الثلاثاء ٥ حزيران (يونيو) ٢٠١٢
بقلم نادية بيروك

الجنون

حرقة الظلم مؤلمة ومجحفة ومحبطة إلى درجة الكفر. الكفر الذي ينفي وجود الحق والعدالة والصواب. الكفر الذي ينكر وجود الحكمة والخير والعطاء. شعور رهيب، يجعلك تشك في كل حرف تعلمته وفي كل عمل أتقنته... يجعلك تعيد حساباتك مرارا لتدرك أنك تسير ضد التيار، وأن الطريق الذي اخترته يأخذك نحو المجهول.

حين تشلك الهزيمة وحين تخونك العزيمة، تصبح مجرد قطعة خردة لا قيمة لها، مجرد شخص تافه مفرغ من انسانيته وأحاسيسه. تصيبك دهشة الجنون، تهتز أبراج عقلك الضعيف وتنتحر أفكارك وقيمك وأحلامك... حتى هذه الأخيرة هم قادرون على تحطيمها. حتى الحلم لا حق لنا فيه ولا قدرة لنا عليه. ما أسهل الكلام الطنان، ما أروع الوهم المنسي، وما أفظع حقيقتنا المقيتة.

كيف لا نفقد منطق الأشياء وحياتنا مبنية على تراهات وفجوات وهفوات ومغالطات لا تنتهي... الفاسق أصبح عالما، والجاهل حكيما والسفيه إماما والفجور موضة والفسق شريعة والغش قاعدة والحب حراما والصدق جرما والعمل حمقا والسحت ذكاء.... ينفطر فؤادي وتؤلمني أحشائي. رغم كل ذلك، تشل الحسرة دموعي. لأول مرة لا أستطيع البكاء، لأنني لا أجد في عالمنا المتهرئ والحقير شيئا يستحق أن نبكي عليه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى