الجمعة ٢٣ آذار (مارس) ٢٠٠٧

التلمود تاريخه وتعاليمه القسم الخامس من عشرة أقسام

الدكتور ظفر الاسلام خان

أساس المنطق اليهودي، هو "القواعد الثلاثة عشر"، وهم يستخدمونها في شرح التوراة والتلمود، وهي قواعد جد غريبة ومتناقضة ومعقدة، وهي كما يلي:

(1) "المساواة" Equality، الاستدلال على شيء بشيء، للتشابه أو المماثلة بينهما.

(2) "الخفيف والثقيل" Light and Heavy، وهو الاستدلال بشيء قليل الأهمية على شيء كبير الأهمية.

(3) "إيجاد الأب" The building of the Father وهو:

(أ‌) الاستدلال بحكم ورد في القانون (التوراة) على حكم آخر ورد في بعض المواضع الأخرى من التوراة نفسها، للتشابه بينهما.
(ب‌) الاستدلال بحكم خاص ورد في القانون على حكم عام ورد فيه أيضاً.

(4) "العام والخاص" Universal and Particular: حين يوجد حكم عام وآخر خاص، الخاص يلزم العام.

(5) "الخاص والعام" Particular and Universal: الاستدلال بحكم خاص على حكم عام.

(6) "العام، الخاص والعام": Universal, particular and universal، حين يوجد حكمان عامان وحكم خاص، الحكم الخاص يقيد الحكمين العامين.

(7) "العام الذي يحتاج الى الخاص، والخاص الذي يحتاج الى عام". "The general that requires the special, and the special that requires the general".
(8) "أي حكم عام يتبعه الحكم الخاص، يكون هذا الأخير لتعضيد الحكم العام". "Whatsoever is taught in generic and something in special is mentioned – it is mentioned to strengthen general rule".

(9) "إذا كان هناك حكم عام مع استثناء، فالاستثناء يخفف من ذلك الحكم ولا يشدده". "When there is a general rule and also an exception – the exception lightens and does not aggravate".

(10) "إذا كان هناك حكم عام مع استثناء لا يتفق مع ذلك الحكم العام، فالاستثناء يخفف من الحكم ويشدد فيه كذلك". "When there is a general rule, and an exception not agreeing with the general rule, the exception both lightens and aggravates".

(11) "إذا كان هناك استثناء من الحكم العام لتأسيس أمر جديد، لا يمكن إخضاع ذلك الأمر الجديد للحكم العام، إلا إذا كان ذلك مذكوراً في النص". "When there is an exception from the general rule to establish a new matter – the new matter cannot be brought under the general rule again unless it be mentioned in the text".

(12) "الأحكام التي تستفاد من سياق العبارة، والأحكام التي تستنبط من النتيجة". "Things that teach from the subject, and things that teach from the end".

(13) "إذا تعارض نصان (لا حكم) حتى يوجد (نص) ثالث للفصل بينهما". "When two texts contradict each other, until a third is found to decide between them".

وقد علق الدكتور جوزيف باركلي على هذه القواعد: "إن الحاخامات وضعوا عبئاً ثقيلاً على أكتاف الإنسان".

Hebrew Literature , pp. 36 – 40

رواية التلمود عن تدمير الهيكل

يزعم اليهود أن لهم حق العودة الى فلسطين، لأنهم أُخرجوا من ديارهم مكرهين وطردوا من بلادهم بالقوة. لكن (التلمود) يكذب، كلياً، مزاعمهم هذه. فرواية التلمود تؤكد أن الرب أخرج اليهود من ديارهم بمشيئته وإرادته. وفيما يلي تسجيل التلمود لواقعة السبي البابلي وتدمير الهيكل الأصلي:

"عندما بلغت ذنوب إسرائيل مبلغها وفاقت حدود ما يطيقه الإله العظيم، وعندما رفضوا أن ينصتوا لكلمات وتحذيرات إرمياه Jermiah ترك النبي (إرمياه) أورشليم وسافر الى بلاد بنيامين. وطالما كان النبي لا يزال في المدينة المقدسة كان يدعو للرحمة عليها، فنجتْ، ولكنه عندما هجرها الى بلاد بنيامين دمّر نبوخذنصر بلاد إسرائيل، وحطم الهيكل المقدس، ونهب مجوهراته، وتركه فريسة للنيران الملتهبة، وكان نبوذردان (الذي آثر البقاء في ريبلاه Riblah) قد أرسل نبوخذنصر لتدمير أورشليم".

"وقبل أن يبدأ (نبوخذنصر) حملته العسكرية سعى لمعرفة نتائج الحملة بواسطة الإشارات نظراً لذهوله (من الموقف). فرمى من قوسه نحو الغرب فسارت السهم في اتجاه أورشليم، ثم رمى، مرة أخرى، نحو الشرق، لكن السهم اتجهت نحو أورشليم، ثم رمى مرة أخرى، ليتأكد من محل وقوع المدينة المذنبة التي وجب تطهيرها من الأرض. وللمرة الثالثة اتجهت سهمه نحو أورشليم".

وبعد أن استولى (نبوخذنصر) على المدينة توجه مع أُمرائه وضباط جيشه الى داخل الهيكل، وصاح ساخراً مخاطباً إله إسرائيل:

"وهل أنت الإله العظيم الذي يرتعد أمامه العالم؟ ها نحن في مدينتك ومعبدك!".

ووجد (نبوخذنصر) علامة لرأس سهم على أحد جدران الهيكل كأن أحداً قُتل أو أصيب بها، فسأل: "مَن قُتل هنا؟" فأجاب الشعب:

"زكريا بن يهوياداه كبير الكهنة، لقد كان يحذرنا في كل ساعة من حساب (عقاب) اعتداءاتنا (الوصايا)، وقد سئمنا من كلماته، فانتهينا منه".

"فذبح جنود نبوخذنصر سكان أورشليم، كهنتها، وشعبها، كهولها وشبابها، نساءها وأطفالها. وعندما شاهد كبير الكهنة هذا المنظر ألقى بنفسه في النار التي أشعلها نبوخذنصر في الهيكل، وتبعه بقية الكهنة مع عودهم وآلاتهم الموسيقية الأخرى" (!!)

"ثم ضرب جنود نبوخذنصر السلاسل الحديدية في أيدي باقي الإسرائيليين وساقوهم الى السبي".

"ورجع إرمياه النبي الى أورشليم وصحب إخوانه البؤساء، الذين خرجوا عرايا تقريباً، وعند وصولهم الى مدينة تسمى بيت كورو هيأ لهم إرمياه ملابس جيدة. وتكلم مع نبوخذنصر والكلدانيين قائلاً لهم: "لا تظن أنك بقوتك وحدها استطعت أن تتغلب على شعب الرب المختار، إنها ذنوبهم الفاجرة التي ساقتهم الى هذا العذاب".

وعندما همّ نبوخذنصر بقتل جميع الإسرائيليين لأنهم رفضوا أن يغنوا أمامه تلك الأغاني التي طالما غنّوها في الهيكل، جرت محادثة بين بيلاطيا ابن يهوياداه (أخ النبي زكريا) قال فيها:
"لقد أعطى الله إسرائيل في يديك، وأنت الآن مسؤول أمامه عمن تقتلهم" [1]

* * * *

ويتضح من هذه الشهادة التلمودية (التي نقلناها دون أي تصرف في الترجمة) أن طرد اليهود من فلسطين وتدمير الهيكل الأصلي الذي بناه الملك سليمان (عليه السلام) كان بمشيئة الله، وما الدعاوى اليهودية إلا استغلالاً وكذباً وبهتاناً بدون أساس. ويتضح هذا أكثر مما جاء على لسان الحاخام أوشايا (في سفر Pesahim, 87 b. ): "عمل الرب خيراً لإسرائيل عندما شتت أبناء إسرائيل بين الأمم" [2]

والجدير بالذكر أن هذه هي الفكرة التي كانت تسود الفكر اليهودي حتى القرن التاسع عشر، الى أن ظهرت بدعة الصهيونية التي نادت، لأول مرة، بالعمل لإقامة دولة يهودية؛ ولم يكن قادة الصهيونية قد اتفقوا فيما بينهم، أول الأمر، على الأرض التي تقام عليها دولتهم اليهودية، في أوغندا، أو الأرجنتين، أو البرازيل، أو جنوب إفريقية، أو الجزء الأوروبي من تركيا، أو العراق، أو سيناء، أو أستراليا؟! وكانت خريطة أوغندا تزين منصة المؤتمرات الصهيونية حتى سنة 1904. وكان هناك في أول الأمر خلاف شديد بين اليهود حول العمل لإقامة دولة يهودية، إذ كان اليهود المتدينون يؤمنون بأن عودتهم الى فلسطين ستتحقق بمجيء المسيح!!

وحتى ذلك الوقت "لم تكن علاقة اليهود بفلسطين أكثر من علاقة روحية [3] كالتي تربط المسلمين بمكة المكرمة والمدينة المنورة، والمسيحيين ببيت لحم، والهندوس ببناراس وماتهورا، والسيخ بمعبدهم الكبير لاهور، والشيعة بكربلاء. وكأماكن أخرى كثيرة تتعلق بها عواطف مختلف الأمم والملل، لكنها لا تحاول الاستيلاء عليها، والحقيقة هي أن الحركة الصهيونية السياسية لم تتمكن من الاستيلاء على فلسطين العربية إلا بسبب أطماع بريطانيا في بقاء الاستعمار، من ناحية، ولإحلال قوم غرباء في منطقة كانت ستشهد عما قريب حركة وحدوية غير عادية بسبب العلاقات التي تربط بين الشعب الذي يعيش من الخليج العربي الى المحيط الأطلسي.

وقد ساعدت كراهية بريطانيا العمياء وغدرها بالعرب والمسلمين، ووجود النزعة الصليبية الخاطئة لدى البلدان الأوروبية وأمريكا، على نجاح مخططاتها. ولا أدل، على ما أقول. من الروح التي كانت تسيطر على القواد الذين غزوا البلدان العربية في الحرب العالمية الأولى، فنرى القائد الفرنسي "الجنرال غورو" الذي فتح دمشق يقول، وقد وضع رجله على قبر صلاح الدين: "ها نحن قد عدنا يا صلاح الدين"!، ونجد الجنرال اللنبي عند دخوله القدس يقول أمام كنيسة القيامة: "اليوم قد انتهت الحروب الصليبية"؛ ويسميها الزعيم الصهيوني إسرائيل زانجويل بأنها "الحرب الصليبية الثامنة"!!

الدكتور ظفر الاسلام خان

[1The Talmud, H. Polano, p. 319-320

[2The Wisdom of Israel, Ed. Lewis Browne, London: 1948, p. 178

[3أنظر للتفصيل مقدمة:
Palestine – The Mohammedan Holy Land, Dr. Charles D. Mathews, Yale Oriental Series, (Researches). Vol. XXIV, 1949, p. XXIX


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى