الجمعة ٢٣ آب (أغسطس) ٢٠١٣
بقلم السيد أحمد رضا حسن

«الحقيقة.. حين يختلط الماء والنار»

"كلٌ يبصر ما يرغب أن يبصر من عالمه.. أنت تراه من الشرفة وضاءً كثريات كريستال، وآراه أنا من شق حذائي أضعف من عين الفأرة" يشير عدنان الصائغ في هذه العبارة للنسبية التي ينكشف العالم من خلالها للرائي. النسبية قصة المُعصبة عيونهم ليتبينوا حقيقة الفيل الذي اعتقد أحدهم عندما لمس خرطومه بأنه ثعبان، وضنّ آخر بعد لمس رجله أنها جذعُ شجرة، وكلٌ من الآخرين ضنّ شيئاً مختلفاً عن الحقيقة، إلا أنهم جميعاً لمسوا الفيل، دون أن يصفوه كما هو حقيقة.

الأشياء بالنسبة لنا كما نراها وليست كما هي... النظارات الشمسية تخلق لوناً مختلفاً عن اللون الطبيعي للحياة. ثم أنك ترى الأشياء بألوانها بالنسبة إليك كإنسان، كائنات أخرى قد لا تتفق معك. وليست ألوان الحياة التي تراها هي الحقيقة، بل لا حقيقة للون، كلٌ حسب ما يراه. فلا طائل من جدال كلب يرى العالم بالأبيض والأسود، في حقيقة لون البحر الأزرق.
يوماً ما ستقف مع الحقيقة بكل قوتك، وأنت تقف ضدها بمقدار قوتك كذلك بالنسبة للرائي الآخر... ولأن كل إنسان على هذه الأرض صاحب حقيقة، لن تعمم حقيقة واحدة على كل هذا العالم إلا بالإستبداد. ولن تعم رغم ذلك!

قد تكون على الحياد؛ والحياد كذلك كالحقيقة. أمام جنون العالم لا يصمد الإنسان على حياده، يحيد بين طرفين متنازعين، ولأن الأطراف في هذا العالم كثيرة، سيميل إلى طرفٍ ما... أمامك متسع من العمر، لن تثبت فيه على شيء.

أن تكون متجرداً من كل عصبياتك؛ خيال. لا أعرف هل تتشكل العصبيات في الإنسان كما لو أنها متوارثة منذُ الإنسان الأول؟ أم أنها ضرورة من ضرورة بقائه، وفنائه في ذات الوقت!؟
لن يكون الواحد منا هو كما هو دائماً... نحن السائرون على ضياء نهارٍ ما، سنسير ذات يومٍ في العتمة. نحن المهتدون إلى الزمن الصحيح، سنقف حائرين أمام خلله الموجع. نحن المعتقدون بأحقيتنا في الحياة، نشبه الآخرين في أحقيتهم في الحياة كذلك. نحن المحتكرون للحقيقة، سنعي بأن هناك آخرون يمتلكون الحقيقة كذلك.. وهي زيف بالنسبة لنا، وحقيقتنا زيفٌ لهم!
"كل يبصر ما يرغب من عالمه" ثم نتناسى بأناّ نبصر ما نرغب مُعتقدين بأناّ نبصر العالم... نحاول العبور من صراطنا. نسقطُ في هاويةٍ قبل الوصول، هاوية اسمها الحقيقة، تتسع لأكوان متعددة، وتضيق علينا. ثم أناّ نصرخ بأن الكون خليقٌ لنا. من أجلنا. كل هذه الأشياء لحياتنا. حتى قبل أن نعرف ما إذا كان هناك تائهون مثلنا فيه!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى