الأربعاء ٢ شباط (فبراير) ٢٠٢٢
بقلم رمزي حلمي لوقا

السابق «المشهد الثالث»

مسودة

(تجلس سالومى مع أمها هيروديا؛ زوجة هيرودس أنتيباس؛ في حديقة القصر الملكى، يقترب من مجلسها قائد الحرس الملكي، ينحني أمام الملكة والأميرة المدللة، فتشير له الملكة بالإقتراب)

(هيروديا):

تَكَلَّم
(قائد الحرس):
سَمِعنَا غُثَاءَ الشَّقِيّ اللَعِينِ
كَأموَاجِ سَيلٍ
تُلاقِى رَوَاجًا لَدَى
السُّوقَةِ الحَاقِدِينَ
فَلا تَأمُرِينَا بِغَيرِ التَّرَوِّى
فَلَيسَ النِّظَامُ بِهِم قَد تَهَدَّم

(هيروديا):

وهَل يَنبَغِى أن تُدَار الرُّؤُوسُ
بِهَذِى السُّمُومِ وتِلكَ الهَوَاجِسِ
كَأَنَّا سَلَكنَا درُوبَ التَّأَزُّم

(قائد الحرس):

تُنِيرُ النُّجُومُ السَّوَاطِعُ أَبَدًا
ولا تَستَدِيرُ لِصَوتِ الأَفَاعِى
ولا تَستَجِيبُ لِشَعبٍ تَقَزَّم

(هيروديا):

ولن تُرتَجَى قَبضَةٌ مِن حَلِيبٍ
ولن يُبتَنَى سُورُنَا ما تَهَدَّم

(قائد الحرس):

هُمُ الآنَ
بَعضُ اللُصُوصِ
الَّذِينَ
أمَاطُوا اللِثَامَ
عَن الوَجهِ دُونَ اكتِرَاثٍ
لِهذا العَذَابِ الَّذى يَقتَنُونَ
وهذا البَرِيقِ وهذا التَّنَعُّم

(هيروديا):

وهَل تَستَقِيمُ النِّهَايَاتُ صِدقًا
إذا ما ابتَدَأنَا
بِهذا التَّرَدُّد
وهذا التَّشَرذُم

(قائد الحرس):

سُيُوفُ الوِلَايَةِ فَوقَ الرِّقَابِ
وهِيرُودُسُ الحَقّ فى قَبضَتَيهِ
كَمَوتٍ رَهِيبٍ إذا ما تَنَسَّم
ووَيلٌ لِهذى الشَّرَاذِم حَقًا إذا ما استَهَانَت بِهذى الجُيُوشِ
وهذى القِلَاعِ وهذا الصِّرَاعِ إذا ما تَحَتَّم

(سالومى):

بَسِيطٌ هُوَ القَولُ
يا قَائِدَ الجَيشِ
لَكِن
تُثَارُ الفَوَاحِشُ
قَولًا كَرِيهًا
سَئِمنَا سَمَاعَه
ولم يُسعِف القَصرَ فِيهِ التَّكَتُّم

(قائد الحرس) :
كَتَقلِيمِ ظُفرٍ رَقِيقٍ
يُشَذَّبُ
رِفقًا ولِينًا
إذا ما دُعِينَا لِبَعضِ الهُجُومِ
وبَعضِ التَّقَدُّم
سَجِينٌ لَدَينَا
حَبسنَاهُ دَهرًا إذا ما تَمَادَى
حَسِبنَاهُ خَيرًا إذا ما تَأقلَم

(هيروديا):

أَيُعقَلُ هذا الّذى تَبتَغِيهُ.!
أتَترُك لِهذا السَّجِين الخَيَارَ!
فَيَعفُو بِصَمتٍ إذا ما تَحَنَّن
ويَهجُو المُلُوكَ إذا ما تَكَلَّم

(سالومى):

شَرِيدٌ خَطِيرٌ
كَثِيرُ الصُّرَاخِ
كَثِيرُ العَوِيلِ
يَجُوبُ البَرَارِى
فَيَجمَعُ فِى حِفنَتَيهِ الحَيَارَى
كَذِئبٍ خَبِيثٍ
يَقُودُ الرِّعَاعَ لِمَا لَستَ تَعلَم
كَشُعلَةِ نَارٍ
تَشِدُّ الهَوَامَ
وتَحرِقُ فِى غِيِّهَا كُلَّ مَعلَم

(هيروديا):

وتِلكَ الشَّجَاعَةِ حَتمًا سَتَخبُو إذا ما تَأَلَّم

(قائد الحرس):

لَهُم إن أشَارَت رُمُوشُ الأَمِيرَةِ
صَوتُ العَوِيلِ
وحُزنُ اليَتَامَى
على مَن تَطَاوَلَ أو مَن تَهَكَّم

(سالومى):

ألم تَشهَدُوا ثَورَةَ الغَاضِبِينَ
وهذا الضَجِيج أمَامَ القُصُورِ
وبَينَ المَجَامِعِ
فِى كُلِّ عِيدٍ
وفى كُلِّ عُرسٍ
وفى كُلِّ مَأتَم

(هيروديا):

فَيَا وَيلكُم حِينَ تَأتِى الوُفُودُ لِدَارِ الوِلايَة
وهَذى الجمُوع بِهذا الهَيَاجِ وهذا التَّجَهُّم

(قائد الحرس):

هُمُ مَحضُ أَسرَى لِرَأيٍ شَنِيعٍ
سِجَالٍ غَبِيٍّ عَقِيمٍ
لِتَيَارِ فِكرٍ يَقُضُّ المَضَاجِع
كَأفكَارِ جِيلٍ
تَمَزَّقَ بَينَ الفَلَاسِفَةِ المُحبَطِينَ
وأسحَارِ هذا المُكَّنَى يَسُوعَ
يَجُولُ فَيَجذِب لَهُ التَّابِعِينَ
الحُفَاةَ العُرَاةَ
ومَرضَى العُقُولِ
وبَعضَ الجِيَاعِ
يُرَاقَبَ أيضًا بِكلِّ انتِبَاهٍ
فَإن هُوَ أخطَأ
لِأضحَى صَرِيعًا لِسَيفِ التَّنَدُّم

(هيروديا):

أُشِيعَ عَن النَّاصِرِيّ حَدِيثُ الخَوَارِقِ
كَأَنَّا عَلى السِّحرِ قُمنَا لِنَبنِى جِدَارَ البِلَادِ المُحَطَّم

(سالومى):

لَيَالِى اليَهُودِيَّةِ ال(لا تَنَامُ) بِلا مُشكِلَاتٍ
تُزِيحُ الكَوَاكِبَ عن مخدَعِى ال(لا يُضَاهَى) بِأَضغَاثِ حُلمٍ عَجِيبِ التَّوَهُّم

(بدأت سالومى في التهكم وهي تتحرك على المسرح بعيداً بينما الإضاءة تخفت تدريجيا لتظل الإضاءة عليها فقط حتى اظلام المشهد بالكامل)

سَأذهَبُ يَومًا لِهذا الشَّقِيّ
لِيَنظُرَ فِى جِبلَتِى بِالتِّرَحُّم
لِأكسَرَ هذا المَلَالَ العَمِيقَ
وأنجُو بِبَعضِ الجُزَامِ
المُقَدَّم
وكِسرَاتِ خُبزٍ
عَفَتهَا الكِلابُ
وبَعضِ الكَلامِ الغَرِيبِ المُنَظَّم
أرَى الصَّيدَ فِى عِبِّهم
والصَّبَايَا المِلَاحَ
تُرُومُ إقتِرَانًا بِشَيخٍ تَفَحَّم
وشَيخًا يَدُورُ إلتِمَاسًا لِخُبزٍ
ويَبلُغُ فِيهِ حدُودَ التَّوَرُم

(تتحرك سالومى وتقلد صوت وحركات الأشباح)

شَيَاطِينَ تَعوِى كَأنفَاسِ جِنٍ
تَجُوبُ اللَيَالِى
كَرَعدٍ يُدَمدِم
وأشلَاءَ مَرضَى
وأشبَاهَ مَوتَى
وشَيخًا قَعِيدًا
ومَجزُومَ يَجرِى بِوَجهٍ مُدَمَّم

ملاحظات

غُثَاء: ما يحمله السيلُ من زبدٍ وأشياء

يدمدم:يحدث صوت كالرعد


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى