الخميس ١٦ أيار (مايو) ٢٠١٣
بقلم نسب أديب حسين

الدواة في فسحة مع التراث الفلسطيني

عقد ملتقى دواة على السور (الملتقى الأدبي الشبابي) أمسية جديدة من أمسيات (الوطن والقلم) التي يناقش فيها القضية الفلسطينية في الأدب الفلسطيني، وتوجه هذه المرة ليناقش القضية في الاغنية الشعبية الفلسطينية. وذلك يوم الاثنين الموافق 13\5\2013 في متحف التراث الفلسطيني – مؤسسة دار الطفل في القدس.

قام أعضاء الملتقى بجولة في المتحف متعرفين على اقسامه تحت ارشاد مديره م. خالد الخطيب، وفي مستهل الأمسية وقفوا والحضور دقيقة صمت على ارواح شهداء الوطن استذكارا لنكبة الشعب الفلسطيني. هذا ويجدر الذكر أنّه تم اعادة افتتاح المتحف بعد ترميمه وتجديده في 17\5 من العام المنصرم وكانت قد أسسته المرحومة هند الحسيني وافتتحته عام 1978.

أدارت الندوة الكاتبتان نسب أديب حسين ومروة خالد السيوري، معرفتان بالأغنية الشعبية وخصائصها عامة، وخصائص الاغنية الفلسطينية بشكل خاص. لتمرّا على المراحل التاريخية التي مرّت بها الأغنية الشعبية.

شارك الدواة الفنان أحمد أبو سلعوم بتقديم نماذج من الأغنية الشعبية مفدمًا بعض المداخلات عن بعض النقاط، هذا وكانت هناك مداخلة للشاعر الشعبي لؤي زعيتر دعا فيها الى الاهتمام ومتابعة الاغنية الشعبية والحفاظ عليها والاستمرار في كتابتها. اما الكاتب جميل السلحوت فشدد في مداخلته على أهمية تسجيل التراث المقدسي، مشيرًا الى أنّ الأغنية الشعبية تضيع في المدينة..

هذا وتحدث م. خالد الخطيب عن متحف التراث الفلسطيني وعمله على احياء التراث الفلسطيني. وتخلل الأمسية قراءة شعرية للشاعر بكر زواهرة، وقراءة نثرية للشابة الواعدة براءة يوسف.

(القضية الفلسطينية في الأغنية الشعبية الفلسطينية)

الحلقة الرابعة من الوطن والقلم

دواة على السور (الملتقى الأدبي الشبابي في القدس)

اعداد: الشاعر الشعبي لؤي زعيتر

لقد لعبت الأغنية الفلسطينية دورًا كبيرًا في تجسيد حالة النضال والكفاح منذ بداية قضية فلسطين، فعاشت في فكر ووجدان الانسان الفلسطيني عبر الأجيال المتعاقبة، مشكلة حالة ابداع فرّغ من خلالها الانسان الفلسطيني مشاعره تجاه وطنه ومستقبله، ساعيًا الى استمرار معاني المقاومة الفلسطينية كمفهوم وطريق للخلاص من المحتل.

تعريف الاغنية الشعبية:

تُعرف الأغنية الشعبية الفلسطينية بأنّها التعابير الفنية التي يُعبر بها المجتمع الشعبي عن نفسِه وعن أفكاره وآماله ومعتقداته بتعدد الوظائف التي يؤديها كل نوع منها. والأغنية الشعبية أحد الفروع الرئيسية في عائلة المأثورات الشعبية مثل (الحكاية الشعبية، المثل الشعبي والألغاز) وإن كانت تختلف عنها اختلافًا جوهريًا في أنّها تتكون نتيجة لتزواج النص الشعري مع اللحن الموسيقي اللذين ينبعان من المجتمع الشعبي نفسه في أغلب الأحيان، ولذلك فقد كانت هناك العديد من المحاولات لتعريف الاغنية الشعبية، ولا زالت هذه التعريفات تتعدل يومًا بعد يوم، بتعدد أنماط الحياة وظهور أشكال جديدة من التعبير الفني الشعبي.

أمّا الموسيقى الشعبية أو الفلكلورية الفلسطينية، كمرادف للأغنية الفلكلورية الفلسطينية تُعرف بأنّها "مصطلح يُطلق على سائر الممارسات الموسيقية الخاصة بجماعات الثقافة الشعبية، وهذه الجماعات معظمها من أهل القرى التي تتميز بأنّها أقدر من غيرها على الاحتفاظ بقدر من الثقافة قبل التمدن، والموسيقى الشعبية الخاصة بهذه الجماعات حصيلة تراث من الألحان والآلات والأدوات.

الأغنية الشعبية في فلسطين ارتبطت بحياة الانسان منذ أقدم العهود، وظلت تلازمه في حياته الاجتماعية وعمله، وشاعرها مجهول الهوية، فهي تصير مُلكًا للجميع.

آلات الموسيقى الشعبية هي آلات بسيطة مرتبطة مع الشعب ولا تحتاج الى مصنع لصناعتها، أو مدرسة لدراسة العزف عليها. ليتوارثها الناس جيلا بعد جيل، ليترك كل جيل بصمته الخاصة عليها سواء ذلك كان من ناحية الشكل أو من ناحية إصدار الألحان دون المس ببساطة تراكيبها، لتصير رفيقة الناس في أغانيهم ومجالسهم.

وتتنوع الآلات ما بين الشبابة واليرغول والمجوز والربابة. وقد لعب المغنون الشعبيون المتجولون دورا مهمًا في حمل هذه الآلات الموسيقية من مكان الى آخر، مما أثر في حمل أكثر من لهجة وأغنية الى بلدان مجاورة، والأخذ عنهم بعض مظاهر الغناء.

وللأغنية الفلسطينية خصائص محددة، فهي ذات موسيقى خاصة تقسم الى أربع اقسام:

1- الموسيقى الغنائية: وهي تلك التي تكون الحنجرة هي مصدرها الوحيد، وتؤدى دون مصاحبة موسيقية.

2- الموسيقى الآلية: موسيقى تصدر عن الآلات الموسيقية الشعبية دون مرافقة غنائية.

3- الموسيقى الغنائية الآلية: وهي الموسيقى التي تجمع الغناء والعزف الموسيقي معًا.

4- موسيقى الرقص: المعزوفات التي تصاحب الرقص الشعبي وتنقسم الى قسمين :

1- موسيقى آلية راقصة 2- موسيقى آلية غنائية.

مواضيع الاغنية الشعبية الفلسطينية:

إن الاغنية الفلسطينية كموروث ثقافي وحضاري تمتاز بأهمية خاصة في الواقع الفلسطيني، فهي تعمل على توجيه سلوك المجتمع وأنماط حياته، وتعكس الكثير من أفكاره وأمنياته برفض المحتل، والتطلع للحرية والانعتاق من قيود الاحتلال. ولها خصائصها أيضا من حيث الموضوع، فهي:

 تظهر قوة اعتزاز الفلسطيني بقيَمه وتراثه وتضحيات أبنائه.

 تتغني بالمستقبل وأمنيات الناس في العيش بحرية وكرامة.

 تعكس صورة حقيقية وواضحة لأشكال الحياة وهمومها.

وما يميز الأغنية الشعبية في فلسطين عن غيرها أنّها ذات طبيعة غنائية، أي ذاتية للغاية، وتعالج موضوعها بقدر كبير من الجدية، وليس لها مزاجًا مرحًا. وتظهر بعض الأغاني مبالغة ميلودرامية، حيث يخيم على بعضها جو فاجع، هو جو متاعب الحياة ومرارتها. وعلى الرغم من أنّها عاطفية بدرجة كبيرة ومسرفة أحيانًا في العاطفة، إلا أننا نجد أنّ هذه العواطف تتميز ببساطتها.

قدم الدكتور أحمد موسى في ورقة بحثية له شرحًا وافيا لخصائص الاغنية الشعبية، نلخصها بما يلي:

1- يجب على الأغنية الشعبية أن تكون شائعة، وليس بالضرورة أنّ كل أغنية شائعة هي أغنية شعبية.

2- إن الأغنية الشعبية تنتقل عن طريق الرواية الشفوية وهذا أوجد نصوصا عديدة للأغنية ذاتها في إطار المجتمع الواحد.

3- تبلغ الأغنية الشعبية أوج ازدهارها في المجتمعات الشعبية، حيث لا يوجد لها نصا مدونا سواء كان شعريًا أم موسيقيًا.

4- إن الأغنية الشعبية أكثر محافظة على الأسلوب الموسيقي الذي تستخدمه قياسًا الى غيرها من الأغاني.

5- إنّ سمة المرونة التي تتسم بها الأغنية الشعبية والتي تساعدها على أن تظل محفورة في ذاكرة الناس وان تتعدل باستمرار لمواجهة الأنماط الجديدة في الحياة من أهم الخصائص التي يجب الالتفات اليها.

6- إن أسماء الذين ألفوا الأغاني مجهولة تمامًا عند المغنيين، عدا المحترفين منهم والذين يكتب لهم مؤلفون معرفون بالنسبة اليهم أغاني ومواويل خاصة بهم.

7- يمكن اضفاء صفة الشعبية على الأغاني التي أبدعها فرد من الأفراد ثم ذابت في التراث الشعبي الشفهي للمجتمع.

8- على الرغم من النقل بصورة شفهية والجهل بالمؤلف اللذين تتصف بهما الأغنية الشعبية عامة، إلا أنّه لا يمكن الجزم بعدم وجود مؤلف واحد معين أو نص معين لبعض الأغاني.

علاقة الأغنية الفلسطينية بالواقع

لقد مرت الاغنية في فلسطين بمراحل متعددة ومتصاعدة، تشابه تلك المراحل التي مر بها الأدب الشعبي ومكونات التراث الاخرى.

وتعتبر الاغنية الفلسطينية أشهر أنماط التراث الشعبي الفلسطيني لقدرتها في الاستجابة لمتغيرات الواقع السياسي والاجتماعي على حد سواء.

الموال، وهو أشهر أنماط الاغنية الفلسطينية، يمزج بين الحب للأرض والمرأة بصورة نرى فيها العشق والأمل. وأغنية (يا ظريف الطول) تناول العشق والجمال ووصف المحبوب. وليس بعيدا عنها أغاني (مشعل) التي يتجلى فيها الشوق واللوعة، اما (الميجنا) فتعبر عن آلام وآمال الشعب الفلسطيني. أما أغاني الدلعونا وهي أشهر الأغاني الفلسطينية، ترافقها عادة آلة يرغول او المجوز او الشبابة، تحمل مواضيع النضال والشوق والحنين للأرض والوطن، وترتبط بشكل كامل بالدبكة الفلسطينية. ولأغنية (جفرا) في الغناء الشعبي الفلسطيني اثر واضح في التغني بالارتباط بالأرض وتقدم اللحن الوطني ومعاني المقاومة والصمود، فهذه الأغنية بداياتها كانت من الأغاني البدوية القديمة، إلا أنّها تطورت تبعا لمتغيرات الواقع وأضحت رمزًا للمرأة الفلسطينية المكافحة المتشبثة بالأرض والهوية.

التطور التاريخي للأغنية الفلسطينية الشعبية:

يمكن تسمية هذه المرحلة بالمرحلة الكلاسيكية أو الرومانسية، وهي تمثل مرحلة ما قبل احتدام الصراع بين أصحاب الأرض والمستعمر الأجنبي، فهي مرحلة يتمحور فيها الدين كأساس للأغنية الفلسطينية، والرضى بالقضاء والقدر. فقد كان معظم أفراد المجتمع الفلسطيني من الفلاحين والحرفيين. ومن الأمثلة على الأغاني التي كانت سائدة في هذه المرحلة،

يا زارع الود هو الود شجرة فل
وساقي الوداد نزحت ومائها قل
أيام بناكل عسل وايام بناكل خل
ايام ننام ع السرير وايام ننام ع التل
أيام نلبس حرير وايام نلبس فل
ايام بتحكم على أولاد الكرام تندل

وشهدت هذه المرحلة أيضًا سقوط طبقة الاقطاع والبرجوازية، وظهرت طبقة الحرفيين والصناع.

2- مرحلة تطور الصراع وبداية الثورات:

تمثل هذه المرحلة بداية خشية الفلسطينيين على أراضيهم وسعيهم للتخلص من الاستعمار الأجنبي فيها، فقد وقفت الأغنية الفلسطينية منذ أوائل القرن العشرين وحتى بداية القرن الحادي والعشرين موقف التحدي والرفض، لتسجل الأغنية مواقف الفلسطينيين في حقهم بالدفاع عن وطنهم والحفاظ عليه والعيش فيه بحرية وكرامة واستقلال. فتغنى الفلسطينيون بالكثير من الأشعار، منها:

مهما طال عتم الليل بتجليه
شمس الحرية
مهما طال الليل وطال
وغطى سواده ع الاطلال
عنّا في الوطن أبطال
بتعيد شمس الحرية
لأجل الزيتونة والتوت
واشجار المندلينا
بدنا نحارب بدنا نموت
أو ترجع فلسطينا

تصاعد نضال الفلسطينيين منذ صدور وعد بلفور عام 1917، ضد الانجليز واليهود، بالتظاهرات والاحتجاجات والإضرابات، والاعتصامات بالصدامات اليدوية وصولا الى الكلمة والأغنية الداعية الى التصدي لقوى الظلم والعدوان المتجسدة بشخصي الانجليز واليهود. فغنوا:

واحنا كبار البلد واحنا كراسيها
واحنا رماح القنا اتعكزت فيها
وبلادنا المشرفة واحنا الشباب فيها
وان عجعج الحرب بالبارود نحميها

وتتالت الأحداث في هذه الفترة، وعايش الفلسطينيون أحداثًا متصاعدة منذ عشرينيات القرن الماضي، مرورًا بانتفاضة القدس سنة 1920، وانتفاضة يافا 1921، وعمت الثورة كل أرجاء فلسطين في سنة 1937، وجاءت هذه الثورات رفضًا لطرد الفلاحين من أراضيهم ومصادرتها لصالح اليهود. فظهرت الكثير من الأغاني التي جسدت هذه الثورات. منها:

صارت الثورة في القدس صارت
وديوك العرش في السما صاحت
شباب العرب عليها صاحت
بسحب الخناجر على الصهيونا
صارت الثورة بباب الخليل
ودم الصهيوني عالأرض بيسيل
شباب العرب شيلو المرتيني
نحمي وطنّا من الصهيونا

ومن أبرز الأغاني التي انتشرت، هي تلك التي أرّخت استشهاد أبطال ثورة 1930 التي اندلعت عقب احراق حائط البراق في القدس، وهم محمد جمجموم وفؤاد حجازي وعطا الزير، فقد تغنى الفلسطينيون بهم طويلا كعنوان للبطولة والتصدي للمستعمر:

وهنا ندعو الفنان احمد أبو سلعوم لتقديم أغنية من سجن عكا

من سجن عكا وطلعت جنازة
محمد جمجموم وفؤاد حجازي
جازي عليهم يا ربي جازي
المندوب السامي وربعه عموما

كما واكبت الأغنية الشعبية الأغنية استشهاد الشيخ عز الدين القسام وغيره من المجاهدين والثوار. والاضراب التاريخي سنة 1936، وغيرها الكثير من الأحداث، ومن الأغاني الشاهدة على هذه المرحلة:

صهيوني ارحل عنّا
هذا الوطن وطنّا
ما ظني رح تتهنا
في أراضي فلسطين
يا صهيوني يا غشاش
في بلادنا مالك معاش
قصدك تتملك بلاش
في وطنّا يا لعين

3- مرحلة الاحتلال الاسرائيلي:

جاءت النكبة الفلسطينية مرحلة مفصلية في حياة الشعب الفلسطيني وكان لها لا بدّ أن يكون لها تأثيرًا على الأغنية الفلسطينية مقلما نلحظ في المقطع التالي :

والله ما انساكم طول السنين
ذبحتوا شعبي في دير ياسين
وقبية والسموع مع نحالين
يا صهيوني يا ابن الملعونا

وقد كان رد الفعل الشعبي الفلسطيني إزاء الضربات المتكررة من الاحتلال الاسرائيلي يتفاوت من الخوف والرعب والكراهية واجترار الأحزان، الى الذهول والرفض والتحدي. وعبر الأعوام التي تلت عام 1948 وحتى عام 1967 والتي أصبحت فلسطين بعده بكاملها تحت الاحتلال الاسرائيلي، ظل الوجدان الشعبي الفلسطيني يرفض الوصاية والاحتلال والتقسيم واذابة شخصيته. فغنت الاغنية للثوار والثورة وأصبحت الأهازيج التي تمتدح الثائرين أغاني يومية تقال في المناسبات الاجتماعية. هذا وعاتب الفلسطينيون في الأغنية اخوانهم العرب فغنوا:

يا دار وين احبابنا طلوا
يا دار عنا احبابنا تخلوا
ضاعوا بهالدنيا وسابونا
وبضياعهم ضاع العمر كلو
يا دار وين الأهل والجيران
يا دار وين الصحب والخلان
يا دار هالأحباب سابونا
وضاع الوطن والعز والسلطان

هذا وكانت الاغنية حاضرة في تجسيد حالة اللجوء وعيش الفلسطينيين في الشتات، فغنوا حنينًا للوطن وشوقا للأرض، ونشأت فرق موسيقية جابت الارض تحمل في كلماتها وألحانها هموم الفلسطيني ومدى الظلم الذي وقع عليه، ومن أبرز هذه الفرق فرقة العاشقين.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى