتبَ الشاعرُ عز الدين المناصرة قصيدةً عنوانها "توقيعات"، قرأها في ندوةٍ أدبية بمقر "الجمعية الأدبية المصرية" بعابدين، في حضور الشاعرينِ صلاح عبد الصبور وعز الدين إسماعيل. توالت قصائدُ التوقيعاتِ في معظم أعمال عز الدين المناصرة الشعرية تحتَ ذاتِ العُنوان "توقيعات". في ديوانه الأول "يا عنبَ الخليل،1968" نجدُ قصيدةَ "نقوش كنعانية"، ينطبق هذا الاسمُ تماماً على المسمى الأجنبي "الإبيجرام" أي النقشُ على الأشياء. يعدُ المناصرةُ واحداً من هؤلاءِ الشعراء الذين كانوا يعشقون التجريبَ للأنماط الغربيةِ وإعادة تشكيلِها في إطارٍ شعريٍ عربي.

لقد استفاد المناصرة من التوقيعات العباسيةِ النثرية وقصيدةِ الهايكو اليابانية والإبيجرام اليوناني. ويرى المناصرةُ أن "كل توقيعةٍ قصيدةٌ قصيرة جدّاً، لكن ليست كلُ قصيدة قصيرة توقيعة". يعتقدُ أن هذا النوعَ الشعري يرتكزُ على الإيجازِ والتكثيف وعمق المعنى والإيحاء. يمكنه من خلال هذه القصيدة القصيرة أن يوصل للمتلقي رسالةً موحيةً تثيرُ انفعالاتِه وتحركُ مشاعرَه :

"رجعتُ من المنفى في كفّي خُفُّ (حُنَيْنْ)
حين وصلتُ إلى المنفى الثاني
سرقوا منّي الخفّيْنْ" 1964. (9)

في قصيدة " هوامش على دفتر النكسة" يقول نزار قباني في هامش "2" :

م
"مالحةٌ في فمنا القصائدُ
مالحةٌ ضفائرُ النساء
والليلُ، والأستارُ، والمقاعد
مالحةٌ أمامنا الأشياء" (10)

تتكون القصيدةُ من عشرينَ هامشاً، كل هامشٍ بمثابة توقيعة تتسمُ بالإيجازِ الشديد وتنتهي نهاية أشبه بالنصلِ الحاداد والخاطفِ على حد تعبير الدكتور طه حسين.
أحيانا تأتي التوقيعة نهايةِ نصٍ طويل يسيرُ في تسلسلٍ وهدوء حتى يحدثُ توتر شعري في جزئية التوقيعة، وهذا هو شرطُ الشعرية. يتضمنُ هذا النوع من التوقيعةُ مفارقةً تُحدثُ الإدهاش والمتعةَ لدى القارئ . لا تكونُ القصيدةُ القصيرةُ توقيعةً إذا خلت من التكثيفِ والإيحاء. تعتبر الإبيجرام من القصائدِ التي تحتاجُ إلى خُصوصيةٍ شديدةٍ في كتابتِها، حتى في قراءتِها، لا يكتبُها إلا كبارُ الشعراء الذين يمتلكون الحِنكةَ اللُغويةَ في رأي العلامةِ والفيلسوف اللغوي تشومسكي.

لقد دأب كبارُ الشعراءِ خاصةً المجددين منهم على أن ينقبوا عن الأنماطِ الإبداعيةِ الجديدة كي يظلَ صوتهم الشعري متجددا ومتفرداً، رغبة منهم في التجريبُ لأنه أداتُهم الفريدة في تشكيل طريقهم نحو التجديد، معتمدينَ بذلك على تنوعِ ثقافاتِهم وخبراتهم الحياتية. لعلَّ من أهم الأسبابِ التي دفعت طه حسين وعز الدين إسماعيل وعز الدين المناصرة إلى التشبثِ بقصيدة الإبيجرام، تلكَ التحولاتُ الفنية والفكريةُ في تجربتهم الإبداعية، رغبتُهم في التخلصِ من المُباشرةِ والخِطابيةِ إلى الإيحاءِ المُكثفِ، وحرصُهم على مجاراةِ نمطِ عصرِنا المُتسارعِ والمُتشابكِ. يعُبرُ الشاعرُ يوسف الخال عن هذا التوجهِ بقولهِ: «نحنُ نجدّد في الشعر، لا لأنّنا قرّرنا أن نجدّد، نحنُ نجدّد لأنَّ الحياةَ بدأت تتجدّد فينا، أو قُل تُجددنا. " (11). لم تعد القصيدةُ المُطولةُ في ظلِ الأحداثِ المُتواترةِ التي لا تسْمحُ للقارئِ إلا بقدرٍ ضئيلٍ من الوقتِ لالتقاطِ أنفاسِه للقراءةِ والإطلاع. لذا ارتأى الشعراءُ مجاراة هذا الإيقاعَ السريع اللاهثَ اعتقادا منهم في أنه الأنسب للذائقة العصرية وأنه سينطلقُ بهم إلى آفاقٍ رحْبةٍ يُعبِّرون من خلالها عن انفعالاتِهم بشكلٍ مُقتضبٍ ومُوحٍ بعيداً عن التأنقِ اللفظيِ والابتذال. بالإضافة إلى أن معظم الألوان الشعرية القصيرة يجمع بينها عنصر المفارقةِ التي تثيرُ ذهنَ القارئ وتحركُ عاطفتَه ودهشتَه.

الإبيجراما والومضة:

لفنِ الإبيجراما سماتٌ متعددةٌ، منها الجنوحُ إلى واقعيّةِ المضمونِ الشعري، الإيجاز اللفظي مع التّكثيف الدلالي، البساطةُ في التركيب البنائي للنص، الدهشةُ المنبثقةُ عن المفارقة، وإحداثُ فجوة توترٍ شعري قادرةٍ على التأثيرِ في المتلقي. تلك الفجوةُ سِمةٌ شعريةٌ، لا نكادُ نجدُها إلا في النصوصِ المُبدعةِ القادرةِ على التحليق. من الواضح أيضاً أن الذاتَ الشاعرة في التوقيعةِ تتجسدُ عبر الضمائرِ الدالة علي ذاتِ الشاعر، كما نلحظُ حضور الأسطورةِ بكثافةٍ داخل القصيدة عن طريق المزجِ بينها وبين الأحداثِ المُعاصرةِ المُرتبطةِ بالواقعِ الذي يُحيطُ بالشاعرِ ويشكّل عالمَه وتجربتَه ورؤيتَه الشِعريّة.

هناك نوعٌ من القصائدِ القصيرةِ لا تكونُ نهايةَ مقطع يطلقُ عليها "قصيدةُ ومضةٍ مُكثفة، خاتمتُها مفتوحةٌ على تأويلات تُمثلُ مُفارقةً شعرية"،هي أشبَهُ بالبرقية، تقدمُ صورةً واحدة أو انطباعاً واحداً باقتضابٍ شديدٍ، يهدفُ الشاعرُ من خلالِه إلى إحداث تأثيرٍ جمالي لدى المُتلقي. تُقدم هذه القصائد لقطةً سينمائية درامية تهتم بالإيقاع الموسيقي في التشكيل الفني". لقد عرَّفَ الشاعرُ عز الدين المناصرة الومضة بأنها "قصيدةٌ قصيرةٌ مكثفة؛ تتضمنُ حالةَ مفارقةٍ شِعريةٍ إدهاشية، ولها خِتام مُدهشٌ مفتوح، أو قاطعٌ حاسمٌ، وقد تكونُ قصيدةً طويلةً إلى حدٍّ معين، وتكونُ قصيدةَ توقيعة إذا التزمت "الكثافة والمفارقة، والقُفلة المُتقنة المُدهشة" (12)

تعتبر الومضةُ الشعريّة تصويراً للحظةٍ أو مشهدٍ يعبرُ عن إحساس شعريّ خاطفٍ يمّر في مخيلةِ الشاعرِ فيصوغُهُ بألفاظٍ قليلةٍ وموحية. تعتبر قصيدة الومضة وسيلةً من وسائل التجديد الشعري، أو شكلاً من أشكال الحداثة التي تعبرُ عن روح العصر بتشابكاته وتعقيدات أحداثه. تكون الومضة ملائمة للروح العصرية، لأنها تنجحُ في التعبير عن هموم الشاعر وآلامه، كما أنها تلائمُ في شكلها مبدأ الاقتصاد الذي يهيمنُ على حياتنا اليومية. ساعد على نشوءِ هذا النوع من الشعر ورواجهِ ذلكَ التحولُ الفكريّ والفنيّ والإطلاع على الأنماط الشعريةِ الأجنبيةِ. على الرغم من أنَّ قصيدة الومضةِ أو التوقيعة تفتقرُ إلى عُنْصري الوزنِ والقافيةِ، إلا أنَّها تُبقي على الإيقاعِ الداخليِ الذي يتشكلُ في نسيجِ اللغةِ وتناغم المعانى.

مختتم

لم يقتصر شعرُ التوقيعة في الأدب العربي على التجاربِ الإبداعية التي قدمها طه حسين وعزُ الدين اسماعيل والمناصرة ولا حتى على توقيعاتِ محمود درويش وأحمد مطر ومُظفر النواب ونزار قباني، لكِنَّ مُعظمَ كتابِ قصيدةِ النثرِ آثروا هذا الفنَ الشعريَ، لاحتوائه على حقولٍ دِلالية متعددةٍ يمكنُهم التعبيرُ عنها بشكلٍ مُوجزٍ ومُوحٍ يُدخلُ القارئَ في حالةٍ من الدهشةِ من خلالِ المفارقةِ التي تُحدث نوعاً من التوتر الشِعري، تجعلهُ في تأهبٍ دائمٍ للوُلوجِ إلى عالمِ الشاعرِ، وتقصي أبعادِ النص، فيما يُشبهُ الرحلةَ المُضنيةَ والممتعةَ في آنٍ واحد.

المراجع:

(1) القصيدة العاطفية عند شعراء المدرسة الأيونية

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D9%8A%D8%AF%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%B7%D9%81%D9%8A%D8%A9_%D8%B9%D9%86%D8%AF_%D8%B4%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D8%A1_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D8%B1%D8%B3%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%A9

(2 ) نضال القاسم، النص الإبداعي بين السيري والمتخيل الشعري 2015 ، ص 184

(3)جرجي زيدان ، تاريخ التمدن الإسلامي - الجزء الأول، دار القلم للطباعة و النشر و التوزيع - بيروت / لبنان, ٠٦‏/٠٦‏/٢٠٢٠، ص 263

(4) https://www.aldiwan.net/poem22063.html

(5) الموسوعة العالمية للشعر العربي

http://www.adab.com/modules.php?name=Sh3er&doWhat=shqas&qid=8938

(6) طه حسين، جنة الشوك، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، 2013، ص18

(7) جهاد فاضل/ الفكر والإبداع ، السبت 6 ربيع الاخر 1434 هـ - 16 فبراير 2013م - العدد 16308

(8) شكري عزيز الماضي، دمعة للأسى .... دمعة للفرح ...إشكالية مصطلح «الإبيجراما» إلى روح الراحل الكبير عز الدين اسماعيل، جريدة الدستور، فبراير 2007

(9) توقيعات شعر:عز الدين المناصرة، دنيا الوطن، 2017،

(10) د. عصام شرتح,، دار الخليج نزار قباني - دراسة جمالية في البنية والدلالة، 2017 ص 24.

(11) عرض وتقديم : حواس محمود ، أحمد بزون، قصيدة النثر العربية الإطار النظري، الناشر: دار الفكر الجديد الطبعة: الاولى 1977.

(12) أ.د حفناوي بعلي ، داراليازوري العلميه للنشر والتوزيع راهن الشعر في نهايات القرن: أصوات الملحمة و أصداء التوقعية و الصوفية، 2008 ، ص 9

دراسة تحليلية

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى