الأربعاء ٢١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩
بقلم محمد السموري

الصالونات الأدبية في سورية

الصالون :هو صالة استقبال الضيوف في البيت ،أو المجلس الاجتماعي ( الرّبعة، الديوانية . الشبّة ، المقهى ) والصالون أو المقهى الأدبي شكل مدني، تقليدي، من أشكال التواصل بين المبدع، والمتلقي، يتيح عبر أنشطته المختلفة فسحة للحوار،في مسائل، ذات طابع ثقافي - فكري، تلقى فيه القصائد والمحاضرات ،وتعرض المؤلفات ،وتقام الندوات . وللصالونات الأدبية برامج منظمة للأنشطة والفعاليات الثقافية والأدبية ،وهي تختلف تماما عن المنتديات السياسية والحزبية، أما تاريخها فبعيد وهي لم تكن حكراً على الرجال، بل إن المرأة العربية في مكة المكرّمة ،والمدينة المنوّرة والقاهرة وبغداد ودمشق، والأندلس.. شاركت في هذه الصالونات وسعى إليها الشعراء والأدباء ورجال الفكر، فقد كان لعُمْرَةَ في مكة المكرّمة مجلس يتردد إليه الشعراء،وفي العهد الأموي كثرت المجالس مثل سكينة بنت الحسين في الحجاز، وهي المرأة الأولى التي أسست مجلسا أدبيا في التاريخ العربي الإسلامي ،وكان مجلس عائشة بنت طلحة وجميلة وفضل العبيدية، في بغداد وغيرهن .وفي الأندلس أشتهرمجلس حفصة الركونية في غرناطة، والشاعرة ولادة بنت المستكفي في قرطبة. ومع مطالع القرن العشرين أطلق عليه اسم الصالون الأدبي الذي كان معروفا في الدول الأوربية ولاسيما فرنسا وينسب المؤرخ الفرنسي أنطون ليلتي إلى الصالونات الأدبية ودورالأدب في صناعة المجتمع الانتقالي عشية الثورة؟‏ بتواجد فلاسفة عصر الأنوار في الصالونات الباريسية (1)إن أوّل صالون أدبي أقيم في الوطن العربي هو صالون مي زيادة في مصر. أما صالونات لبنان الأدبية في القرن العشرين فكثيرة ،ومنها صالون جوليا طعمه دمشقية ، و في الأردن صالون الشاعرة الفلسطينية مريم خليل الصيفي وسواها.

الصالونات الأدبية في سورية

في سورية اشتهرت الأديبة مريانا مراش التي كانت السباقة إلى إحياء تقليد المجالس الأدبية في أوائل القرن المنصرم، كما برزت ماري عجمي توفيت عام 1965م ، فبعد انحلال عقد الرابطة الأدبية التي تأسست في دمشق عام 1922، بجهود ماري عجمي، استأنف أعضاء الرابطة لقاءاتهم في منزل ماري بدمشق القديمة، وقد استضاف صالونها وجوها أدبية بارزة ،كما أسست زهراء العابد زوجة محمد علي العابد، وهو أول رئيس للجمهورية السورية نهاية الثلاثينات، صالونا في منزلها. كما عرفت الجمعيات الثقافية النسائية في دمشق مثل : جمعية نقطة الحليب، يقظة المرأة الشامية، خريجات دور المعلمات، دوحة الأدب، جامعة نساء العرب القوميات، الرابطة الثقافية النسائية، النادي الأدبي النسائي وغيرها . ومن أهم الصالونات الأدبية السورية المرخصة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية:

صالون حنان نجمة :

حنان محامية وكاتبة أنشأت صالونها عام 1980 بدمشق وهو الأقدم بين الصالونات المتواجدة حتى الآن تمارس من خلاله نشاطا شهريا، فقد حذت نجمة حذو مجموعة من الكاتبات السوريات في محاولة منهن لتنشيط الحركة الثقافية

صالون الأديبة : كولييت خوري:

تقول كوليت الخوري: بحكم أنني أكتب الأدب فإن لي معارف من الأدباء من أنحاء مختلفة، وتستهويني المجالس الأدبية الغنية بالفكر والثقافة، كنت أدعو كل أديب صديق يزور بلدنا، من أي بلد عربي شقيق، إلى بيتي مع ثلة من الأصدقاء الأدباء والسياسيين والمثقفين، محاولة قدر المستطاع أن أختار مجموعة تسري فيها روح الانسجام مع بعضها البعض وبحكم المستوى الثقافي للحاضرين كانت تدور الأحاديث المشبعة بالفكر والثقافة، وعندها سميت تلك الجلسات بالصالون الأدبي، لكنها ليست صالوناً أدبياً، فهو يشترط أن يعقد في موعد محدد، ويرتاده من المثقفين من يشاء ، أما أنا فلا ألتزم بموعد محدد، كما لا يشارك الجلسة إلا من أدعوه، ولأؤمن لقاءات تعطي صورة حضارية عن بلدنا.(2)

صالون : حلقة الزهراء الأدبية

أقامت ثريا الحافظ (1911 ـ 2000) صالونها الأدبي (حلقة الزهراء الأدبية) ،قالت: أنها رأت في منامها رؤيا أنها في قصر الحمراء، وقد أسندت ظهرها إلى عمود من أعمدة القصر، وهي تقرأ الشعر ثم صحت، وقالت في نفسها :إن الله تعالى يوعز إليّ أن أقوم بإنشاء جمعية حرّة تكون منبراً للرأي الحر، فوقع الاختيار على منزل زهراء العابد زوجة رئيس الجمهورية آنئذ،.وأتبعت هذا الصالون بآخر عام 1953، أسسته باسم (منتدى سكينة الأدبي ) (3)

صالون الشاعر: محمد خالد رمضان

تأسس عام 1974 وأسماه سهرة أدبية تميزت بأنها تستقبل المبتدئين بالكتابة وتشركهم في النقاش وتقرأ أعمالهم، ويتولى الحاضرون نقد هذه الأعمال من وجهة نظر الناقد، وهذا ما ساعد هؤلاء وأخذ بيدهم حتى أصبحوا كتاباً.من برنامج السهرة أيضاً استعراض واقع الحركة الثقافية والأدبية مما يجعل الحضور على دراية بمستجداتها. ويتم تخصيص جلسات معينة لدراسة بعض الكتب، إذ يتولى عدد من رواد السهرة إعداد دراسات حول كتاب معين... أما برنامج السهرة فيتحدث كل واحد من الحضور عن أخباره الثقافية وما استجد لديه، يقرأ أحد الحضور قصة أو قصيدة وتجري مناقشتها ، (4)

صالون الشاعرة: ابتسام الصمادي

التقيت الشاعرة ابتسام صمادي على هامش فعاليات مهرجان القامشلي الشعري الرابع 11-14مايو 2008وابتسام عضو مجلس الشعب السوري سابقا ،واتحاد الكتاب العرب ،تقول أنها تؤسس لثقافة تشاركية لا تنكفىء فيها النساء الى الحريم، عندما أثرنا حوارا حول دور المرأة الأبرز في الصالونات الأدبية ، وسبب ذلك إلى أن المرأة في كثير من المراحل التاريخية حرمت من المشاركة الفعلية في الحراك الثقافي العام، فآثرت أن تستدعي هي رجال الفكر، والأدب، والفن إلى صالونها كي تدلي بدلوها في هذا الشأن أو تلك القضية،وبالتالي فان نشاط المرأة في إنشاء مجلس أدبي خلال التاريخ العربي الإسلامي فرضه واقع المرأة في بعض المراحل التاريخية، وحال دون وصول صوتها إلى المتلقي. (5)

صالون الدكتورة : جورجيت عطية

تقول الدكتورة جورجيت وهي عضو في مجلس الشعب : شىء طبيعي أن تقود الصالون امرأة ، فالرجل يدير كل شيء، في حياتنا اليومية وهو سيد القرار ، هناك صالونات افتتحت -في دمشق ويقودها رجال، تحولت إلى طابع سياسي صرف وأنا –فعلاً- أبعد ما أكون عن هذه الصورة، الصالون يمتاز أولاً عندما نسميه صالوناً أدبياً فهو صالون للأدب، ولكن عندما يتحول إلى شكل من أشكال اللقاءات السياسية خرج عن طورالصالون وأصبح شكل منتدى له بُعد مخالف ، والصالون الأدبي شكل من أشكال المجتمع المدني، ولكن يتميز وتميزه- بالأدب، (6)

صالون الأديبة : فوزية المرعي في الرقة

يعد صالون الأديبة فوزية المرعي أول صالون أدبي لامرأة في المنطقة الشرقية فضلاً على انه المنتدى الوحيد الذي ظل قائماً منذ تأسيسه بتاريخ 20\11\2005 وما يزال يقدم الأنشطة المتميزة ويشكل حالة إضافية للمشهد الثقافي في محافظة الرقة السورية ،فضلا عن تمسكه بتقاليد الكرم والضيافة العربية تقول فوزية: مثالي الأعلى الصالون البدائي بيت الشعَر وعدت نفسي تحت سقف خيمة لاأملك سوى قلب مؤثث بالحنان وحب البشر .‏فهي تريد الجمع بين الأصالة والمعاصرة، قدم صالونها عدداً من الأنشطة الهامّة ، لقد استطاع صالون فوزية المرعي أن يؤسس لثقافة جديدة من خلال الأنشطة المتميزة التي أقامها (7) وعن برنامجها المقبل قالت: أنها تحضر لندوة عن الشاعر نزار قباني.

ونقول :

تظل هذه الجلسات الأدبية رافدا مهما لحالة الحراك الثقافي العام تؤازر المنابر الرسمية كالمركز الثقافي العربي، وشبه الرسمية كاتحاد الكتاب العرب ، وغيرها من منابر اتخذت برامج منظمة بعيدة عن المزاجية والنخبوية ومظاهر الارستقراطية والترف الفكري أما جمهورها فواسع ومتعدد،ودعوته غير خاصّة،أما السؤال الذي يفرض نفسه بقوّة على هذا المشهد هو بروز ظاهرة المنتديات الأدبية الرقمية كمنافس قوي للصالونات فجمهورها أوسع ومجالها أرحب والمشاركة بنشاطاتها متاحة للجميع وهي تنمو بسرعة وانتظام بعد تأسيس اتحاد كتاب الانترنت العرب لكنها -برأي أصحاب الصالونات - خلقت الفوضى الأدبية ، فأصبح كل من هبّ ودبّ من أدعياء الثقافة يتطفل في ظل انفلات المعايير مما يشوّة ويلوث الذوق العام بهذا الحشو الغريب من ثقافة الاستسهال اللامسؤولة،لكنه مجرّد رأي .

الإحــــــــالات :1

1 -مجلة الآداب الاجنبية - اتحاد الكتاب العرب ، دمشق - العدد 125 شتاء 2006 ترجمة: هدى أنتيبا

2 حوار مع الإعلامية أماني محمد ناصر دمشق

3 النشرة الاسبوعية دار الفكر الثقافي العدد الثاني 21/4/2002 رغداء مارديني

4جريدة النور السورية المستقلة - ماهر منصور

5 جريدة الرياض الخميس 25 ربيع الآخر 1426هـ - 2 يونيو 2005م - العدد 13492بقلم إبراهيم حاج عبدي

6 لقاء اجرا ه مراسل قناة الجزيرة ( توفيق طه) مع الدكتورة جورجيت عطية يوم الاثنين 10/1/2005

7جريدة الفرات السورية يوسف دعيس 5/8/2007


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى