الأحد ٢٣ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٧
بقلم فتـحـي نصيــب محمــد

الحفل

سيدي

لااعرف من أين ابدأ ؟ ولكن الخطأ خطئي ، فماكان يجدر بي اصطحاب ولدي الشرير معي ، ولكن كان هدفي ان يدخل ولدي السرور على ابنتكم الكريمة ،وأن يشاركها فرحتها ببلوغها عامها السابع ، كنت اعتقد أن الأطفال يتحلون بالبراءة والطيبة ولكن ولدي اثبت أن رؤيتي كانت خاطئة ولم يدر بخلدي – على الإطلاق – أن ولدي سوف يعكر صفو احتفال ابنتكم على هذا النحو. بالفعل لم يكن ولدي مهذبا ولا في مستوى سلوك ابنتكم الراقي ،تصور أن هذا الفار – كما تلقبه أمه – قال لي بعد أن أشبعته ضربا أن ابنتكم الكريمة تعمدت أهانته وتحقيره أمام أصحابها ، أليس هذا مضحكا وتفكيرا ساذجا ؟ من أين له ابن إل ... أن يعرف معنى الاهانة والكرامة وفي مثل هذا العمر ؟ شرحت له إن ابنتكم الكريمة تمزح معه ، وأنها طفلة مهذبة – صانها الله ورعاها – ولكنه كتم عبراته ولاذ بالصمت موجها لي نظرة حادة ومتحدية عبر دمعتين متحجرتين في عينيه الخبيثتين .

لقد اجتهدت أن اعلم ولدي الطاعة والقناعة ، وغنيت على رأسه مرارا أن القناعة – كما لايخفى عليكم – كنز لايفنى ، والا ينظر لمن هم في الأعلى بل يتمعن في من هم تحت ، عندها سيكون راضيا بما قسمه الله لنا ، وسيعيش سعيدا طوال حياته في الدنيا والآخرة ، علمته – سيدي – أن يطيع الآخرين وان يقول الحق ولو كان على نفسه ، وولدي – والحق يقال – صبور ومجتهد في دراسته ويعمل كالبغل ،وفوق ذلك هو قنوع ، فقد يمضي العام بحذاء واحد ،ويرتدي كنزه صوفية الشتاء بطوله ، ينهي فروضه المدرسية ويخرج للعب مع أقرانه في الشارع ، ويبدو أن سبب مصائبي في هذا الولد من تأثير الشارع واحتكاكه بباقي الأولاد غير المهذبين الحاقدين الحاسدين لكل ماهو طيب ونبيل ، لذلك قررت منذ اليوم أن امنعه من الاختلاط بهم وإلا – بالله عليك – كيف أفسر كلامه حين قال لي أن ابنتكم الكريمة رمت بهديته في كيس القمامة أمام جميع أصحابها ، وانه شعر بالغضب من تصرفها غير اللائق – لاسمح الله – وتصور معي خيال الأطفال حين يجنح نحو البعيد ، حين قال إنها تعمدت أهانته واتخاذه وسيلة للتسلية أمام أصحابها ، أفهمته بعد أن قرصت إذنه إنها لاتهينه ولكنها طفلة بريئة وقلبها أصفى من بياض الثلج وفي رقة الفراشات ، وذات أخلاق رفيعة وتربية راقية ، وانها قصدت ان تدخل البهجة على أصحابها وصويحباتها ، وهذه هي الحقيقة فقد اخبرني إن أصحابها انفجروا بالضحك من تصرفها إزاء هديته ،قلت له: إنها لاتهدف – إطلاقا – للسخرية منك أيها المغفل ولقد صدقت أمك حين تصفك بالفار ، وسبب هذا اللقب – سيدي الكريم – أن ولدي يحب كل أنواع الجبن ، ونتيجة لارتفاع أسعارها فقد كنت اجلب نوعا واحدا فقط هو ( البقرة الضاحكة ) على أمل أن يتعلم الحكمة من وراء سعادة هذه البقرة التي تدر الحليب ويستمتع بجبنها ملايين الأطفال في العالم ،ولكن ولدي كره هذا النوع من الجبن ، ويطلب مني ذلك النوع الملئ بالفراغات ، الذي يظهر في مسلسل الرسوم الهزلية ( توم اند جيري ) ، قصدت من هذه الحكاية ان اريك كيف يفكر ويتصرف أبناء هذا الجيل ،فهو يريد كل مايراه ، ولا يقنع بما قسمه الله ، وكم أفهمته أن يرضى بحاله وان يسير بجانب الحائط وان يغلق عينيه وإذنيه وفمه ، ولكن بعد تصرفه غير اللائق مع ابنتكم الكريمة سوف أغير أسلوب التربية معه .

سيدي..

أعرف أنكم تتحلون بقلب نبيل ، وتعرفون أنني أخدمكم منذ عشرين عاما ، لذلك آمل الاتتاثر علاقتنا بتصرف سخيف من ولدي ، هم أطفال وسينسون سؤ الفهم البسيط هذا ، المهم عندي أن أظل أخدمكم بإخلاص واعدك أن اربي هذا الصبي ليصبح مهذبا ، وألا يبالغ في تفسير التصرفات وخاصة من الأسر الكريمة مثل أسرتكم .

تقبلوا تحياتي


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى